على بعد قرابة 500 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الرباط، على ساحل المحيط الأطلسي مدت مدينة اغادير المغربية ذراعيها لاستقبال السياح من جميع أنحاء العالم للتمتع بجمال شواطئها وحسن جوها وطيبة أهلها، فضلاً عن معالمها العمرانية الحديثة التي بنيت على أنقاض البنايات القديمة عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد قبل 5 عقود من الآن.
اغادير .. أسماء عدة
أطلقت على المدينة عدة أسماء مختلفة منذ نهاية القرن الخامس عشر الميلادي إلى الآن، منها ما هو محلي مثل أكدير إيغير وأكدير لعربا ولعين لعربا وفونتي وتكمي أوكدير لعربا وتكمي أورومي، ومنها ما أطلقه عليها المستعمرون خاصة البرتغاليين مثل سانتا كروز دي كاب دي غي.
هناك عدة أسماء أخرى وجدت في الخرائط والوثائق الرسمية الدولية، وقد بلغ مجموع هذه الأسماء زهاء العشرين، إلا أن السواد الأعظم منها اندثر بمرور الزمن، وتعرف المدينة حاليًّا باثنين من هذه الأسماء وهما: “أكادير” واسم آخر يطلق الآن على أحد أحيائها وهو “فونتي”.
إلى جانب هذه القلعة والمتحف، لك أن تكتشف أيضًا عالم النيازك
يقول المؤرخون إن اغادير، لفظ أمازيغي، ويعني “الحصن المنيع”، فيما يقول أهرون إن معناه مخزن الممتلكات أو مخزن الحبوب أو المخزن الجماعي، ويدل ذلك على امتداد المدينة التاريخي، فالعديد يقول إنها ترجع للعهد الأمازيغي والفينيقي لكن لا معطيات حقيقية تؤكد ذلك.
“اغادير أوفلا” ومعالم أخرى
إذا زرت اغادير، فعليك أن تستغل الفرصة وتستغل كل دقيقة هناك، فمثل هذه الفرص لا تعوض بثمن وغيرها قليل، عليك أن تبدأ أولاً إن كنت من هواة التاريخ ومحبي الاستكشاف بزيارة قلعة “اغادير أوفلا” التي تعتبر أهم المعالم التاريخية في المدينة، ورغم ما أصابها من أضرار من زلزال 1960، فإنها ما زالت تحتفظ ببوابتها وتصميمها العام.
وتتربع هذه القلعة على قمة جبل يعلو سطح البحر بـ236 مترًا، في الشمال من المدينة، شيدها السلطان محمد الشيخ السعدي عام 1540 ميلاديًا، للوقاية من هجمات البرتغاليين وقصف أساطيلهم، وتجسد هذه القلعة معلم تاريخي تراثي ومعماري حي يحكي تاريخ المدينة التي شهدت زلزالاً منذ 58 عامًا دك المنطقة، من دون أن تتأثر به القلعة، حيث بقي سورها شامخًا.
قلعة “أغادير أوفلا”
استكشاف تاريخ المنطقة لا يتوقف هنا، فالمدينة تحتوي على متحف بلدي يضم قطعًا فنية تجسد التراث الأمازيغي الذي يطبع منطقة سوس، تعرض فيه العديد من القطع الفنية المصنوعة يدويًا من حلي وأقراط وأساور، إضافة إلى بعض القطع والأواني الفخارية، يناهز عدد هذه القطع الـ200 قطعة، كما تعرض فيه زرابي وأبواب تقليدية.
إلى جانب هذه القلعة والمتحف، لك أن تكتشف أيضًا عالم النيازك، خلال زيارتك للمتحف الجامعي للنيازك بجامعة ابن زهر الحكومية، الفريد من نوعه في العالم العربي والإفريقي، وقد أسس قبل سنتين للحفاظ على الموروث العلمي والجيولوجي من النيازك التي تتساقط بين الحين والآخر في مناطق جنوبية بالمغرب.
قرية تافراوت الجبلية
شهدت السنوات الأخيرة سقوط نيازك كثيرة من الفضاء في الصحاري المغربية، من أشهرها، نيزك “تيسنت” الذي سقط صيف عام 2011، بإقليم (محافظة) طاطا (جنوب شرق)، وينتمي هذا النيزك إلى كوكب المريخ.
للتعرف على طبيعة الريف المغربي، عليك بزيارة قرية تافراوت التي تقع بين مجموعة من المعالم الجبلية التي تتميز بصخورها المتنوعة بين الألوان البرتقالية والوردية، وتُعد قرية تافراوت من المواقع السياحية المهمة في مدينة اغادير، حيث يزورها الكثير من السياح الذين يريدون التعرف على طبيعة الريف المغربي.
عند زيارة اغادير، على السائح ألا يفوت زيارة حديقة الطيور للتمتع بمشاهدة أعداد كبيرة ومتنوعة من الطيور، وهي تملأ المكان بزقزقتها العذبة ورفرفة أجنحتها الجميلة، وتضم هذه الحديقة طيورًا استقدمت من مختلف القارات، فتجد الببغاوات على اختلاف أنواعها واللقلاق.
