في ظل تسارع المعرفة والتطور الهائل الذي تذخر به البشرية، أصبح التعليم اليوم بالتقنيات الحديثة للأطفال ضرورة وليست رفاهية لمن أراد لأطفاله موطن قدم في سباق المستقبل.
في سنة 1955 أسس جلين دومان (الاختصاصي في العلاج الفيزيائي) معهد تحقيق الإمكانية البشرية (IHAP) الذي يهدف إلى تطوير قدرات خلايا دماغ الطفل السليم والمعاق عقليًا، حيث تمكن دومان من تطوير مناهج وبرامج خاصة لنمو خلايا دماغ الطفل وتعليم الأطفال منذ أيامهم الأولى، وكذلك طور منهاجًا خاصًا للأطفال الذي يعانون من إعاقة في الدماغ.
يعتقد جلين دومان أن كل طفل يولد بإمكانات عقلية هائلة، ويمكن تطوير هذه الإمكانات عن طريق التحفيز لدماغ الطفل، فتعليم الأطفال لا يبدأ في السادسة بل منذ الساعات الأولى لرؤيتهم نور الحياة، فكلما كان الطفل صغيرًا في العمر كان التعليم أسهل، في هذا المقال سنتناول ملخصًا عن منهاج دومان للتعليم المبكر للرضع.
ملخص التقنية التي يعمل عليها مفهوم التعليم المبكر
تعتمد طريقة دومان لتعليم الرضع على عرض بطاقات متنوعة حسب عمر الطفل، فإن كان الطفل في شهره الأول نبدأ بعرض بطاقات تحتوي على أشكال وزخارف وأشياء من محيطه باللون الأسود والأبيض – لأن الطفل حديث الولادة تكون رؤيته مشوشة ولا يستطيع التفريق بين الألوان المتقاربة – ضمن مجال رؤية الطفل بصورة دائمة حول سريره مثلاً، في هذه الحالة تحفز دماغ الطفل على الرؤية والتركيز، بعد فترة نبدأ بعرض البطاقات نفسها ولفظ اسم الشكل الذي فيها بشكل سريع.
ثم ندخل بطاقات الكلمات من محيط الطفل مثل: ماما – بابا – قط، أيضًا تكون باللون الأسود إن كان صغيرًا أو الأحمر إن كان عمره قد تجاوز 3 أشهر أو أي لون – ففي هذه المرحلة يكون نظر الطفل قد تطور ويستطيع التفريق بين الألوان – مع نطق الكلمة ويفضل أن تكتب كذلك في إحدى زوايا ظهر البطاقة لكي لا تضطر الأم لقلب الورقة ورؤية الكلمة، ثم نبدأ بزيادة عدد الكلمات وصعوبتها بين الحين والآخر، يكون عرض البطاقات 3 مرات في اليوم بشكل سريع جدًا.
طريقة دومان للتعليم الكمي
بعد ذلك يمكننا إضافة حصص الرياضيات بجانب القراءة وتكون بعرض (Red dots) وهي عبارة عن بطاقات تحمل نقط حمراء يكتب عددها في ظهر البطاقة، نبدأ في اليوم الأول بعرض البطاقات من (1 – 5) 3 مرات في اليوم ثم نزيدها تدريجيًا كل يوم، بعد الانتهاء من تعلم الأرقام المخطط لها إلى 100 مثلًا نقوم بإدخال العمليات الحسابية أيضًا باستخدام نظام النقاط الحمر.
وهناك عدة قواعد أساسية يجب اتباعها عند تطبيق طريقة دومان لتعليم الرضع، كلما كان عمر الطفل أقل كانت عملية التعليم والتعلم أسهل والتي يجب أن تكون مرحة ومريحة لكلا الطرفين الطفل والأم أو الأب حيث كلا الطرفين يجب أن يكون مرتاحًا وسعيدًا وإلا كانت النتائج سلبية.
يمكن استخدام التقنية بعد إتقان القراءة والرياضيات باتباع نفس الطريقة لتعلم أساسيات باقي العلوم كالفيزياء والكيمياء والفلك وكذلك تعلم اللغات الأخرى التي تصل إلى 6 لغات قبل بلوغ الطفل السادسة من عمره، وبذلك يصبح طفلك موسوعة مصغرة قبل التحاقه بالدراسة
كما يجب احترام الطفل ورغباته ولا تجبره على أي شيء لا يرغب به، ويجب التوقف عن عرض البطاقات قبل أن يشعر الطفل بالملل، كذلك يجب أن تكون عملية التعليم سريعة بحيث لا تزيد مدة عرض كل بطاقة على 10 ثواني والعملية الكلية 30 ثانية.
كما أنه من الضروري زيادة عدد البطاقات بين الحين والآخر، في هذه الحالة سيتعلم الطفل بالتكرار بلا ملل، وضمان الاستمرار على طريقة العرض يجب الالتزام بالبرنامج وتحضير مادة كافية لشهر كامل وتجديدها باستمرار، يجب أن تكون الكلمات أو المجسمات مستمدة من محيط الطفل ابتداءً بجسمه ثم الأشياء المحيطة به ثم الحيوانات والصفات والأفعال ثم العبارات والجمل البسيطة ثم المعقدة، حتى تصل مرحلة القصص المستمدة من حياته اليومية وفعالياته.
التعليم بطريقة البطاقات
في حال رأيت الطفل غير مستمتع توقف مباشرة ولا تختبر الطفل أبدًا، ولتكون البطاقات والرسومات أو الكلمات بحجم كبير، فكلما قل عمر الطفل زاد حجم البطاقة والرسم أو الكلمة، فإمكانية النظر لدى الطفل محدودة كما ذكرنا ويفضل أن تكون البطاقات من الورق المقوى (بطاقات فلاش) ذات زوايا مدورة، تجنب الزوايا قدر الإمكان.
ويمكن أيضًا بعد إتقان القراءة والرياضيات اتباع نفس الطريقة لتعلم أساسيات باقي العلوم كالفيزياء والكيمياء والفلك، وكذلك تعلم اللغات الأخرى التي تصل إلى 6 لغات قبل بلوغ الطفل السادسة من عمره، وبذلك يصبح طفلك موسوعة مصغرة قبل التحاقه بالدراسة.
وقد أظهرت هذه الطريقة في التعلم المبكر نتائج مبهرة لكل من اتبعها، حتى لذوي الإعاقات العقلية.
فيديو يوضح استخدام التقنية في تعليم الأطفال من أصحاب الاحتياجات الخاصة
هذه التقنية تتيح استغلال الوقت للأبوين لتلقين الأبناء الكثير من المعرفة في فترة يعتقد سابقًا أنها فترة لا تدخل ضمن نطاق التعليم، وهذا ما سيمنح الأطفال موضع قدم في عالم يتسابق في التعليم والمعرفة ويمنحهم سلاحًا في حرب العلوم المتسارعة، لذلك من المهم الاهتمام بها وبغيرها من التقنيات التي تختصر الوقت وتعطي الكثير حتى للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين حرموا من التعليم الكلاسيكي الذي لا يلبي حاجاتهم وطريقة تلقيهم المختلفة للمعرفة.