عندما نبحث عن نماذج ناجحة من النساء، أو شخصيات ملهمة ومؤثرة عالميًّا فإننا نتجه غالبًا إلى القراءة عن النساء في العالم الغربي، فالكثير منا لا يعتقد أن المرأة في الشرق الأوسط تستطيع أن تكون نموذجًا ملهمًا. على الرغم من وجود عدد ضحم من العربيات يعملن ككاتبات وفنانات وسيدات أعمال وعالمات أيضًا.
لا تختلف المرأة العربية عن بقية الإناث الأكثر إلهامًا في العالم، فمن قطاع صناعة الأفلام إلى قطاع الطيران هناك العديد من النماذج العربية التي ينبغي على الجميع أن يعرفوا أكثر عنهن، وعن تجاربهن المذهلة عبر العصور.
1- عزيزة أمير (أول صانعة أفلام مصرية):
واحدة من أشهر نساء العالم في مجال السينما، وأول من أسس صناعة السينما المصرية. أنتجت أول فيلم مصري صامت، ودفعها مرضها إلى شراء آلة عرض سينمائي وكاميرا لشغل وقت رحلتها مع مرضها. وهذا ما أوحى إليها بالعمل في السينما. فأنتجت فيلم “نداء الرب”.. أول الأفلام المصرية.
إنها “مفيدة محمد” الشهيرة بـ”عزيزة أمير” ابنة شاطئ دمياط، المرأة التي فعلت ما لم يستطع فعله الرجال رغم كونها أمية!
لم تحصل مفيدة على أي شهادة دراسية، لكن هذا لم يمنعها من تثقيف ذاتها. ذهبت مفيدة إلى أوروبا وهُناك تعلمت اللغة الفرنسية، وجذبتها أضواء الفن الفرنسي، وكانت فرنسا آنذاك الأولى في العالم في صناعة السينما، فتشربت التجربة الفرنسية، وعادت لتُطبقها في مصر.
الرحلة الفنية:
بدأت عزيزة رحلتها الفنية على خشبة المسرح عام 1925 عن طريق انضمامها لفرقة “رمسيس” لتقف للمرة الأولى أمام “يوسف بك وهبي” عميد المسرح العربي، حاصلة على دورها الأول في مسرحية “الجاه المزيف”.
كانت قد أرسلت صورتها لـ”يوسف وهبي” طابلة من أن تقوم ببطولة إحدى مسرحياته، وقد أعجبه شجاعتها؛ فعرض عليها دور العروس الخجول في مسرحيته “الجاه المزيف”.
أنشأت عزيزة أمير ستوديو هليوبوليس عام 1928، وصورت فيه فلمها “بنت النيل”
تنقلت بعد ذلك عزيزة بين عدد من الفرق المسرحية مثل “فرقة نجيب الريحاني” و فرقة “عكاشة”، ثم تفرغت تمامًا للسينما.
التجربة السينمائية:
أنشأت عزيزة أمير ستوديو هليوبوليس عام 1928، وصورت فيه فلمها “بنت النيل”. فقد كانت “عزيزة أمير” من أوائل الفنانين الحريصين على إنشاء ستدويوهات للتصوير السينمائي. ولم تكتفِ “عزيزة” بالتمثيل في المسرح والسينما والإنتاج، ولكنها شاركت في صناعة الأفلام ذاتها؛ فكانت أول امرأة في العالم تُخْرِج فيلمًا وهو “ليلى”.
حيث أخرجته بالاشتراك مع الفنان “ستيفان روستي”، وكذلك أخرجت فيلم “كفري عن خطئيتك”.
لم تُغنها تلك التجارب الناجحة عن الطمع في المزيد من النجاح؛ فمنْتَجَت أحد الأفلام، وكتبت سيناريو وحوار لثمانية عشر فيلمًا من بينهم “فتاة من فلسطين”، وهو فيلم من أوائل الأفلام التي اهتمت بتناول القضية الفلسطينية، وتسليط الضوء عليها.
قد نعتقد أنها اكتفت بكل هذا لكنها لم تكن لتتوقف حتى أسست شركة “إيزيس فيلم”، وأنتجت من خلالها عددًا كبيرًا من الأفلام، لم يكن النجاح فقط هو رفيق درب “عزيزة أمير” بل كان للإخفاق والفشل نصيبًا كبيرًا من حياتها، ورغم ذلك لم تترك طريقها أو تتنازل عن حلمها.
2- أميرة الطويل (سيدة أعمال سعودية):
“التعليم هو التنوير. الناس يحكمون على الآخرين عندما يكونوا جهلاء “.-أميرة الطويل.
النموذج العصري للمرأة السعودية، المرأة التي ما تزال تُبهر الجميع بإنسانياتها وأناقتها وجاذبيتها.
إنها واحدة من أكثر الداعمين والمهتمين بحقوق الإنسان حول العالم، كما أنها تدعم مجموعة من المؤسسات الخيرية في المملكة العربية السعودية والعالم أيضًا. كما أنها مشهورة بجراءتها، وتعبيرها عن رأيها بحرية، وبدون خوف.
أنشأت مبادرتين أميرة الطويل لدعم القيادات الشبابية والمتطوعين في مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، وأصبحت عضوًا في مجلس أمناء منظمة “صلتك” التي تعمل على خلق فرص عمل للشباب ودعم الاقتصاد
ما يعرفه معظم الأشخاص عن “أميرة الطويل” هو كونها الزوجة السابقة للـ”وليد بن طلال”، كذلك تشغل منصب “نائب رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية”، لكنهم يجهلون بكونها من أولى المدافعات عن قضايا المرأة السعودية والشباب. والتي رُغم جهادها في سبيلها إلا أنها لا تُعطي جميع إنجازاتها حقها؛ فهي تسعى لتمكين المرأة السعودية، والمرأة بشكل عام، ودعم الشباب، وخلق فرص عمل لهم.
