ترجمة وتحرير: نون بوست
“إسرائيل دولة ديمقراطية وليست منظمة إرهابية” هكذا تحدث بيتر داتون، زعيم الحزب الليبرالي الأسترالي المعارض، وفي إنكاره لأي تكافؤ بين حزب الله ودولة إسرائيل، فإن داتون على حق تماما.
حزب الله هو حركة مقاومة نشأت من رماد بيروت بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982. في المقابل، تُعتبر إسرائيل دولة محتلة تمارس الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني والعديد من الشعوب الأخرى منذ تأسيسها في عام 1948.
تعد قدرة إسرائيل على إحداث الألم والمعاناة جزءاً أساسياً من استمراريتها، كما يتضح من الوضع في غزة خلال العام الماضي، الذي بلغ مرحلة الإبادة الجماعية، مما يشير إلى وجود طريق طويل يجب قطعه لتحقيق العدالة.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل ليست ديمقراطية، ولم تكن كذلك في أي وقت، ولم يكن مخططاً لها أن تكون ديمقراطية. التمييز الممنهج ضد الفلسطينيين مُدمج في قوانينها وأنظمتها ونظامها القضائي، مما يُعزز من حالة إنكار العدالة التي يعاني منها الفلسطينيون.
أسفر احتلال الأراضي الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها عام 1967 عن إقامة دولة فصل عنصري بشكل علني. يعيش حالياً أكثر من 700,000 مستوطن في الضفة الغربية والقدس الشرقية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي من قبل الحكومات الإسرائيلية.
كما أن أكثر من 25,000 مستوطن يقيمون في مرتفعات الجولان السورية، وهذا أيضا خرق للقانون الدولي، مع استمرار التخطيط لمزيد من الاستيطان في جميع هذه الأراضي.
القانون الدولي لا يعني شيئاً
على مدار آخر ثمانية عقود، أثبتت التجارب أن القانون الدولي لا يُطبق على إسرائيل.
تُعتبر القدس حالة خاصة في التاريخ الفلسطيني، حيث يُعتقد على نطاق واسع أنه رغم احتلال الجزء الشرقي من المدينة، فإن لإسرائيل حقاً ما في القدس الغربية.
ومع ذلك، فإن هذا الاعتقاد غير دقيق. تمكنت إسرائيل من السيطرة على النصف الغربي من المدينة عام 1948، قبل أن يتدخل المجتمع الدولي لوقف القتال. منذ ذلك الحين، انتهكت إسرائيل توصيات خطة التقسيم التي أوصت بتحويل القدس إلى كيان منفصل تحت إدارة دولية.
بينما ساهم المستوطنون اليهود الذين يفضلون العيش في القدس بدلاً من “الكيبوتس”، في تغيير التركيبة السكانية، كانت معظم الأراضي والممتلكات في المدينة وحولها مملوكة، حتى عام 1948، للمسلمين والمسيحيين الفلسطينيين. وما زالت هذه الملكية قائمة رغم القوانين العقارية المزيفة.
في عام 1949، وضعت الهدنة النصف الشرقي من المدينة تحت إدارة الأردن.
“وصي الأملاك الغائبة”.. استيلاء على الحقوق الفلسطينية
تعرض الفلسطينيون للطرد من أراضيهم وسُرقت ممتلكاتهم، حيث تم توزيع جميع الممتلكات المسروقة عبر فلسطين على المستوطنين بواسطة “وصي الأملاك الغائبة” أو استولت عليها الطبقات العليا في المؤسسة الصهيونية.
حتى الفلسطينيون الذين انتقلوا من منازلهم إلى أجزاء أخرى من فلسطين خلال فترة النزاع، تم سلب ممتلكاتهم، حيث تم تعريفهم كـ “غائبين حاضرين”، كما لو كان من الممكن أن يكون الشخص حاضرًا وغائبًا في الوقت ذاته.
