ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: حسيب دانمركي اليكزاي ومهدي جيدنيا
قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو يوم الجمعة إن الولايات المتحدة أمرت بنقل الأعضاء الدبلوماسيين في العراق مؤقتا بسبب تزايد التهديدات للمرافق الدبلوماسية الأمريكية من قبل فيلق القدس للحرس الثوري الإسلامي والميليشيات المتحالفة معها في العراق. وفي بيان مكتوب، قال بومبيو: “بالنظر إلى التهديدات والتحريضات المتزايدة بشأن مهاجمة موظفينا ومرافقنا في العراق، فقد أمرت بأن يتم نقل موظفينا الدبلوماسيين في العراق مؤقتا”. كما وجه بومبيو تحذيرا لإيران من مغبة شن أي هجمات على المنشآت الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة.
في هذا الشأن، قال بومبيو: “أبلغت الحكومة الإيرانية بأن الولايات المتحدة ستحمّل إيران المسؤولية المباشرة عن أي ضرر يلحق بالأمريكيين أو بمرافقنا الدبلوماسية في العراق أو أي مكان آخر، بغض النظر عما إذا ارتكبتها القوات الإيرانية مباشرة أو بواسطة ميليشيات بالوكالة”.
النائب تيد بو، من ولاية تكساس، متوجه إلى اجتماع الحزب الجمهوري في كابيتول هيل في واشنطن، 16 كانون الأول / ديسمبر، 2015.
جلسة الكونغرس
يأتي تحذير المسؤول الأمريكي بعد جلسة الاستماع التي انعقدت هذا الأسبوع في الكونغرس الأمريكي حول النفوذ الإيراني المتنامي داخل العراق. وفي هذا الصدد، أعرب بعض الخبراء والمشرعين الأمريكيين عن قلقهم من أنه في الوقت الذي يحاول فيه العراق إنشاء مجلس وزراء لتشكيل الحكومة الجديدة في أعقاب الانتخابات العامة التي جدّت في أيار / مايو، فإن إيران والميليشيات الشيعية الموالية لها في العراق لن يكون لها تأثير في الحكومة الجديدة فقط، بل ستصل إلى المعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة.
قالت باربرا ليف، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات العربية المتحدة وزميلة زائرة في معهد واشنطن، إن نفوذ إيران المتنامي في العراق يعود جزئياً إلى فك الارتباط النسبي لواشنطن في البلاد
خلال الجلسة المنعقدة يوم الأربعاء، قال عضو الكونغرس الجمهوري تيد بو، رئيس اللجنة الفرعية المعنية بمواجهة الإرهاب، وحظر الانتشار النووي والتجارة: “يهدد الإرهابيون المدعومون من قبل إيران، الذين أصبحوا سياسيين، الأمريكيين وحلفاءنا بانتظام. والجدير بالذكر أن ميليشياتهم ارتكبت أعمال وحشية لا حصر لها في جميع أنحاء العراق وسوريا”. كما أضاف بو، قائلا: “بينما نقف مكتوفي الأيدي، فإن إيران تحث الخطى لتحقيق مآربها. إنهم يبذلون كل جهودهم لتعزيز سلطتهم في بغداد، وقد أخذت سياستهم تؤتي ثمارها. لذلك، يجب علينا اتخاذ إجراءات حاسمة الآن”.
الزميل المتميز في معهد هدسون، مايكل بيرجنت يتحدث إلى شبكة “صدى أمريكا” في واشنطن، 12 تموز /يوليو 2018، عن مهمة تدريب الناتو الجديدة للقوات العراقية.
أفاد مايكل بيرجنت، المحلل في معهد هدسون، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، لفائدة “صدى أمريكا” أنه يشارك تيد بو مخاوفه، حيث أكد للمشرعين أن نفوذ إيران في العراق لم يسبق له مثيل. وفي هذا الشأن، قال بريجنت، إن “مستوى النفوذ الإيراني في العراق لم يصل في السابق إلى ما هو عليه الآن. باتت هذه الميليشيات [المدعومة من إيران] موجودة بين قوات الأمن العراقية. وهذا يعني أنه بإمكانهم الوصول إلى أجهزة استخبارات ومعدات وأموال الولايات المتحدة الأمريكية”. وأضاف بريجنت أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، لديه الآن حزب سياسي مسلح تحت إمرته في العراق. وقد احتل هذا الحزب المرتبة الثانية في الانتخابات العامة للبلاد.
