“مبروك جت لك بنت”، منذ اللحظة الأولى لسماع تلك الكلمة يحمل الأهل على عاتقهم ذلك اليوم الذي ستكبر فيه فتاتهم لتصبح عروسًا شابة جميلة تنطلق إلى بيت زوجها بفستان أبيض وعرس “لم يشهده القاصي والداني”، لتبدأ التحضيرات ربما منذ معرفة نوع الجنين وهو في رحم أمه، وللبنت دائمًا استعداد مختلف يبدأ مع اختيار اسمها.
تجهيز العروس
تبدأ الأم في جمع “جهاز العروسة”، هكذا يطلق عليه في مصر، ذلك المكون من كل حاجياتها التي توضع في عش الزوجية ، فمنذ صرختها الأولى معلنة ميلادها تشتري الأم كل ما يلزم بيتًا كاملاً وتؤسسه.
فَتَحْت الأسِرّة في المنازل المصرية ستجد صناديق كرتونية مغلقة محظور الاقتراب منها، تخرج كل فترة تنظفها ربة المنزل وتعيدها لسيرتها الأولى، كل ما يقع تحت بند حاجيات المنزل يدخل ضمن “جهاز العروسة”، مقسمة لأشياء سوف تعرض للمهنئين وأشياء أخرى ستستخدم في المنزل بشكل دوري، تنتقيها الأم “على حبة عينها” كما يقولون، فتختار الأغلى والأثمن ليس فقط لأن هناك بنتًا في البيت ولكن لأن جنون الأسعار المتلاحق يدفع الأسر لتأمين حاجيات بناتهن من قبل أن تتفتح أعينهن على الدنيا بكثير ضمانًا وحبًا.
طقم الكاسات المكون من “قطعة الست” يجب أن يكون مميزًا، فهذا سوف يوضع في “النيش” ليراه الجميع، “طقم الصيني” الفاخر الذي يأتي وحوله شريط مكتوب عليه يحظر الاستخدام، للعرض فقط وإلى جواره شنطة الملاعق المستوردة التي يحظر استخدامها، إلا في المناسبات فقط ولا تخرج لأي كائن من كان فهي من الأشياء الثمينة الخاصة بأعالي القوم فقط!
يتقدم الشاب لعروسه فتبدأ الاتفاقات المادية بتحديد قيمة المهر وذهب العروس (الشبكة) ومؤخر الصداق، ويشهد على الاتفاق في بعض المحافظات كصعيد مصر علية القوم من الأسرتين ليكون كما العقد المكتوب بغير أوراق، ويلتزم بما جاء فيه الطرفان
“النيش” تقام عليه الحوارات والنقاشات عن جدوى وجوده، وتنتهي زيجات أحيانًا بسبب إصرار بعض الأسر على وجوده ضمن محتويات الشقة، و”النيش” عبارة عن خزانة زجاجية كبيرة مقسمة لأرفف زجاجية وتحتوي على ما لن يتم لمسه وهو للعرض فقط على الضيوف المهنئين وتتفاخر العروس بقيمة الأشياء الثمينة المعروضة فيه.
مقارنات بين البنات
تبدأ مراسم الزواج التي تختلف بين المحافظات في مصر كثيرًا بل ربما تختلف في المحافظة الواحدة بين عائلة وأخرى ومنطقة وأخرى، فلكل محافظة سمت يميزها، تتفق في أشياء وتختلف في أخرى كقيمة المهر و”الشبكة” الذهبية التي يقدمها العريس لعروسه، أو تختلف بالكميات التي يستوجب على أهل العروس شرائها للمنزل تحت عنوان “جهاز العروسة”.
