حينما صرخت مستوطنة في إحدى مستوطنات غلاف غزة، في مقطع الفيديو المشهور “مخباليم” باللغة العبرية، وهي تصور بعدسة كاميرتها المقاومين في كتائب الشهيد عز الدين القسام على مركباتهم يسيطرون على المستوطنة، ثم صوّر آخر صورة طائرة شراعية للقسام تحلّق فوق الأراضي المحتلة في الغلاف، كانت بداية نهاية حقيقية لا مجازية لـ”إسرائيل” كفكرة.
تبع هذه المشاهد، الصورة الشهيرة لمقاوم في القسام يسحب جنديًا إسرائيليًا من دبابته ويضع قدمه فوق رأسه وجرافة تزيل الجدار الزائل بين المستوطنات وقطاع غزة، في يوم العبور الكبير المقدس من طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال هذا كله، كانت تنهار قوة ردع “إسرائيل” التي بنتها طويًلا، وتصاعدت فكرة إمكانية هزيمة الدولة التي “لا تقهر”.
بعد عامٍ من طوفان الأقصى، المعركة الأعظم في تاريخ القضية الفلسطينية، ظهرت مؤشرات عديدة، حتى بلسان الإسرائيليين أنفسهم، تفيد بأن فكرة زوال “إسرائيل” باتت قابلة للنقاش والطرح داخليًا ودوليًا، وتخوفات حقيقية تنهش في المجتمع الإسرائيلي حكومة وجيشًا ومستوطنين.
ومع بداية طوفان الأقصى، تفاءل المؤرخ اليهودي إيلان بابيه المعادي للصهيونية، ببداية النهاية وقال: “نحن في مرحلة بداية نهاية المشروع الصهيوني، هي مرحلة طويلة وخطيرة، ولن نتحدث عن المستقبل القريب للأسف، بل عن المستقبل البعيد، فيجب أن نكون جزءًا من الجهود لتقصير هذه الفترة”.
وأشار بابيه، وهو صاحب كتاب “التطهير العرقي في فلسطين” الذي وثق فيه جرائم الاحتلال خلال النكبة عام 1948، إلى ما اعتبرها 5 مؤشرات على بداية نهاية الصهيونية، لخصها في: الحرب اليهودية الأهلية، ودعم غير مسبوق لفلسطين، وعجز اقتصادي في “إسرائيل”، وضعف الجيش، وجيل يهودي جديد يكفر بـ”إسرائيل” كمشروع صهيوني.
هجرة يهودية عكسية
قبل طوفان الأقصى، كان تعداد اليهود في الأراضي المحتلة نحو 7 ملايين و145 ألف نسمة، ازداد 216 ألف نسمة عن عام 2022، لكن الزيادة في هذه الأعداد لم تطُل كثيرًا، حتى بدأ الطوفان وبدأت معه الهجرة العكسية على شكلَين: من الأراضي المحتلة إلى الخارج، ومن المستوطنات إلى المدن الكبرى في دولة الاحتلال.
وبحسب موقع “زمان إسرائيل” العبري، فإنه وفقًا لبيانات سلطة السكان والهجرة لدى الاحتلال، غادر نحو 370 ألف إسرائيلي الأراضي المحتلة منذ اندلاع طوفان الأقصى وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، أما في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 غادر نحو 139 ألفًا و839 إسرائيليًّا، وليس معلومًا ما إذا كانوا سيعودون إلى البلاد أم لا، علمًا بأن هذه الأرقام لم تشمل آلاف العمال الأجانب والدبلوماسيين الذين غادروا البلاد منذ اندلاع الحرب.
وأظهرت الأرقام المبكرة أيضًا أن عدد المهاجرين اليهود إلى “إسرائيل” قد انخفض في الشهر الأول بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بنسبة 50% مقارنة ببداية العام، ثم انخفض العدد بنسبة 70% في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إذ هاجر فقط ألفا شخص إلى الكيان الصهيوني بين بداية أكتوبر/تشرين الأول ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
وبحلول يونيو/حزيران 2024 ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن نصف مليون إسرائيلي غادروا بالفعل دولة الاحتلال ولم يعودوا في الأشهر الست الأولى من الحرب، ولا يُعلم ما إذا ما كان ذلك قرارًا مؤقتًا أم أنه سيتحول إلى هجرة دائمة.
وأكدت القناة 12 العبرية في تغطيتها أن الأدلة تشير إلى أن جل من فروا من دولة الاحتلال من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حتى مارس/آذار 2024 لا ينوون العودة مرة أخرى، وأنهم بدؤوا بالفعل الانتقال التام بحياتهم إلى خارج البلاد، وفي سبتمبر/أيلول 2024، كشفت معطيات رسمية صدرت عن دائرة الإحصاء المركزية عن تزايد ملحوظ في ظاهرة هجرة الإسرائيليين للخارج، حيث غادر أكثر من 40 ألفًا خلال الأشهر السبع الأولى من 2024.