وقد أنشأت مبادرتين لدعم القيادات الشبابية والمتطوعين في مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، وأصبحت عضوًا في مجلس أمناء منظمة “صلتك” التي تعمل على خلق فرص عمل للشباب ودعم الاقتصاد.
كما أنها زارد عددًا من الدول النامية، وتبرعت بالكثير من الأموال في سبيل إغاثة الأطفال حول العالم.
3- نادين لبكي (مخرجة لبنانية):
“أود أن أستمر في الحديث عن شعبي وبلدي بطريقتي الخاصة”.-نادين لبكي.
هل صادفت اسمها في فيديو كليب “ماجدة الرومي”؟ أو “نانسي عجرم”؟ رُبما “كارول سماحة”؟.. نعم؛ إنها هي “نادين لبكي” مخرجة الفيديو كليبات الشهيرة، لكنها أيضًا الممثلة والكاتبة ومُخرجة الأفلام الرائعة، والفائزة بعدد كبير من الجوائز.
مثلت “نادين” لأول مرة في فيلم “البوسطة” عام 2006. واستطاعت من خلاله أن تضع بصمتها في عالم التمثيل، وفي عام 2007 كتبت فيلمها “سكر بنات”، الذي يُعد أول أفلامها الطويلة، كما لعبت فيه دور البطولة.
إذا كنت تعرف عن “نادين لبكي” أنها مجرد مخرجة أغنيات عاطفية؛ فعليك بالبحث عن أفلامها، ومشاهدتها؛ لأنك ستجدها –دون شك- تجربة فريدة من نوعها
لم يتحدث الفيلم عن السياسة أو القضايا الشائكة التي تمر بها لبنان؛ بل دار الفيلم ببساطة في حبكة كوميدية من خلال خمس سيدات لبنانيات يعيشن في بيروت، يجتمعن في إحدى المرات داخل مركز تجميل ويبدأن في مناقشة القضايا المتعلقة بالمجتمع والُحب.
لاقى الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا، وحصد على جوائز هامة في عدة مهرجانات حول العالم. وتلقت “نادين” عددًا كبيرًا من الإشادات كممثلة ومخرجة. ووُضعت ضمن قائمة أفضل عشرة مخرجين في مهرجان “صندانس” السينمائي. في عام 2010 شاركت “نادين” في بطولة فيلم “رصاصة طايشة”، ولعبت دورًا ثانويًّا في الفيلم المغربي وفي العام ذاته أخرجت ولعبت دور بطولة ثاني أعمالها الدرامية وهو فيلم “هلا لوين؟” وهو يتحدث عن الفتن الطائفية، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا دوليًّا، ونال العديد من الجوائز.
إذا كنت تعرف عن “نادين لبكي” أنها مجرد مخرجة أغنيات عاطفية؛ فعليك بالبحث عن أفلامها، ومشاهدتها؛ لأنك ستجدها –دون شك- تجربة فريدة من نوعها.
4- لطيفة النادي (أول فتاة في الوطن العربي وقارة إفريقيا تحصل على إجازة في الطيران):
ثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة، عملت بجد، وتعلمت دروس الطيران في الخفاء، خشت والدها الذي رفض الفكرة، وحاربت حتى أصبحت فخرًا له.. إنها “لطيفة النادي”، أول فتاة في الوطن العربي وقارة إفريقيا تحصل على إجازة في الطيران.
ولدت لطيفة النادي في أكتوبر 1907، وكان والدها يعمل في المطبعة الأميرية، رجلًا بسيطًا يرى أن دراسة الفتيات يجب ألا تتعدى المرحلة الابتدائية، على العكس منه كانت الأم، ترى أن تعليم الفتاة شيء ضروري، لذلك ظلت تُشجع “لطيفة” حتى النهاية، مما كان له أثرًا كبيرًا على حياتها.
نشرت الصحف خبر الإجازة لـ “لطيفة”، وقد ثار والدها غضبًا بذلك، وحتى تُرضيه، أخذته معها في الطائرة، وحلقت به فوق أهرامات الجيزة عدة مرات، وعندما رأى جرائتها ما لبث أن أصبح من أكبر مشجعيها
رفض والد “لطيفة” فكرة تعلمها الطيران، ولم تكن تملك أي نقود، لكنها تمسكت بحلمها، وبحثت عن البدائل؛ فلجأت إلى “كمال علوي” مدير عام شركة “مصر للطيران”، فطلب منها أن تعمل في مدرسة الطيران، وبمرتبها تستطيع تسديد ثمن دروس تعلم الطيران، وقد انتهزت لطيفة الفرصة، وعملت سكرتيرة بمدرسة الطيران، وواظبت على حضور دروس تعلم الطيران مرتنين أسبوعيًّا دون علم والدها.
تلك الصعوبات التي واجهت “لطيفة” أتت بفائدتها في النهاية؛ فقد حصلت على إجازة الطيران عام 1933، وكانت أول فتاة مصرية عربية إفريقية تحصل على هذه الإجازة. وتحولت من تلك الفتاة الحالمة إلى الفتاة التي حققت أحلامها.
نشرت الصحف خبر الإجازة، وقد ثار والدها غضبًا بذلك، وحتى تُرضيه، أخذته معها في الطائرة، وحلقت به فوق أهرامات الجيزة عدة مرات، وعندما رأى جرائتها ما لبث أن أصبح من أكبر مشجعيها.
والآن أخبرني.. أي النساء العربيات تعتقد أنهن الأكثر إلهاما؟