فهناك أماكن في بعض محافظات مصر تبالغ في أعداد المفروشات أو الأجهزة الكهربائية التي تأتي للعروس، وتعقد المقارنات في بعض الأحيان بينها وبين بنات عمومتها أو بنات خالاتها عن مقدار الشبكة ويتم الاتفاق عليها أحيانًا بعدد الغرامات فلا تقل عن 100 غرام أو بمبلغ مالي وفقًا لمقدرة العريس أو حسب آخر بنت تزوجت في العائلة، وتلك المقارنات التي تعقد كثيرًا ما تتسبب في المشكلات التي قد تضع لوحة النهاية لمشروع الزواج برمته وتنهيه!
يتقدم الشاب لعروسه فتبدأ الاتفاقات المادية بتحديد قيمة المهر والشبكة ومؤخر الصداق، ويشهد على الاتفاق في بعض المحافظات كصعيد مصر علية القوم من الأسرتين ليكون كما العقد المكتوب بغير أوراق ويلتزم بما جاء فيه الطرفان، فإذا تم الاتفاق جرت العادة على قراءة الفاتحة ليكون الارتباط رسميًا بين الأسرتين، ويتحدد حفل الخطبة الذي يتحمل تكاليفه في العادة أسرة العروس.
اعتاد أهل العروس قبل يوم العرس في أغلب المحافظات في مصر إلى كتابة ما يسمى بـ”القايمة” وهي ورقة مكتوبة كما العقد تحتوي على ما في منزل العروسين من أثاث وأجهزة كهربائية ومفروشات وذهب
ومن ثم ينتقلان إلى المرحلة التالية وهي “كتب الكتاب” الذي عادة يكون بإحدى قاعات المناسبات الملحقة بالمساجد ويتم دعوة العائلتين والأصدقاء لشهود عقد الزواج.
منديل المأذون
اعتدنا في الأفلام الأجنبية أن ترمي العروس باقة الورد في نهاية العرس بعد جمع البنات غير المتزوجات ورائها لتلتقطه إحداهن في لفتة أن دورها قادم لتتزوج، أما في مصر فكانت العادة في أثناء عقد الزواج أن يمسك أبو العروسة أو ولّيها بيد العريس أو وكيله تحت منديل أبيض يصنع خصيصًا لتلك المناسبة يطرز بخيوط ذهبية أو فضية منقوش بها اسم العريس والعروس ومن فوقهما يد المأذون وكأنه يشد على الأيدي فيؤكد أنه ميثاق غليظ لا تنفك عروته.
ويتناوب الطرفان صيغة عقد الزواج التي يلقنها لهما المأذون، فإذا فرغ من العقد تسابق الشباب غير المتزوجين إلى المنديل لخطفه مثلما تتسابق الفتيات إلى التقاط باقة الورد فيكون فألاً حسنًا لصاحب النصيب بأنه العريس القادم، لتنتهي مراسم كتب الكتاب بوليمة يجهزها أهل العروس في أغلب الأحيان أو مناصفة بالاتفاق بين أهل العروسين لإطعام الأهل والأصدقاء المقربين.
“القايمة”
اعتاد أهل العروس قبل يوم العرس في أغلب المحافظات في مصر كتابة ما يسمى بـ”القايمة” وهي ورقة مكتوبة كما العقد تحتوي على ما في منزل العروسين من أثاث وأجهزة كهربائية ومفروشات وذهب، كل ما يحتويه المنزل بمعنى الكلمة ويتم تقييمه بملغ مالي يكتب في القايمة إثباتًا لحق العروس، وتكون كالتعهد على العريس للحفاظ على ما تحتويه على سبيل الأمانة، والقايمة تعد بديلاً للمهر الذي يتم استخدامه في تجهيز المنزل وحفظًا لحقوقها من الإهدار لو لم يكتمل الزواج.
