قابلت إعلان شركة جديدة قد اُفتتحت في مصر تعمل على توصيل الخطابات الورقية، كلفتة رومانسية بين الأحبة تعيدنا لزمن البوسطجية، هل تذكر آخر مرة أرسلت فيها جوابًا ورقيًا؟ معذرة فالسؤال لبعضنا سيكون هل أرسلت في حياتك خطابًا ورقيًّا؟
نسبة كبيرة من القراء ولدوا بعد أن أصبحت الخطابات الشخصية الورقية جزءًا من الماضي، ونحن نحيا الآن في عصر تكاد تصبح فيه حتى الخطابات الرقمية أو “الإيميل” محصورة في إطار العمل، وغير ذلك فإن تواصلنا يكون عبر خدمة المحادثات السريعة مثل “فيسبوك ماسنجر” و”الواتساب”.
مع اختفاء الخطابات تختفي مهنة “البوسطجي”، كما اختفت من قبلها مهن أخرى لم نعد نراها كالشاويش مثلًا وعاملات تغيير كابلات الاتصال، فالتكنولوجيا تتحرك بسرعة رهيبة، تدخل في أدق تفاصيل حياتنا، وكل هذا لتجعل الحياة أسهل وأسرع، ولكن لا يمكننا أن نُنكر التأثير السلبي على العديد من الوظائف التقليدية.
لذلك إذا كنت تفكر في مهنة بأحد المجالات التالية، فربما عليك التفكير مرة أخرى، اليوم نتحدث عن 7 وظائف ستختفي في الـ30 عامًا القادمة:
1- “الكاشير”
في أغلب الأسواق الأمريكية حاليًّا وفي بعض الأسواق بدول الخليج أصبح هناك نظام الـ”Self checkout” حيث يمكنك معرفة سعر المنتج والمحاسبة عليه أمام شاشة الكومبيوتر، والدفع ببطاقتك الائتمانية دون الحاجة للتعامل مع بشر.
اللطيف في الأمر أن ذلك النظام المنتشر بشكل كبير في أمريكا – فنسبة الدفع الذاتي تتفوق على عمال الكاشير – سوف تختفي قريبًا هي الأخرى لصالح خدمة أمازون الجديدة، فمحلات أمازون للبقالة لا تحتاج حتى إلى ماكينة دفع ذاتي، فكل ما عليك فعله أن تختار السلعة التي ترغب بها، وبتكنولوجيا الاستشعار الحديثة تُضاف قيمتها عند خروجك لفاتورتك على أمازون، وتُخصم من بطاقتك الائتمانية.
2- أمناء المكتبات
بالطبع ستظل الكتب متوفرة في العالم، بصرف النظر عن نجاح تجربة القراءة الإلكترونية مثل “أمازون كيندل” Amazon Kindle، إلا أن الأمور لا تبدو جيدة بالنسبة لأمناء المكتبات العامة.
ففي الوقت الحاضر تناضل العديد من المكتبات العامة حول العالم للبقاء مفتوحة، وذلك بسبب تخفيض التمويل وقلة الإقدام على الاشتراك فيها، كما أن الاشتراكات السنوية تكون بمبالغ صغيرة جدًا، ناهيك عن الأشخاص الذين يستعيرون الكتب ولا يعيدونها من جديد، أو تلف تلك الكتب وتكلفة طلب كتب جديدة.
كذلك بدأت المؤسسات الأكاديمية منذ فترة طويلة في تحميل نصوصها بشكل رقمي حفاظًا عليها وعلى راحة المُطلع، بالطبع إتاحة النصوص الأدبية بشكل إلكتروني يساعد على انتشارها، لكن من المؤسف أن نرى المكتبات العامة تختفي وتختفي معها ذكريات طفولتنا.
3- عاملو البنوك
بالطبع لن تختفي البنوك تمامًا، لكن بالتأكيد العديد من الفروع المحلية سوف تُغلق، أو بدأت في الإغلاق بالفعل؛ وذلك بسبب سهولة التعامل مع الخدمات المصرفية الهاتفية وعبر الإنترنت، حيث تُمكنا من إجراء جميع المعاملات البنكية وإدارة حسابنا بشكل أسهل، وكل ذلك ونحن في منزلنا أو عملنا، أو في أي مكان دون الحاجة إلى الوقوف في الطوابير البنكية الطويلة.
سيظل الناس في حاجة إلى التشاور مع خبراء ماليين وفتح حساب بنكي وملء بعض الأوراق، كل هذا قد يتم عن طريق مندوب بنكي، ربما سيُحتم زيارة الفرع لتغيير التوقيع أو إجراء معاملة خاصة، لذلك ستبقى بعض الفروع مفتوحة، ولكن الأغلبية بالتأكيد ستُغلق أبوابها؛ لذلك إذا كنت تفكر في العمل بأحد البنوك، فعليك أن تجد وظيفة أخرى تُناسب المستقبل.
