ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: روري جونز وبنوا فوكون
انظم الرئيس التنفيذي لبنك “جي بي مورجان تشيس وشركائه”، جيمس ديمون، إلى قافلة أبرز المسؤولين التنفيذيين الذين أعلنوا تراجعهم عن حضور مؤتمر الأعمال الأول في المملكة العربية السعودية، على إثر ملابسات اختفاء الصحفي، جمال خاشقجي. وقد كان ديمون سيمثل أحد المتحدثين البارزين في المؤتمر، كما أن هناك علاقات قديمة تجمع مؤسسته بالمملكة العربية السعودية، التي يساعدها من خلال تقديم المشورة بشأن العديد من الصفقات.
في هذا الصدد، انضم دايمون إلى مجموعة من المدراء التنفيذيين والمستشارين الغرب الذين انسحبوا من مؤتمر الرياض بعد مزاعم تفيد بأن الحكومة السعودية أمرت بقتل خاشقجي. تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر لن يحضره كل من بيل فورد، الرئيس التنفيذي لشركة “فورد”، ودارا خسروشاهي، المدير التنفيذي لشركة “أوبر”، المملوكة جزئيا من قبل المملكة العربية السعودية.
يوم الجمعة، وصف متحدث باسم المؤتمر أن هذه الانسحابات مخيبة للآمال، لكنه قال إن السعوديين يصرون على عقده. ويوم الأحد، تراجعت مكانة المملكة العربية السعودية بعد أن اهتزت ثقة المستثمرين في قدرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 33 سنة، على الوفاء بتعهداته بجذب الاستثمارات الأجنبية. ويتزامن ذلك مع قضية مقتل خاشقجي، التي يمكن أن تثير غضب الشركات وتهدد بإلحاق أضرار جسيمة بالعلاقات السعودية مع الولايات المتحدة وعديد البلدان الأخرى. وقد وعد ترامب بفرض عقوبات شديدة على المملكة في حال ثبتت صحة الادعاءات المتعلقة بمقتل جمال خاشقجي.
باع المستثمرون الأجانب ما قيمته 160 مليون دولار صافي من الأسهم السعودية، وهو ما يعادل تقريبا صافي الشراء الذي شهده الأسبوع الذي سبق، وفقا للبيانات
من جهتها، أفادت الحكومة السعودية أنه لا علاقة لها باختفاء خاشقجي، كما أنها تعمل مع الحكومة التركية للتحقيق في ملابسات اختفائه. الجدير بالذكر أن المؤشر العام لسوق تداول الأسهم السعودية في الرياض قد أغلق على انخفاض بنسبة 3.5 بالمائة، وذلك بعد أن شهد انخفاضا بنسبة 7 بالمائة في وقت ما خلال الجلسة.
وفقا لبيانات البورصات في الأسبوع الماضي، ومع الاهتمام بتبعات القضية، باع المستثمرون الأجانب ما قيمته 160 مليون دولار صافي من الأسهم السعودية، وهو ما يعادل تقريبا صافي الشراء الذي شهده الأسبوع الذي سبق، وفقا للبيانات. وقبل اختفاء خاشقجي، تعطلت خطة بن سلمان الأكثر طموحا، وهي الطرح العام الأولي لشركة النفط الحكومية، أرامكو. والجدير بالذكر أن المحادثات السعودية مع عدة شركات بما في ذلك ألفابت وجوجل ووارنر برذرز، بالإضافة إلى شركة ريتشارد برانسون للطيران، لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية.
عموما، أشار مسؤولو وزارة المالية السعودية إلى أن الحكومة خلقت مجالا متكافئا للأعمال التجارية، حيث أنشأت بيئة بديلة تعتمد فيها الصفقات على الروابط السياسية والملكية. وتتوقع المملكة ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات من التدفقات النقدية الأجنبية من المستثمرين السلبيين الآن بعد أن حصل سوق الأوراق المالية على الموافقة من قبل العديد من المؤشرات. في هذا الإطار، قال متحدث باسم صندوق الثروة السيادية السعودي: “لقد كان التقدم خلال السنة الماضية إيجابيا بكل المقاييس. فقد تم الاتفاق على استثمارات جديدة في الداخل والخارج في العديد من القطاعات، بما في ذلك مجال الترفيه والتكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة المتجددة والسياحة”.
من المُؤكد أن بعض المسؤولين التنفيذيين الغرب لا زالوا مترددين بشأن اتخاذ قرار حول قطع علاقاتهم مع المملكة العربية السعودية. وينتظر البعض إشارة من وزير الخزانة الأمريكية، ستيفن منوشين، الذي لا زال حتى الآن ملتزما بحضور المؤتمر في الرياض والحفاظ على العلاقات السعودية، وذلك بحسب ما صرّح به مسؤولون أمريكيون.
وفقا لبعض الأشخاص الذين كانوا على دراية بالموضوع، كان الرئيس التنفيذي لمجموعة كريدي سويس، تيجاني تيام، يخطط حتى يوم الأحد الماضي لحضور مؤتمر الرياض للاستثمار الذي سيبدأ في 23 تشرين الأول/ أكتوبر. كما تخطط شركة “غولدمان ساكس” لإرسال اثنين من كبار مديريها التنفيذيين، وهما دينا باول وشايلا باتل، إلى جانب بعض الأشخاص المطلعين على هذه الأمور. فضلا عن ذلك، أورد مسؤول تنفيذي مصرفي غربي أن المصرفيين يخشون فقدان أعمالهم في المملكة العربية السعودية في حال لم يحضروا هذا المؤتمر.
