ترجمة وتحرير: نون بوست
كان أحد المشتبه بهم، الذين حددتهم تركيا، في اختفاء المعارض السعودي، جمال خاشقجي، رفيقا تكررت لقاءاته مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان؛ حيث تم التعرف عليه خلال مناسبات عديدة وهو ينزل من الطائرة رفقة ولي العهد في باريس ومدريد. كما ألتقط له المصورون بعض الصور عندما رافق بن سلمان خلال زياراته التي أداها هذه السنة إلى هيوستن، وبوسطن، والأمم المتحدة.
علاوة على ذلك، يوجد ثلاثة مشتبه بهم لهم على علاقة بولي العهد، وذلك وفقا لشهادات بعض الأشخاص وسجلات أخرى خاصة بأمن الأمير السعودي. أما المشتبه به الخامس فهو طبيب شرعي يشغل مناصب رفيعة في وزارة الداخلية والمؤسسة الطبية السعودية. ونظرا لمكانته ومنصبه، لا يمكن توجيه أوامر لشخص بهذه المواصفات إلا من قبل سلطة سعودية رفيعة المستوى.
عموما، في حال كان هؤلاء الرجال، كما تدعي السلطات التركية، حاضرين في القنصلية السعودية في إسطنبول، حيث اختفى خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، فإنهم قد يكونون بمثابة الخيط الذي يربط بين ما حدث وبين ولي العهد، محمد بن سلمان. ومن شأن هذه المعطيات أن تقوّض أي احتمال يفيد بأن خاشقجي قد توفي في عملية مارقة لم يوافق عليها ولي العهد. كما يجعل ارتباط هذه الشخصيات ببن سلمان من عملية قبول البيت الأبيض والكونغرس بمثل هذا التفسير صعبة نوعا ما.
من جانبها، أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” بشكل مستقل أن تسعة على الأقل من بين 15 مشتبهاً بهم حددتهم السلطات التركية عملوا لصالح أجهزة الأمن السعودية أو الجيش أو وزارات حكومية أخرى تابعة للمملكة العربية السعودية. ومن بين هؤلاء المشتبه بهم، ماهر عبد العزيز مترب، وهو دبلوماسي عيّن في السفارة السعودية في لندن سنة 2007، وذلك وفقاً لما أكدته قائمة دبلوماسية بريطانية. فضلا عن ذلك رافق مترب ولي العهد خلال العديد من المرات، وربما كان حارسه الشخصي.
أدى الاشمئزاز الدولي من التقارير التي تفيد بأن كاتب عمود في إحدى الصحف قد تم اغتياله وتقطيع جثته- وهو خاشقجي الذي يكتب لصحيفة واشنطن بوست- إلى محو تلك الصورة التي يريد الترويج إليها
في الواقع، أصبح اللوم على اختفاء أو وفاة خاشقجي الذي يلقى على عاتق ولي العهد البالغ من العمر 33 سنة، عاملاً حاسماً بالنسبة للغرب وداخل العائلة المالكة. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن ولي العهد السعودي قد قدم نفسه على أنه ينوي إصلاح المملكة وفتح اقتصادها وثقافتها، واستخدم هذه الصورة في محاولة للتأثير على سياسة البيت الأبيض في المنطقة، ولحثّ المستثمرين الغرب على تقديم يد المساعدة لتنويع الاقتصاد السعودي.
لكن أدى الاشمئزاز الدولي من التقارير التي تفيد بأن كاتب عمود في إحدى الصحف قد تم اغتياله وتقطيع جثته- وهو خاشقجي الذي يكتب لصحيفة واشنطن بوست- إلى محو تلك الصورة التي يريد الترويج إليها. وقد كان لهذا الحدث تأثير فاق كثيرا صدى الأخطاء السابقة التي ارتكبها ولي العهد، بدءا من إغراق بلاده في حرب كارثية ووصولا إلى اختطاف رئيس الوزراء اللبناني.