في عام 1967، وبعد الهجوم على مصر وسوريا، استولت إسرائيل على القدس الشرقية. وفي عام 1980، أقرّت الحكومة الإسرائيلية “قانون القدس”، الذي يعتبر المدينة بأكملها عاصمة لإسرائيل. لكن هذا القرار قوبل بمعارضة دولية، حيث أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 478 الذي أعلن أن “قانون القدس” “لاغٍ وباطل”.
في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعلن الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستعترف بالقدس، المدينة بكاملها، كعاصمة لإسرائيل. وبعدها، في 21 كانون الأول/ ديسمبر، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة طارئة لمناقشة القرار ES-10/19، الذي أعدته تركيا واليمن. ينص القرار على أن “أي قرارات أو إجراءات تدعي أنها غيرت الطابع أو الوضع أو التركيبة السكانية للمدينة المقدسة ليس لها أي تأثير قانوني، وهي لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها وفقًا للقرارات ذات الصلة لمجلس الأمن”.
كما دعا القرار الدول الأعضاء إلى الامتناع عن فتح بعثات دبلوماسية في المدينة، مشيراً إلى أن وضع القدس هو “مسألة نهائية” يجب حلها من خلال المفاوضات. ومع ذلك، تعتبر إسرائيل وضع القدس غير قابل للتفاوض، بغض النظر عن قرارات الأمم المتحدة أو أي جهة أخرى.
تمت الموافقة على القرار بأغلبية 128 صوتاً مؤيداً، مقابل 9 أصوات معارضة، و21 غائباً، و35 امتناعاً، بما في ذلك أستراليا. ومن بين الأصوات التسعة المعارضة، كانت الولايات المتحدة وإسرائيل وغواتيمالا، بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى مثل هندوراس وجزر مارشال وميكرونيزيا وناورو وبالاو وتوجو.
في 2018، قامت الولايات المتحدة بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وتبعتها غواتيمالا في العام ذاته، ثم كوسوفو وهندوراس في 2021، وبابوا غينيا الجديدة في 2023. وبينما تعترف روسيا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، إلا أنها لا تزال تحتفظ بسفارتها في تل أبيب، كما اقترحت أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية “بين النهر والبحر”، وهو ما تؤكد إسرائيل أنها لن تسمح به أبداً.
“السرقة الكبرى”
تُعتبر قضية القدس مجرد فصل من فصول طويلة من تاريخ السرقات الكبرى.
بين عامي 1920 و1948، استطاع الصهاينة شراء ما يتراوح بين 5% و6% فقط من أراضي فلسطين. وكانت معظم هذه الأراضي تعود لمالكين غائبين، مما أدى إلى غياب الارتباط العاطفي العميق الذي يجمع هؤلاء الفلسطينيين الغائبين بأراضيهم، التي تعد مركز هويتهم وليس مجرد مصدر للعيش.
احتفظ الفلسطينيون الذين يمتلكون الأراضي بحقوقهم، بينما أُجبر أولئك الذين سكنوا أراضٍ بيعت للصهاينة على مغادرتها.
إن “الديمقراطية” التي يتحدث عنها السيد داتون تأسست على أرض شهدت طرد نحو 800,000 من سكانها الأصليين عبر إرهاب منظم في عام 1948. وتم تدمير أكثر من 500 قرية وتجمع سكاني، كجزء من سياسة التدمير المتعمد التي نفذها الصهاينة في فلسطين. لم تكن الحرب خياراً، بل ضرورة لإقامة دولة يهودية.
تلت الجولة الأولى من التطهير العرقي المفتوح جولة ثانية في عام 1967. وحتى في إسرائيل قبل ذلك العام، لم يكن الفلسطينيون المسلمون والمسيحيون يعيشون تحت نفس القوانين التي تطبق على اليهود.
ورغم أن حق التصويت يُعتبر دليلاً على الديمقراطية في إسرائيل، فإن التمييز الممنهج يشكل سمة دائمة في حياة الفلسطينيين.
