ترجمة حفصة جودة
رغم أن الغموض ما زال يكتنف جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فإنه من الواضح تمامًا أن حكام المملكة قساة ولا يمكن تصديقهم أو الوثوق بهم، لقد حان الوقت للاعتراف بحقيقة الحرب الوحشية للمملكة في اليمن.
كانت إدارة ترامب قد طالبت بوقف إطلاق النار لكن يبدو أن طلبها لم يؤد إلا لمزيد من القتال، يجب على الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهم من الدول المساعدة للحملة السعودية المطالبة بإيقاف المذبحة فورًا.
لقد كشف ولي العهد السعودي والحاكم الحقيقي للبلاد محمد بن سلمان وجهه الحقيقي في أكاذيبه بشأن مقتل خاشقجي، رغم أن سفاحيه هم المسؤولون عن قتله وتقطيعه في السفارة السعودية بإسطنبول.
ما زال الأمير يشن غاراته القاتلة على اليمن باستخدام أسلحة أمريكية، وأصبحت صورة الفتاة الجائعة ذات العيون الواسعة وجهًا معبرًا عن الصراع القبلي والطائفي الذي تسبب في أسوأ كابوس إنساني لأفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، وبعد التقاط صورة الطفلة أمل بوقت قصير ماتت، كما يموت أطفال اليمن كل يوم وما زالوا يموتون.
وضرب التحالف السعودي مطار صنعاء وبدأ في هجومه على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون
يبدو أن المسؤولين في إدارة ترامب فهموا أخيرًا مدى فظاعة الحرب وأنها بلا هدف، وأن الولايات المتحدة متورطة بشدة من خلال ذخائرها ووقودها ومساعدتها للتحالف السعودي، ففي الأسبوع الماضي حث وزير الدفاع جيمس ماتيس جميع الأطراف على وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا ثم البدء في محادثات والتعاون مع مفاوضات الأمم المتحدة للسلام، أما وزير الخارجية مايك بومبيو فأطلق تصريحًا يطالب فيه المتمردين الحوثيين بوقف إطلاق القذائف على السعودية، وطالب السعودية بوقف قصف المناطق المأهولة بالسكان.
لقد تأخرت هذه المطالب كثيرًا، وكان من المفترض أن يقوم بها الرئيس ترامب مع تحذير شديد اللهجة بأن الولايات المتحدة سوف تسحب مساعداتها العسكرية إذا استمرت السعودية في قصفها العشوائي غير المسؤول.
يبدو أن السعودية اعتبرت تلك المطالب إشارة إلى أن تحقق مكاسبها الآن، وضرب التحالف السعودي مطار صنعاء وبدأ في هجومه على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، وهذا الميناء يعد ممرًا حيويًا للغذاء والمؤن، لكن الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن ما زالوا في أمان، ولم تتمكن أمريكا من هدفها في هزيمة المتمردين.
هذا هو الوضع بشكل كبير منذ بداية الحرب عام 2014 عندما سيطر الحوثيون على معظم البلاد وأجبروا الرئيس المعترف به دوليًا عبد ربه هادي على الفرار، وتعتبر السعودية والإمارات و7 دول عربية سنية أخرى أن الحوثيين هم حلفاء إيران الشيعية، لذا بدأوا حملتهم لاستعادة الحكومة بدعم لوجستي واستخباراتي من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
أنكرت السعودية دون أي مبالاة مسؤوليتها عن الحوادث المدنية
لكن هذه الحملة تحولت إلى حرب استنزاف قاسية، فقد حاولت السعودية بقيادة ابن سلمان تضييق الخناق على الحوثيين من خلال الغارات الجوية والحصار وقطع الرواتب وغيرها من الإجراءات العقابية، مما دفع باليمن نحو الانهيار ومجاعة ذات أبعاد كارثية، فقُتل على الأقل 10 آلاف يمني ويواجه نصف السكان (نحو 28 مليون نسمة) خطر المجاعة.
مع تصاعد الخسائر المدنية أنكرت السعودية دون أي مبالاة مسؤوليتها، وقالت في بعض المرات النادرة إنها ستحقق في الأمر، وفي إحدى الهجمات المروعة ألقت السعودية قنبلة أمريكية على حافلة مدرسية وتسببت في مقتل 51 شخصًا من بينهم 40 طفلًا، ووصف ترامب هذا الحادث بأنه “عرض رعب” وقال إن السبب عدم استطاعة التحالف السعودي استخدام الأسلحة بشكل صحيح.
رغم ذلك يبدو أن ترامب يشعر بالقلق أكثر بشأن حماية صفقات السلاح المربحة والحفاظ على علاقته بولي العهد بدلًا من كبح جماح أكاذيبه وتجاوزاته، لكن الوزيرين بومبيو وماتيس اعترفا أن حمام الدم في اليمن لن يخدم مصالح السعودية أو الولايات المتحدة، وعلى النقيض تقول منظمة العفو الدولية إن الولايات المتحدة في خطر أن تصبح مساعدًا في جرائم الحرب.
لقد اتخذ الوزراء الخطوة الأولى، والخطوة الثانية هي المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، إضافة إلى بدء المفاوضات على نطاق أوسع بواسطة الولايات المتحدة.
المصدر: نيويورك تايمز