ومع مرور عام على طوفان الأقصى، أظهر استطلاع أجرته قناة “كان” التابعة لهيئة البث الرسمية الإسرائيلية، أن 23% من الإسرائيليين فكروا خلال عام الحرب، في مغادرة البلاد، بسبب الوضع السياسي والأمني الراهن، وأشار الاستطلاع إلى أن العلمانيين أكثر ميلًا للمغادرة مقارنة باليهود الحريديم (المتدينين).
ولم تقتصر الهجرة على الخارج فقط، فبينما بدأت الحرب في الجبهة الجنوبية لفلسطين مع قطاع غزة، وشمالًا مع “حزب الله” اللبناني، وجد الاحتلال نفسه أمام أكثر من نصف مليون مستوطن، كما أعلن جيش الاحتلال، فرّوا من مكان سكنهم بحثًا عن أمان في أراضٍ محتلة، كما أعلن عن خطة “هبوب الريح” لإخلاء المستوطنات الحدودية.
وبعد عام من الطوفان، أظهر استطلاع رأي لقناة “كان” العبرية أن 61% من المستوطنين لا يشعرون بالأمان في “إسرائيل”، و86% يقولون إنهم غير مستعدين للعيش بمستوطنات غلاف غزة بعد الحرب، وهو من ضمن المؤشرات التي وضعها إيلان بابيه، حيث “لا يمتلك الجيش القدرة على حماية المجتمع اليهودي في الجنوب والشمال”.
View this post on Instagram
انهيار فكرة أرض اللبن والعسل
حاولت الحركة الصهيونية أن تزرع هذه التصورات الاقتصادية لتكون أحد منطلقاتها لاحتلال فلسطين، وهو ما تمثّل في ممارسات لويس برانديس الأمريكي اليهودي، الذي اُنتخب بعد الحرب العالمية الأولى رئيس للجنة التنفيذية المؤقتة للشؤون الصهيونية، وكان من مؤسسي الكونغرس الصهيوني الأمريكي ورئيس اللجنة التنظيمية له، واستثمر علاقاته مع الرئيس الأمريكي ويلسون الذي قدّم بركته لتصريح بلفور، وزار فلسطين عام 1919 حيث شارك في المؤتمر الصهيوني العالمي، وساهم في إقامة “الشركة الاقتصادية لأرض إسرائيل”.
يقول برانديس عن فلسطين: “هذه الأرض التي كانت غير مشجرة منذ جيل مضى، وكان مفترضًا أنها قاحلة وجرداء ولا أمل فيها، ظهرت أنها غير مشجرة وقاحلة نتيجة إساءة الإنسان استعمالها، ولقد برهنت الآن أنها أرض باستطاعتها أن تصبح مرة أخرى أرض العسل واللبن”.
لكن طوفان الأقصى جاء بأحد مؤشرات بداية النهاية لهذا المشروع، بخسائر فادحة وعجز اقتصادي هو الأكبر الذي تعاني منه دولة الاحتلال منذ قيامها.
فبعد عامٍ من الطوفان، تشير وكالة بلومبيرغ إلى أن مسؤولين إسرائيليين قدروا فاتورة الحرب خلال العام الماضي بنحو 66 مليار دولار، وهو ما يعادل نسبة 12% من الناتج المحلي لدولة الاحتلال، كما بلغ الإنفاق الحربي خلال العام الماضي 25.9 مليار دولار وعجز الميزانية 8.3%، ما أدى إلى زيادة الاعتماد على القروض لتمويل هذا العجز، وقد بلغت قروض “إسرائيل” خلال العام الماضي قرابة 53 مليار دولار.
وانخفض التصنيف الائتماني للاحتلال من الوكالات المختصة، التي كان آخرها “ستاندر آند بورز”، التي خفضت تصنيف “إسرائيل” من “إيه +” إلى “إيه” وذلك للمرة الثانية خلال العام، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية، نظرًا للمخاطر الجيوسياسية والأمنية حول دولة الاحتلال.
وفي سبتمبر/أيلول 2024، أظهر استطلاع إسرائيلي لشركة “ستارت آب نيشن”، أن نصف شركات التكنولوجيا الفائقة “الهايتك” في دولة الاحتلال أعلنت عن إلغاء استثماراتها منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأعربت نحو 70% عن مستويات متفاوتة من القلق بشأن قدرتها على رفع رأس المال في العام المقبل.
كما قالت 45% فقط من الشركات في شمال فلسطين المحتلة إنها تعمل بكامل طاقتها، بينما نقلت نحو 41% أنشطتها إلى وسط الأراضي المحتلة، و20% أكدت أنها لن تعود إلى الشمال، في حين يفكر 40% في نقل العمليات خارج الأراضي المحتلة، إما جزئيًا وإما كليًا.