في الأراضي المحتلة عام 1967، يعاني الفلسطينيون من جميع أنواع العنف الناجم عن الأسلحة التي تستخدمها الدولة، حيث تُستخدم هذه الأسلحة بشكل علني في تحدٍ للقانون الدولي، بما في ذلك القوانين الزائفة والتساهل مع عنف المستوطنين والاعتداءات الجوية والبرية من قبل الجيش.
“العنف الممنهج”
إن العنف الذي تمارسه إسرائيل ليس مجرد حوادث عابرة، بل هو نمط سائد: إنه الخيار الذي اختارته لتضمن وجودها.
بين عامي 1948 و1949، تدفق نحو 100,000 لاجئ فلسطيني إلى لبنان، حيث استقروا في المخيمات التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. ومن بين هذه المخيمات، مخيمات برج البراجنة وصبرا وشاتيلا، التي شهدت في عام 1982 مذبحة راح ضحيتها نحو 3000 فلسطيني على يد الحرس الحديدي.
أشرف الجيش الإسرائيلي على تلك المذبحة، حيث أحاط بالمخيمات وأدخل القتلة، بل أضاء المخيمات ليلاً ليتمكن القتلة من رؤية ضحاياهم. إن قصف الأبراج السكنية في بيروت يعكس ازدراء إسرائيل الواضح بحياة المدنيين غير اليهود، وهو ما يتجلى الآن بشكل مروع في كل من غزة ولبنان.
في الأشهر الأربعة، بين 6 حزيران/ يونيو -حين عبر الجيش الإسرائيلي خط الهدنة الإسرائيلي اللبناني لعام 1949- و29 أيلول/ سبتمبر، عندما انسحبت إسرائيل من بيروت، قُتل ما يقرب من 20,000 مدني لبناني وفلسطيني على يد إسرائيل وحلفائها الفاشيين، مما يبرز مدى استعداد إسرائيل لاستخدام القوة في “الدفاع عن النفس”.
انطلقت المقاومة فلسطينية المنظمة من لبنان في الستينيات بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. وقد شهدت تلك الفترة عمليات جوية وبرية متكررة من قبل القوات الإسرائيلية. في عام 1968، دمرت إسرائيل 13 طائرة تابعة للخطوط الجوية الشرق أوسطية كانت متوقفة على مدرج مطار بيروت الدولي.
بعد الهجوم الفلسطيني على الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ عام 1972، ردت إسرائيل بقصف مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا، مما أسفر عن مقتل حوالي 200 شخص، وهي أرقام يصعب التحقق في مثل تلك الظروف.
في عام 1973، هاجمت إسرائيل غرب بيروت من البحر، مما أدى إلى مقتل شخصيات بارزة في منظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك الكاتب كمال ناصر.
وفي عام 1978، رداً على هجوم شنته المقاومة بالقرب من تل أبيب أسفر عن مقتل أكثر من 30 إسرائيلياً، بما في ذلك أطفال، غزت إسرائيل لبنان (عملية الليطاني)، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 2000 فلسطيني ولبناني، بينهم العديد من الأطفال.
أدى الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 إلى نفي منظمة التحرير الفلسطينية وظهور حزب الله، تبعه احتلال إسرائيل للجنوب اللبناني لمدة 18 عاماً، وانتهى أخيراً بنجاح حزب الله في إنهاء الوجود الإسرائيلي (مع استمرار الاحتلال في منطقة مزارع شبعا).
منذ الخمسينيات، واجهت إسرائيل مقاومة من حركات علمانية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، لكن الحركات الإسلامية بدأت بالسيطرة بعد فشل “عملية السلام”.
بينما تبقى المقاومة هي المحور، وليس الهوية الإيديولوجية لمن يقاوم، فإن صعود حركة حماس أضاف الإسلاموفوبيا إلى الترسانة التي يستخدمها أعداء المقاومة لتشويه سمعتها.
