ترجمة وتحرير: نون بوست
ضغط عمر عبد العزيز على زر التشغيل في هاتفه وأدخل الجهاز في الجيب العلوي لسترته، بينما كان جالسا في مقهى في مدينة مونتريال الكندية، منتظرا رجلين يقولان إنهما يحملان رسالة شخصية من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. ولدى وصولهما، تساءل عمر، الناشط المعارض السعودي البالغ من العمر 27 سنة، حول السبب الذي قد يجعلهما يقطعان كل هذه المسافة ويأتيان إلى كندا لمقابلته.
بدأ أحد المبعوثين بالحديث، مستخدما ضمير الغائب وقال: “هنالك احتمالين اثنين، الأول هو أن يعود عمر مجددا إلى المملكة السعودية، إلى أصدقائه وعائلته، أما الاحتمال الثاني فهو أن عمر سيذهب إلى السجن”. ثم تساءل: “ما الذي سيختاره عمر؟”. من أجل مزيد الضغط عليه وتبيين خطورة الموقف، أحضر الزائران معهما الشقيق الأصغر لعمر من المملكة العربية السعودية. وأثناء اللقاء دعا عمر شقيقه للحفاظ على هدوئه. هذه التسجيلات السرية، التي توثق أكثر من 10 ساعات من المحادثة، قام عمر عبد العزيز بتسليمها لصحيفة واشنطن بوست، بما أنه كان شريكا مقربا من الصحفي السعودي المختفي جمال خاشقجي.
تعرض هذه الطريقة صورة صادمة للأساليب التي تستخدمها السعودية لمحاولة إقناع الشخصيات المعارضة بالعودة للمملكة، مع وعود بتقديم المال وضمان سلامة العائدين. وقد تزايدت هذه العروض بشكل واضح منذ أن أصبح محمد بن سلمان في منصب ولي العهد في السنة الماضية، بحسب ما تؤكده جماعات حقوقية.
ذكر عمر أن جمال خاشقجي أرسل له 5 آلاف دولار لتمويل مشروع سمياه “النحل”، وهي مبادرة لبناء جيش إلكتروني داخل المملكة السعودية للتصدي للشائعات التي تنشرها المواقع التابعة للحكومة على شبكة الإنترنت
ذكر كثيرون من أصدقاء جمال خاشقجي أن مسؤولين سعوديين كبار، من المقربين من ولي العهد، تواصلوا معه خلال الأشهر الأخيرة، ووصل بهم الأمر إلى أن عرضوا عليه منصبا رفيعا في الحكومة إذا عاد إلى المملكة. لكن جمال قال إنه لا يثق في هذا العرض، ويخشى من أنها مكيدة. وبحسب معلومات استخباراتية، حصلت عليها الولايات المتحدة من اعتراضها لمكالمات مسؤولين سعوديين، فإن محمد بن سلمان أمر بتنفيذ عملية لاستدراج خاشقجي للعودة إلى السعودية من سكنه في فرجينيا، ثم اعتقاله.
اختفى خاشقجي منذ زيارته للقنصلية السعودية في إسطنبول، في 2 تشرين الأول / أكتوبر. ويعتقد المحققون الأتراك أنه تعرض للقتل داخل القنصلية ثم تم تقطيع جسده، إلا أن المسؤولين السعوديين يتمسكون بإنكار معرفتهم بأي معلومة حوله. كان عمر عبد العزيز، الذي يعيش كلاجئ في كندا، قد ذكر أنه قد عمل على عديد المشاريع مع خاشقجي، وربما يكون هذا ما دفع القيادة السعودية للسعي إلى التخلص منه أولا والتفرغ للتعامل مع جمال.
ذكر عمر أن جمال أرسل له 5 آلاف دولار لتمويل مشروع سمياه “النحل”، وهي مبادرة لبناء جيش إلكتروني داخل المملكة السعودية للتصدي للشائعات التي تنشرها المواقع التابعة للحكومة على شبكة الإنترنت. وكان هذا الثنائي يعمل أيضا على فيلم قصير، وموقع إلكتروني لمتابعة قضايا حقوق الإنسان، ومشروع لدعم الديمقراطية. كان يفترض أن تكون هذه المشاريع سرية، إلا أن عمر عبد العزيز اكتشف أنه تم استهدافه عن طريق جواسيس الإنترنت من السعودية خلال هذا الصيف، حيث أوضح: “لقد تمكنوا من اكتشاف كل شيء، لقد شاهدوا الرسائل التي تبادلناها، واستمعوا للمكالمات”.
