هناك الكثير من تنبؤات المستقبل التي يعلن عنها بين الحين والآخر, ولكن بالمجمل فإن معظمها يخطئ أكثر مما يصيب. على سبيل المثال, قام المحرر العلمي في مجلة (لايف) قبل 50 عام بنشر تنبؤ مفاده أنه بعد 50 سنة لن يعود لدينا ولادات طبيعية, وذلك لأنه سيتم الاستعاضة عن ذلك باختراع مصمم لوضع البويضات الملقحة في أرحام صناعية تتولى أمر الاعتناء بالأطفال، وحتى الآن لم يتحقق هذا التنبؤ، ولكن من جهة أخرى افترض المحرر ذاته أننا سنكون قادرين على زراعة أعضاء بشرية كاملة اعتماداً على نسيج الخلايا في المختبر، و فعلاً يتفق معظم الشعب الأميركي اليوم أن هذا الافتراض حتمي الوقوع. حيث أن 81% من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أنه سيتم إنتاج هذه الأعضاء في أطباق بيتري بحلول عام 2064, ( أطباق بيتري هي أوعية زجاجية مسطحة يتم استخدامها في المختبرات).
تبعاً لدراسة حديثة قام بها مركز البحوث العلمية (بيو) طُرح من خلالها على الأميركيين أسئلة تتعلق بتوقعاتهم للعلم خلال الخمسين سنة القادمة، تبين أن الذين أجابوا على هذا الأستطلاع, لم يكونوا جميعهم بنفس درجة التفاؤل, فعلى الرغم من اتفاق الجميع على أن الطب سيشهد تطوراً عظيماً في المستقبل, إلا أنهم لم يكن لديهم ذات التفاؤل بالنسبة لعلم الفضاء, فالثلث فقط يعتقدون بأننا سنغزو ونحتل كوكب آخر بحلول عام 2064.
بالإضافة إلى ما سبق إليكم تسعة توقعات أخرى أدلى بها الأمريكيون ضمن هذا الاستطلاع:
الكمبيوترات ستكون قادرة على صنع فنون لا يمكن تميزها عمّا ينتجه البشر: حوالي نصف الذين شاركوا بالاستطلاع اعتقدوا بأنه خلال خمسين سنة ستتمكن أجهزة الكومبيوتر من امتلاك طاقة إبداعية تمكنها من تأليف سمفونيات بديعة, أو كتابة روايات عظيمة, أي بمعنى أخر ستقوم الكمبيوترات بتحدي فكرة أن الابداع هو ما يصنع إنسانيتنا.
لن يستطيع العلماء التوصل لتقنية نقل الاشياء لحظياً: معظم الذين شملهم الاستطلاع لا يثقون بقدرة العلم للوصول إلى آلية لنقل الأشياء عبر الأثير بشكل فوري, بالرغم من أن 40% من المشمولين بالاستطلاع أبدوا قناعتهم بإمكانية تطوير هذه التقنية خلال الخمسين سنة القادمة.
لن يكون لدينا التقنية للتحكم بالطقس: يقول أكثر من 80% من الذين شملتهم الدراسة أنه بعد خمسين سنة ستبقى زمام هذه الأمور في يد الطبيعة الأم.
توصل العلماء لتقنية لزرع دماغ متطور للإنسان لن يكون ذا أهمية: حوالي الثلثين ممن شملتهم الدراسة لم تثر اهتمامهم فكرة زرع دماغ للإنسان قد يحسّن من قوة الذاكرة أو يجعل الشخص أكثر ذكاءً.
التوصل لاختراع لحوم مسبقة الصنع في المختبرات لن يكون ذا أهمية: كما في الخيار السابق، فإن توصل العلماء لاختراع لحوم في المختبرات لم يكن أيضاً في قائمة اهتمام 80% من المشاركين.
تعديل بنية الأطفال لن يكون أمراً مستحباً: تبعاً لأكثر من ثلثي المتطوعين, لا يجب الإقدام على التلاعب بالحمض النووي للأطفال لجعلهم أكثر ذكاءً أو أكثر صحة, حتى لو استطاع العلماء التوصل لهذه التقنية.
جعل الروبوتات مسؤولة عن الأمور الطبية يمكن أن يفسد الطب: معظم الذين شاركوا بالاستطلاع لا يحبذون تدخل الروبوتات بالأمور الطبية, حيث أن 65% يعتقدون بأن جعل الروبوتات تقوم بأعمال البشر من دون مرجعية, سيجعلها تتجه نحو الأسوء ، خاصة بالأمور المتعلقة بالعناية الطبية.
نظارات جوجل ستجعل الحياة أسوء: نصف الذين شاركوا تقريباً يعتقدون أن هذا الاختراع سيكون تغييراً للأسوء, و قد أبدت معظم النساء-بشكل خاص- قلقهم حيال ارتداء الناس لأجهزة أو معدات تعطيهم معلومات مستمرة عن أي شيء يحيط بهم.
السماء المملوءة بالطائرات بدون طيار ستجعل الحياة سيئة : ما ينطبق الأمر على نظارات جوجل ينطبق على الطائرات بدون طيار المستقبلية, سواء كانت تجارية أو خاصة, حيث يجد ثلثي الذين تم سؤالهم أن هذا التغيير يعد أيضاً تغيير نحو الأسوء.
بالنتيجة وبعد استجلاء نتائج الاستطلاع، نجد أن النظرة العامة تجاه التطور التكنولوجي على المدى البعيد تعتبر متفائلة بالمجمل, حيث أن معظم المستطلعين أبدوا تخوفاً من بعض التقنيات الحديثة فقط, و غالباً ما تكون التقنيات التي يتخوفون منها هي التي تبدو فعلاً أقرب إلى الواقع، خاتمة القول بأن التنبؤ للمستقبل يعبّر عن النظرة للحاضر أكثر مما يعبر عن مجرد تنبؤات للمستقبل.
المقالة الأصلية نشرت اول مرة في موقع نقطة