الغزو والاحتلال
يُصنف حزب الله كمنظمة إرهابية من قِبل حكومات تدعم دولة قامت بقتل عدد هائل من المدنيين، يفوق بكثير ما قتله أعداؤها.
ولا يخفى أن هذه الحكومات، خلال حروبها في الشرق الأوسط، قد أودت بحياة عدد أكبر من المدنيين، مما يعكس ازدراء هذه الحكومات التام بحياة المسلمين، تماما مثل إسرائيل. ويبدو أن هناك تآلفاً بين هذه الحكومات.
بينما تقوم هذه الدول بالغزو والاحتلال وممارسة الإرهاب الجماعي باستخدام قنابلها وصواريخها، فإنها بالطبع لا تُعتبر منظمات إرهابية، بل تُصنف كدول، كما لو أن إرهاب الدولة ليس إرهابا.
ربما لم يصل إرهاب الدولة الإسرائيلية إلى ذروته، فبعد غزة، جاء دور لبنان، ومع إيران وأي جهة أخرى تعترض طريق الولايات المتحدة وإسرائيل، قد تطرأ أحداث جديدة في الأيام أو حتى الساعات القادمة.
“حتى الطفل يمكن أن يفهم المعادلة”
تهدف الهجمات المتوقعة لإخراج إيران من المعادلة بشكل دائم كأحد أعداء إسرائيل، حيث يمكن أن تستهدف هذه الهجمات صناعة النفط والمنشآت النووية، بالإضافة إلى تصفية قيادات الحرس الثوري الإيراني، مما ينذر بأن الضربة ستكون هائلة. وكل هذا هو نتيجة لما حدث في فلسطين عام 1948.
يمكن لأي طفل أن يدرك المنطق هنا: عندما تنتزع ما هو ملك لي، سأقاتل لاستعادته مهما طال الزمن. ليس بالضرورة أن السيد داتون غير قادر على إدراك هذه الحقيقة، لكنه يختار عدم التعبير عنها علناً.
إنه سياسي يتبع نصاً أمريكياً إسرائيلياً تم إملاؤه على أستراليا، مضيفاً لمسة شخصية بدعوته لطرد السفير الإيراني من البلاد بسبب تعبيره عن رأيه.
تصنيف حماس وحزب الله كمنظمات إرهابية أصبح أداة تُستخدم لقمع أي معارضة للإبادة الجماعية.
في أستراليا، يمكن أن يؤدي رفع علم حماس أو حزب الله أو ارتداء قميص يحمل شعاراتهما أو التعبير عن دعمهما في مظاهرة، إلى مواجهة عقوبات قانونية أو حتى السجن. بينما لن يواجه رفع علم الدولة التي ترتكب الإبادة الجماعية العواقب ذاتها، نظرًا لأن تلك الدولة تحظى بدعم الحكومة الأسترالية.
اتفاقية الإبادة الجماعية
تقدمت جنوب إفريقيا، استناداً إلى “اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومعاقبتها” لعام 1948، بشكوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. وقد أصدرت المحكمة حكماً مؤقتاً في كانون الثاني/ يناير من هذا العام، اعتبرت فيه أن الاتهام بالإبادة الجماعية في غزة “محتمل”. ومع ذلك، تشير الأدلة المتزايدة منذ ذلك الحين إلى أن الإبادة الجماعية ليست مجرد احتمال، بل هي واقع مستمر يُمارَس بدعم واسع من المجتمع اليهودي الإسرائيلي.
وفي إطار هذه الاتفاقية، سعى كل من حزب الله والحوثيين في اليمن إلى التصدي للإبادة الجماعية. قام اليمنيون بعرقلة الشحنات المتجهة إلى ميناء العقبة نحو الدولة التي ترتكب هذه الإبادة، في حين ربط حزب الله هجماته على المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية بالأحداث في غزة.
