ترجمة وتحرير: نون بوست
اندلعت موجة غضب عارمة بين صفوف أولئك الذين ينتقدون كلا من العلاقة الحميمة التي تجمع بين حكومة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وولي العهد محمد بن سلمان، بعدما أكدت مصادر تركية تعرض جمال خاشقجي، المعارض السياسي السعودي والصحفي في صحيفة واشنطن بوست الذي يعيش في المنفى الاختياري خارج بلاده، للتعذيب والقتل من قبل فريق مختص في جرائم القتل التابع للحكومة السعودية، بينما كان داخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول خلال الأسبوع الماضي.
في الأثناء، قال أحد المسؤولين الأتراك في حديث له مع وكالة الأنباء رويترز يوم السبت الماضي: “تشير التحقيقات الأولية للشرطة التركية إلى أن خاشقجي قد قتل داخل أروقة قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول. ونحن نعتقد أن القتل كان متعمدًا وأنه تم بعد ذلك نقل جثمانه خارج القنصلية”. وذكرت وكالة الأنباء أن “الكاتب السعودي دخل القنصلية يوم الثلاثاء الماضي بغية تأمين وثائق خاصة بزواجه، في الوقت الذي كانت خطيبته تنتظره في الخارج”. وأضافت رويترز أن “خطيبته أكدت أنه لم يغادر القنصلية بعد دخولها ولم تره أو تسمع عنه أي خبر منذ ذلك الحين”.
كتب جون شوارتز في تغريدة له على موقع التويتر: “يظهر في هذه الصورة جيف بيزوس، مالك صحيفة واشنطن بوست، وهو يتحدث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يبدو أن حكومته قتلت للتو كاتباً في صحيفة واشنطن بوست، في شهر آذار/مارس الماضي”.
نقلاً عن شخصين مطّلعين على مجريات التحقيق الذي يقوم به الجانب التركي، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن “فريق سعوديا مؤلفا من 15 عضوًا تم إرساله خصيصًا لقتل خاشقجي”. وأكدت الصحيفة أنه “تم مسبقا التخطيط للقيام بالأمر”. وفي هذا الصدد، أضافت صحيفة واشنطن بوست: “ستكون عملية قتل خاشقجي، في حال تم تأكيدها، بمثابة تصعيد علنيّ لجهود المملكة العربية السعودية الرامية لإسكات المعارضة. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات السعودية، بتوجيه من ولي العهد، اعتقلت المئات من الأشخاص، بما فيهم رجال الدين والمديرين التنفيذيين لأبرز الشركات المحلية وحتى المدافعين عن حقوق المرأة، بتعلة حماية الأمن الوطني”.
في هذا السياق، أفاد رئيس تحرير صفحات الرأي في صحيفة واشنطن بوست، فريد هيات، في بيان له: “في حال كانت التقارير التي تشير إلى مقتل خاشقجي صحيحة، فيمكن اعتبار مقتله على أنه تصرف مبهم من قبل المملكة، خاصة وأن خاشقجي لطالما كان صحفيًا ملتزمًا وشجاعًا، يكتب من شدة حبه لبلاده وإيمانه العميق بكرامة الإنسان وحريته. كما أنه يعتبر شخصا محترما في بلده ونحن فخورون للغاية بنشر كتاباته”.
في السنوات الأخيرة، وبعد أن عزز نفوذه داخل المملكة، لم تكن لمحمد بن سلمان القوة لشن حرب مدمرة ضد اليمن فحسب، بل تحرك أيضا لسحق المعارضة في بلد
أشار محللون إلى أن خاشقجي ربما يشكل خطرا بشكل خاص على قيادة المملكة السعودية، بسبب انتقاداته الواسعة للعائلة المالكة في السعودية التي لطالما وجهها من منفاه الاختياري في الولايات المتحدة الأمريكية. لم تصدق ميدي بنجامين، ناشطة السلام الأمريكية والخبيرة في السجل السعودي لحقوق الإنسان الخبر قائلة: “إذا كانت حادثة القتل صحيحة، سيبقى الأمر حدثا لا يمكن تصديقه، على الرغم من أن ذلك لا يعد مستبعدا نظرا لسجلات محمد بن سلمان وتصرفاته خلال السنوات الأخيرة”.
