ترجمة حفصة جودة
حذر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد العالمي يواجه خطر التعرض لانهيار مالي آخر، بعد فشل الحكومات والأجهزة التنظيمية في الدفع بالإصلاحات اللازمة لحماية النظام من أي سلوك متهور، فقد وصل الدين العالمي لمستويات أعلى من تلك التي وصل إليها في الأزمة الأخيرة عام 2008، وما زال الخطر مستمرًا لأن الأجزاء غير المنظمة من النظام المالي قد تثير حالة من الذعر العالمي.
وقال صندوق النقد الدولي في تقرير صادر عنه إن هناك خطوات كثيرة قد تمت لدعم احتياطي البنوك في الـ10 سنوات الأخيرة، وللقيام برقابة أكثر صرامة على القطاع المالي، لكن الخطر يميل للارتفاع في الأوقات الجيدة مثل تلك الفترة الحاليّة التي تنخفض فيها أسعار الفائدة وتتراجع، وهذا الخطر قد ينتقل دائمًا لمناطق جديدة، وأضاف: “يجب على المراقبين أن يكونوا يقظين تجاه تلك الأحداث التي لم تنكشف بعد”.
حيث تعتبر هذه الزيادة الكبيرة في الاقتراض من البنوك المسماة ببنوك الظل في الصين، والفشل في فرض قيود صارمة على شركات التأمين ومديري الأصول الذين يديرون تريليونات من الدولارات مثيرة لقلق صندوق النقد الدولي. كما أن نمو بنوك عالمية مثل “جي بي مورجان” والبنك الاقتصادي التجاري الصيني على نحو يتجاوز نموهم عام 2008، يتسبب في مخاوف أن يكون فشلهم كبيرًا للغاية.
وصل الدين العالمي لمستويات أعلى من تلك التي وصل إليها في الأزمة الأخيرة عام 2008
إلى ذلك، يعكس تقرير الاستقرار المالي العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي مخاوف مماثلة من أن الرضا بين المنظمين وردود الفعل العنيفة ضد الاتفاقات الدولية خاصة من إدارة ترامب يؤدي إلى تقويض جهود الاستعداد لانهيار آخر.
وكان رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق جوردون براون قد قال الشهر الماضي إن الاقتصاد العالمي يسير نحو أزمة مستقبلية، والمخاطر لم يتم معالجتها حتى الآن لأن العالم يسير بلا قيادة.
في حين قالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد هذا الأسبوع قبل الاجتماع السنوي للصندوق (المقرر عقده الأسبوع القادم في جزيرة بالي بإندونيسيا) إنها قلقة بشأن ارتفاع الدين العالمي في القطاع العام والخاص، حيث ارتفع بنسبة 60% خلال عقد واحد منذ الأزمة المالية السابقة ليصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق بمبلغ 182 تريليون دولار.
وأضافت أن عمليات الإنشاء جعلت حكومات وشركات الدول النامية أكثر عرضة لارتفاع سعر الفائدة الأمريكي الذي قد يتسبب في هروب الأموال وزعزعة استقرار تلك البلاد، ويجب أن يكون ذلك بمثابة جرس إنذار للجميع.
“الاقتصاد العالمي يسير نحو أزمة مستقبلية” جوردون براون
تقرير الاستقرار قال أيضًا إن تطور منصات التجارة الرقمية والعملات الرقمية مثل البتكوين جنبًا إلى جنب مع شركات التقنية المالية الأخرى أصبح سريعًا، ورغم فوائده المحتملة فإن معرفتنا بمخاطره المحتملة وكيف ستحدث ما زال مستمرًا، فزيادة مخاطر الأمن السيبراني تفرض تحديات على المؤسسات المالية والبنية التحتية المالية والمراقبين، هذه التطورات يجب أن تذكرنا بأن النظام المالي يتطور باستمرار ويجب على المنظمين والمراقبين أن يكونوا يقظين لهذا التطور ومستعدين للعمل واتخاذ موقف إذا لزم الأمر.
وفي تحليل منفصل كجزء من التوقعات الاقتصادية السنوية لصندوق النقد الدولي، حذر الصندوق من أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات عظيمة لمنع حدوث كساد اقتصادي آخر، وقال التحليل إن الارتفاع الضخم في الاقتراض من جانب الشركات والحكومات بمستوى فائدة منخفض لم يظهر في أبحاث وتطويرات عالية المستوى أو المزيد من الاستثمار العام في البنية التحتية.
هذا الاتجاه منذ انهيار بنك “ليمان براذرز” الذي أثار الأزمة المالية العالمية، أدى إلى الحد من النمو المحتمل لجميع البلاد وليس فقط تلك التي عانت بشكل كبير في أعقاب ذلك الانهيار، كما أنها تركت الاقتصاد العالمي في موقف ضعيف خاصة بعد دخوله في فترة قد يكون الانهيار والسقوط فيها ممكنًا.
الاقتصاد العالمي يواجه تحديات عظيمة لمنع حدوث كساد اقتصادي آخر
صندوق النقد الدولي قال إن سلسلة ردود الفعل والاستجابات السياسية التي أعقبت إفلاس بنك ليمان أدت إلى اقتصاد عالٍ يصل فيه متوسط نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي للحكومات 52% بعد أن كان 36% قبل الأزمة، كما أن الميزانية العمومية للبنك المركزي خاصة في الاقتصادات المتقدمة تضاعفت عدة مرات عما كانت عليه قبل الأزمة.
أما الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية فهي الآن تشكل 60% من إجمالي الناتج المحلي العالمي عند تعادل القوة الشرائية، الذي كانت نسبته 44% في العقد الذي يسبق الأزمة، مما يعكس جزئيًا انتعاش ضعيف في الاقتصادات المتقدمة.
ومثل العديد من المؤسسات حذر صندوق النقد الدولي من أن ارتفاع مستويات عدم المساواة له تأثير سلبي على الاستثمار والإنتاج، لأن المجموعات الأكثر ثراءً تخزن الأموال بدلًا من إعادة استثمارها في أجزاء منتجة من الاقتصاد، ودون أي ارتفاع في الاستثمار فإن الاقتصاد سيظل عرضة لضغوط مالية.
المصدر: الغارديان