السفر مع ولي العهد: كشف المسؤولون الأتراك عن إحدى صور ماهر عبد العزيز مترب في مطار إسطنبول ، وتم اعتباره عضوا من فريق من الوكلاء السعوديين الذين اغتالوا جمال خاشقجي. والجدير بالذكر أن هذا الحارس وقف بجانب ولي العهد خلال زياراته هذه السنة إلى إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وفد تحقيق سعودي يدخل القنصلية في إسطنبول يوم الاثنين قبل أن يصل المحققون الأتراك.
نفى ولي العهد ووالده الملك سلمان أي معرفة بمكان تواجد خاشقجي، مؤكدين مراراً وتكراراً أنه غادر القنصلية بكامل حريته. والجدير بالذكر أن المسؤولين السعوديين لم يقوموا بالردّ على طلب التعليق على هذه المقالة.
في المقابل، وخلال الأيام القليلة الماضية، عندما انسحبت الشركات الأمريكية الكبرى من مؤتمر استثماري في الرياض، وطالب الكثير من أعضاء الكونغرس بفرض عقوبات على الرياض، يبدو أن الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية بدأوا في البحث عن طريقة لحفظ ماء الوجه.
يمكن أن تزيد مناصب هذه الشخصيات في الحكومة السعودية وعلاقاتهم مع ولي العهد من صعوبة إعفائه من تحمل مسؤولية هذه الجريمة
كان من المتوقع أن تعترف المحكمة الملكية بأن خاشقجي قد قتل في القنصلية، وأن يلقى باللوم على مسؤولي الاستخبارات الذين ساهموا في إنهاء عملية استجواب خاشقجي بمقتله. من جانب آخر، علق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الإثنين، بأن خاشقجي يمكن أن يكون ضحية “قتلة مارقين”. لكن، ستواجه مثل هذه التفسيرات مجموعة من العواقب التي يصعب تفسيرها.
في الواقع، يمكن أن تزيد مناصب هذه الشخصيات في الحكومة السعودية وعلاقاتهم مع ولي العهد من صعوبة إعفائه من تحمل مسؤولية هذه الجريمة. كما يشير تواجد طبيب شرعي متخصص في التشريح إلى أن العملية كانت عملية قتل منذ البداية. وحيال هذا الشأن، قال المسؤولون الأتراك إنهم يملكون أدلة على أن الوكلاء السعوديين الخمسة عشر وصلوا إلى إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، وقاموا باغتيال خاشقجي، وتقطيع أوصال جسده بمنشار عظم جلبوه لهذا الغرض، وغادروا الأراضي التركية في نفس اليوم.
والجدير بالذكر، أن السجلات تظهر أن طائرتين خاصتين مستأجرتين من قبل شركة سعودية تربطهما علاقات وثيقة بولي العهد السعودي ووزارة الداخلية السعودية وصلتا إلى إسطنبول خلاليوم اختفاء خاشقجي. وقال مسؤولون أتراك إن خاشقجي قتل خلال ساعتين الأوليتين من وصوله إلى القنصلية؛ مما يفيد بأن هذا التسلسل الزمني ليسمح بترك وقت كثير للاستجواب.
يظهر شريط الفيديو الذي لا يزال موجودًا في كاميرا أمنية، الطائرة التي نقلت بعض الوكلاء السعوديين المتورطين في اختفاء خاشقجي، وفقا للسلطات الأمنية التركية.
في الأثناء، قامت صحيفة التايمز بتجميع مزيد من المعلومات حول المشتبه بهم باستخدام تقنية التعرف على الوجه، والسجلات المتاحة للجمهور، وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وقاعدة بيانات لأرقام الهواتف المحمولة السعودية. كما اعتمدت على التقارير الإخبارية السعودية، وتسريبات وثائق الحكومة السعودية، ولجأت في بعض الحالات إلى حسابات شهود العيان في المملكة العربية السعودية والدول التي زارها ولي العهد.
