ترجمة وتحرير: نون بوست
تزدهر سوق الأسلحة الإسبانية بفضل البلدان المشاركة في العديد من الصراعات حول العالم. وتُعدّ المملكة العربية السعودية واحدة من بين هؤلاء العملاء الذين لهم وزنهم في سوق الأسلحة الإسبانية، إذ أنّها توفّر دخلا يُقدّر بمليارات اليوروهات للشركات الإسبانية.
خلال بداية الشهر الحالي، قررت حكومة بيدرو سانشيز وقف بيع القنابل الدقيقة إلى المملكة العربية السعودية. ومن جهتها، اقترحت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، الشروع في إجراءات إلغاء العقد الذي اتفقت عليه حكومة سلفها، بيدرو مورانس، مع المملكة العربية السعودية لبيع حوالي 400 قنبلة دقيقة من المرجح أن يتم اسقاطها في اليمن.
يرجع هذا التذبذب في المواقف التي تتبناها الحكومة الإسبانية إلى أن المملكة العربية السعودية لا تعد عميلا يمكن التخلي عنه بسهولة
عموما، تضع هذه القرارات حوالي 9 ملايين يورو والعديد من مواطن الشغل للعاملين في قطاع بناء السفن التابعة لشركة نافانتيا الإسبانية، على المحك. وبعد أن عبّر هؤلاء العمال الإسبان عن استياءهم من الوضع، أكدت الحكومة الإسبانية، التي أبدت تأييدها في بداية الأمر لإلغاء بيع القنابل للمملكة العربية السعودية، أن الفكرة كانت مجرّد “إعلان عن النوايا” أكثر من كونها حقيقة قابلة للتنفيذ.
في الحقيقة، يرجع هذا التذبذب في المواقف التي تتبناها الحكومة الإسبانية إلى أن المملكة العربية السعودية لا تعد عميلا يمكن التخلي عنه بسهولة. فعلى سبيل المثال، جنت إسبانيا منذ سنة 2015 إلى الوقت الراهن ما مجموعه 161 مليون يورو فقط عبر تصدير الأسلحة إلى هذا البلد الخليجي، مما جعلها رابع أهم مصدر بالنسبة للملك سلمان بن عبد العزيز.
إسبانيا تبيع أسلحة إلى بلدان مشاركة في صراعات وحروب
من حين إلى آخر، تنشر وزارة الخارجية الإسبانية قائمة تضم دول تنصح بعدم زيارتها مهما كانت الاستثناءات، أو دون اتخاذ احتياطات، وغالبا ما تكون هذه الدول من المناطق التي تعيش صراعات داخلية والتي يمكن أن تضع سلامة السائح في خطر. وفي هذه القائمة، توجد العديد من الدول الإفريقية، كما أن هناك بلدانا أخرى على غرار كولومبيا وفنزويلا، وبلدان آسيوية مثل كوريا الشمالية والفلبين.
تلقّت أفغانستان والعراق أسلحة إسبانية. كما استوردت اليمن قبل سنة 2000 أسلحة من إسبانيا. أما ليبيا، التي تُعد أكبر جحيم بالنسبة للاجئين، فقد دفعت بين سنة 2017 و2018 حوالي 800 ألف يورو مقابل استيراد أسلحة عسكرية من إسبانيا
في الأثناء، أظهرت جملة من البيانات التي جمعها موقع “داتاكوميكس”، الذي يجمع كافة الإحصاءات المتعلقة بالتجارة الخارجية الإسبانية، أن العديد من هذه البلدان تتلاشى من القائمة السوداء لإسبانيا عندما تصبح عميلا لسوق أسلحتها. وبهذه الطريقة، أصبح من الواضح أن إسبانيا تبيع في الوقت الحالي أسلحة إلى غالبية الدول التي تشهد صراعات.
لتأكيد هذه الإحصاءات، تم إعداد خريطة لُوّنت فيها المناطق المصنّفة على أنها خطرة ولا يجب زيارتها تحت أي ظرف من الظروف، أو من المستحسن عدم زيارتها، أو زيارتها مع تجنب بعض المناطق في حال كانت تشهد هذه البلاد حالة طوارئ. وقد أثبتت الخريطة أن هذه المناطق الملوّنة قد تعاملت مع السوق الإسبانية للأسلحة في وقت من الأوقات.
منذ 7 سنوات تقريبا، عملت إسبانيا على تصدير أسلحة إلى بلدان تشهد صراعات.
في هذا الصدد، تلقّت أفغانستان والعراق أسلحة إسبانية. كما استوردت اليمن قبل سنة 2000 أسلحة من إسبانيا. أما ليبيا، التي تُعد أكبر جحيم بالنسبة للاجئين، فقد دفعت بين سنة 2017 و2018 حوالي 800 ألف يورو مقابل استيراد أسلحة عسكرية من إسبانيا. في الأثناء، يستخدم معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام مؤشر حجم تحويلات الأسلحة التقليدية الرئيسية من أجل تحديد، وبشكل دقيق، حجم الأسلحة بقيمة مليون يورو التي تم تسليمها إلى مختلف بلدان العالم كل سنة. ولا يُعتمد هذا المؤشر كمؤشر مالي، ولكنه وسيلة لاحتساب عدد الأسلحة التي تم تداولها.
