لطالما تطرقنا لمشكلة ارتكاب الأخطاء في العمل مرارا وتكرارا، وارتكبنا كذلك أخطاء كثيرة في عدة مناسبات. نحن نفكر في هذه الأخطاء، ونتحدث عنها، لدرجة أننا أصبحنا مهووسين بها. ولكن في الحقيقة، إن ارتكاب الأخطاء هو ما يجعلنا بشرا، فضلا على أنه يساعدنا على تحسين أنفسنا، بيد أن بعض الأخطاء قد تكون مخجلة ومخزية وقد تكلف الشركات خسائر، وتجعلنا غير راضيين عن أنفسنا.
من المستحيل أن نكون في منأى عن ارتكاب الأخطاء في حياتنا. والبشر هم الكائنات الوحيدة القادرة على تذكر أكثر من خمس معلومات مختلفة لا صلة بينها في آن واحد، وهو ما تطرق له جوزيف تي هالينان في كتابه بعنوان، “لماذا نرتكب الأخطاء: كيف ننظر دون أن نرى، ننسى الأشياء في ثوان، مع أننا متأكدون من أن قدراتنا فائقة”. وبعبارة أخرى، إن ما يجب استخلاصه هو أنك إنسان والأخطاء تمثل جزء لا يتجزأ من الحياة والعمل.
كيف أتجنب الأخطاء في العمل؟
من الممكن إجراء بعض التعديلات الصغيرة على الطريقة التي تتبعها لإنجاز عملك للتقليل من احتمال ارتكابك لهذه الأخطاء الفادحة والمزعجة. فمجرد استعدادك للاعتراف بأنك غير معصوم عن الخطأ يجعلك في موقع الصدارة. وقد أظهرت سلسلة من الدراسات حول “اتخاذ القرار” أن الأشخاص الذين اعترفوا بأنهم يخطئون هم أكثر قابلية للتعلم من أخطائهم المتكررة وتجنبها. أما أولئك الذين يعتقدون أنهم على حق دائما أو مثاليون في عملهم، ليسوا أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء فحسب، بل تزيد فرص تكرارهم لنفس الأخطاء في كل مرة. تقبل فكرة فشلك في أداء عملك في بعض الأحيان. وبعد الاعتراف بذلك، لابد من اتباع هذه الخطوات الثلاث البسيطة لتجنب ارتكاب الأخطاء خاصة التافهة منها.
1. إجراء تقييم
عندما تتولى القيام بمهمة ما في العمل، فمن المحتمل أن يكون لديك شعور قوي حول مدى أهميتها، مما يجعلك تطرح أسئلة من قبيل: هل قام رئيسك بتكليفك بهذه المهمة دون مبالاة؟ هل كان يشعر بالإجهاد عندما مر بالقرب من مكتبك فكلفك بهذه المهام؟ هل ستكون أنت وزملاؤك الوحيدين الذين سيرون عملك أم سيطلع عليه مئات الآلاف، وربما ملايين الأشخاص؟
متابعة الأشخاص على الطرف الآخر وهم يعرضون عملك ويناقشونه قد يكون كافيًا لتذكيرك بأن المشروع حقيقي ومهم بالنسبة إليهم، وليس مجرد عنصر إضافي على قائمة الأعمال المزعجة التي تشكل حاجزا بينك وبين شعورك بالسعادة
عندما تعمل في بيئة عمل يكون فيها جدول الأعمال مزدحما، فإنه من السهل نسيان عملك عند تسليمه أو إرساله. ومن المحتمل أن يطلع عليه أعضاء الفريق الداخلي أو العملاء أو المستخدمون أو القراء أو الطلاب، ويتفاعلوا معه، وإذا كان هناك خطأ فسيلاحظه جميع هؤلاء الأشخاص.
على الرغم من أنه قد يكون من الصعب تذكر هذا الأمر في هذه اللحظة، إلا أنه لابد من التوقف لثانية من أجل التفكير في أهمية العمل الذي تباشره. وتجدر الإشارة إلى أن متابعة الأشخاص على الطرف الآخر وهم يعرضون عملك ويناقشونه قد يكون كافيًا لتذكيرك بأن المشروع حقيقي ومهم بالنسبة إليهم، وليس مجرد عنصر إضافي على قائمة الأعمال المزعجة التي تشكل حاجزا بينك وبين شعورك بالسعادة.