4- طباعة الجرائد
في الفترة الماضية أغلقت عدد كبير من الصحف أبوابها مُعلنة إفلاسها أو مُكتفية بموقعها الإلكتروني، لم يعد الناس يحملون جرائد الصباح، كل شيء أصبح متاحًا عبر الإنترنت، ومما لا شك فيه أنه آجلًا أم عاجلًا سوف تُغلق الصحف القومية أبوابها هي الأخرى.
فالإقبال على شراء الصحف يكاد ينحصر في بعض الجرائد الثقافية التي لا تكون مُتاحة بشكل إلكتروني، أو بسبب صدور عدد خاص مُحمل ببعض الصور أو البوسترات لنجوم نحبهم، أو بسبب وجود كوبونات مسابقات تُحتم علينا شراء ذلك العدد.
لذلك عمال الطباعة قد يكون عليهم بدء البحث عن عمل آخر، كالعمل في الطباعة الخاصة بدور النشر أو الكُتب الدراسية، ولكن حتى الكُتب بدأت تُستبدل بجهاز “تابلت”، وعدد كبير من دور النشر لا يملك مطبعته الخاصة، بل يبحث لنفسه عن مكان لطباعة كتبه فيه، إذا تجنبنا الارتفاع الجنوني لأسعار الأحبار والأوراق التي تجعل أسعار الكتب ذاتها مرتفعة للغاية، مما يجعل القارئ يشتري النسخ المضروبة من الكتاب محاولًا الحصول على سعر أفضل.
5- الحكم الرياضي
نعم.. هذا صحيح، هذه الوظيفة ستختفي آجلًا أم عاجلًا، ولن تكون خدمات الحكام مطلوبة في المستقبل، في الوقت الذي ترفض فيه “الفيفا” إدخال المزيد من التكنولوجيا في لعبة كُرة القدم، مكتفين بتقنية خط المرمى واستخدام نظام التحكيم بالفيديو (VAR) في البطولات الأوروبية الكبرى.
لكن هذه التكنولوجيا بدأت بالفعل في التطبيق على رياضات مثل التنس والكريكت والرغبي منذ فترة طويلة، وساعدت في اتخاذ القرارات الفعلية خلال المباريات.
انقسم الناس حول هذه التقنية بين مؤيد ومُعارض، فهناك من يرى أنه أمر إيجابي أن تُساعد التكنولوجيا في التقليل من نطاق الخطأ في أثناء اللعب، وآخرون يرون أن العديد من القواعد الرياضية مفتوحة التفسير واحتمال خطأ الحاكم يزيد من الإثارة عند مشاهدة المباراة!
6- الطيار
هل تخشى أن تركب طائرة تتحرك إلكترونيًّا؟ لا تقلق، فعلى الأرجح لقد فعلت هذا من قبل، فالطائرات الحديثة تحسب وتُطبق بنفسها أسهل طريقة للوصول إلى الوجهة، كما أنها تهبط تلقائيًّا، ولا يستطيع الطيَّار التدخل في عملية الهبوط في بعض خطوط الطيران الآسيوية.
ومع استمرار تطوير أنظمة الطيران، تقل الحاجة إلى وجود شخص ما يقود الطائرة، ولذلك قد خفضت بعض شركات الطيران طاقم الطيران من 3 أفراد إلى فردين فقط، ومن المرجح بحلول عام 2030 ستحتاج شركات الطيران إلى فرد واحد فقط للإشراف على قيادة الطائرة.
7- سائقو التاكسي
هل تشعر وكأن السيارات التي تعمل دون سائق مجرد خيال من أفلام جيمس بوند؟ الآن ليس عليك التفكير بهذه الطريقة، ففي عصر التكنولوجيا اقتربت شركات مثل “وايمو” Waymo – شركة القيادة الذاتية التابعة لشركة جوجل – أكثر فأكثر من إطلاق السيارات ذاتية القيادة إلى السوق، وهذا بالطبع لا يُبشر بالخير تمامًا لأولئك الذين يكسبون رزقهم عن طريق قيادة السيارات الأجرة، أو سائقي شركة “أوبر”.
لكن علينا النظر إلى نصف الكوب الممتلئ، فلم يُحدد بعد “جون كرافسيك” John Krafcik – الرئيس التنفيذي لشركة وايمو – موعدًا محددًا لإطلاق هذه السيارات، وقد صرحت بعض المصادر الصحفية بأن تكنولوجيا القيادة الذاتية لا تزال في مرحلة بدائية.
وإذا تجنبنا القلق على مصادر رزق سائقي التاكسي والحافلات، فإننا نتطلع إلى عالم جديد خالٍ من إشارات المرور المزدحمة وحوادث السيارات.
على الرغم من المستقبل القاتم أمام تلك الوظائف، فإن جميع تلك الأخبار ليست سيئة، فهناك تقرير صدر عن شركة “ديل” للتكنولوجيا يقول إن 85% من الوظائف المستقبلة التي ستكون مُتاحة بحلول عام 2030 لم تُبتكر بعد، مما يعني أنه خلال الأعوام القادمة سوف يُعاد تعريف العديد من الوظائف القائمة بدلًا من القضاء عليها تمامًا، ومن الممكن جدًا أن تتغير مهنتك الحاليّة لتُناسب سوق العمل المستقبلي.