ترجمة حفصة جودة
لقد تغيرت صديقتي كيت بشكل جذري مؤخرًا، فهي تحمل معها زجاجة مياه قلوية طوال الوقت، وتتحدث عنها كما لو أنها إكسير الحياة، فقد تحسنت بشرتها وازداد تركيزها، كان أحدهم قد اشترى لها زجاجة ومنذ ذلك الحين تحولت حياتها تمامًا.
لم تكن صديقتي الشخص الوحيد، فهذه المياه القلوية التي تتكون من مياه تمت معالجتها لتحصل على مستوى هيدروجيني أعلى من المعدل الطبيعي لمياه الصنبور والمياه المعبأة (6.5-7.5 pH) اكتسبت شعبية واسعة، ساعدت بيونسيه في شهرتها عام 2013 عندما كانت تحملها دائمًا في جولتها الفنية حول العام التي كانت بعنوان “Mrs Carter Show”، أما الفنان توم برادلي فقد أعلن حبه لتلك المياه، ووفقًا للبيانات الصادرة عن شركة الأبحاث والاستشارات “Beverage Marketing Corporation” فقد ارتفع سوق المياه القلوية من قيمة 47 مليون دولار عام 2014 ليصل إلى 427 مليون دولار عام 2017 ومن المتوقع أن يصل إلى 687 مليون دولار بنهاية عام 2018.
هناك مجموعة متنوعة من العلامات التجارية في سوق المياه من بينها: “Core” و”Essentia” و”Alkaline88″، يصل الرقم الهيدروجيني في “Essentia” إلى 9.5 pH ويحدث ذلك عندما تمر المياه العادية بعملية تأين لإزالة المكونات الحمضية، تقول الشركة إن هذا الرقم ينتج عنه ترطيب أفضل، أما “Alkaline88” فرقمه الهيدروجيني 8.8 pH وتقول الشركة إنه يحقق التوازن الأفضل للجسم.
وفقًا لتلك الكتب فالنظام الغذائي القلوي يعالج جميع المشكلات بداية من سوء الهضم وحتى السرطان
لماذا يعد تناول مياه برقم هيدروجيني أعلى أفضل لصحتك؟ تقول دكتور تانيس فينتون أستاذ مساعد بجامعة كالجاري إن تسويق المياه القلوية يقوم على أساس فكرة قديمة تسمى “فرضية الرماد الحمضي” وتقول تلك الفرضية إن تناول أطعمة معينة مثل اللحوم والبيض ومنتجات الألبان ينتج عنه في أجسادنا ما يُسمى بالرماد الحمضي الذي يرفع مستوى الحموضة في أجسادنا وله آثار صحية ضارة مثل هشاشة العظام.
عام 2002 حول ممارس للطب البديل يدعى روبرت يونج تلك الفرضية إلى نظام غذائي قلوي مع انتشار مجموعة من الكتب بعنوان “معجزة الرقم الهيدروجيني”، ووفقًا لتلك الكتب فالنظام الغذائي القلوي يعالج جميع المشكلات بداية من سوء الهضم وحتى السرطان، وبالمناسبة فقد حُكم على يونج بالسجن 3 سنوات عام 2017 لممارسة الطب دون ترخيص.
وبينما كان الناس يروجون لفوائد ارتفاع مستوى القلوية منذ عقود، تقول فينتون إن هذا الاعتقاد ليس له دليل علمي، فقد حلل دراسات تربط بين المياه القلوية وعلاج السرطان لكنه وجد أن تلك الدراسات سيئة للغاية ولا يوجد دليل قوي على الفوائد الصحية للمياه القلوية.
الأكثر من ذلك أن فينتون تؤكد أننا ببساطة لا نستطيع تغيير معدل الحموضة في أجسادنا من خلال شرب المياه القلوية، وتضيف: “ينظم الجسم الرقم الهيدروجيني في الدم على نطاق ضيق للغاية لأن الإنزيمات مصممة لتعمل في مستوى 7.4 pH وإذا اختلف الرقم الهيدروجيني كثيرًا فلن نبقى على قيد الحياة”.
ترى فينتون أن المياه القلوية حل لمشكلة لا تحتاج لحل من الأساس
وبينما لا نستطيع أن نغير معدل حموضة الدم فإن نظامنا الغذائي يؤثر في درجة حموضة البول، تقول فينتون: “يبلغ الرقم الهيدروجيني للبول في معظم الناس 6 pH مما يعني أنه حمضي، وهذه ليست مشكلة فهذا يعني أن الكلية تعمل بكفاءة، لذا فتناول المياه القلوية قد يجعل البول أقل حموضة وهذا لا يصنع فارقًا كبيرًا، لكنه يعني حرفيًا أنك تصرف نقودك في بالوعة الصرف الصحي”، وفي النهاية ترى فينتون أن المياه القلوية حل لمشكلة لا تحتاج لحل من الأساس.
لماذا تحظى المياه القلوية بتلك الشعبية إذا لم يكن لها أساس علمي؟ يقول تيم كولفيلد مؤلف كتاب “هل جوينيث بالترو مخطئة في كل شيء؟ (يسخر الكتاب من النصائح الصحية للمشاهير): “يبدو الأمر معقولًا فالفكرة لها جاذبية بديهية، كما أن المياه القلوية جزء من صناعة الصحة التي تكلف تريليونات الدولارات، والمبنية على تسويق منتجات غير علمية تمامًا، يبدو أن هناك عطشًا شديدًا لأي إستراتيجيات جديدة وفريدة لتحسين الصحة وتجنب الأمراض”.
بالإضافة إلى الانضمام للموجة الصحية، فالمياه القلوية جزء من رفع ذوق المياه كما تقول لوسي جرين مدير مجموعة السلوكيات الاستهلاكية بوكالة الإعلان “J Walter Thompson”، حيث أصبحت المياه المعبأة المشروب رقم 1 في الولايات المتحدة لأول مرة في التاريخ حتى إنها تجاوزت المياه الغازية التي تراجعت شعبيتها كثيرًا.
هل سمعتم من قبل عن تأثير الدواء الوهمي؟
تقول جرين: “هناك العديد من الاتجاهات المتعلقة بالمياه حاليًا، فمن المياه الخام (المستخرجة من باطن الأرض) التي انتشرت من خلال وادي السيليكون إلى المياه المتأينة، والآن توجد المياه المعدنية الحلال، ومياه “Oxigen” التي تمت معالجتها لتحتوي على مميزات خاصة وتدعي الشركة أنها تعزز من فوائد المياه باستخدام O4 وهو جزيء خاص يمنحنا جرعة مركزة من الأوكسجين”.
كما تشير جرين إلى أن “إنستغرام” ساهم في انتشار توجهات الطعام والشراب والصحة بشكل سريع”، فشركة مثل “Essentia” استفادت من ذلك الوضع بالتسويق الفعال والاستثمار في مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن إذا كانت المياه القلوية مجرد موضة عابرة ليس لها أساس علمي، فلماذا يقسم بعض الناس مثل صديقتي كيت بأنهم يشعرون بفوائدها؟ تقول فينتون: “غالبًا يتناولون كمية مياه أكثر من ذي قبل وهو أمر ليس بسيء، هل سمعتم من قبل عن تأثير الدواء الوهمي؟”.
المصدر: الغارديان