ترجمة وتحرير: نون بوست
سعى رئيس مقاطعة سنجان الصينية، شهرت ذاكر، إلى تبرير احتجاز مئات الآلاف من مسلمي الأويغور والكازاخستانيين. وقد أشار ذاكر إلى أن معسكرات الاعتقال التي تم احتجازهم فيها في سنجان الواقعة غرب الصين، هي في حقيقة الأمر “مراكز تدريب مجانية” من أجل تكوينهم في جميع الاختصاصات المهنية.
تجدر الإشارة إلى أن المقابلة التي أجراها شهرت ذاكر، وهو عضو في الحزب الشيوعي الصيني مع وكالة أنباء شينخوا الصينية، تم نشرها في نفس اليوم الذي وجهت فيه منظمة “هيومن رايتس ووتش” أصابع الاتهام مجددا للصين بشأن ارتكاب جملة من الانتهاكات ضد مسلمي مقاطعة سنجان. وهذه المرة، تمحورت الاتهامات حول احتجاز أطفال “المعتقلين السياسيين” في مؤسسات تابعة للدولة، وفقا لما صرحت به صوفي ريتشاردسون، مديرة المنظمة بالصين. عموما، تعد المقابلة التي تم إجرائها مع ذاكر الأكثر تفصيلاً عن أحد ممثلي بكين حتى الآن فيما يتعلق بالمعتقلات المثيرة للجدل.
في السياق ذاته، أفادت ريتشاردسون أن “هذا جزء من برنامج حكومي فاسد يقضي بانتزاع أطفال مواطنين مسلمين من العرقية التركية من عائلاتهم، بتعلة البحث عن رفاهيتهم المادية”. وقد أضافت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن السلطات أصدرت أوامر بتخصيص “حصص” “للأيتام”، التي لا تشمل الأطفال الذين توفي أوليائهم فحسب، بل أولئك الذين يقبع أحد أبويهم في السجن.
في مواجهة جملة الاتهامات المتكررة من قبل المنظمات غير الحكومية على غرار “هيومن رايتس ووتش”، بشأن مراكز الاعتقال، أكد شهرت ذاكر أن السلطات تهدف أساسا إلى حماية المسلمين من تأثيرات التطرف، لأن صعوبة “العثور على عمل تجعلهم فريسة سهلة للتحريض والإكراه والإرهاب والتطرف”.
أفاد عمر باكالي، وهو كازاخستاني من أصل صيني كان محتجزا في أحد تلك المعسكرات، لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن “مخاطر الإسلام” من بين الدروس التي تلقوها في هذه المعسكرات
علاوة على ذلك، أورد ذاكر أن “سنجان قدمت لهؤلاء المسلمين دورات تدريب مهنية مجانية من خلال مؤسسات التعليم المهني التي تسمح لهم بتحسين قدرتهم على تعلم اللغة المشتركة للبلاد وهي المندرينية، فضلا عن اكتساب المعرفة القانونية والمهارات المهنية”. وأوضح ذاكر أن هذه “الدروس” يتم تمريرها عبر “الدورات الجماعية”، أو عن طريق “المدارس الداخلية” أو من خلال “التدريبات العملية”، كما يتحصل الطلاب على “شهائد” عند إتمام دراستهم.
مليون معتقل
لم يقدم شهرت ذاكر أي تفاصيل أو أرقام دقيقة حول عدد المسلمين المحتجزين في هذه المعسكرات، في حين قدّرت المنظمات غير الحكومية عددهم بنحو مليون معتقل. وقد أكد ذاكر أن “بعضا” من هؤلاء المعتقلين قد يختتمون تعليمهم خلال هذه السنة مما يشير إلى الإفراج عنهم ابتداء من مطلع السنة القادمة. بالإضافة إلى ذلك، أشار ذاكر إلى قائمة طويلة من الدورات الافتراضية التي تدرس في “مراكز التدريب المهني”، وتتنوع بين ورش العمل حول صناعة الملابس والأحذية، وتصنيع الأغذية، وتجميع المنتجات الإلكترونية والطباعة والحلاقة وطرق التجارة الإلكترونية والطهي.
