عندما خططت أمريكا للانقلاب على رئيس فنزويلا

“أنا لا أريد المتاعب مع السيد دونالد ترامب، على الرئيس دونالد ترامب أن يعرف أن دولة الثورة البوليفية في فنزويلا، أبناء بوليفار وشافيز وأنا كرئيس للجمهورية، لا أريد المتاعب مع إدارتكم التي تحشرنا في الزاوية وتدفعنا إلى منطقة المواجهة الشاملة”.
كان هذا رد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على الرئيس الأمريكي بعدما اعتبر الأخير أن أمام بلاده العديد من الخيارات في التعامل مع الأزمة في فنزويلا، بما في ذلك خيار فرض العقوبات، والتدخل العسكري المباشر ضد الرئيس الفنزويلي الذي يتصرف بما لا يرضى ترامب ويريد القضاء على المعارضة عبر اللجنة التأسيسية.
لكن حقيقة الدور الأمريكي لم تتوقف عند هذا الحد من الخيارات، بل امتدت للتخطيط لانقلاب على مادورو، ففي مقامرة كبيرة وكعادتها القديمة بالتدخل في شؤون دول أمريكا اللاتينية، كشف مسؤولون أمريكيون وأحد القادة السابقين في الجيش الفنزويلي، أن إدارة دونالد رعت لقاءات سرية مع العسكريين المتمردين في جيش فنزويلا، خلال العام الماضي، لمناقشة خطط للإطاحة بالرئيس مادورو.
هل حان وقت الانقلاب العسكري في فنزويلا؟
تفاصيل هذه الاجتماعات كشفتها صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير نُشر في صدر صفحتها الأولى يوم السبت الماضي، تحدث عن إنشاء قناة سرية مع متآمري الانقلاب في فنزويلا، الذي كان بمثابة مقامرة كبيرة لواشنطن، نظرًا لتاريخها الطويل من التدخل السري في بلدان أمريكا اللاتينية، مشيرة إلى أنه لا يزال الكثيرون في المنطقة يشعرون بالاستياء الشديد من الولايات المتحدة بسبب دعمها لحركات التمرد والانقلابات والمؤامرات السابقة في بلدان مثل كوبا ونيكاراجوا والبرازيل وشيلي، وغض الطرف عن الانتهاكات التي ارتكبتها الأنظمة العسكرية خلال الحرب الباردة.
هدد ترامب في وقت سابق بتدخل عسكري لإسقاط نظام مادورو الفنزويلي
هذه المعلومات أكدتها أيضًا شبكة “سي إن إن” الأمريكية، حيث كشفت مصادر عسكرية أمريكية للشبكة عن اجتماع ضباط أمريكيين مع نظرائهم الفنزويليين عدة مرات بهدف التخطيط لانقلاب على الرئيس الفنزويلي، قبل أن تتراجع واشنطن عن دعم الانقلاب على مادورو مخافة أن يفشل المخطط.
لكن البيت الأبيض رفض الإجابة عن أسئلة مفصلة بخصوص المحادثات، وقال في بيان إنه من المهم الدخول في “حوار مع جميع الفنزويليين الذين يظهرون الرغبة في الديمقراطية من أجل إحداث تغيير إيجابي في بلد عانى كثيرًا تحت حكم مادورو”، غير أن “نيويوك تايمز” تقول إن أحد القادة العسكريين الفنزويليين المشاركين في المحادثات السرية كان بالكاد شخصية مثالية للمساعدة في استعادة الديمقراطية، فهو موجود على قائمة العقوبات الأمريكية الخاصة بالمسؤولين الفاسدين في فنزويلا.