وأعلن حزب الله أنه سيوقف هذه الهجمات بشرط توقف إسرائيل عن هجماتها على غزة، إلا أن إسرائيل استمرت في قصفها وبدأت بمحاكاة وضع غزة في لبنان. ورغم ذلك، يُتهم اليمن وحزب الله في وسائل الإعلام بالاعتداء على إسرائيل، بينما تُعفى الحكومات التي ساهمت في حدوث الإبادة الجماعية من أي مسؤولية، سواء من خلال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة أو استمرار تقديم الدعم لإسرائيل.
تأسست إسرائيل على الإرهاب وعاشت عليه لما يقرب من ثمانية عقود. وهذا الإرهاب ليس عرضياً، بل هو جزء جوهري من وجود الدولة. لا تستطيع إسرائيل الاستمرار دون إرهاب، لأنه إذا تخلت عنه، فلن تتمكن من الحفاظ على رؤيتها كدولة يهودية ذات حق حصري في جميع أراضي فلسطين.
لا يمكن لإسرائيل العيش ضمن إطار القانون، لأن ذلك يعني الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حق العودة، بالإضافة إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967. وليس لدى إسرائيل أي نية للقيام بأي من ذلك، لأنه يعني التخلي عن الرؤية الصهيونية التي تجهض أي أمل للفلسطينيين.
وفي ظل عدم رغبتها في التسوية على أساس القانون والعدالة، تواصل إسرائيل الحديث مع الفلسطينيين وحلفائها بلغة واحدة فقط: لغة القنابل وقذائف الدبابات والصواريخ والاغتيالات.
تُعتبر إسرائيل مشروعًا غربياً مفروضاً على منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، لم يتحمل الغرب أبداً المسؤولية عن أفعاله، بل دعم إسرائيل بالأموال والأسلحة في كل منعطف، متذرعاً بحق الدفاع عن النفس لتبرير جرائمها الفظيعة، مما يحوّل الجاني إلى ضحية بشكل دائم، كما يفعل بيتر داتون.
بلغ السيل الزبى
لقد استمر هذا الوضع لمدة 76 عاماً، وآن الأوان لنقول: يكفي ذلك. إن الشرق الأوسط اليوم يقف على حافة ما يبدو أنه المرحلة النهائية من صراع وجودي يهدد بإغراق المنطقة بأسرها في هاوية عميقة، ويجرف معه الغرب المتواطئ في الإبادة الجماعية.
من الأب القاسي الذي يرعب أسرته إلى اللص الذي يحمل سكينًا، ومن الجيش الذي يفرض إرادته على شعب محتَل، إلى حركة المقاومة التي ترد على العدوان، يُستخدم الإرهاب كأداة للسيطرة وتعديل السلوك.
عندما تتعرض الضحية للإرهاب لفترة طويلة، فإنها ستضطر في النهاية إلى الاستسلام. هذا هو المنطق، خاصة إذا لم تجد المقاومة الأسلحة الكافية، لكن ذلك غالبًا لا يحدث، لأن الإرادة البشرية على المقاومة تكون أقوى من السلاح.
تمارس الدول المحتلة الإرهاب، بينما تستخدم حركات المقاومة أساليبها في الرد، لكن بشكل أقل تأثيراً. الفارق بينهما، بالإضافة إلى الاختلاف في القوة النارية، يكمن في حق حركة المقاومة في مقاومة الغزو والاحتلال. في هذه الحالة، لا تمتلك الدولة حقوقاً، بل مسؤوليات فقط.
بين حزب الله وإسرائيل، يجب أن يُلاحظ أن حزب الله سعى لتقليل الخسائر المدنية من خلال استهداف المواقع العسكرية، بينما عملت إسرائيل على زيادة الخسائر المدنية عبر القصف الواسع للأحياء السكنية.
ما نشهده يومياً في الشرق الأوسط كان يمكن تجنبه لو تم اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب. يبدو أن الزخم الآن لا يمكن وقفه.
فقط عندما تنتهي هذه الحرب المتوسعة قد يعترف الغرب بخطئه، لكن ذلك لم يحدث منذ عقود.
المصدر: فلسطين كرونيكل