بعد توصل روسيا وتركيا إلى اتفاق حول إدلب، يقضي بإقامة منطقة عازلة بين الطرفين تكون منزوعة السلاح، رحبت المعارضة السورية بهذا الاتفاق واعتبرته انجازًا كبيرًا يجنب إدلب ما سمته مأساة كبيرة، لكن بعض فصائل المعارضة السورية لم تبد موقفًا واضحًا، وأخرى رفضته خاصة ما يعرف بـ”الفصائل الجهادية”. أما الفصائل الثورية فكلها أعربت عن امتنانها لتركيا كونها جنبت المدنيين مصيرًا أسودًا كان يحضر له النظام وروسيا، وأعلنت تلك الفصائل عن استعدادها لتطبيقه.
في هذا الموضوع يرى الباحث والصحفي السوري خليل المقداد أن هذا الاتفاق جنب سقوط النظام لأن الأخير لو هاجم إدلب سينكسر فكل الفصائل تقريبا اجتمعت على قتاله، على حد تعبيره. وقال الصحفي السوري في حديث لـ”نون بوست”، إن “هذا الاتفاق سيعني قتالاً فصائليًا، لأن “الفصائل الجهادية” لن تقبل به، وستقاوم حتى النهاية، ومن هنا قد تحدث حرب فصائلية بين الرافضين لهذا الاتفاق والمؤيدين له، حيث أن هناك فصائل تصنف على أنها معتدلة كدرع الفرات والجبهة الوطنية للتحرير، وهي مرحبة بهذا الاتفاق وقد تحارب تلك الرافضة له”.
ويضيف مقداد: “إتفاق إدلب أجل المواجهة ولم ينهها، حيث أن روسيا تريد اعادة إدلب سلمًا للنظام، وهذا الإتفاق قابل للتطبيق لأن الدول الموقعة عليه كلها لها نفوذ على من تدعمه فروسيا على النظام، وتركيا على الفصائل”.
اعتبر المحلل العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال أن هذا الاتفاق هو إنجاز ما يمكن إنجازه قياسًا بالواقع الدولي والعربي، حيث أن هناك 3 ملايين إنسان ولا يمكن أن يهاجر هذا الكم من الناس، أو أنه ستحدث لهم مقتلة كبرى، ومن هنا كان هذا الاتفاق إنجازًا
ويشير مقداد إلى أن “روسيا لا تفرق بين الفصائل الثورية أو تلك الجهادية، فهي تعتبرها كلها إرهابية على حد سواء، كونها خارج سلطة النظام”، واصفًا أن “ما يحدث في سوريا اليوم هو صراع خفي، حيث أن هيئة المفاوضات تتبناها السعودية والإمارات وهي قابلة بالأسد كما أنها تحاول عدم تمكين تركيا من أي نفوذ في سوريا”، على حد وصفه.
اعتبر المحلل العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال أن هذا الاتفاق هو إنجاز ما يمكن إنجازه قياسًا بالواقع الدولي والعربي، حيث أن هناك 3 ملايين إنسان ولا يمكن أن يهاجر هذا الكم من الناس، أو أنه ستحدث لهم مقتلة كبرى، ومن هنا كان هذا الاتفاق إنجازًا
وقال العميد رحال في حديث لـ “نون بوست” إن “الفصائل الجهادية سترفض هذا الاتفاق، لكن هذا الرفض سيكون مؤقتًا، لأنه لا يوجد وقت. فلابد من حل سريع ولابد من حل تلك التنظيمات سياسيًا أو عسكريًا، وهذا لا يقتصر على المطلب الروسي أو التركي، بل هو مطلب دولي، أما بقية الفصائل فكلها موافقة على الاتفاق، لأنها تدرك أن القتل عند عدوها هواية، وسيدمر كل شيء، وسيعيث قتلاً بالمدنيين”، كما وصف.
مشيرًا في نفس السياق، أن “الفصائل وافقت في النهاية على الاتفاق عليه كونه حماية للمدنيين في حده الأدنى، وفيه فوائد كبيرة فيما لو التزمت روسيا به، وهذا سيخلص شعبنا من القتل وستعود الحياة بكل نواحيها”، مضيفًا أن بعض الفئات تعتقد أن هذا الاتفاق هو استسلام وخذلان لمن يدافع عنهم، علمًا أن هذا يفيد القاعدة التي لا تمثل المشروع الثوري فيجب على هذه الفئات التخلي عن هذا المعتقد”.
إلى ذلك، يكشف العميد رحال أن هناك دولة عربية تحاول إقناع جبهة “تحرير الشام” بحل نفسها والقبول بهذا الاتفاق، لأنه في حال أصرت تحرير الشام على عدم الموافقة، ستعرض نفسها لمواجهة عسكرية مع الجميع، وستسبب إشكالية للشمال السوري المحرر من سلطة النظام.
وفي هذا الصدد يؤكد القيادي في “الجبهة الوطنية للتحرير”، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن هذا الاتفاق هو نجاح للدبلوماسية التركية، حيث أنه استند إلى موقف الشعب السوري القوي الذي خرج بمئات الآلاف إلى الساحات، كما كان للاستعداد العسكري على مدى شهور أثر كبير في التوصل إلى هذا الاتفاق.
يذهب القيادي في حركة “أحرار الشام” المنتمية للجبهة الوطنية للتحرير الدكتور أسيد الشامي إلى أن هذا الإتفاق هو مرحلة وليس النهاية، ولن يكون هناك تسليم للسلاح الثقيل
وقال القيادي عبدالرزاق في حديث مع “نون بوست”: “نحن مع أي حل أو اتفاق لصالح الشعب السوري وسنرضى به، ولا يمكن لنا أن نسلم سلاحنا والنظام لا يزال يحكم سوريا ويقتل شعبها، ونحن سنبقى على أهبة الاستعداد وفي ميادين التدريب”.
وفي هذا الاطار يذهب القيادي في حركة “أحرار الشام” المنتمية لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” الدكتور أسيد الشامي إلى أن هذا الإتفاق هو مرحلة وليس النهاية، ولن يكون هناك تسليم للسلاح الثقيل، فكلمة تسليم تعني الإستسلام، إنما سيتم إرجاعه لمسافة 7.5 كيلو متر، ولن يكون هناك تراجع عن نقاط الرباط، حيث سيبقى المرابطون في نقاطهم إن لم يكن هناك ضامن يضمن عدم تقدم الروس والنظام”، على حد قوله.
لكن القيادي الشامي ختم قوله بأن “هذا الاتفاق له إيجابيات منها حقن دماء الآف المدنيين الأبرياء وإعطاء الثوار فرصة إضافية لترتيب أوراقهم وصفوفهم وأساليبهم، بمعنى أن الثوار يجعلون نتائجه إيجابية أو سلبية وذلك بحسب تعاملهم مع المرحلة الحالية، فمثلاً يجعلونها سلبية إن سمحوا للاقتتال أن يحدث بينهم ليعود حمام الدم ومسلسل الإقتتالات وعكس ذلك من وحدة الكلمة ورص الصف وترتيب الأوراق والإرتقاء بالمشروع وأساليب تحقيق الغاية المنشودة يكون إيجابياً بالتأكيد”.