قال بيان للقصر الملكي إن الملك السعودي “عبد الله بن عبد العزيز” أعفى رئيس الاستخبارات العامة “بندر بن سلطان” من مهامه وكلف نائبه “يوسف بن علي الإدريسي” بالعمل مكانه، حيث أشار البيان إلى أن قرار الملك جاء بناء على طلب من بندر بن سلطان.
قبل عدة أسابيع قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن “السعودية بدأت في إبعاد رئيس استخباراتها المخضرم بندر بن سلطان عن المشهد كزعيم لجهود المملكة في تسليح وتمويل الثوار السوريين، ليحل محله أمير آخر يعتبره المسؤولون الأمريكيون شخصًا جيدًا لنجاحاته في محاربة القاعدة.
وبحسب مصادر عربية فقد بدأ وزير الداخلية السعودي منذ عدة أشهر في تسلم الملفات المتعلقة بالأمن الخارجي للمملكة والتي هي من مسؤولية جهاز الاستخبارات غير التابع لوزارة الداخلية، فالأوامر الملكية الأخيرة بالحكم بالسجن على كل سعودي يقاتل أو ينضم إلى أي جماعات متطرفة بالخارج عهد بأمر تنفيذها ومتابعتها لوزارة الداخلية، وقانون مكافحة الارهاب الذي أُقر أيضًا قبل شهرين والذي ينص على ملاحقة أي معارض للحكم الملكي السعودي في الخارج أو الداخل، عهد به لوزارة الداخلية أيضًا، وكل هذا يأتي في إطار تعزيز نفوذ الأمير “محمد بن نايف” في إدارة الشؤون الأمنية الداخلية والخارجية للسعودية.
الأمر الملكي ذاته الذي جاء في 3 فبراير الماضي بتجريم المقاتلين السعوديين المدنيين والعسكريين يمكن اعتباره بمثابة إعلان غير مباشر بفشل مهمة بندر التي أخذها على عاتقه لإسقاط النظام السوري وتوظيف جميع الأوراق واللعب على جميع التناقضات، ما جرى طيلة الفترة التي تلت صدور الأمر الملكي الخاص بالمقاتلين مجرد إخراج لخطوة يوم أمس بحسب صحيفة الأخبار اللبنانية.
الأخبار تقول أيضًا إنه “في دﻻﻻت الأمر الملكي، الذي نص على تكليف الفريق أول ركن يوسف بن علي الإدريسي بالقيام بعمل رئيس الاستخبارات العامة، أن جناح الأمير سلطان سوف يخرج من معادلة السلطة بصورة نهائية، وبإعفاء خالد بن سلطان من منصبه كنائب لوزير الدفاع ثم إعفاء بندر بن سلطان أمس، يكون نائب وزير الدفاع حاليًا سلمان بن سلطان قد تأهب لمغادرة موقعه لمصلحة أحد أبناء الأمير سلمان، ولي العهد ووزير الدفاع”.
في العام الماضي، وبحسب أشخاص عملوا عن قرب معه، أخبر بندر الملك عبد الله بأن بإمكانه حل المشكلة في سوريا خلال شهور، لم يفلح قبل ذلك رئيس الاستخبارات السابق وأخو الملك غير الشقيق الأمير مقرن (الذي عُين لاحقًا وليًا لولي العهد، في خطوة أخرى قد تُرى في إطار إبعاد جناح آل سلطان عن مراكز القرار) في تحقيق الكثير من التقدم في هذا المجال، إلا أن بندر، كما ثبت، لم ينجز الكثير أيضًا.
مراقبون سياسيون يرون أن فشل الأمير بندر في إدارة الملفات الأمنية في سوريا ولبنان ساهم في التعجيل في إبعاده عن مهامه، وتمثل الفشل الرئيسي لبندر والمخابرات السعودية في تنامي قوة ونفوذ المجموعات الإسلامية المتطرفة مثل تنظيمي الدولة الإسلامية بالعراق والشام وجبهة النصرة، على حساب المجموعات المسلحة المعتدلة الإسلامية وغير الإسلامية في سوريا ولبنان وحتى العراق.
ورغم ندرة المعلومات المتوافرة حول السيرة لذاتية لخلف بندر بن سلطان، يوسف بن علي الإدريسي، إلا أنه هناك 3 أوامر ملكية صدرت على مدار العامين الماضيين، حملت جميعها ترقيات متتالية للرجل، هي الوحيدة المتوافرة – حتى الآن- لتشكل سيرته الذاتية.
كان أول ظهور إعلامي للإدريسي في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2012 عندما صدر أمر ملكي بإعفاء الأمير “عبد العزيز بن بندر بن عبد العزيز” نائب رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات من منصبه بناءً على طلبه، وتعيين الفريق ركن “يوسف بن علي الإدريسي” نائبًا لرئيس الاستخبارات العامة.
وبعد أقل من 10 شهور صدر أمرًا ملكيًا آخر في 15 يوليو/ تموز 2013 بترقية الفريق الركن يوسف بن علي الإدريسي (نائب رئيس الاستخبارات العامة) إلى رتبة فريق أول ركن.
وبعد 9 شهور صدر الأمر الملكي الأخير والذي يقضى بإعفاء الأمير “بندر بن سلطان بن عبد العزيز” من منصبه كرئيس الاستخبارات العامة بناءً على طلبه وتكليف نائبه الفريق أول ركن “يوسف بن علي الإدريسي” بعمل رئيس الاستخبارات.
ورغم أن صيغة القرار الملكي الأخير تشير إلى أن تولي الإدريسي لهذا المنصب سيكون بشكل مؤقت، حيث نص الأمر الملكي على أنه “يكلف بالقيام بعمل رئيس الاستخبارات العامة”، وليس “يعين رئيسًا للاستخبارات”، إلا أنه يعد بهذا القرار أول رئيس للاستخبارات السعودية من خارج أسرة آل سعود الحاكمة منذ 37 عامًا.
إن الإقالة تطرح عددًا من الأسئلة أكثر مما تجيب، التساؤلات تتركز حول ما ستشهده المرحلة المقبلة على خلفية إقالة بندر، سواء على مستوى توزيع السلطة داخل العائلة المالكة أو على مستوى العلاقات البينية في المنطقة، وكذلك على مستوى شبكة تحالفات السعودية: هل ستصدق التسريبات عن تنحّ وشيك للملك عبدالله؟ ماذا سيحدث في الملف السوري سعوديًا؟ ماذا عن العلاقة مع إيران في ظل معلومات عن لقاءات سعودية إيرانية جرت خلف الأضواء خلال الفترة الماضية ترمي الى إصلاح ذات البين بين الطرفين؟ وكيف سينعكس ذلك على الوضع في العراق؟ وأيضًا على الملف اللبناني والانتخابات الرئاسية المرتقبة؟ ماذا عن الانقلاب في مصر والدور السعودي؟ وهل سيستمر السعوديون في التواصل مع الحوثيين في اليمن كما دأب بندر؟