بقاء “إسرائيل” مرهون بالدعم الأمريكي
بشكل علني وصريح، قال المرشح الرئاسي للانتخابات الأمريكية والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: “إذا لم أفز في هذه الانتخابات، فإن إسرائيل مع الرفيقة كامالا هاريس على رأس الولايات المتحدة سيكون محكومًا عليها بالفشل”، متوقعًا أن تختفي “إسرائيل” خلال عام أو عامين ولن تعود موجودة.
وتأكيدًا لذلك، تنقل صحيفة “هآرتس” العبرية عن ضابط دون الكشف عن هويته، إنه “لولا إمداد الأمريكيين للجيش الإسرائيلي بالأسلحة، وخاصة سلاح الجو، لكان من الصعب على إسرائيل أن تستمر في حربها لأكثر من بضعة أشهر”.
وتابع الضابط: “يعكف سلاح الجو (الإسرائيلي) على صياغة توصية لزيادة إنتاج القنابل والصواريخ والذخائر الأخرى بالداخل، في محاولة لتقليص اعتماده على الدول الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة”.
لا يتكلم ترامب أو حتى المسؤول الإسرائيلي من فراغ، فخلال عام من الإبادة الجماعية على الفلسطينيين، ومحاولة الاحتلال العبثية البحث عن نصر ما، تلقت دولة الاحتلال أكبر قدر من المساعدات الأمريكية العسكرية المرسلة إلى دولة، برقم قياسي لا يقل عن 17.9 مليار دولار، وفق تقرير لمشروع تكاليف الحرب التابع لجامعة براون الأمريكية، إضافة إلى 4.86 مليارات دولار إضافية ذهبت إلى تكاليف الحملة التي تقودها البحرية الأمريكية ضد جماعة أنصار الله الحوثي، التي أغلقت البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية.
ويقول التقرير إن دولة الاحتلال، أكبر متلقي للمساعدات العسكرية الأمريكية في التاريخ، حصلت على 251.2 مليار دولار من الدولارات المعدلة حسب التضخم منذ عام 1959، وتشمل المساعدات الأمريكية منذ بدء الحرب التمويل العسكري ومبيعات الأسلحة وما لا يقل عن 4.4 مليارات دولار في شكل سحب من المخزونات الأمريكية وتسليم المعدات المستعملة.
وكانت كثير من الأسلحة الأمريكية التي تم تسليمها في العام عبارة عن ذخائر، من قذائف المدفعية إلى القنابل خارقة الأقبية التي يبلغ وزن الواحدة منها 2000 رطل، بالإضافة إلى القنابل الموجهة بدقة، وتبلغ النفقات نحو 4 مليارات دولار لتجديد القبة الحديدية وأنظمة الدفاع الصاروخي ووقود الطائرات، كما تقول الدراسة.
الحل: تفكيك “إسرائيل”
بينما كان الاحتلال ينشر بروباغاندا كاذبة عن “جرائم” حماس في غلاف غزة وأن لـ”إسرائيل” الحق في الدفاع عن نفسها، انهارت دعايته عند نتائج استطلاع أجراه معهد هاريس ومركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد، وشمل ألفي ناخب أمريكي من فئات عمرية مختلفة، وأظهر أن 51% من الشباب من هذه الفئة العمرية يعتقدون أن الحل طويل المدى للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني هو “إنهاء إسرائيل وتسليمها لحماس والفلسطينيين”.
وفي حين أن غالبية الأمريكيين يدعمون دولة الاحتلال في حربها على غزة، بحسب الاستطلاع، فإن 67% من هؤلاء الشباب يؤيدون وقفًا غير مشروط لإطلاق النار من شأنه أن يُفرج عن المحتجزين في غزة ويترك حركة المقاومة الإسلامية حماس في السلطة.
وردًا على سؤال عما إذا كانوا يعتقدون أن حماس منظمة يمكن التفاوض معها لتحقيق السلام، قال 76% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا إنهم يعتقدون أنه يمكن التفاوض معها، كما أظهرت النتائج أن غالبية الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا وبين 25 و34 عامًا يعتقدون أن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة.
فلسطين: من البحر إلى النهر
بحسب المؤرخ اليهودي إيلان بابيه، فإن أحد مؤشرات انهيار المشروع الصهيوني، هو الدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية في العالم واستعداد معظم المنخرطين في حركة التضامن لتبني النموذج المناهض للفصل العنصري الذي ساعد على إسقاط هذا النظام بجنوب إفريقيا، مشيرًا إلى حركة “مقاطعة إسرائيل BDS” وسحب الاستثمارات منها، بالإضافة إلى الدخول في فترة جديدة بتحول الضغط على الاحتلال من الشعوب إلى الحكومات، وتأطير “إسرائيل” كدولة فصل عنصري من المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش وبيتسيلم.