بشكل عام، التقطت لمترب، الدبلوماسي السابق في لندن، صورة وهو ينزل من الطائرات رفقة محمد بن سلمان في الرحلات الأخيرة التي أداها إلى مدريد وباريس. كما تم تصويره في هيوستن، وبوسطن، والأمم المتحدة خلال زيارات ولي العهد إلى هذه الوجهات.
علاوة على ذلك، قام أحد المختصين الفرنسيين الذي عمل مع العائلة المالكة السعودية بتحديد المشتبه به الثاني، وهو عبد العزيز محمد الحساوي، الذي يعد عضوا في الفريق الأمني الذي يسافر مع ولي العهد. كما أفاد صحفي سعودي بأن شخصاً يحمل نفس اسم المشتبه الثالث، ثائر غالب الحربي، تحصل على ترقية خلال السنة الماضية إلى رتبة ملازم في الحرس الملكي السعودي لشجاعته في الدفاع عن قصر ولي العهد محمد بن سلمان في جدة.
عرف الدكتور الطبيقي، الذي كان له تواجد قوي على العديد من منصات التواصل الاجتماعي، نفسه على حسابه على تويتر على أنه رئيس المجلس العلمي السعودي للأدلة الشرعيّة، وعين في مناصب رفيعة في كلية الطب الرائدة في المملكة وكذلك في وزارة الداخلية
بالإضافة إلى ذلك، سافر رابع مشتبه به بجواز سفر يحمل اسم عضو آخر في الحرس الملكي، محمد سعد الزهراني. وبمجرد إجراء بحث في تطبيق الهواتف الجوالة السعودي “منو معاي”، وهو تطبيق مشهور في المملكة العربية السعودية يسمح للمستخدمين برؤية الأسماء التي ارتبط بها مستخدمون آخرون بأرقام هواتف معينة، سيتم تحديد هذا الشخص على أنه عضو في الحرس الملكي. فضلا عن ذلك، يظهر حارس يرتدي علامة اسم تحمل هذا الاسم (محمد سعد الزهراني) في مقطع فيديو يعود إلى سنة 2017 يقف بجوار الأمير محمد.
عموما، قد لا يكون أعضاء الحرس الملكي أو المساعدون الذين سافروا مع ولي العهد مسؤولين لهم علاقة مباشرة به أو قد يضطلعون في بعض الأحيان بمهام أخرى. لكن، من الممكن أن يكون بعضهم من الذين تلقوا تجنيدا للقيام برحلة للقبض على خاشقجي أو استجوابه، وربما بقيادة مسؤول استخباراتي رفيع المستوى. لكن يشير وجود خبير في التشريح، وهو الدكتور صلاح الطبيقي، بين مجموعة المشتبه بهم إلى أن عملية القتل ربما كانت جزءاً من الخطة الأصلية.
في الأثناء، عرف الدكتور الطبيقي، الذي كان له تواجد قوي على العديد من منصات التواصل الاجتماعي، نفسه على حسابه على تويتر على أنه رئيس المجلس العلمي السعودي للأدلة الشرعيّة، وعين في مناصب رفيعة في كلية الطب الرائدة في المملكة وكذلك في وزارة الداخلية. كما تظهر معلومات تشير إلى أنه درس في جامعة غلاسكو، وقضى خلال سنة 2015 ثلاثة أشهر في أستراليا بصفته طبيب شرعي زائر في المعهد الفيكتوري للطب الشرعي. وتشمل كتاباته المنشورة أعمال التشريح.
على الرغم من عدم وجود سجل عام يثبت وجود علاقة بينه وبين المحكمة الملكية، إلا أنه من غير المحتمل أن ينضم أحد كبار المسؤولين في المؤسسة الطبية السعودية إلى بعثة مارقة بأوامر من شخص أقل رتبة منه. وفي ظل هذا الوضع، لم يجب الطبيقي، الذي ظهر اسمه لأول مرة بين تقارير المشتبه بهم منذ عدة أيام، عن الادعاءات العلنية. وتجدر الإشارة الى أنه لم نتمكن من الوصول إلى أي من المشتبه بهم للتعليق عن الحادثة.
المصدر: نيويورك تايمز