الارتباطات
قالت باربرا ليف، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات العربية المتحدة وزميلة زائرة في معهد واشنطن، إن نفوذ إيران المتنامي في العراق يعود جزئياً إلى فك الارتباط النسبي لواشنطن في البلاد. وأضافت ليف: “نحن بحاجة إلى نهج متماسك ومشاركة واضحة على مستوى عال في واشنطن. تبدو إدارة ترامب ساكنة فيما يتعلق بتحديد الأنشطة الإقليمية الإيرانية المزعزعة للاستقرار. إذا كان الأمر جديًا، فإن العراق هو المكان الأنسب لتحويل كل الجهود إلى خطوات فعلية على أرض الواقع مع تبني الأسلوب والمنهج المناسب”.
قال مايكل بيرجنت إن هناك إجماعا متناميا بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة في العراق على وجوب مواجهة النفوذ الإيراني داخل بلادهم
من جانب آخر، حذرت كيمبرلي كاجان، رئيسة معهد دراسة الحرب، وهي منظمة بحثية غير حكومية تعمل في مجال السياسة العامة، المشرعين من العواقب المحتملة لعدم مشاركة الولايات المتحدة فيما يحدث في العراق. وأفادت كاجان، أنه “من المرجح أن ينجر عن انتصار الوكلاء الإيرانيين طرد الولايات المتحدة من العراق”، مضيفة أنه يجب بذل جهود أكثر لتنفيذ استراتيجية أكثر تماسكًا في البلاد لن تتمكن إيران في ظلها من المناورة خارج حدودها وزعزعة استقرار المنطقة.
العقوبات
أكدت كاجان أنه يجب فرض عقوبات على العناصر المدعومة من الحرس الثوري الإسلامي داخل العراق، حيث من شأن ذلك أن يساعد على منع الوكلاء الإيرانيين من السيطرة على الحكومة العراقية. وشددت كاجان، على أن توقيت فرض العقوبات يجب أن يتم بالتنسيق الدقيق مع الدبلوماسيين الأمريكيين، مضيفة أنه “على أية حال، لن يقر الكونغرس بفرض عقوبات على هذه المجموعات أو غيرها من الأفراد في العراق”. وأردفت كاجان، أن “التهديد بفرض العقوبات، إما على نطاق واسع أو التي تستهدف مجالات معينة بدرجة كبيرة، يعد أقوى سلاح غير عسكري يمتلكه الدبلوماسيون الأمريكيون في المنطقة. لذلك، يجب أن يتحلوا بالشجاعة لاختيار الوقت المناسب لتفعيل هذه الأداة وتحديد طريقة ذلك”.
ساند بهنام بين تابللو، وهو زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي خلية تفكير مقرها واشنطن، رأي كاجان، مؤكدا للمشرعين أن العقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني أثبتت فعاليتها في الماضي وأنه ينبغي استخدامها ضد الوكلاء المنتخبين الإيرانيين في العراق. وفي هذا الصدد، قال تابللو: “استخدم ثلاثة رؤساء أمريكيين سياسة التشهير من قبل لتعطيل شبكات الدعم المالي للحرس الثوري الإيراني، وذلك من خلال فضح وكلائها والشركات التابعة لها، وتشويه سمعتهم علنا. لقد حان الوقت الآن لتبني هذا النهج في العراق”. وأضاف تابللو، قائلا: “إنني أوصي بأن تستخدم سلطات مكافحة الإرهاب سياسة التشهير مع الوكلاء الإيرانيين المنتخبين في العراق الذين تجمعهم علاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني”.
إجماع عراقي متنامي
قال مايكل بيرجنت إن هناك إجماعا متناميا بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة في العراق على وجوب مواجهة النفوذ الإيراني داخل بلادهم، وهو الآن الوقت المثالي لفرض عقوبات ضد العناصر المدعومة من إيران. وفي هذا الشأن، أورد بيرجنت، أن “جميع العراقيين، السنة والشيعة والأكراد، يقولون إنه من الضروري أن تغادر إيران العراق. لقد تجاهلنا دعوة السنّة، ونداءات الأكراد، لكن لا يمكننا تجاهل مثل هذا الأمر عندما يندد به 60 بالمائة من سكان العراق الشيعة. في الواقع، لقد حان الوقت لاستخدام آليات الرفع المالي وقدرات الخزانة الأمريكية لمساعدة العراقيين على الحد من نفوذ إيران”.
في المقابل، أقرت باربرا ليف بأنه يجب توخي الحذر عند فرض أي عقوبات لعدم السماح لإيران باستغلالها. وفي هذا الإطار، أوردت ليف أن “العقوبات أداة يجب توظيفها مع التركيز على التوقيت والتسلسل المناسب حتى تكون لها الآثار العميقة المرجوة وتقليل قدرة طهران على استغلال رد الفعل العراقي المحلي”.
المصدر: إذاعة صوت أمريكا