مُنذ سنوات ودائرة الإحصاء الإسرائيلية تُشير إلى وجود هجرة سلبية من مدينة القدس المُحتلة، وصلت في بعض الأحيان إلى 20 ألف مغادر: النسبة الأكبر منها غادرت إلى مدينة “بيت شيمش” والبقيّة إلى تل ابيب. وهذه المعطيات حول الهجرة السلبية لا تخص القدس المحتلة فقط، بل مدن أخرى مثل حيفا التي تعاني من هذه المُعضلة كما جاء في تقرير لموقع صحيفة “يديعوت احرونوت”.
بحسب مُعطيات دائرة الاحصاء المركزية فإن القدس المُحتلة كانت أكثر المُدن التي عانت من هذه الهجرة السلبية، فقد غادرها حتى نهاية عام 2015 حوالي 18 ألف شخص في حين لم يُهاجر إليها إلا 10 آلاف شخص. حوالي 15 ألف من المُهاجرين بحسب “يديعوت” انتقلوا إلى مُدن أخرى، والبقية – حوالي 3 آلاف – انتقلوا إلى القرى.
بحسب احصائيات عام 2016 فإن 37% من سكان المدينة هُم من العرب وقد ازدادت نسبتهم خلال العقد الأخير حوالي 3%
من بين من انتقلوا إلى المدن، انتقل ألفي شخص إلى مدينة “بيت شيمش” وهي مدينة صغيرة يبلغ عدد سكانها اليوم أكثر من 100 ألف شخص، وتتميز بكونها تجمعًا ضخمًا للجماعات اليهودية الأصولية المُعروفة بـ”حريديم” بحيث أن أكثر من 50% من سكانها من الحريديم وهناك احصائيات تشير إلى أن 90% من الأطفال يزورون فيها رياض أطفال “يهودية أصولية”. كما يُعتقد أن الإشكاليات بين جماعات اليهودية الأصولية وبين الجماعات اليهودية “القومية” و”العلمانية” في داخل القدس المُحتلة هي السبب في ازدياد أعداد المُهاجرين إلى بيت شيمش.
على النقيض، هناك حوالي 1500 شخص قرروا مُغادرة القدس المحتلة إلى تل ابيب، وهي المدينة الأكثر علمانية داخل اسرائيلية، ويبدو أن لازدياد قوة وأعداد المتدينين اليهود في القُدس علاقة بالموضوع فبحسب تقرير لموقع “واللا” الإسرائيلي فإن القدس المحتلة أصحبت “مُتدينة أكثر و”خطرة أكثر”، وأشار التقرير إلى أن نسبة العلمانيين اليهود في القدس هي 21% فقط، بينما 35% هم من الأصوليين و19% يعتبرون أنفسهم متدينين و12% مُحافظين متدينيين والبقية مُحافظين فقط. ومن الجدير بالذكر أن تقرير لموقع “مكور ريشون” علل الأمر بأن اغلاق المحلات يوم السبت بشكل شبه كامل وعدم وجود أماكن ترفيه ساهم في هذه الإشكالية ويقترح نقلًا عن خُبراء أن يتم تحويل القدس المحتلة إلى مدينة جذابة اقتصاديًا ورياديّة أكثر في مجال ادارة الأعمال مثلها مثل “تل أبيب” وغيرها.
ازدياد تعداد السُكان الفلسطينيين في القدس يُشكل كابوسًا بالنسبة للحكومة الإسرائيلية وبالتالي فإن هذه الكثير من هذه الاحصائيات التي تُحذر من الهجرة من القدس المُحتلة تتطرق غالبًا إلى ازدياد العرب
رُغم كُل ما ذكر في التقارير والإحصائيات، إلا أنه وبحسب تقرير موقع “ميدا” الإسرائيلي فإن المسألة تُفهم غالبًا بشكل خاطئ، فمُخطئ من يظن أن تعداد السكن في القدس المحتلة آخذ بالتناقص، فأسعار العقارات الآخذة بالارتفاع تؤكد أن الطلب مرتفع. وبالنسبة إلى احصائيات عام 2014 مثلًا حيث غادر المدينة حوالي 7 آلاف شخص، فإن تعداد السُكان ازداد بحوالي 20 ألف وهو ازدياد بنسبة 2.4% ففي ذلك العام هاجر نحو 2500 شخص من الخارج (وليس من الداخل) إلى المدينة وكان عدد المواليد الجدد أكثر من عدد الوفيات بحوالي 24 ألف وهذه أمور لا تتطرق إليها احصائيات الهجرة الداخلية.
ختامًا، فإن ازدياد تعداد السُكان الفلسطينيين في القدس يُشكل كابوسًا بالنسبة للحكومة الإسرائيلية وبالتالي فإن هذه الكثير من هذه الاحصائيات التي تُحذر من الهجرة من القدس المُحتلة تتطرق غالبًا إلى ازدياد العرب، فبحسب احصائيات عام 2016 فإن 37% من سكان المدينة هُم من العرب وقد ازدادت نسبتهم خلال العقد الأخير حوالي 3% وذلك بفضل العدد الكبير من المواليد الجدد ونسبتهم تصل إلى 35% من مجموع المواليد الجدد.. وبالتالي لا يُستبعد إن كانت كُل هذه التقارير والتحذيرات من “هجرة العاصمة اليهودية” تهدف إلى المزيد من تهويد القدس في ظل تزايد نسبة العرب فيها.