لأكثر من 30 مرة، حاول المصور حسام سالم (30 عامًا) السفر من قطاع غزة لاستلام جوائز مميزة فاز بها، أو حتى حضور معارض دولية شاركت فيها صوره التي التقطها خلال سنوات الحصار والحرب الأخيرة، لكن بوابة معبر رفح مع مصر حالت دون حقه، الأمر الذي جعله رغم عدسته المبدعة “الشاب الأسوأ حظًا” عند حديث الصحافيين عن علاقة الغزيين مع السفر.
حصلت هذه الصورة على جائزة إسطنبول
يحب سالم أن يعرض لمن يجالسهم التأشيرات التسعة التي انتهت دون أن يتمكن من السفر، معددًا منها ماليزيا وإسبانيا والولايات المتحدة وتونس وروسيا، وكذلك تركيا التي نجح في الوصول إليها قبل أيام، ويذكر أن “رحلة المعاناة” بدأت صيف 2015 عندما دُعي إلى دورة تدريبية للصحافيين العرب في العاصمة اللبنانية بيروت، فمن وقتها، ودع أهله أكثر من مرة قبيل الفجر، لكنه كان يعود إليهم ليشاركهم وجبة العشاء في اليوم نفسه!
صورة حسام الشهيرة لعائلة بكر
حظ سيء
دُعي حسام لحضور معرض صور شاركت به صوره في ماليزيا عام 2015 لكن قبل موعد السفر بيوم واحد تم الهجوم على عدة نقاط للجيش المصري في سيناء وقتل فيها نحو 30 جنديًا مصريًا ما دفع السلطات المصرية إلى إغلاق معبر رفح ما يقارب 6 شهور انتهت خلالها مدة التأشيرة التي حصل عليها من أجل ذلك، الطريف أن حامل جواز السلطة الفلسطينية – مثل حسام – لا يحتاج لتأشيرة دخول إلى ماليزيا، لكنه حصل عليها لإقناع السلطات المصرية بالسماح له بالخروج.
تكرر حصول حسام على تأشيرات إلى كل من إسبانيا وتركيا وتونس لتسلم جوائز دولية عامي 2016 و2017، انتظر فيها دوره على طابور السفر الطويل على معبر رفح
عمل على تجديد إصدارها مرة أخرى في محاولة أخرى للسفر عند إعادة فتح المعبر، لكن “اللعنة” التي تُلاحقه عرضت البريد الذي أُرسلت فيه الوثائق من غزة إلى رام الله للسرقة واستغرقت مدة البحث عنه أكثر من شهرين، ثم تم احتجاز البريد بعد العثور عليه أشهر أخرى حتى انتهاء فترة التحقيقات في رام الله، ما أضاع عليه أكثر من فرصة أخرى للخروج من تلك المرات النادرة التي تسمح بها السلطات المصرية بفتح معبر رفح كل ثلاثة شهور، فأُغلق المعبر مجددًا لتنتهي مرة أخرى مدة التأشيرات التي حصل عليها حسام.
تكرر حصول حسام على تأشيرات إلى كل من إسبانيا وتركيا وتونس لتسلم جوائز دولية عامي 2016 و2017، انتظر فيها دوره على طابور السفر الطويل عند المعبر، لكن موعده جاء في الوقت الذي كان جواز سفره في رام الله لتجديده بعد انتهاء مدة إصداره دون أي نجاح بوضع أختام عليه.فرصة أخرى ضاعت على حسام عندما حاول السفر في شهر يوليو/ تموز من العام الحالي لحضور معرض شاركت فيه صوره بكل من تركيا وألمانيا، وعندما تمكّن من عبور الجانب الفلسطينية في معبر رفح باتجاه الجانب المصري أعاده الجانب المصري مع العديد من المسافرين الحاصلين على التأشيرات التركية والذين يتم إرجاعهم في أغلب المرات.
يضاف إلى ذلك أن الذين يحملون تأشيرات دخول إلى تركيا يتم التضييق عليهم من قبل الجانب المصري لاسيما إذا كانوا من الشباب، ما يضطر العديد من الراغبين بالسفر إلى دفع مبالغ كبيرة للتنسيق لعبور معبر رفح وقد تصل تكلفتها من 1500 – 4000 دولار أمريكي.
الخروج من “السجن”
الأشهر الثلاث الماضية حاول حسام السفر خارج غزة 12 مرة، باءت كلها بالفشل والإرجاع، إلى أن تمكن في المُحاولة الـ13 من عبور بوابة “هذا السجن” باتجاه مطار القاهرة الدولي في رحلة ترحيل برية استغرقت أكثر من عشرين ساعة مر خلالها – مع مئات الغزيين المسافرين خلال صحراء سيناء – على عشرات نقاط التفتيش التابعة للجيش المصري، ثم ركب الطائرة لأول مرة في حياته مسافرًا إلى مدينة إسطنبول.
ولد حسام سالم في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة عام 1989 وبدأ التصوير كهواية بداية عام 2008 حين اشترى كاميرا صغيرة بمبلغ 90 دولارًا شارك من خلالها في نحو 40 معرضًا للصور داخل قطاع غزة
عشرات المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي كتبها أصدقاء حسام احتفالًا بتمكنه من تحقيق حلمه البسيط بالسفر وحقه المحروم منه هو وأكثر من مليوني إنسان في غزة من التنقل بحرية، سيبدأ حسام حياة جديدة خارج غزة باحثًا عن مستقبل جديد حُرم من أن يبدأه باكرًا بسبب الحصار الإسرائيلي المصري على غزة الذي يقف عائقًا أمام مئات الشباب داخل غزة من المضي قدمًا نحو ما يرنون إليه.
بطاقة تعريف
ولد حسام سالم في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة عام 1989 وبدأ التصوير كهواية بداية عام 2008 حين اشترى كاميرا صغيرة بمبلغ 90 دولارًا شارك من خلالها في نحو 40 معرضًا للصور داخل قطاع غزة، ثم انضم إلى فريق مصوري فلسطين وشارك معهم في المعارض التي أقاموها، وكان أهمها معرض “غزة بعيوننا” في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة.
ثم انتقل للعمل مع مجلة محلية منتصف عام 2009 وبيعت أول صورة له في 15 من مارس/آذار 2010 لأحداث مسيرات إنهاء الانقسام وقتها، ثم اتجه للعمل لتصوير مشاريع المؤسسات الدولية في قطاع غزة، ثم عمل منتجًا لتقارير وأفلام وثائقية لصالح وسائل إعلام عربية وعالمية.
اعتبرت صورته التي بعنوان “عمود السحاب” أيقونة العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2012، وفازت الصورة التي التقطها لرجل من عائلة بكر يشق قميصه أمام مستشفى دار الشفاء بغزة بعد وصول جثث أطفال العائلة الأربع الذين قتلتهم نيران الاحتلال الإسرائيلي على شاطئ بحر غزة، بعدة جوائز دولية بعد أن انتشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام العالمية.
كذلك حصل حسام على جائزة أفضل مصور صحفي شاب في الدورة الثالثة لمهرجان “جوائز إسطنبول” عام 2017، التي تقدم إليها 22 ألف مصور من مختلف دول العالم، حيث كان سالم ضمن الـ12 مصورًا الفائزين ضمن فئة المصورين الصحفيين الشباب، بصورته التي أخذت عنوان “التدريب في شوارع غزة”.