بعد افتتاح أول قاعة سينما هذا الصيف، لم تنجح السعودية سوى في افتتاح قاعة سينما ثانية فقط، كما أن المملكة لم تنتهي من كل الاتفاقيات التي تجري مناقشتها مع شركة “أي أم سي” الأمريكية
في نيسان/ أبريل سنة 2016، أعلن الأمير محمد بن سلمان عن خطة لتحديث البلاد على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، التي أطلق عليها “رؤية 2030”. تجدر الإشارة إلى أن ولي العهد أصدر قانونا يسمح للنساء بقيادة السيارة، وفتح أبواب دور السينما للمرة الأولى منذ أكثر من 30 سنة، بالإضافة إلى شروعه في بناء مدينة جديدة مستقبلية تسمى “نيوم”، كما وعد بإعادة تطبيق الإسلام المعتدل في السعودية.
علاوة على ذلك، وعد محمد بن سلمان بتبنّي سياسات جديدة لزيادة الاستثمار الأجنبي، وتحسين ظروف القوة العاملة وخلق مناخ قانوني وتنظيمي لتنويع وتطوير اقتصاد بلاده المعتمد على النفط. مع ذلك، واجهت المملكة العربية السعودية مشكلة في عقد الصفقات التجارية التي يطمح إليها ولي العهد السعودي. وقد جاء ذلك كنتيجة لأحداث أثارت قلق رجال الأعمال، على غرار حصار قطر، واحتجاز رجال الأعمال السعوديين في فندق ريتز كارلتون، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع كندا.
السلطات التركية فقدت أثر جمال خاشقجي منذ دخوله القنصلية السعودية في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر.
في سياق متصل، أوضح رجل الأعمال البريطاني، ريتشارد برانسون، الأسبوع الماضي أنه “سيتخلى عن بعض مشاريعه المتعلقة بالسياحة السعودية بسبب اختفاء خاشقجي”. كما أنه “سيعلق المحادثات مع صندوق الثروة السيادي السعودي بشأن استثماره لمليار دولار في مشاريع شركتيْ “فيرجن أوربت” و”فيرجن غالاكتيك””.
من جهة أخرى، لم تتوصل الحكومة السعودية إلى إبرام اتفاق مع شركتيْ “غوغل” و”أمازون” لبناء مراكز البيانات، علما وأنه من شأن هذا المشروع أن يساعد في تطوير قطاع التكنولوجيا في المملكة العربية السعودية، وهو إحدى الأهداف التي يسعى بن سلمان لتحقيقها. في الوقت ذاته، لم تستجب شركتيْ غوغل وأمازون لطلب التعليق على هذا الموضوع.
بحسب أحد المصادر المُقربة من صندوق “رؤية سوفت بنك”، يُراقب بعض القائمين عليه عن كثب حادثة اختفاء خاشقجي، ليس فقط لإثبات وجود جريمة قتل، وإنما لرصد أي ردود فعل من الشركات المُساهمة في الصندوق
بعد افتتاح أول قاعة سينما هذا الصيف، لم تنجح السعودية سوى في افتتاح قاعة سينما ثانية فقط، كما أن المملكة لم تنتهي من كل الاتفاقيات التي تجري مناقشتها مع شركة “أي أم سي” الأمريكية. وخلال نيسان/ أبريل الماضي، وعدت المملكة العربية السعودية والشركة الأمريكية بإنشاء 40 مسرحا خلال السنوات الخمس المقبلة، إلا أنهما لم تتمكنا إلى حد الآن من بناء أكثر من قاعة سينما واحدة. وقد أشار شخص مطلع على مجريات المحادثات إلى أن خطة إنشاء المسارح لا زالت تسير وفقا لما تم الاتفاق عليه مسبقا.
لطالما كانت المملكة العربية السعودية أكثر نجاحا في استثمار أموالها الخاصة حول العالم، على الرغم من أن سجلها يتضمن بعض الإخفاقات. وقد عرف التزام السعودية بالاستثمار في شركة الأسهم الخاصة، مجموعة بلاكستون الأمريكية، التي أشاد بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بقيمة 20 مليار دولار، بداية بطيئة. كما رفعت الشركة من رأس مالها الأولي إلى 5 مليار دولار، الذي من المقرر أن يتأتى نصفه من صندوق الاستثمار السعودي. ولم تعلن الشركة الأمريكية عن صفقتها الأولى مع السعودية، ولم تستجب إلى طلب التعليق على هذا الموضوع.
بحسب أحد المصادر المُقربة من صندوق “رؤية سوفت بنك”، يُراقب بعض القائمين عليه عن كثب حادثة اختفاء خاشقجي، ليس فقط لإثبات وجود جريمة قتل، وإنما لرصد أي ردود فعل من الشركات المُساهمة في الصندوق. وقد قال هذا المصدر إن “السؤال المطروح الآن هو: هل ستُلغى الصفقات المرتبطة بالصندوق بسبب ارتباط المملكة العربية السعودية الوثيق به”.
المصدر: وول ستريت جورنال