كما أوضحت بنجامين قائلة: “تفسر هذه القضية الطبيعة المروعة للنظام السعودي، كما أن بصمات ولي العهد موجودة في كل مكان من مسرح الجريمة. فمحمد بن سلمان الذي تم تكريمه على أنه إصلاحي شاب عند زيارته للولايات المتحدة، هو نفسه الذي قصف الأطفال في اليمن”.
وأضافت بنجامين: “يسجن بن سلمان ناشطات في مجال حقوق الإنسان، ومن ثم يعلن نفسه محررا للمرأة. علاوة على ذلك، يسجن ولي العهد ويهدد خصومه داخل البلاد في حملة لمكافحة الفساد، ويقوم بخطف رئيس الحكومة اللبنانية، ويخلق أزمة في الخليج من خلال إعلان هجومه على قطر. أما في الوقت الراهن، فهو متهم بقتل صحفي يعيش في الولايات المتحدة، داخل الأراضي التركية، كان يوجه له الانتقادات”.
في شأن ذي صلة، ختمت بنجامين كلامها قائلة: “لقد خرج محمد بن سلمان عن السيطرة ومن الأفضل أن تكون هذه هي اللحظة التي طال انتظارها حتى تعيد الولايات المتحدة تقييم علاقتها مع هذا النظام الإجرامي بشكل كامل”. ولم تكن بنجامين الشخص الوحيد الذي جادل بأن جريمة القتل هذه يجب أن تفرض تسوية فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية السعودية. وفي هذا الإطار، رد السيناتور كريس ميرفي (من مقاطعة كونيتيكت) على ذلك، قائلا: “إذا كان الأمر صحيحا، وفي حال استدرج السعوديون حقا مقيما أمريكيا إلى قنصليتهم وقتلوه، فيجب حينها تغيير علاقتنا مع المملكة العربية السعودية تغييرا جوهريا”.
من جهتها، أفادت رئيسة قسم أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية لين معلوف: “إذا ما ثبُت هذا الأمر، ستصل الأمور إلى مستوى متدني وسيء للغاية”. وأضافت معلوف قائلة: “يعتبر مثل هذا الاغتيال داخل القنصلية، التي تعد منطقة خاضعة لسلطة المملكة العربية السعودية، بمثابة إعدام خارج إطار القانون. وتثير هذه الحالة صدمة بين صفوف المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية والمعارضين في كل مكان، ما يؤدي إلى دحض فكرة وجود ملاذ آمن خارج البلاد”.
https://twitter.com/shane_bauer/status/1048691038800334848
شون باور: بالنسبة للأشخاص الذين لم يقتنعوا بقسوة محمد بن سلمان بعد إعدام وتعذيب المعارضين السياسيين وسجن ناشطات في مجال حقوق المرأة، بالإضافة إلى شن حرب على اليمن، إليكم دليلا آخر مروع.
فضلا عن ذلك، صرح جيسون رضائيان، الكاتب في قسم الآراء العالمية في صحيفة واشنطن بوست قائلا: “أنا في حالة صدمة وغاضب من هذا الخبر الذي يفيد بأن السلطات التركية تعتقد أن زميلي جمال خاشقجي قد قتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول”. والجدير بالذكر أن خاشقجي كان صحفي مساهما في صحيفة “واشنطن بوست” منذ سنة 2017، كما كان منتقدا صريحا للحكومة السعودية وللعائلة المالكة.