Denunciamos ante el mundo los planes de intervención y apoyo a conspiraciones militares del gobierno de los Estados Unidos contra Venezuela. En los propios medios estadounidenses salen a la luz nuevas y groseras evidencias: https://t.co/1vvuusfgrb
— Jorge Arreaza M (@jaarreaza) September 8, 2018
وحاولت واشنطن تبرير ما جرى تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام الغربية، متهمة هذا القائد وأعضاء آخرين في جهاز الأمن الفنزويلي بمجموعة واسعة من الجرائم الخطيرة، بما في ذلك تعذيب معارضين واعتقال مئات السجناء السياسيين وإصابة الآلاف من المدنيين وتهريب المخدرات والتعاون مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية “FARC”، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
ومنذ تولي ترامب تمضي أمريكا قدمًا في سياستها “العدائية” تجاه الرئيس اليساري الحاليّ نيكولاس مادورو الذي أعلن مؤخرًا في فبراير/شباط الماضي، عن محاولة انقلابية يقف وراءها عدد من ضباط سلاح الجو، كانوا ينوون مهاجمة بعض النقاط الإستراتيجية في العاصمة “كاراكاس” بواسطة طائرة حربية.
لا يمكن الحديث عن مخططات واشنطن بمعزل عن اتهام الرئيس الفنزويلي الولايات المتحدة وكولومبيا وأعدائه بالداخل في محاولة اغتياله منذ أيام قليلة
واتهم مادورو واشنطن بالوقوف وراء هذه المحاولة، عبر التعاون مع السفارة الأمريكية التي كُلفت بوضع سيناريو الانقلاب بحسب رأي مادورو، ولا يزال مادورو، بحسب الإعلام الأمريكي، كما أعلنت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قبل أيام، مُعرّضًا لانقلاب عسكري، إذ نقلت الصحيفة عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قولهم إنّه من الممكن أن يُقال من منصبه، سواء في انقلاب داخل قصره، يقوده مساعدون مقربون منه، أم حتى في انقلاب عسكري.
ولا يمكن الحديث عن مخططات واشنطن بمعزل عن اتهام الرئيس الفنزويلي الولايات المتحدة وكولومبيا وأعدائه في الداخل بمحاولة اغتياله منذ أيام قليلة، ففي 4 من أغسطس كان مادورو يلقي خطابًا خلال مراسم عسكرية نظمت بمناسبة الذكرى الـ81 لتأسيس الجيش الفنزويلي في 4 أغسطس/آب الماضي في كراكاس عندما انفجرت طائرتان دون طيار محملتان بالمتفجرات بالقرب من منصة الرئيس، بحسب الحكومة الفنزويلية، لكن مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون أكد “عدم تورط الحكومة الأمريكية” في الحادثة.
كما انضمت فنزويلا علانية وفق تصريحاته المثيرة إلى لائحة ترامب باحتمال تعرضها لتدخل عسكري أمريكي مباشر، لكن ليست كوريا الشمالية وحدها من يتوعد ترامب زعيمها بالغضب والنار وفرض عقوبات على البلاد، فمنذ مجيء فرانكلين روزفلت إلى الرئاسة 1933 أصبحت أمريكا تنتهج خطًا عسكريًا مؤثرًا في الأحداث الدولية وتهدد أمن كل من يقف أمام المصالح الأمريكية اعتمادًا على الإمكانات الهائلة سواء على الصعيد العسكري أم الاقتصادي.
يبرر مادورو قبضته على فنزويلا بدعوى أن الإمبرياليين في واشنطن يحاولون الإطاحة به
وما زال العداء مستمرًا
يتفق معظم زعماء أمريكا اللاتينية على أن رئيس فنزويلا حاكم سلطوي بشكل متزايد تسبب في تدمير اقتصاد بلاده، مما أدى إلى النقص الحاد في الغذاء والدواء، وتسبب هذا الانهيار في نزوح جماعي من الفنزويليين اليائسين الذين يتدفقون على الحدود، ويغمرون جيرانهم.
على الصعيد الآخر، ينتقد ترامب نظام مادورو اليساري دائمًا في مجال حقوق الإنسان، وتتهم إدارته حكومة البلاد بأنها لا تتعاون في محاولة القضاء على تجارة المخدرات والإرهاب، وذلك في وقت دخلت فنزويلا في أزمة اقتصادية وإنسانية شديدة، أدت إلى اندلاع احتجاجات عنيفة وموجة هجرة إلى الدول المجاورة.