وخلال عام من طوفان الأقصى، اندلعت مظاهرات في دول مختلفة من العالم نصرة لفلسطين وقضيتها ورفضًا للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبدأت ملامح الاحتلال تتعرى دوليًّا أمام جمهور في دول تعتبر حليفة للاحتلال، مثل بريطانيا وأمريكا اللتين شهدتا أكبر مسيرات في تاريخهما، وكان عنوانها فلسطين.
وسجل المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام أنه رصد أكثر من 26 ألف مظاهرة وفعالية في 20 دولة أوروبية، وذلك مع اكتمال عام على الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتوسعت حملات دعم فلسطين، إلى حملات مقاطعة داعمي “إسرائيل” حول العالم، من المؤسسات والشركات التجارية والشخصيات العامة، على سبيل المثال، فقدت شركة “ستاربكس” الأمريكية أكثر من 16% من قيمتها السوقية خلال عام واحد، وهبط تقييمها في السوق إلى ما دون الـ100 مليار دولار،.
وبينما يرى المؤرخ اليهودي إيلان بابيه أن أحد مؤشرات بداية نهاية “إسرائيل” هو موقف الجيل الجديد من اليهود، حيث يفترض أن “إسرائيل” لم تعد تحظى بتأييد العديدين من الجيل الشاب من اليهود، وعدد غير قليل منهم ينشطون بالفعل في حركة التضامن مع الفلسطينيين، وأن هذا الجيل يترك الأصوليين المسيحيين كأساس رئيسي للوبي المؤيد لـ”إسرائيل” في المستقبل، وليس قاعدة صلبة للشرعية الدولية.
View this post on Instagram
خلال الطوفان، هتف كثير من اليهود في دولٍ عدة، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، بعبارة “ليس باسمنا“، مدينين مجازر الاحتلال في غزة، وفضح أساليب الحركة الصهيونية في “غسل دماغهم” وإقناعهم بأفكار مغلوطة عن تاريخ الصراع في فلسطين المحتلة، ولجأ هؤلاء، بشكلٍ واضح، إلى تطبيق “تيك توك” للجهر بمواقفهم، حيث أكدوا أن وسائل الإعلام الأمريكية والغربية ترفض نقل وجهة نظرهم، وتصر على إبراز وجهة النظر الواحدة بشأن قضية فلسطين.
وبينما تشهد الولايات المتحدة مظاهرات غير مسبوقة دعمًا لفلسطين ورفضًا للإبادة الجماعية، فإن أغلب هذه المظاهرات جاءت بتنظيم يهودي، أهمها تلك المظاهرة التي اقتحم فيها عشرات المتظاهرين من حركة “اليهود من أجل السلام”، الكايبتول في مقر الكونغرس الأمريكي بواشنطن، ورفع المحتجون شعارات رافضة للعدوان على قطاع غزة، منددين بسياسات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الداعمة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، ومطالبين بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ومنع سقوط المزيد من الضحايا.
قبل عامٍ من الطوفان، في الذكرى الـ74 لاحتلال فلسطين، وإقامة دولة “إسرائيل”، صرح رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود باراك، عن مخاوفه في مقال بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، قائلًا إن زوال “إسرائيل” يقترب مع قرب حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، وتخوف باراك بقوله إن “إسرائيل تقع في محيط صعب لا رحمة فيه للضعفاء”، وحذّر من العواقب الوخيمة للاستخفاف بأي تهديد، وأن “إسرائيل أبدت قدرة ناقصة في الوجود السيادي السياسي”.
View this post on Instagram
و”لعنة العقد الثامن” هي رواية يتفق عليها أغلب المؤرخين، وهي أن اليهود عمومًا أقاموا لأنفسهم في فلسطين على مدار التاريخ القديم كيانين سياسيين مستقلين، وكلا الكيانين تهاوى وآل إلى السقوط في العقد الثامن من عمره، وهما: مملكة داوود وسليمان، وهي الدولة الأولى لليهود، ولم تصمد أكثر من 80 عامًا، وكذلك مملكة الحشمونائيم، وهي الدولة الثانية لهم التي انتهت في عقدها الثامن أيضًا.
لم يكن عبثًا تصدير دولة الاحتلال منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى، وصف “الحرب الوجودية” على حربها على الفلسطينيين، وإن كانت أرادت بها تبرير الإبادة، فإنها تدرك في الصميم، أنها أمام تاريخ جديد، بدأ يكتب بداية النهاية لـ”إسرائيل” كفكرة احتلالية، وحيّز تاريخي.