شهد يوم أمس الخميس17 أبريل، وفاة الأديب والروائي الكولومبي الحائز على جائزة نوبل “غابرييل غارسيا ماركيز”
ولد ماركيز في أراكاتاكا، ماجدالينا في كولومبيا في 6 مارس 1927، قضى معظم حياته في المكسيك وأوروبا، وتضاربت الأقاويل حول تاريخ ميلاده هل كان في عام 1927 أو 1928 إلا أن الكاتب نفسه أعلن في كتابه عشت لأروي عام 2002 عن تاريخ مولده عام 1927.
ماركيز، الذي اشتهر بين أصدقائه ومعجبيه بلقب “غابو” هو أشهر روائي بأميركا اللاتينية، وباعت المكتبات أكثر من 65 مليون نسخة من كتبه، فقد كافح لسنوات ليصنع اسمه كروائي برغم أنه نشر قصصًا ومقالات وروايات قصيرة في خمسينات وستينات القرن الماضي، أشهرها “عاصفة الأوراق” و”ليس لدى الكولونيل من يكاتبه” ثم حقق اسمه كروائي على نحو مثير في 1967 عن روايته “مائة عام من العزلة”، واشتهر .كذلك بروايته “الحب في زمن الكوليرا” التي نشرها عام 1986
في عام 1965، لاحت لماركيز فكرة كتابة أول فصول رواية “مائة عام من العزلة” أثناء قيادته في الطريق إلى مدينة “أكابولكو”، فاستدار في الطريق وعاد إلى منزله وعزل نفسه في غرفته، مستهلكًا ست علب من السجائر في اليوم، وخرج من عزلته بعد 18 شهرًا، ليجد عائلته مدينة بـ 12 ألف دولار، ولحسن حظه، كان قد كتب روايته الرائعة المكونة من 1300 صفحة.
وبيعت الطبعة الإسبانية الأولى من روايته خلال أسبوع، وعلى مدار الثلاثين عامًا التالية بيعت أكثر من ثلاثين مليون نسخة من الرواية وتُرجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة.
بدأت شهرة غارسيا ماركيز العالمية عند نشره لروايته مئة عام من العزلة في يونيو عام 1967، وفي أسبوع واحد، بِيعت ثمانية آلاف نسخة، ومن هذا المنطلق بدأ نجاحه على نطاق أكبر وكان يتم بيع طبعة جديدة من الرواية كل أسبوع وصولاً إلى بيع نصف مليون نسخة خلال ثلاث سنوات، كما تم ترجمتها إلى أكثر من عشرين لغة وحازت أربع جوائز دولية.
ووصل ماركيز لقمة النجاح وعرفه الجمهور عندما كان بعمر الأربعين، وكان جليًا تغير حياته بعد المراسلات بينه وبين محبيه والجوائز والمقابلات التي أجريت معه.
وفي عام 1969 حصل على جائزة كيانشانو عن رواية مئة عام من العزلة، والتي اعُتبرت “أفضل كتاب أجنبي” في فرنسا، وفي عام 1970 نشرت الرواية باللغة الإنجليزية واُختيرت كواحدة من أفضل اثنى عشر كتابًا في الولايات المتحدة في هذا العام، وبعدها بسنتين حصل على جائزة رومولو جايجوس وجائزة نيوستاد الدولية للأدب، وفي عام 1971 قام ماريو بارغاس يوسا بنشر كتاب عن حياة وأعمال ماركيز، وعاد غارسيا ماركيز للكتابة للتأكيد على هذا النجاح وقرر أن يكتب عن ديكتاتور وانتقل مع أسرته إلى مدينة برشلونة بإسبانيا، حيث أمضى حياته تحت حكم فرانكو في سنواته الأخيرة.
حصل غارسيا ماركيز على جائزة نوبل للآداب عام 1982 وذلك تقديرًا للقصص القصيرة والرويات التي كتبها، والتي يتشكل بها الجمع بين الخيال والواقع في عالم هادئ من الخيال المثمر والذي بدوره يعكس حياة وصراعات القارة، وكان خطاب القبول تحت عنوان “العزلة في أمريكا اللاتينية”.