En plena cadena nacional, el presidente Nicolas Maduro fue evacuado por una explosión durante un acto de la Guardia Nacional en la Av. Bolívar de Caracas… pic.twitter.com/fsDwFtOQdL
— Rommel Gorosabel (@Rommetal) August 4, 2018
وبالنظر إلى الوضع الذي اصطدم به الرئيس الفنزويلي، يعتقد العديد من الخبراء أن قطع الحوار مع المعارضة واعتقال زعيميها ليوبولدو لوبيز وأنطونيو ليديسما قد ضيَّق وبشكل حاد مجال مناورته كزعيم للبلاد، هذا، في حين أن المؤسسات السياسية أصبحت ضعيفة في البلاد: فبدلاً من البرلمان الشرعي، تم إنشاء جهاز تشريعي جديد وهو الجمعية التأسيسية التي لا تحظى باعتراف المعارضة، والجيش لم يخرج بعد من ثكنه العسكرية، ولكن لا أحد يستطيع ضمان عدم تمرد أجزاء منه وتوجيه سلاحها ضد مادورو.
ومع ذلك، برر مادورو طويلاً قبضته على فنزويلا بدعوى أن الإمبرياليين في واشنطن يحاولون فعليًا الإطاحة به، ويمكن أن تمثل المحادثات السرية سلاحًا له لتفتيت الموقف شبه الموحد ضده في المنطقة، وقالت ماري كارمن أبونتي التي عملت كأول دبلوماسية تشرف على شؤون أمريكا اللاتينية في الأشهر الأخيرة من إدارة أوباما: “الأمر سيكون مثل القنبلة” في المنطقة.
بعد أن تولى ترامب منصبه، زادت إدارته من العقوبات ضد كبار المسؤولين الفنزويليين، بمن فيهم مادورو نفسه ونائبه وغيرهم من كبار المسؤولين في الحكومة
وتدهورت العلاقات بين البلدين بشكل سريع وتوقف البلدان عن تبادل السفراء منذ عام 2010، بعدما ألقى مادورو باللوم على الولايات المتحدة في التخطيط لمجموعة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد، وبعد أن تولى ترامب منصبه، زادت إدارته من العقوبات ضد كبار المسؤولين الفنزويليين، بمن فيهم مادورو نفسه ونائبه وغيرهم من كبار المسؤولين في الحكومة.
وبسبب التدخل الأمريكي في شؤون بلاده، كما قال مادورو، اتخذت فنزويلا، في مارس 2015، سلسلة من القرارات، أهمها تقليل عدد موظفي السفارة الأمريكية في العاصمة كاركاس، والحد من أنشطة الدبلوماسيين الأمريكيين عن طريق موافقة من وزارة الخارجية لإجراء اجتماعاتهم بالبلاد، فرض شرط حصول الأمريكيين على تأشيرة سياحية جديدة لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
ويرجع تاريخ التآمر الأمريكي على فنزويلا إلى العام 1998، حيث تمكن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، من الوصول إلى الحكم، بحصوله على أغلبية ساحقة من الأصوات الإنتخابية، ومباشرة، بعد توليه السلطة، بدأ اليساري تشافيز في العمل على إحداث تغيرات جذرية في فنزويلا، أبرزها تعلق بفرض قانون جديد للبترول، نص على مضاعفة النسبة المطلوبة من شركات البترول الأجنبية في فنزويلا، التي هي في غالبيتها شركات أمريكية، وهو الأمر الذي لم يُعجب واشنطن، في وقتٍ أصبحت فيه فنزويلا في المرتبة الثالثة، من حيث اعتماد الولايات المتحدة عليها في استيراد البترول، عام 2002.
ومن الناحية السياسية، حاول تشافيز النيل من واشنطن، التي وصف سياساتها بالإمبريالية الفاضحة، وهو ما لم يعجب الطرف الأمريكي الذي عملت حكوماته آنذاك (الرئيس جورج بوش ووزير دفاعه رامسفيلد)، على تأليب الطبقة المتوسطة في فنزويلا على تشافيز، ودعمت ضباط الجيش الفنزويلي المعارضين له، وبدأت الخطة حينها، بإضراب في شركة بترول فنزويلا التي يعتمد عليها تشافيز بشكل أساسي، ثُمّ انقلاب من ضباط في الجيش، لكن تشافيز الذي جرى اعتقاله، استطاع التواصل مع ضباط في الجيش موالين له، ومن ثمّ تشغيل شركة بترول فنزويلا، وأخيرًا العودة إلى منصبه من جديد بعد 73 ساعة فقط.