في التسجيل السري الذي قام به عمر عبد العزيز في المقهى، كرر الزائران في عدة مناسبات أنهما جاءا بطلب شخصي من ولي العهد. كما أشارا إلى أنهما يعملان بأوامر من سعود القحطاني، وهو أحد أبرز واضعي الاستراتيجيات ومنفذيها في محيط محمد بن سلمان. وكان خاشقجي قد أخبر أصدقائه بأن القحطاني هو من اتصل به في الأشهر التي سبقت اختفاءه، ودعاه لوضع حد لمنفاه الاختياري والعودة للمملكة السعودية.
أردف عبد العزيز أن “جمال كان يتعرض كثيرا للشتائم من قبل هذه الحسابات الوهمية السعودية، التي كانت تركز على كون جمال يمثل صوت الإعلام الغربي”
غادر عمر عبد العزيز المملكة العربية السعودية في 2009 للدراسة في كندا، كما يذكر. وقد قام الشاب بإنشاء حساب تويتر إثر اندلاع الربيع العربي، وأثناء دراسته في جامعة “ماكجيل” في مونتريال، أطلق أيضا برنامج يوتيوب يتمتع بشعبية كبيرة، معروف بانتقاده وسخريته من القيادة السعودية. وقد حاز على الإقامة الدائمة في كندا في 2014. وقد نشأت علاقة صداقة بين عمر وجمال بعد أن انتقل الصحفي السعودي إلى واشنطن في سنة 2017.
في هذا الصدد، أفاد عمر، أنه “حينها كان جمال يشعر بالوحدة بعد أن غادر، وبدأنا نتحدث حول العيش خارج البلاد بعيدا عن عائلاتنا، وطبيعة الحياة والمشاريع التي سنقوم بها، وكان جمال بالنسبة لي أبا وصديقا”. كما يذكر عمر أن فكرة إنشاء “جيش النحل” كانت من اقتراحه، إلا أن خاشقجي أعجب بها. ونظرا لأنه كان ينتقد القيادة السعودية في مقالاته التي كتبها في صحيفة واشنطن بوست، فقد واجه خاشقجي هجمات من حسابات التويتر التابعة للحكومة، والتي يسميها النشطاء السعوديون “الذباب الإلكتروني”.
أردف عبد العزيز أن “جمال كان يتعرض كثيرا للشتائم من قبل هذه الحسابات الوهمية السعودية، التي كانت تركز على كون جمال يمثل صوت الإعلام الغربي”. وقد اقترح عبد العزيز شن تحركات مضادة على شبكة الإنترنت، وكان يحتاج فقط بعض المال للشروع في تنفيذ الفكرة، وقرر تسمية المشاركين فيها “جيش النحل”، باعتبار أن المجندين من طرف الحكومة السعودية يسمون “جيش الذباب”.
كانت هذه الخطة تقضي بأن يتم شراء شرائح خطوط هاتف بأرقام كندية وأمريكية، يمكن للسعوديين في داخل المملكة استخدامها. والسر وراء هذه الخطوة هو أن إنشاء حساب تويتر يستوجب تقديم رقم الهاتف لتأكيد الحساب، والناشطين في السعودية يخشون من ربط أرقامهم السعودية بحسابات تويتر، خوفا من أن يتم تعقبها واعتقالها بسبب انتقادهم للحكومة. وقد قام عمر عبد العزيز فعلا بتوزيع 200 خط هاتف على هؤلاء الناس.
كما طلب خاشقجي من عمر مساعدته في إنتاج فيلم قصير يظهر كيف أن القيادة السعودية كانت تتسبب بتقسيم البلاد. وقد طلب خاشقجي المساعدة لتصميم شعار لمؤسسة جديدة كان بصدد إنشائها، اسمها “الديمقراطية للعالم العربي الآن”. كما كان عبد العزيز يساعده أيضا في تصميم موقع إنترنت لمتابعة قضايا حقوق الإنسان. لكن خاشقجي كان حذرا بشكل خاص من المشروع المتعلق بالخطوط الهاتفية.