https://twitter.com/JacksonDiehl/status/1048883989287714817
جاكسون ديل: فيما يلي بعض التعليقات القوية التي نشرها جمال خاشقجي في صحيفة واشنطن بوست خلال السنة الماضية. لقد كان خاشقجي يدعو إلى منح المزيد من الحرية في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك للنساء. هل تعد هذه جريمة كبيرة؟
منذ أيام، بعد ذهاب خاشقجي إلى القنصلية التي لم يخرج منها أبدا، بدأ الحلفاء في تركيا في التجمع خارج المبنى مطالبين بالإفراج عنه ظنا منهم أنه كان معتقلا. وفي خضم تلك المطالب، أخبر محمد بن سلمان وكالة الأنباء بلومبرغ، أن خاشقجي غادر القنصلية بعد وقت قصير من وصوله. لكن ولي العهد والحكومة السعودية لم يقدموا أي دليل لإثبات صحة ادعاءاتهم.
في السنوات الأخيرة، وبعد أن عزز نفوذه داخل المملكة، لم تكن لمحمد بن سلمان القوة لشن حرب مدمرة ضد اليمن فحسب، بل تحرك أيضا لسحق المعارضة في بلده، في نفس الوقت الذي قدم فيه نفسه للحكومات الغربية، خاصة الولايات المتحدة، كمصلح للحكومة السعودية الفاسدة المسيئة والمعادية للديمقراطية.
في هذا السياق، وتحديدا في شهر آذار/ مارس من هذه السنة، ووفقا لما أفاد به موقع كومن دريمز في ذلك الوقت، سافر ولي العهد إلى الولايات المتحدة من أجل القيام بجولة لتلميع صورته، حيث التقى “مجرم الحرب المقبول اجتماعيا” بالنخب السياسية والطبقات الثرية بالإضافة إلى مشاهير هوليوود. وقد عمل بن سلمان جاهدا لتلميع صورته وإبراز نفسه للطبقة الحاكمة الأمريكية.
من جانبه، عبّر جون شوارتز من موقع الإنترسبت خلال مجموعة من التغريدات عن جريمة القتل المحتملة لجمال خاشقجي، التي من المرجح أن يكون محمد بن سلمان قد أمر بتنفيذها. وقد اعتبر شوارتز أن هذه الجريمة تسلط الضوء على نتائج الفساد والعنف والدهاء وراء المساعدة والدعم المقدم للسعوديين من قبل الحكومة الأمريكية والبعض من مسؤوليها الأكثر نفوذا.
https://twitter.com/schwarz/status/1048696217620946944
جون شوارتز: إليكم قصة قصيرة مكونة من أربعة أجزاء حول كيفية سير العالم على أرض الواقع
https://twitter.com/schwarz/status/1048697745849180160
جون شوارتز: جيف بيزوس، مالك صحيفة “واشنطن بوست”، يلتقي، في شهر آذار/مارس، بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يبدو أن حكومته قد قتلت للتو كاتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست.
https://twitter.com/schwarz/status/1048711777196892161
جون شوارتز: جاريد كوشنر مع شريكه وصديقه العزيز، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. قد لا يكون الأمر مفاجئا عندما يكن الصحفيون مشاعر سلبية تجاه حركة سياسية عالمية تقوم بقتل الصحفيين.
علاوة على ذلك صرحت معلوف قائلة: “يجب أن ينتهي صمت المجتمع الدولي إزاء حملة القمع التي تشنها المملكة العربية السعودية على حرية التعبير. كما يجب مطالبة السلطات في المملكة العربية السعودية بتقديم فسير فوري بشأن مصير جمال خاشقجي أو مكان وجوده”. وأضافت معلوف قائلة:” إذا كانت التقارير صحيحة، يجب عليهم إجراء تحقيق مستقل على الفور للكشف عن المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة، فمهما بلغت قوتهم أو مهما بلغت درجة ارتقائهم في سلم المناصب، ينبغي عليهم أن يمثلوا أمام العدالة”.
المصدر: كومن دريمز