تاريخ من التآمر على أمريكا اللاتينية
ليست أمريكا اللاتينية وما تعانيه من اضطرابات، إلا نتيجةً للواقع الذي تسعى واشنطن لفرضه، ففي ظل دولٍ كفنزويلا والبرازيل، أصبحت من دول الممانعة للسياسة الأمريكية، خصوصًا أن فنزويلا كانت السبب في تأسيس “التحالف البوليفاري”، كما أن البرازيل ساهمت في تأسيس “مجموعات الجنوب” التي تتضمَّن الدول الساعية للخروج من التبعية الاقتصادية لأمريكا.
إذًا الوضع القائم في فنزويلا، ليس إلا نتيجةً للمؤامرات التي تُحيكها أجهزة الاستخبارات الأمريكية، لإخضاع الدول التي تُشكِّل خطرًا على السياسة الأمريكية، وهو ما ينطبق على فنزويلا التي شهدت تاريخًا من الممانعة قاده هوغو تشافيز، فيما تستغل واشنطن الوضع الاقتصادي الصعب نتيجة الأزمة النفطية العالمية، لإخضاع الدولة التي طالما احتاجت واشنطن لنفطها على مدار سنواتٍ طويلة.
دعمت واشنطن عام 2002 الانقلاب على الرئيس المنتخب وقتها هوجو تشافيز
ويدفع ذلك بالمعارضين لحكم الرئيس الحاليّ مادورو بالانطواء تحت العباءة الأمريكية، من أجل الوصول إلى الحكم لا أكثر، فيما تسعى واشنطن لكسر الجغرافيا السياسية الخطيرة التي تُهدِّد مصالحها، لنصل إلى نتيجةٍ مفادها أن فنزويلا كما البرازيل، ضحية ممانعة السياسة الأمريكية، فقد دأبت واشنطن على اعتماد المسار المزدوج في سياساتها ضد بلد ما عبر سياسات إصلاح العلاقة مع بعض التشكيلات السياسية المعارضة للنظام الحاكم من جهة، والعمل على قلب الأنظمة والحركات الأخرى بالقوة والتدخل العسكري من جهة أخرى.
وبالرجوع إلى تاريخ فنزويلا سنجد أن كلمة “انقلاب” ليست جديدة أو الغريبة على قاموس هذا البلد، فتاريخها لا بأس به فيما يخص الانقلابات العسكرية، ففي 12 من أبريل عام 2002 قامت مجموعة من قادة الجيش الفنزويلي مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية بخلع الرئيس المنتخب وقتها هوجو تشافيز عن سلطته، وأقامت سلطة بديلة برئاسة رجل الأعمال الثري كارمونا المناهض لتشافيز والمناصر للغرب، وهي سلطة حكمت لمدة 48 ساعة فقط.
فترة قصيرة ولكنها هزت أمريكا اللاتينية واحتبست خلالها أنفاس قادة منظمة “أوبك”، فقد عاشت فنزويلا خلال يومين أسرع انقلابين في التاريخ: الانقلاب الأول “عسكري” أطاح بالرئيس تشافيز، وتم وقتها نقله إلى قاعدة عسكرية في إحدى الجزر الفنزويلية، والانقلاب الثاني “مدني” أعاد الرئيس مرة أخرى إلى قمة السلطة وقيادة البلاد بعد أن قام أنصاره بتنظيم مظاهرات ضخمة مؤيدة له عمت البلاد، وأدى ذلك إلى فشل الحركة الأمريكية في إسقاط تشافيز وعاد للسلطة مرة أخرى.