وأدت شعبية كتاباته أيضًا إلى تكوينه صداقات عدة مع الزعماء الأقوياء ومنها الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو وهي تلك الصداقة التي تم تحليلها في غابو وفيدل: مشهد صداقة، وبالمثل مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إضافة إلى توافقه مع الجماعات الثورية في أمريكا اللاتينية وخصوصًا في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، وفي مقابلة أجرتها كلوديا درييفوس معه في عام 1982 أقر ماركيز أن صداقته مع كاسترو تنصب بالأساس في مجال الأدب حيث قال: “العلاقة بيننا ما هي إلا صداقة فكرية، ربما لم يكن معروفًا على نطاق واسع أن فيدل رجل مثقف، وعندما نكون معًا، نتحدث كثيرًا عن الأدب”، وانتقد البعض غارسيا ماركيز لوجود هذه الصداقة بينهما.
وتُظهر أعمال ماركيز، مثل “الجنرال في متاهته” و”خريف البطريرك” حماسه السياسي المتزايد بعد متابعته للعنف المتزايد في كولومبيا.
ونُفى إلى أوروبا بعد كتابته مقالاً وضع الحكومة الكولومبية في مأزق شديد.
وعندما نشر رواية مبنية على قصص لما مر به لاجئ من شيلي أثناء عودته لبلاده، أحرقت حكومة شيلي 15 ألف نسخة منها.
وإضافة إلى شهرته الواسعة التي اكتسبها من مؤلفاته، فإن وجهة نظره تجاه الإمبريالية الأمريكية أدت إلى اعتباره شخصًا مخربًا، ولسنوات عدة تم رفض إعطائه تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة من قبل سلطات الهجرة، وبالرغم من ذلك وبعد انتخاب بيل كلينتون رئيسًا للولايات المتحدة، تم رفع الحظر المفروض عليه للسفر إلى بلاده، وأكد كلينتون أن مئة عام من العزلة “هي روايته المفضلة”.
وتناول ماركيز في كتاباته عددًا من القضايا والمواضيع التي ميزته، فتتناول معظم أعمال غارسيا ماركيز موضوع العزلة وترسم صورة معبرة من خلال الشعور بالوحدة في الحب والوقوع في الحب.
ويلاحظ أيضًا في أعمال غارسيا ماركيز ولعه بعرض الهوية الثقافية الأمريكية اللاتينية وخصوصًا ملامح عالم منطقة الكاريبي، وأيضًا محاولته تفكيك القواعد الاجتماعية الراسخة في هذا الجزء من العالم.
ورغم الجدل السياسي المتزايد، تأكدت موهبة ماركيز الأدبية المتفردة بنشر روايته “الحب في زمن الكوليرا” عام 1986 وتحكي قصة رجل يزداد ولعه بامرأة على مدار 50 عامًا حتى يصل إليها في النهاية.
ليس صحيحاً أن المرء يكف عن الحلم حين يصبح عجوزاً .. بل يصبح عجوزاً حين يكف عن الحلم #ماركيز_وداعا
— Assaad Taha أسعد طه (@Assaadtaha) April 18, 2014
وتباطأ إبداع ماركيز مع الوقت واستغرق كتابه “مذكرات غانياتي الحزينات” عشرة أعوام من الكتابة حتى صدر عام 2004.
المعلقون العرب على تويتر كتبوا في رحيل ماركيز إلى الحد الذي جعل أحد الكتاب المصريين يتعجب من عدد قراء الكاتب الراحل
هل يعرف كل هؤلاء #ماركيز فعلاً .. هل استمتعوا بما كتب لهذه الدرجة، هل هم بهذا العدد الذي يجعل ماركيز تريند 🙂 المجد للكتابة، أو للادعاء :))
— محمد فتحي (@mfathypress) April 18, 2014
المعزين في جابرييل جارسيا ماركيز على التايم لاين ينقسموا لقسمين..ناس عاملة نفسها قرأت كتبه، وناس فاكرينه من شهداء محمد محمود.