جميعنا ماهرون فيما يتعلق بهذا الجزء. وفي هذا السياق، كتب هالينان أنه “في غضون عشر من الثانية أو نحو ذلك، وبعد النظر في أمر ما، عادة ما نكون قادرين على استخلاص معانيه أو جوهره”. لكن ماذا عن البقية؟ الأمر ليس سهلا. وأضاف هالينان أن “الثمن الذي ندفعه مقابل هذا التحليل السريع هو أننا نغفل عن الكثير من التفاصيل”.
2. أعد قائمة بالأعمال التي ستنجزها واتبعها، من ثم خذ راحة لمراجعة عملك
إن هذا الجزء سهل للغاية، فكل ما تحتاج إليه هو ورقة بيضاء. وبعد إكمال مهمتك، خذ خمس دقائق للتفكير للتحقق مرة أخرى مما أنجزته لتجنب الأخطاء. هل أجريت تدقيقا إملائيا أو راجعت عملك ثلاث مرات أو تأكدت من جدول البيانات بحثا عن الأخطاء؟ هل أعدت قراءة البريد الإلكتروني؟ اكتب كل ما يجب أن تتحقق منه قبل الضغط على زر “إرسال”، ثم أعد التحقق من ذلك فعليا. في الحقيقة، هذا قد يعفيك أنت وعقلك من مسؤولية تذكر أكثر من خمس معلومات حول المشروع.
تعمل العديد من المؤسسات على توظيف خبراء في عدة مجالات لضمان سير العمل وجعله أكثر كفاءة، ولكن البعض الآخر يعتمد على الموظفين أنفسهم لتسليط الضوء على المشاكل التي قد تخل بسير العمل
لضمان عدم اقتراف الأخطاء، اذهب إلى الحمام، ثم عد وتحقق مجددا من البريد الإلكتروني قبل أن تضغط على زر الإرسال؛ فالنظر إلى عملك برؤية متجددة ليس أمرا سيئا أبدا. وفي حال اقترب موعد التسليم النهائي، فإننا نعتقد أن الذهاب الحمام لن يضر أو يتسبب في حدوث أمر ما. ولكن هذا الأمر سيجعلك تشعر براحة البال.
3. اسأل نفسك ومنظمتك عما إذا كنت تؤدي عملك على أكمل وجه
إذا كنت تقرأ هذه المقالة لأنك من الأشخاص الذين يرغبون في إنجاز العديد من المهام لكنك ارتكبت الكثير من الأخطاء في وظيفتك الجديدة، ففكر في هذا “قد لا تكون أنت من قام بذلك”. وحيال هذا الشأن، تحدث هالينان في كتابه عن ارتكاب أطباء التخدير أخطاء قاتلة متكررة بسبب التناقضات في الآلات التي كانوا يستخدمونها. وخلال ثمانينيات القرن الماضي، دعت مجموعة من الأطباء إلى تطوير الآلات لجعل العملية أكثر فاعلية، ومنذ ذلك الحين لم يعد أطباء التخدير يرتكبون مثل هذه الأخطاء المميتة إلا نادرا.
لكن ماذا يعني هذا بالنسبة لك؟ تعمل العديد من المؤسسات على توظيف خبراء في عدة مجالات لضمان سير العمل وجعله أكثر كفاءة، ولكن البعض الآخر يعتمد على الموظفين أنفسهم لتسليط الضوء على المشاكل التي قد تخل بسير العمل. وإذا كنت تشعر بالراحة الكافية للقيام بذلك، فكر في التحدث إلى مديرك حول ما يجعل مهمتك مملة، وغير فعالة، ومسببة للتوتر، ولكن يجب أن تقدم بعض الحلول. لا تنس أن تشكر مديرك على تخصيصه وقتا للاستماع إليك، حتى لو لم تنفذ التغييرات على الفور.
في المقابل، قد تكون المشكلة أبسط من ذلك، وفي هذه الحالة يجب أن تطرح على نفسك أسئلة من قبيل “هل إحدى الطرق التي تعتمدها لضمان سير العمل غير ناجعة؟” “هل هناك برنامج إكسل أو اختصار للوحة مفاتيح يمكن أن يبسط عملا مملا يستغرق الكثير من الوقت؟” فكر في ذلك أثناء قيامك بمهامك اليومية، استعن بغوغل أو اسأل بعض الأصدقاء الذين يمارسون نفس الوظيفة عن كيفية التعامل مع هذه المشكلة. في بعض الأحيان، قد يكون الحل شيئا لم تفكر فيه مطلقا ولكنه سهل الاستخدام وقابل للتنفيذ.
المصدر: لادرز