البلدان التي استوردت أكبر حجم من الأسلحة من إسبانيا منذ سنة 2014 وفقا لدرجة الحريّة
ما هي الأسلحة التي صدّرتها إسبانيا إلى المملكة العربية السعودية؟
خلال سنة 2015، سقطت أولى القنابل السعودية على الأراضي اليمنية. وفي السنة ذاتها، بدأت الحرب اليمنية التي لا تزال نشطة إلى غاية اليوم. كما غذى هذا الصراع واحدة من تحويلات الأسلحة الأكثر أهمية والتي انطلقت قبل سنة من هذا الصراع، إذ باعت إسبانيا 60 بالمائة من الطائرات التي يتم التحكم فيها عن بعد وقنابل وصواريخ كانت تخزنها إسبانيا في مستودعاتها. وقد أكد مؤشر حجم تحويلات الأسلحة التقليدية الرئيسية المعتمد من قبل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام هذه الأرقام.
قبل خمس سنوات من الآن، كانت الأسلحة النارية هي صادرات الأسلحة الأولى التي تبيعها إسبانيا إلى المملكة العربية السعودية، من بينها المسدسات والبنادق الرشاشة وغيرها. وقد قُدرت قيمة صادرات هذا النوع من الأسلحة بحوالي 660 مليون دولار.
هذا ما باعته إسبانيا إلى هذا البلد الخليجي: أسلحة وقنابل وطائرات.
الولايات المتحدة الأمريكية؛ المصدّر الأول للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، بينما تحافظ إسبانيا على المرتبة الرابعة
وفقا لمؤشر حجم تحويلات الأسلحة التقليدية الرئيسية، يعد حجم الأسلحة التي تصدّرها إسبانيا إلى المملكة العربية السعودية ضئيلا للغاية مقارنة بالأسلحة التي تُصدرها الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه البلاد. كما تتفوق فرنسا والمملكة المتحدة على إسبانيا من حيث حجم مبيعاتهما من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. ويعني ذلك أن إسبانيا تعد رابع أكبر مصدّر للأسلحة للمملكة العربية السعودية على قائمة البلدان العشرة التي تصدر أكبر حجم من الأسلحة إلى البلد الخليجي. وقد حافظت إسبانيا على هذه المرتبة منذ سنة 2005.
إسبانيا: رابع مورد للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية منذ سنة 2005.
من جهة أخرى، وعند تقييم الأرقام منذ سنة 2014، يتبين أن البنادق والقنابل التي بيعت إلى المملكة العربية السعودية كانت المصدر الرئيسي لدخل الحكومتين الإسبانيين الأخيرتين على الأقل. وعلى وجه الخصوص، زوّدت الأسلحة الإسبانية خزينة البلاد بحوالي 130 مليون يورو خلال أربع سنوات فقط. ومن بين الأسلحة التي استوردتها المملكة العربية السعودية، نذكر فرقاطات من طراز “إف-100″، التي تعد صفقات بيعها أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للشركات المتخصصة في بيع الأسلحة عامة. ووفقا لما أكدته العديد من البيانات، عادت صفقات أسلحة الحرب في سنة 2018 بالنفع على الخزائن الإسبانية، خاصة بعد أن قُدّرت إحداها بقيمة 20 مليون يورو.
ماهي أنواع الأسلحة التي صدّرتها إسبانيا إلى المملكة العربية السعودية؟
ما هي الأسلحة التي يرغب العملاق السعودي في استيرادها؟
سلّط مؤشر حجم تحويلات الأسلحة التقليدية الرئيسية الضوء على المنتجات المتوفرة في سوق الأسلحة الدولي والتي تهتم المملكة العربية السعودية بشرائها. وكانت هذه المنتجات الدفاعية في غالبها طائرات مزودة بأنظمة دفاعية وصواريخ. وإن دلت هذه المؤشرات على شيء، فهو استراتيجية الحرب التي تهتم المملكة العربية السعودية باتباعها.
في الواقع، أظهر المؤشر أن نسبة شراء المركبات المسلحة بين سنة 2016 و2017 قد انخفضت بنسبة 70 بالمائة. وإلى جانب تعزيز الاستراتيجية الجوية بالأسلحة، تكتسب استراتيجية الحرب البحرية أهمية قصوى لدى المملكة العربية السعودية. ويتجلّى ذلك من خلال استيراد المزيد من السفن البحرية عبر البحر الأحمر.
ما هي الأسلحة التي تهتم المملكة العربية السعودية بها أكثر من غيرها؟
المصدر: الكونفدنسيال الإسبانية