We condemn Trump’s coup conspiracy by holding secret meetings with Venezuelan military traitors to overthrow our brother Nicolás Maduro. The free countries of Latin America will withstand and defeat any further attacks of the Empire against the peace and democracy in the region
— Evo Morales Ayma (@evoespueblo) September 8, 2018
أما تشافيز نفسه فقد قاد هو الآخر محاولة انقلاب عام 1992 ضد نظام الرئيس السابق أندريز بيريز تحت مطالب تركزت على إيقاف نهب الثروات الوطنية وتهريب رؤوس الأموال إلى الخارج والدفاع عن مصالح الفقراء في بلد غني بثرواته وفي مقدمتها النفط، بينما ألغى قادة انقلاب في أبريل 2002 سياسة تشافيز الراديكالية خصوصًا في ميدان النفط والتجارة والعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فقد اتخذت حكومة الساعات القليلة مجموعة من القرارات العاجلة أوضحت هويتها، وتمثلت في إلغاء البرلمان ووقف النفط عن كوبا وتأمين نصف صادرات النفط للولايات المتحدة الأمريكية.
ولم تتوان واشنطن يومًا عن استخدام سياسة العصا الغليظة أو ما يُعرف بالحرب الناعمة الخشنة، مع دول أمريكا اللاتينية، ساعيةً للتدخل في الشؤون الخاصة لهذه الدول، بشكل واضح، بهدف محاربة السياسيات المناوئة لها.
وعادة ما تكون أمريكا مسؤولة عن القلاقل التي تحدث في دول أمريكا اللاتينية، وتدعم الانقلابات هناك للحفاظ على مصالحها مستغلة في ذلك حلفاء محليين موالين لها، وأطلق البعض على أمريكا اللاتينية القارة الملتهبة خلال العقود الماضية بسبب عدم الاستقرار السياسي الحاصل هناك.
عادة ما تكون أمريكا مسؤولة عن القلاقل التي تحدث في دول أمريكا اللاتينية، وتدعم الانقلابات هناك للحفاظ على مصالحها مستغلة في ذلك حلفاء محليين موالين لها
كما هدد ترامب بالخيار العسكري، شهدت دول أمريكا اللاتينية تهديدات أمريكية مشابهة في الماضي، حيث تدخلت في السلفادور للإطاحة بنظام أورتيغا اليساري في عهد الرئيس السابق رونالد ريغان، ودعم الـ”سي آي إيه” الانقلاب العسكري في تشيلي الذي قام به الجنرال بينوشيه ضد نظام الليندي مطلع سبعينيات القرن الماضي، وغزا الجيش الأمريكي بنما وجزيرة غرينادا.
وبخلاف التدخلات غير المباشرة لواشنطن في دول أمريكا اللاتينية، تدخلت واشنطن بقواتها العسكرية أكثر من 50 مرة في القارة اللاتينية منذ عام 1890، وكان لبنما النصيب الأكبر حيث دخلتها القوات الأمريكية 8 مرات بين عامي 1980 و1989، تليها هندوراس ونيكاراجوا بمعدل 7 تدخلات عسكرية أمريكية مباشرة.
وابتداءً من عام 1812، أعلن الرئيس الأمريكي جيمس مونرو أن الولايات المتحدة لن تتسامح بعد الآن مع الاستعمار الأوروبي لأمريكا الجنوبية، وهو إعلان أصبح يعرف باسم مبدأ مونرو، وأكدت النتيجة الطبيعية التي صاغها الرئيس ثيودور روزفلت عام 1904 من جديد هيمنة الولايات المتحدة على المصالح الأخرى في المنطقة.
وتدخلت الولايات المتحدة أيضًا في أمريكا الجنوبية عدة مرات بعد الحرب العالمية الثانية، على أمل وقف انتشار الشيوعية، وفي عهد الرئيس جون كنيدي دربت الولايات المتحدة ومولت مجموعة من المتمردين يسعون للإطاحة بالرئيس فيدل كاسترو في كوبا، وفي شيلي، ساعدت الولايات المتحدة الجنرال أوجستو بينوشيه على الإطاحة بحكومة سلفادور أليندي اليسارية.