ترجمة وتحرير: نون بوست
كشف قائد عسكري سوري أن المناورات العسكرية القليلة التي تنفذها فصائل المعارضة مع قوات المشاة البحرية الأمريكية جنوب سوريا، تبعث رسالة قوية إلى كل من روسيا وإيران مفادها أن الأمريكيين والمعارضة السورية عازمون على البقاء ومواجهة أي تهديدات لوجودهم على الأراضي السورية.
في تصريح له لوكالة “رويترز” للأنباء، أفاد قائد جيش مغاوير الثورة، المدعوم من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، الكولونيل مهند الطلاع، بأن التدريبات استمرت على مدار ثمانية أيام في القاعدة العسكرية الأمريكية في التنف وانتهت هذا الأسبوع. وأكد الطلاع أن هذه المرة الأولى التي تنظم فيها تدريبات من هذا النوع بين الطرفين، حيث قامت المئات من القوات الأمريكية والمقاتلين التابعين للمعارضة باستعراض عسكري بالذخيرة الحية في الهواء وآخر بريّ.
في هذا السياق، أكد الطلاع لوكالة “رويترز” عبر مكالمة هاتفية من معبر التنف قرب الحدود السورية مع الأردن والعراق، أن “هذه التدريبات تكتسي أهمية بالغة؛ فقد ساهمت في تعزيز القوات الدفاعية للمنطقة، ورفعت من القدرات القتالية والمعنوية للمدنيين”. في المقابل، قال متحدث عسكري أمريكي إن التدريبات كانت عبارة عن استعراض للقوى، وقد أبلغت وزارة الدفاع الأمريكية موسكو بذلك من خلال قنوات “تفادي التصادم” لتجنب “سوء التواصل أو تصعيد التوتر”.
ذكرت قوات المعارضة السورية أن المئات من قوات المشاة البحرية الأمريكية قد وصلت خلال هذا الشهر إلى التنف للانضمام الى قوات العمليات الخاصة المتواجدة في الحامية
في سياق متصل، أجاب الكولونيل شون ريان عبر البريد الإلكتروني عن أسئلة طرحتها وكالة “رويترز” حول هذا الموضوع في وقت سابق: “نحن نجري هذه التدريبات لتعزيز قدراتنا والتأكد من أننا مستعدون بشكل كافي للرد على أي تهديد ضد قواتنا في منطقة العمليات الخاصة بنا”. ولكن لطالما دعت روسيا والحكومة السورية واشنطن لسحب قواتها المتواجدة في القاعدة العسكرية التنف، التي أعلنتها “منطقة محرمة” يبلغ قطرها 55 كيلومترا.
من جهة أخرى، ذكرت قوات المعارضة السورية أن المئات من قوات المشاة البحرية الأمريكية قد وصلت خلال هذا الشهر إلى التنف للانضمام الى قوات العمليات الخاصة المتواجدة في الحامية، وتشارك في التدريبات وسط تصاعد حدّة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا، وتزايد عدد القوات البحرية المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط.
لقد أصبحت “المنطقة المحرمة” في التنف ملاذا آمنا لما لا يقل عن 50 ألف مدني، الذين يعيشون في مخيم الركبان. وفي شهر آب/ أغسطس الماضي، جددت وزارة الدفاع الروسية اتهاماتها لواشنطن بشأن إيوائها لمسلحين ينتمون لتنظيم الدولة في هذه المنطقة. وقد أضاف أحد قادة المعارضة المسلحة: “سنظلّ هنا سواء رغبت روسيا و إيران في ذلك أم لا”.
لقد تم إنشاء هذا الموقع، الذي تحيط به الصحراء، خلال المعارك التي دارت ضد مقاتلي تنظيم الذين كانوا يسيطرون على شرق سوريا المتاخم للعراق. وبعد أن تم طرد المسلحين من المنطقة، قصفت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الميليشيات المدعومة من قبل إيران في عدة مناسبات لمنعها من التقدم نحو مناطقها. وقد اعتبرت واشنطن الأمر آنذاك دفاعا عن النفس.
تقع التنف على الطريق السريع الاستراتيجي الذي يربط بين دمشق وبغداد وكان في السابق أحد الطرق الرئيسية لإمداد سوريا بالأسلحة الإيرانية. وهذا الموقع هو ما يجعل القاعدة حصنا أمريكيًا ضد القوات الإيرانية، وجزءًا من حملة أمريكية واسعة النطاق تهدف لوقف التوسع العسكري الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عدة مناسبات بسحب القوات الأمريكية من سوريا رغم معارضة وزارة الدفاع
تعتبر قوات المعارضة أن السياسة الجديدة التي يعتمدها الجيش الأمريكي لتعزيز قدراته القاعدة العسكرية في التنف تحول كبير. وفي هذا الخصوص، قال الطلاّع “إذا لم تعرب طهران عن استجابتها للمطالب الأمريكية، فمن المرجح أن يتم مهاجمة مقاتليها. إن مغادرة الإيرانيين للأراضي السورية أمر حتمي ولا مفر منه. ويجب أن يتم هذا الأمر بسرعة وبطريقة حاسمة”.
من جهته، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عدة مناسبات بسحب القوات الأمريكية من سوريا رغم معارضة وزارة الدفاع. ولكن في وقت سابق من هذه السنة، لم تطرأ تغييرات كبيرة في الموقف العسكري الأمريكي بشأن هذا البلد الذي تمزقه الحرب. في الأثناء، عقدت الحكومتان الأردنية والسورية أول محادثات فنية لهما حول فتح معبر حدودي رئيسي جنوب سوريا كانت قوات النظام قد استعادته من المعارضة في تموز/ يوليو الماضي، وذلك وفقا لتصريح أدلى به مسؤول أردني يوم الخميس.
بعد استعادها للمعبر الحدودي من المعارضة، تطمح دمشق لإعادة فتح طريق نسيب، الذي يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للحكومة السورية التي ترغب في إنعاش اقتصادها الذي أنهكته الحرب والشروع في عملية إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الوقت الراهن. في المقابل، تأمل عمان أن يساهم فتح المعبر الحدودي في إعادة تنشيط عملية تدفق مليارات الدولارات المتأتية سنويا من التجارة العابرة بين أوروبا والأسواق الخليجية عبر سوريا.
في شأن متصل، أخبر المسؤول الأردني وكالة “رويترز” عن انعقاد اجتماع يوم الأربعاء بناء على طلب الحكومة السورية، عند معبر جابر على الجانب الأردني من الحدود التي تفصل سوريا عن الأردن. وخلال هذا الاجتماع، شرعت الفرق الفنية بإجراء محادثات بشأن الترتيبات العملية التي تتطلبها عملية إعادة فتح المعبر، على غرار الجمارك والأمن.
كان استعادة المعبر من قبل القوات السورية في شهر تموز/ يوليو الماضي هدفا رئيسيا ضمن الحملة العسكرية التي أطلقتها القوات الروسية في حزيران/ يونيو لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الجنوب الغربي للبلاد. وتقول مصادر دبلوماسية غربية إن روسيا تمارس ضغوطا على عمان لفتح المعبر في محاولة لإظهار قرب نهاية الحرب وإعادة تلميع صورة الرئيس السوري بشار الأسد.
المصدر: ميدل إيست آي