شكلت الانتخابات البلدية في مدينة الناصرة، أكبر مدن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، هزة كبيرة للمدينة وللفلسطينيين في داخل الخط الأخضر.
فبعد أربعين عاما من سيطرة الجبهة الديمقراطية، ذات الخلفية الشيوعية، على المدينة، مُني زعيم الجبهة رامز الجريسي بهزيمة ثقيلة، لكن الأمر أكبر من مجرد تغيير عمدة للمدينة، فعلى الرغم من تنافس المرشحين على السياسات المحلية، إلا أن طائفية بغيضة سيطرت على الحملة الانتخابية.
هُزم الجريسي، العمدة لفترة طويلة، ربما لسبب كونه مسيحيا، بينما فاز علي سلام، نائب الجريسي لسنوات عديدة قبل أن يقرر خوض الانتخابات مستقلا، لأسباب من أهمها كونه مسلما! هذا ما تحدث عنه تحقيق لموقع “ميدل إيست آي”، الذي تناول جهود الاحتلال الاسرائيلي في تفتيت الفلسطينيين داخل الخط الأخضر على أساس الدين.
الحملة الانتخابية تحولت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنابذ بين المرشحين، أحدهما يتهم الآخر بالشوفينية الإسلامية والثاني يتهم الأول باهتمامه بالمسيحيين لا الفلسطينيين.
خطوط الصدع في الناصرة ربما تبدو أكثر وضوحا منها في بقية المدن داخل الخط الأخضر، الذي يشكل الفلسطينيون أكثر من خُمس سكانه. فالناصرة تضم أكبر تجمع للمسيحيين في الأراضي المحتلة، إلا أن ثلثي سكانها من المسلمين.
المحللون السياسيون في إسرائيل وفلسطين يتفقون على أن الحالة الطائفية لا يُمكن أن تُفهم بدون النظر إلى الإطار السياسي الأوسع اوالذي تتم تغذيته من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
نتنياهو يستخدم مسألة الخدمة العسكرية لتقسيم الفلسطينيين المقيمين في أراضي (إسرائيل)، حيث دعا المسيحيين للتطوع للانضمام للجيش الإسرائيلي، وهلل لتصاعد أعداد المسيحيين الفلسطنيين المنضمين إلى جيش الاحتلال، رغم أن العدد ما زال قليلا.
التوترات الطائفية دعمتها الحكومة الإسرائيلية منذ نهاية التسعينات، عندما دعمت خطة لبناء مسجد كبير بجانب الكنيسة الأشهر في المدينة، كنيسة البشارة، الأمر الذي أدى بالنهاية إلى معارك في الشوارع بين المسلمين والمسيحيين.
في الأراضي المحتلة هناك أقلية فلسطينية، يمثل المسلمون 80٪ منها بينما يشكل المسيحيون والدروز 10٪ لكل منهم.
جبريل نداف، مسيحي من الروم الأرثوذوكس، وهي أكبر طائفة مسيحية في إسرائيل، أصبح الزعيم الروحي لمنتدى أُسس حديثا لحث المسيحيين على التطوع في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
شادي حالول، ملازم أول في الاحتياط الإسرائيلي والمتحدث باسم المنتدى يقول “نحن جزء من إسرائيل، ولذلك فمن المهم أن نبقي بلادنا قوية، خاصة عندما نرى إخواننا (المسيحيين) يُذبجون على مقربة منا (في سوريا).”
يقول شادي إن المسيحيين عاشوا لزمن طويل في خوف من المسلمين، لكن الوقت قد حان للعيش بحرية و”إعادة اكتشاف الهوية والتاريخ، وحتى تعلم اللغة الآرامية القديمة في مدارس وأنظمة تعليمية منفصلة عن المسلمين”.
هذا المنتدى له صلات بمنظمة شبابية يهودية وُصفت مؤخرا من قبل القضاء الإسرائيلي باحتوائها على بعض “العناصر الفاشية”، ويتم تمويلها من المنظمة الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة، ومن حلفاء سياسيين لنتنياهو في إسرائيل.
بعض القيادات الكنسية تقول أن هذا التوجه شاذ عن المجتمع المسيحي الفلسطيني، وأن المسيحيين واعين بسياسة “فرق تسد” التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.