واشنطن بوست: ترامب شجّع ابن سلمان على مغامراته المتهوّرة

ترجمة حفصة جودة
قبل عامين، لم يكن يتصور أحد أن حكام المملكة العربية السعودية – الحليف المقرب من الولايات المتحدة – سيصبحون مشتبه بهم في خطف أو قتل أحد الصحفيين المعارضين الذي يعيش في واشنطون ويكتب لجريدة واشنطن بوست بانتظام، أو أنهم سيجرؤون على تنفيذ تلك العملية في تركيا، حليف الولايات المتحدة وعضو الناتو.
تتهم الحكومة التركية هذا النظام بقتل جمال خاشقجي أحد أبرز الصحفيين السعوديين في قنصلية الممكلة بإسطنبول، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعود ولي العهد محمد بن سلمان والحاكم الفعلي للمملكة، والذي أثبت أنه طموح كما أن متهور أيضًا.لكن ذلك قد يعكس أيضًا تأثير الرئيس ترامب الذي شجع ولي العهد –بشكل خاطئ- أن يؤمن بأنه حتى أكثر مغامراته فوضوية سوف تحظى بدعم الولايات المتحدة.
نأت إدارة أوباما بنفسها عن القيادة السعودية بسبب معارضتها للاتفاق النووي مع إيران، وبسبب التدخل غير الشرعي للسعودية في اليمن والذي أدى إلى مقتل آلاف المدنيين نتيجة القصف العشوائي.
لكن بعد أن تولى ترامب الإدارة اتجه نحو استعادة العلاقات، وجعل الرياض أو زيارة خارجية له وليس أوتاوا أو المكسيك، وهناك استسلم سريعًا لوعود الولاء والوعود السعودية بشراء كمية كبيرة من الأسلحة.
يعتقد ابن سلمان أن أكثر مغامراته فوضوية سوف تحظى بدعم الولايات المتحدة
وعلى عكس الرؤساء السابقين، فلم يتحدث ترامب عن قضايا حقوق الإنسان مع قادة السعودية رغم أن ولي العهد اعتقل مئات النشطاء الليبراليين وغيرهم، ومن بينهم النساء اللاتي دافعن عن حقهن في قيادة السيارة، وعندما تعرض مجموعة من رجال الأعمال وأفراد في العائلة الملكية إلى الاعتقال في أواخر 2017، فيما كان يشبه عملية ابتزاز جماعي – حيث أفُرج عن معظمهم بعد أن سلموا ممتلكاتهم للنظام – غرد ترامب على تويتر قائلًا: “لدي ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهد المملكة العربية السعودية، إنهم يعلمون ما يفعلونه تمامًا”.
عندما زار ولي العهد واشنطون في شهر مارس من العام الماضي، استقبله ترامب في البيت الأبيض ولم يتحدث أيضًا عن حقوق الإنسان، وقال ترامب: “إن العلاقات بيننا أقوى من أي وقت مضى، نحن نفهم بعضنا البعض جيدًا”، وتفاخر الرئيس ترامب بمئات المليارات من مشتريات السلاح التي وعدت بها السعودية وقال: “السعودية دولة غنية جدًا وسوف تمنح الولايات المتحدة جزءً من هذه الثروة”.
شجع ذلك ولي العهد على الاعتقاد بأنه يستطيع القيام بفعل عنيف لإسكات أحد أشهر معارضيه دون أن يضر ذلك بعلاقته مع واشنطن
بعض هذه الصفقات لم يتم حتى الآن، لكن الإدارة الأمريكية مستمرة في دعمها للقصف السعودية في اليمن بخلاف إدارة أوباما التي تراجعت عن الاستهداف والدعم بالوقود، وبعد أن تسبب قصف جوي في مقتل عشرات الأطفال في شهر أغسطس، فرض الكونغرس شروطًا على المساعدات الأمريكية وذلك بأن تصدر الإدارة الأمريكية شهادة تتعهد فيها بأن يتخذ النظام خطوات لتجنب قصف المدنيين، وبالرغم من أن الأدلة تقول عكس ذلك إلا أن الشهادة صدرت بالفعل.
هل شجع ذلك ولي العهد على الاعتقاد بأنه يستطيع القيام بفعل عنيف لإسكات أحد أشهر معارضيه دون أن يضر ذلك بعلاقته مع واشنطن؟ إذا كان ذلك فإن ردود فعل الإدارة الأمريكية لم تغير من هذا الاستنتاج، فحتى يوم الإثنين أي بعد 6 أيام من اختفاء خاشقجي، تحدث ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو، لكنهم لم ينتقدوا ما حدث أبدًا، فقط أعربوا عن قلقهم وطالبوا بفتح تحقيق في الأمر.
أما بعض أعضاء الكونغرس فقد كان لديهم الكثير ليقولوه، فمن الجمهوريين بوب كروكر وماركو روبيو وليندسي جراهام ومن الديموقراطيين تيم كاين وديانا فينستين وكريس مورفي؛ حذروا جميعًا من عواقب استهداف صحفي، وغرد مورفي على تويتر قائلا بأنه “إذا كانت ادعاءات تركيا بشأن الحادث صحيحة فيجب أن يمثل ذلك تغييرًا جوهريًا في علاقتنا مع المملكة العربية السعودية، هذا هو الرد الصحيح”.
المصدر: واشنطون بوست