كما أفاد ذاكر أن “الطلاب سيتحصلون على دخل أساسي وعديد المكافآت”. ويمكن لهؤلاء المحتجزين أيضا الإقامة في غرف مجهزة بأجهزة تلفزيون ومكيفات الهواء والحصول على أجهزة كمبيوتر والذهاب إلى دور السينما. وحتى وقت قريب، أنكرت الصين وجود هذه المعسكرات، وهو ما تم إثباته بواسطة صور الأقمار الاصطناعية. خلافا لذلك، أكدت المنظمات غير الحكومية والمنظمات المدافعة عن حقوق الأويغور أن المحتجزين يتعرضون لانتهاكات حقوق الإنسان والتلقين السياسي بشكل مضاعف في هذه المعسكرات.
تعليقا على هذه المسألة، أفاد عمر باكالي، وهو كازاخستاني من أصل صيني كان محتجزا في أحد تلك المعسكرات، لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن “مخاطر الإسلام” من بين الدروس التي تلقوها في هذه المعسكرات. كما أُجبر المعتقلون على غناء “يعيش الحزب، شكرا لوطننا الأم” قبل تناول كل وجبة. وأشار آخرون أيضا إلى أنه قد تم إجبارهم على التخلي عن دينهم بشكل علني.
ذكرت وسائل الإعلام الصينية أن الحزب الشيوعي الصيني شن هجوما حادا ضد “الأطعمة الحلال” التي يتم إعدادها وفقا لتعاليم الإسلام، حيث ربطت السلطات هذه المنتجات بنزعة التطرف
من جهته، اعترض عمربك علي، أحد المعتقلين السابقين في هذه المعسكرات، على تصريحات شهرت ذاكر، حيث أخبر صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن “هذا الكلام مجرد هراء، حيث تزعم السلطات أن هذه المعسكرات مساحة لاستئصال الإرهاب”. وأضاف علي قائلا: “لكنني رأيت في الداخل المحامين والأطباء والمثقفين وحتى المسئولين الذين لا علاقة لهم بالتطرف. كما أنهم يقولون إن هذه المعسكرات عبارة عن مراكز مهنية، لكنها في الحقيقة ليست سوى سجن”.
حملة لاستيعاب ثقافة “الهان”
خلال الأيام الأخيرة، ذكرت وسائل الإعلام الصينية أن الحزب الشيوعي الصيني شن هجوما حادا ضد “الأطعمة الحلال” التي يتم إعدادها وفقا لتعاليم الإسلام، حيث ربطت السلطات هذه المنتجات بنزعة التطرف. الجدير بالذكر أن الصين دأبت على شن حملة طيلة سنوات من أجل دمج أقليات الأويغور وطمس ثقافتهم الفريدة تحت تأثير ثقافة الهان والغالبية العرقية في البلاد، الأمر الذي جعل السلطات تحظر “اللحى الطويلة” أو الأسماء ذات الدلالة الإسلامية الواضحة.
في الحقيقة، زادت حدة الحملة المُمنهجة ضد الأقليات المسلمة في الصين منذ أن أصبح شي جين بينغ الزعيم الجديد للحزب الشيوعي الصيني. كما أفادت بعض المنظمات غير الحكومية أن جين بينغ هو المخطط الأساسي لاستراتيجية القمع والاعتقال الجماعي. وبالعودة إلى تصريحات شهرت ذاكر، فقد أورد المسؤول أن ثلاث جهات إرهابية تم ربطها “بالإرهاب والتطرف والانفصالية” قامت بشن “آلاف الهجمات العنيفة” في سنجان. وأضاف ذاكر أن “رغبة الشعب” نفسه هي التي دفعت الحزب الشيوعي الصيني إلى تكريس جهوده لمكافحة الإرهاب، الأمر الذي جعل “مقاطعة سنجان اليوم آمنة ومستقرة”.
في هذا الشأن، نشرت صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية في طبعتها الصادرة يوم الثلاثاء أن الانتقادات الموجهة لمعسكرات الاحتجاز هي ببساطة “هجمات شرسة من وسائل الإعلام الغربية” وهي ناتجة عن “موجة من الخطابات المعادية لدولة الصين” التي حددت “هدفها” في مقاطعة سنجان.
المصدر: الموندو