أكد الرجلان لعمر أنه يمكنه أن يقوم ببداية جديدة في السعودية، فرد عليهما بأنه سوف يأتي، وقام بإنشاء مجموعة جديدة على تطبيق واتساب اسمها “عصر جديد”
في هذا الشأن، أورد عبد العزيز، قائلا: “لقد أخبرني بأن هذا المشروع خطير جدا، ويجب أن أكون حذرا، لأن تويتر هو المنصة الوحيدة التي نملكها، فنحن ليس لدينا برلمان”. وفي رسالة بتاريخ 21 حزيران / يونيو، كتب خاشقجي إلى عبد العزيز: “سوف أحاول الحصول على المال… يجب أن نفعل شيئا. كما تعلم أنا أحيانا أتأثر بهجماتهم”. وبعد يومين، قام عبد العزيز بطلب شيء من موقع أمازون، وعندما ضغط على الرابط الذي ترسله الشركة لهاتفه لمتابعة عملية توصيل طلبه، ساورته شكوك في أن هذه العملية تسببت بقرصنة هاتفه.
في شهر آب/أغسطس، وفي إطار مشروع تحت مسمى “مختبر المواطنة” الذي تجريه جامعة تورنتو للتحقيق في عمليات الجوسسة الإلكترونية ضد المجتمع المدني، تم تحذير عمر من أن هاتفه قد تم اختراقه. وبعد مرور أسبوعين، توصل فريق العاملين في هذا المشروع إلى أن هذا الهاتف الخلوي تم استهدافه فعلا، ويعتقد الخبراء أن الفاعل مرتبط بالحكومة السعودية وأجهزتها الأمنية. وقال عمر عبد العزيز: “إن أحد الرجلين كان لعدة أشهر يقدم مقترحات لإقناعه بالعودة للمملكة السعودية”، لكنه قال له إنه إذا كانت عنده رسالة، فيجب عليه أن يحضرها إلى كندا.
أكد الرجلان لعمر أنه يمكنه أن يقوم ببداية جديدة في السعودية، فرد عليهما بأنه سوف يأتي، وقام بإنشاء مجموعة جديدة على تطبيق واتساب اسمها “عصر جديد”، وذلك في 30 من آذار / مارس، بحسب ما تظهره صورة ملتقطة من شاشة هاتفه. في تلك الفترة، كان ولي العهد البالغ من العمر 32 سنة، بصدد ركوب موجة عالية من الدعايات الإيجابية. فقد كان قد أنهى للتو زيارة رفيعة المستوى إلى الولايات المتحدة، التقى خلالها بعديد المشاهير مثل بيل غايتس، وجيفري بيزوس مالك صحيفة واشنطن بوست، والممثل دوين جونسون المعروف بشخصية “ذي روك”.
قال الأمير خالد بن فرحان آل سعود، وهو معارض من العائلة المالكة يعيش في ألمانيا، أيضا أنه كان هدفا لمخطط مشابه في أيلول / سبتمبر الماضي
لكن موجة من الخوف اجتاحت أوساط المعارضين السعوديين، عندما أقدم ولي العهد على إيقاف عدد من الناشطين وشن حملة من الاعتقالات على رجال الأعمال وقام بسجنهم في فندق الريتز كارلتون. وحتى الناشطين الموجودون خارج البلاد، لم يكونوا في مأمن من هذه الحملة، حيث اختطفت واحدة من أبرز الناشطات السعوديات، وهي لجين الهذلول، من شوارع أبوظبي واقتيادها إلى السعودية. وقد تم إطلاق سراحها بعد أيام قليلة قضتها رهن الإيقاف، ولكن تم منعها من السفر، وإجبارها على عدم التحدث في العلن. ولاحقا تم سجنها مجددا بتهم تتعلق بالتواصل مع جهات أجنبية، وهي لا تزال إلى الآن في السجن.
قال الأمير خالد بن فرحان آل سعود، وهو معارض من العائلة المالكة يعيش في ألمانيا، أيضا أنه كان هدفا لمخطط مشابه في أيلول / سبتمبر الماضي. فقد أكد أن بعض أقاربه قالوا له أنه حصل على شيك من الدولة السعودية لمساعدته على تجاوز الصعوبات المالية، بشرط السفر إلى القاهرة ليتسلمه. إلا أن الأمير خالد لم يغادر ألمانيا منذ سبع سنوات، خوفا من التعرض للاختطاف.
من جانبها، أوضحت سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، أن “السعودية بصدد إرسال إشارات مدروسة وواضحة جدا، مفادها أنك لن تكون حرا مهما كان مكانك، لن تتمتع بحرية قول ما تريده”. وقد نصح خاشقجي صديقه عمر عبد العزيز بالحرص على الالتقاء بالرجلين السعوديين في الأماكن العامة، وعدم القبول بالعودة معهما إلى المملكة تحت أي ظرف. وأورد عمر عبد العزيز، قائلا:” لقد قال لي إذا كنت تريد أن تأخذ منهما المال فهذا قرار يعود لك، ولكن لا ترجع معهما، ولا تثق بهما”.