في المدن لا يتم عجن الحنة وأصبحت العروس تكتفي برسم الحنة السودانية على يديها وصديقاتها ويكملون الليلة في حفلة فلوكلورية طويلة مع أهلها تمتد حتى ساعات الصباح الأولى
تعد القايمة إحدى أهم المشكلات التي تواجه الكثيرين عند إتمام الزواج ويتسبب الاختلاف عليها في بعض الأوقات إلى إنهاء الزواج دون اكتماله إذا لم يتفق الطرفان على محتواها والمبلغ المالي المكتوب فيها، حيث تبالغ بعض الأسر في تقييمه مما يدفع العريس إلى الرفض في كثير من الأوقات فإن لم يصلا إلى ما يرضي الطرفين توقف الزواج، فإن تم الاتفاق وذيلت القايمة بإمضاء الزوج يحين الوقت للتجهيز ليوم الزفاف.
ليلة الحناء والزفاف وصباحية العروس
تقول الأسطورة إن “ليلة الحناء” تعود إلى زمن الأسطورة الفرعونية إيزيس وأوزوريس عندما قتل إله الشر (ست) أوزوريس ومزق جسده إلى 14 قطعة وزعهم في أنحاء مصر، وقامت إيزيس بجمع أشلائه من كل الأنحاء حتى اصطبغت يداها باللون الأحمر، فاعتبر المصريون القدماء هذا رمزًا لوفاء الزوجة ومنذ ذلك اليوم تصبغ الفتيات في مصر يدها بالحنة الحمراء دليلاً على الوفاء للزوج.
وكانت العادة قديمًا والتي لا تزال في بعض القرى المصرية أن يتم عجن الحنة وتزيينها بالشموع ويقوم العريس وأصدقاؤه بالتجول بها في أنحاء القرية ثم إعادتها لأهل العروس لتصبغ يديها وصديقاتها بالحنة ويقام الاحتفال الذي لا يحضره العريس كما جرت العادة، إلا أنه في المدن لا يتم عجن الحنة وأصبحت العروس تكتفي برسم الحنة السودانية على يديها وصديقاتها ويكملون الليلة في حفلة فلوكلورية طويلة مع أهلها تمتد حتى ساعات الصباح الأولى.
ليأتي اليوم المنتظر، يوم العرس أو “الليلة الكبيرة” كما يطلق عليها البعض في مصر، ويتحمل عادة العريس تكاليف إقامتها، ويختلف مكان إقامة العرس أحيانًا بين المحافظات إلا أن الأغلب الأعم يقيمه في إحدى قاعات المناسبات بيد أن بعض الأماكن في صعيد مصر تقيمه فيما يسمى ديوان العائلة حيث يجتمع الرجال في مكان والنساء في مكان ويتم الاحتفال وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء تحية للعروسين وتفاخرًا بالزيجة التي تمت.
جدير بالذكر أن العادات تختلف من بيئة لأخرى داخل المحافظة الواحدة وتختلف باختلاف طباع الأسر المصرية، فهناك من لا يلتفت لتلك التفاصيل برمتها وهناك من يشدد عليها في تزويج بناته
ويعد أهل العروس ما يسمى “عشاء العرسان” الذي يحتوي على الكثير من الأصناف المختلفة من الطعام التي تكفي العروسين عدد من الأيام وتذهب بنات العائلة به إلى منزل العروسين لينتظرهما بعد إنهاء حفل الزفاف في عش الزوجية.
ليكون اليوم التالي للعرس ويطلق عليه “الصباحية” ويذهب فيه أهل العروسين لتهنئتهما وإعطائهما “النقوط” ويكون عادة مبلغًا من المال أو ذهبًا للعروس من المهنئين من الأهل للطرفين، ويحمل أهل العروس معهم الإفطار وكعك العروس لتقدمه لمن أتاهم مهنئًا كما جرت العادة في مصر، والكعك يتم إعداده بشكل خاص للعروس.
جدير بالذكر أن العادات تختلف من بيئة لأخرى داخل المحافظة الواحدة وتختلف باختلاف طباع الأسر المصرية، فهناك من لا يلتفت لتلك التفاصيل برمتها وهناك من يشدد عليها في تزويج بناته، وقد كانت محاولة لرصد أكثر تلك العادات انتشارًا في مصر.