سباحة وغوص وركوب الأمواج
لمحبي الاستجمام والسباحة والتسلية نصيب أيضًا في اغادير، ففيها يجد محبو الرفاهية والاستجمام مبتغاهم، وذلك باستمتاعهم بنسيم البحر وأمواجه، وبأشعة الشمس التي تنعكس على مياه البحر فتزيدها بريقًا وجاذبية.
وتحتفظ المدينة الواقعة في منطقة سوس المغرب بجاذبيتها لدى السياح خاصة الأوروبيين منهم، بفضل جوها المشمس في أغلب فترات السنة، وشاطئها الممتد على 9 كيلومترات فضلاً عن مرافق التسلية الكثيرة.
المتعة لا تنتهي في اغادير، ففيها أيضًا أجمل ملاعب الغولف العالمية
تتميز المدينة بشواطئها التي تعتبر الأنظف على مستوى المغرب ككل، كما أنها تعتبر من بين أجمل شواطئ العالم، نتيجة التناغم الذي تحمله بين اللون الأخضر لشجر الصنوبر والنخيل والرمال الذهبية الناعمة واللون الأزرق لمياه البحر الشفافة.
في هذه الشواطئ، يجد عشاق الهدوء والاستجمام، غايتهم، ومن أهم الشواطئ، هناك شاطئ أغرود، الهادئ لبُعده عن المناطق السكنية، وشاطئ تاغازوت الذي يستهوي عشاق الركمجة، والشاطئ البلدي وسط مدينة أكادير الذي يستقبل في الصيف عشرات الآلاف من الزوار يوميًا.
لهواة الرياضات الشاطئية نصيب أيضًا، فبإمكانهم ممارسة كل أنواع الرياضات من السباحة إلى التزحلق على الماء وصيد السمك والغطس في الأعماق إلى التنس وركوب الخيل، فهناك لك أن تتجول وتسبح وتنزل قاع البحر بالغواصة أو رحلة بحرية.
إن كنت من محبي هواية الغطس، عليك ألا تكتفي بممارسة هذه الهواية فقط، بل عليك أن تستغل الفرصة للقيام بجولة منعشة مليئة بالمفاجآت بين أحضان طبيعة رائعة الجمال ومشاهد تزخر بالحياة المتدفقة في حركية الأسماك وحيوية النباتات، وأفضل فترة للغوص إذا أردت خوض هذه المغامرة الجميلة الشيقة تكون من بداية شهر أبريل/نيسان إلى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وإن كنت من هواة ركوب أمواج البحر، لك أن تركب فوق ظهر مركب صغير في جولة بحرية تطوف حول الشواطئ الجميلة ومناظرها الخلابة التي تجعلك تصعد بمخيلتك إلى السماء لتعانق سحره، وتغفو للحظات تغيب فيها عن العالم الدنياوي.
ساعة الغروب في شاطئ أغادير
على طول هذه الشواطئ وفي كل أنحاء المدينة، تنتشر المنشآت والمرافق السياحية الراقية والمتطورة والفنادق الفخمة والمجمعات السكنية الحديثة بأثمان تنافسية، فلك أن تختار الإقامة في أحد هذه الأماكن حسب قدرتك المالية، لكن الجامع بينها جودة الخدمات التي يقل نظيرها في أغلب مدن المنطقة.
وتتوفر في مدينة اغادير، عدة مقاهي هادئة قرب البحر تجعلك تستعيد أفكارك وترتاح من تعبك، حيث تلتقي بسياح من كثير من الجنسيات، وتتمتع بالهدوء على مدار السنة، فهناك يمكنك الجلوس في المقهى أو التجول في الكورنيش الخاص بها دون أن يصادفك أي ضجيج، والأمر ذاته في الشوارع القريبة منه.
لرياضة الغولف حضور مميز أيضًا
المتعة لا تنتهي في اغادير، ففيها أيضًا ملاعب الغولف العالمية، ويعتبر غولف القصر الملكي الذي يقع قبالة المحيط الأطلسي، ملعب الأحلام لكل لاعبي الغولف الذين يسعون إلى التنافس على مسالك ذات جودة عالية.
تستقطب ملاعب الغولف بأغادير آلاف السياح
وتستضيف مسالك هذا الملعب سنويًا، ألمع النجوم والنجمات العالميين في هذه الرياضة، للمنافسة على جائزة الحسن الثاني التي تعد من أبرز التظاهرات الدولية في رياضة الغولف بفضل تاريخها العريق الذي يمتد على مدى أربعة عقود.
إن زرت المدينة خلال إقامة هذه المسابقة التي تكون عادة في شهر مارس/آذار، عليك أن تحضر فعاليات هذه المسابقة وتتمتع بسحر رياضة الغولف التي يعود تاريخ حضورها بالمغرب إلى قرن وسنة واحدة من الزمن، أو أن تشارك في المسابقات الودية التي تقام على طول السنة هناك.