ترجمة وتحرير: نون بوست
يبدو أن أفريقيا دائما ما تظهر في عناوين الأخبار في سياق الحديث عن مواضيع سلبية، حيث أن هذه القارة باتت مرتبطة في أذهان الناس حول العالم بمشاكل الفقر المدقع، الجوع، الجفاف، الحروب الأهلية والإرهاب.
وقد حاولت أجيال متعاقبة من السياسيين والنشطاء وخبراء التنمية التوصل إلى طريقة لتمكين أفريقيا، بوصفها جزء من العالم يزخر بالثروات والحركية، من تغيير هذا الواقع الذي تعانيه.
وبفضل تدعيمها لعلاقاتها مع القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة، وجدت تركيا الإجابة على هذا السؤال: وهي دعم مكانة النساء.
يعد هذا الأمر مفتاحا لحل كل المشاكل الحارقة في أفريقيا، لأن النساء الإفريقيات هن الفئة الأكثر تضررا من الفقر والجوع والصراعات. وتعيش حوالي 80 بالمائة من النساء في مناطق ريفية، حيث تصل معدلات زواج الأطفال إلى ضعف ما هي عليه في المدن، كما أنهن يعانين من غياب الرعاية الصحية والتعليم وبقية الخدمات العامة.
أطلقت تركيا عددا من المشاريع لمساعدة النساء في أفريقيا وتمكينهن من الحصول على الخدمات الأساسية
وكنتيجة لذلك، فإن نصف السكان الإناث في هذه القارة يعانين من الأمية، كما أن 62 بالمائة من الوفيات التي تحدث في العالم أثناء الولادة تصيب النساء الإفريقيات.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن واحدة من كل ثلاث نساء في أفريقيا تقع ضحية للعنف المنزلي والانتهاكات الجنسية في إحدى مراحل حياتها. كما أن حوالي 130 مليون إمرأة وفتاة تعرضن لظاهرة ختان الإناث، وهي ممارسة لا وجود لأي سند طبي أو ديني يبررها. كما أن واحدة فقط من كل عشرة نساء إفريقيات تمتلك قطعة أرض، رغم أن 60 بالمائة منهن يعملن في المجال الفلاحي.
وفي ظل هذه الظروف، أطلقت تركيا عددا من المشاريع لمساعدة النساء في أفريقيا وتمكينهن من الحصول على الخدمات الأساسية. وتدعم بلادي مركزا للأمومة ورعاية الطفل في النيجر، وعددا من ملاجئ النساء في الكاميرون، ومركزا للتدريب المهني في مدغشقر.
وفي نفس الوقت تسعى الوكالة التركية للتنمية والتعاون لتوفير الخدمات الطبية لأكثر الفئات معاناة. ففي سنة 2017 فقط، أشرفت هذه الوكالة على تقديم فحوص طبية لحوالي 30 ألف شخص، وأجرت أكثر من 3 آلاف تدخل جراحي.
كما تمثل فرص التعليم جزء أساسيا من جهود دعم مكانة النساء. وفي السنوات الأخيرة، تمكنت قرابة 3 ٱلاف فتاة من 46 بلدا إفريقيا من الدخول لأرقى المؤسسات التعليمية، عبر منح تقدمها الدولة التركية. ومنذ إطلاق هذا البرنامج، أنهت 362 امرأة دراستهن في تركيا، ورجعن إلى بلدانهن الأصلية للعمل كطبيبات ومهندسات ومدرسات، بهدف بناء مستقبل أفضل لأنفسهن ولمجتمعاتهن.
علاوة على ذلك، من المهم جدا خلق الفرص الاقتصادية للنساء الإفريقيات، إذا كن يرغبن في تحقيق التغيير في مجتمعاتهن. وهذه كانت الخلاصة التي توصلت إليها خلال زيارتي سنة 2015 إلى أثيوبيا، أين التقيت بمجموعة من النساء المصابات بأمراض قاتلة، يصنعن مجوهرات جميلة لتوفير احتياجات عائلاتهن.
تهدف الجهود التنموية التي تبذلها تركيا في أفريقيا، والتي تولي أهمية خاصة لدعم مكانة المرأة، لابتكار حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية.
ورغم أن تصميماتهن كانت تباع للمشترين في الدول الغربية بأسعار مرتفعة، فإن هؤلاء النسوة كن يحصلن على حوالي دولار واحد فقط بعد يوم كامل من العمل الشاق. وقد قررنا تصحيح هذا الوضع الخاطئ، عبر إنشاء منصة يمكن فيها للنساء الإفريقيات بيع ثمرات عملهن بأسعار عادلة.
وهكذا، تم في 25 أيار/مايو 2016 افتتاح البيت الثقافي وسوق الأعمال اليدوية الإفريقية، في إطار الاحتفال السنوي بيوم أفريقيا. ورغم أن بعض النساء المريضات اللواتي التقيتهن في أثيوبيا كن قد فارقن الحياة بحلول هذا التاريخ، فإن هذا المركز يبقى منارة للأمل بالنسبة للمئات من النساء الأخريات اللواتي سيتمكن من الحصول على دخل محترم بهذا الشكل.
وتهدف الجهود التنموية التي تبذلها تركيا في أفريقيا، والتي تولي أهمية خاصة لدعم مكانة المرأة، لابتكار حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية. وهذا يذكرنا بمثل شعبي إفريقي يقول: “ما لم يتمكن الأسد من تعلم الكتابة، فإن كل قصة تكتب سوف تمجد الصياد”.
المصدر: الجزيرة