في الوقت الذي شرع فيه الزائرين السعوديين في إلقاء خطابهما المنمق على مسامع عمر عبد الغزيز في الاجتماع الذي جد في 15 من أيار / مايو في مقهى “جوليات إي شوكولا” في مونتريال، كانت أغنية نيل دايموند، “سويت كارولاين”، تعزف في الخلفية. في الأثناء، قال أحد الرجلين: “خاشقجي يمثل مصدر إزعاج، ولكنه يفكر في العودة إلى المملكة العربية السعودية. عبد العزيز يجب أن يعود أيضا”. وأضاف الرجل الثاني، قائلا: “عمر، وحتى نتحدث معك لم نرد أن نتلقى التعليمات من أحد الوزراء أو أو السفير. لقد أردنا أن نتلقى التوجيهات من أعلى الهرم، الأمير. لا أحد يستطيع التعامل مع هذه المسألة أفضل من الأمير شخصيا”.
أوضح عبد العزيز، قائلا: “لقد اعتمدا في البداية على أسلوب التحفيز إقناعي بالعودة للمملكة عن طريق جلب أخي معهم، ظنا أن ذلك سيدفعني للامتثال لمطالبهم”
استمعت صحيفة واشنطن بوست لأكثر من 10 ساعات من التسجيلات الصوتية التي قدمها لها عبد العزيز، الذي قال أنها سجلت في خضم الاجتماعات التي جمعته بالرجلين على امتداد 4 أيام في شهر أيار / مايو. وقد أثبتت البيانات المرفقة بالملف أن التسجيلات الصوتية تتوافق مع الأوقات التي حددها عبد العزيز. فضلا عن ذلك، تثبت رسائل الواتساب بشأن الزيارة صحة روايته، حيث تزامنت مع كل حيثياتها. وقد شدد عبد العزيز على عدم كشف هوية الرجلين، حيث قال إنه لا يعرف ما إذا كان يعملان لصالح المخابرات السعودية أم أنهما أجبرا من قبل السلطة السعودية على فعل ذلك لإقناعه بالعودة للبلاد.
لم يستجب الرجلين، الذين يعدان من الشخصيات العامة والذين لطالما ساندا علنا ولي العهد السعودي، للاتصالات أو يجيبا على الأسئلة التي أرسلت من قبل صحيفة واشنطن بوست يوم الأربعاء. وقد صرح أحدهما أنه سيرسل رده على كل تساؤلات الصحيفة، ولكنه أخلف بوعده. في الوقت ذاته، باءت جميع محاولاتنا للاتصال بالمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السعودية بالفشل، حيث لم يقع الرد عليها.
كانت المحادثة بين الرجلين السعوديين وعبد العزيز ودية للغاية، في حين كان أسلوب الخطاب مرحا. في هذا الشأن، أوضح عبد العزيز، قائلا: “لقد اعتمدا في البداية على أسلوب التحفيز إقناعي بالعودة للمملكة عن طريق جلب أخي معهم، ظنا أن ذلك سيدفعني للامتثال لمطالبهم”. وأردف عبد العزيز أنه في وقت ما، كان مقتنعا بأنهما يرغبان في عودته للبلاد، والدفع له مقابل توظيف العدد الهائل من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي في خدمة الدعاية السعودية.
في مرحلة ما من المحادثة، حث الرجلين عبد العزيز على زيارة السفارة السعودية معهما من أجل الحصول على جواز سفر جديد، الطلب الذي يراه الآن على أنه كان، على الأرجح، وسيلة قذرة للتخلص منه، في ظل اختفاء خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
في المقهى، تناول الرجلين بالتفصيل الخيارات المتاحة أمام عبد العزيز. في إطار السيناريو الأول، الذي يقرر بموجبه عبد العزيز العودة للمملكة، سيعود الأمر بالفائدة على الطرفين، وفقا لما صرح به أحد الرجلين. وقال هذا الرجل: “سيكون عمر المستفيد أو الرابح، لأنه سيعود إلى الوطن. من جهة أخرى، ستستفيد الدولة وستكون سعيدة على حد السواء”. وقد أكد الرجلين أن عودته من شأنها تلميع صورة المملكة. فقد أنفقت الدولة بالفعل ملايين الدولارات على زيارة ولي العهد لواشنطن بهدف تحسين صورة المملكة”. وأضاف الرجل، أن “هذا الأمر يظهر استعداد المملكة لاتخاذ مثل هذه الخطوة التي تصب في صالحها”.