— Mostafa Helmy (@7ely) April 18, 2014
أحد مرشحي الرئاسة السابقين في مصر كتب ينعي ماركيز
وداعا أيها الثائر العظيم ماركيز، ستظل حيا بإبداعك الادبي الخالد ومواقفك اﻻنسانيه العظيمة ضد الظلم والتميز، المبدعون ﻻ يموتون
— حمدين صباحي (@HamdeenSabahy) April 17, 2014
وكُتاب كثر تذكروه
ماركيز وكونراد وغراهام غرين من اجمل من كتبو عن الانسان بشكل ادبي جميل
كولومبي وامير بولندي ابدع بالانجليزيه وبريطاني وقف مع ضحايا المستعمر— N H M (@NasserIbnHamad) April 17, 2014
ماركيز بدأ رواية، بهذه الجملة "في اليوم الذي سيقتلونهُ فيه، استيقظ سنتياغو في الخامسة والنصف صباحاً"، وحكى كثيرًا
البعض تبدأ سِيرهم، بموتهم.— Hosam yahia (@HosamYahiaAJ) April 17, 2014
"تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سر السعادة يكمن في تسلقه" #ماركيز .. وداعاً أسطورة الحكي
— محمد فتحي (@mfathypress) April 17, 2014
وفاة الروائي الكولومبي الكبير، جابريل جارسيا ماركيز، صاحب "الحب في زمن الكوليرا"، "مئة عام من العزلة"، وروايات أخرى رائعة.
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) April 17, 2014
#ماركيز
مئة عام من العزلة عمل مدهش. علاقة ماركيز بجده في تلك الرواية من العلاقات التي تعلّم الحب والحكمة.— عبدالله المطيري (@Abdullaht407) April 17, 2014
@rtalita_talita ماركيز لم يمت، بل عاد إلى ماكوندو
— Usama Al Shazly (@Usamashazly) April 17, 2014
(ماكوندو هي المدينة اللي ابتدعها ماركيز لتدور فيها أحداث عدد من رواياته)
الإنسانية تفقد شخص عظيم #جابرييل_جارسيا_ماركيز
— نبيل (@Ternz) April 17, 2014
يقول تقرير لقناة العربية إن “جد زوجة ماركيز كان قد جاء إلى كولومبيا مهاجرًا من الإسكندرية وكان قبطيًا اعتاد أن يشرب القهوة التركية “ثم يقلب الفنجان بعد احتساء ما فيه ليرى البخت والحظ”.
أرملة ماركيز هي “ميرسيدس بارشا باردو” والاسم باردو مستمد من والدتها راكيل باردو لوبيز، في حين أن “بارشا” مستمد من جدتها الأم الكولومبية لوالدها ابن المهاجر إلى كولومبيا المولود في الإسكندرية من أب لبناني من عائلة فاخوري وأم مصرية، والذي حصل في 1932 على الجنسية الكولومبية، قبل 6 أشهر من ولادة ابنته ميرسيدس.
في 1999 تم تشخيص حالة غارسيا ماركيز بأنه مصابًا بسرطان الغدد الليمفاوية.
وفي 2005 لم يكتب ماركيز حتى ولو سطرًا واحدًا، وقال: “من خلال تجربتي فأنا أستطيع الكتابة دون أدنى مشاكل، لكن القراء سيدركون أن قلبي لم يكن معي لحظة الكتابة”.
وفي ديسمبر من عام 2008 أخبر غارسيا ماركيز معجبيه في معرض الكتاب في غوادالاخارا أن كتابته أصبحت بالية، وفي 2009، ونزولاً عند رغبته وردًا على إدعاءات وكيلة أعماله وكاتب سيرته الذاتية أن مسيرته الأدبية قد فنيت، صرح ماركيز لصحيفة الـ تيمبو الكولومبية “إن ما يقولونه – ليس فقط – غير صحيح، ولكن أيضًا الشيء الوحيد الذي يمكنني القيام به هو الكتابة”.
في أوائل عام 2012 أشاع “جايمي ماركيز” أخو غابرييل، أن غابرييل أصبح يعاني من الخرف وأشار إلى أن العلاج الكيميائي الذي تلقاه للعلاج من السرطان اللمفاوي قد يكون السبب في ذلك، إلا أن فيديو تم بثه في مارس عام 2012 في احتفال ماركيز بعيد ميلاده كذب ذلك الأمر.
وفي الآونة الأخيرة تم نقله إلى المستشفى حيث تلقى علاجًا من التهاب في الرئة والمسالك البولية، ومما نقلته الوكالات نقلاً عن مقرب من عائلة ماركيز أنه توفي في بيته بالعاصمة المكسيكية بعد أن عاد إليه من المستشفى الأسبوع الماضي.
وجاء إعلان الوفاة أمس الخميس، السابع عشر من إبريل، من خلال أسرة غارسيا ماركيز التي أبلغت النبأ لوسائل الإعلام الكولومبية.