صرح عبد العزيز، قائلا: “لقد اخترقوا هاتفي وسجنوا اثنين من أشقائي، واختطفوا صديقي وربما أنهم قتلوه. أنا لن أتوقف على الإطلاق”.
أردف الرجل أنه، في المقابل، في السيناريو الثاني، سيخسر الجميع. في هذا الصدد، أورد الرجل، أن “عمر سيكون خاسرا لأنه سيسجن، حيث من الممكن أن يقع القبض عليه في المطار”. وأورد الرجلين أن السلطة السعودية ستخسر أيضا. ونظرا لأن عبد العزيز لا يعد شخصية معارضة بارزة، وبالتالي، لن تكون أي “معلومات” يتم أخذها منه في حال وقع احتجازه “ذات فائدة تذكر بالنسبة للدولة”. ولكن، الدولة ستكون في موقف صعب نتيجة الدعاية من قبل جماعات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام التي ستغطي حدث سجنه.
في أوقات معينة، انتقلت المحادثة للتركيز على حجم المبلغ المالي الذي سيدفع لعبد العزيز في حال قبل عرضهما. وصرح عبد العزيز أن السعودية تدين له بنحو 412 ألف دولار كندي، على خلفية قطع الرسوم الدراسية الحكومية التي كانت تسدد مدفوعات منحته الدراسية. ردا على ذلك، أفاد عمر عبد العزيز في أحد اللقاءات، قائلا: “سأخذ هذا المبلغ. سأوزعه على المشردين في مونتريال، أو أقدمه لمستشفى السرطان، أو أشتري ساعة جديدة وأحطمها”. وأضاف عبد العزيز، قائلا: “هذا الأمر لا يحق لأحد التدخل فيه”.
في خضم تلك المحادثات، حرص عبد العزيز على أن يبقى على اتصال بيحيى العسيري، أحد الناشطين السعوديين في مجال حقوق الإنسان، في لندن. وفي حديثه مع عبد العزيز، أورد العسيري، قائلا: “هل تريد أمرا ما؟ هل ترغب في التوصل إلى تسوية معهم”، ليجيبه عبد العزيز: “لا، لا، لا، أرغب في أن أعرف ما الذي يريدونه مني”. في هذا الشأن، أفاد العسيري: “من وجهة نظري، كان من الواضح ماذا يريدون منه. كانوا يرغبون في أن يعود إلى المملكة. كان يرغبون في التخلص من كل نشاطاته وإسكاته”.
صرح عبد العزيز أنه لم تكن لديه أي نية في العودة إلى المملكة العربية السعودية. وقد أخبره الرجلين أنه لم يقع تحويل أي أموال له قبل عودته إلى البلاد. لكن عبد العزيز رفض العرض الذي قدمه الرجلين، الذين غادرا مونتريال في نهاية المطاف من دون عمر. وأفاد عمر أنه “في مطلع شهر آب / أغسطس، وقع إيقاف شقيقي عمر عبد العزيز الأصغر سنا في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى مجموعة تضم 8 من أصدقائه”، قبل أن يتوقف عن الكلام حتى يحبس دموعه التي كانت تملأ عينيه.
في الأثناء، عمد عبد العزيز إلى مراسلة لأحد الرجلين الذي زاره في شهر أيار / مايو، قائلا: “أعلم أنك رجل معتدل، اسألهم عن طلباتهم”. وقد أظهر عبد العزيز لقطات الشاشة لهذه الرسائل، للتأكيد على صدق حديثه. وسرعان ما جاء الرد، الذي تضمن حديثا على مشروع “النحل”. وجاء في نص الرسالة أن “لقد تحدثت المجموعة كثيرا عن حسابات مواقع التواصل الاجتماعي. يعلمون جيدا أنك تشرف عليها”. لكن عمر عبد العزيز قال إنه لا يستطيع الاستسلام. وفي هذا الصدد، صرح عبد العزيز، قائلا: “لقد اخترقوا هاتفي وسجنوا اثنين من أشقائي، واختطفوا صديقي وربما أنهم قتلوه. أنا لن أتوقف على الإطلاق”.
المصدر: واشنطن بوست