شكل اتفاق سوتشي الذي عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي الروسية الإثنين 17 من سبتمبر/أيلول الماضي، نقطة تحول كبيرة في مسار التحديات التي كانت تواجه المعارضة السورية في إدلب، جاء الاتفاق بعد العديد من المباحثات الروسية التركية بخصوص مستقبل إدلب الذي أصبح محط أنظار النظام من جهة وروسيا من جهة أخرى، عبر تهديدات متكررة بشن عملية عسكرية تستهدف المناطق المحررة.
المعارضة سحبت قواتها من المنطقة المنزوعة السلاح
وبالفعل بعد أسابيع من إقرار بنود الاتفاق بدأت المعارضة المسلحة بعد توجيهات تركية بسحب سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح، بين مناطق النظام والمعارضة التي تمثلت على طول خطوط التماس من ريف حلب الشمالي مرورًا بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وريف حماة وصولاً بريف اللاذقية الشمالي، وتبقى المنطقة خالية من السلاح الثقيل، مع بقاء المعارضة فيها واحتفاظها بالسلاح الخفيف، وطرد المتطرفين من المنطقة، بحسب الاتفاق.
أنهت المعارضة المسلحة في إدلب سحب سلاحها الثقيل في 9 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما ماطلت هيئة تحرير الشام قليلاً في سحب قواتها إضافة إلى تنظيم حراس الدين وتجمع أنصار الدين، على الرغم من الطلب التركي بتنفيذ الاتفاق.
النظام يقصف المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب
ميليشيا النظام تخرق اتفاق إدلب
بعد أيام من بدء تنفيذ أول بند من الاتفاق الذي يتضمن إنشاء منطقة عازلة، أقدمت قوات النظام والميليشيات الموالية له، على خرق الاتفاق وإطلاق النار على المنطقة العازلة وقصفها بشكل مستمر، دون تقيد من النظام بتنفيذ الاتفاق الذي دعا إلى وقف إطلاق النار بشكل كامل، ثم تسيير دوريات تركية من جهة المعارضة روسية من النظام، ويأتي قصف قوات النظام على المنطقة بعد تصريحات الأسد التي قال فيها إن اتفاق إدلب إجراء مؤقت والمحافظة ستعود إلى كنف الدولة السورية، حسب تعبيره.
واستمر قصف قوات النظام للمناطق المحررة بشكل يومي، بالمدفعية الثقيلة، حيث استهدفت قوات النظام مخيمًا للنازحين قرب نقاط المراقبة التركية بريف إدلب الشرقي، فيما قصفت قوات النظام فجر السبت 20 من أكتوبر/تشرين الاول الماضي عددًا من القرى والبلدات بقذائف الدبابات والمدفعية.
وتبدو قوات النظام غير ملتزمة بتنفيذ بنود الاتفاق التركي الروسي بخصوص إدلب، لا سيما أنها صعدت قصفها على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة الجمعة 2 من نوفمبر/تشرين الثاني، حيث استهدفت بلدة جرجناز بريف إدلب الجنوبي بنحو 50 قذيفة، خلال صلاة الجمعة، مما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة مدنيين وإصابة آخرين من النازحين، وشمل القصف عدة قرى من بينها بلدة التمانعة وقرية قبيبات.
أكد القيادي البارز في صفوف جيش العزة مصطفى بكور إن وحدات تابعة للحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله تسللت إلى إحدى نقاط الرصد المتقدمة التابعة لجيش العزة على جبهة الزلاقيات، وتمكنت من قتل من فيها، ثم تركزت في البناء وقامت بعمليات قنص بقناصات ليلية لعناصر جيش العزة
وشنت قوات النظام وميليشياته هجمة عسكرية الجمعة 9 من نوفمبر/تشرين الثاني استهدفت فيها عناصر يتبعون لجيش العزة في نقاط الرباط قرب قرية الزلاقيات، وأدت الاشتباكات لمقتل 20 عنصرًا من جيش العزة وإصابة 15 آخرين، وذلك بعد تسلل قوات النظام نحو نقطة رباط لجيش العزة فيما استعاد الأخير النقطة بعد إرساله تعزيزات عسكرية.
ونشر المكتب الإعلامي في حماة، نقلاً عن مصادر خاصة أن الجهات المسؤولة عن عملية التسلل نحو نقاط جيش العزة التابع للمعارضة، هي مجموعة من ميليشيا حزب الله اللبناني ووحدة المهام الخاصة التي تتبع للحرس الثوري الإيراني، وأوضح المكتب أن عدد قتلى الميليشيات تجاوز 4 عناصر من بينهم قيادي إيراني الجنسية.
فيما أكد القيادي البارز في صفوف جيش العزة مصطفى بكور عبر تسجيل صوتي نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن وحدات تابعة للحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله تسللت إلى إحدى نقاط الرصد المتقدمة التابعة لجيش العزة على جبهة الزلاقيات، وتمكنت من قتل من فيها، ثم تركزت في البناء وقامت بعمليات قنص بقناصات ليلية لعناصر جيش العزة.
قوات تركية تدخل إلى خطوط التماس
دخل رتل تركي عسكري بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي، حيث زار الوفد العسكري قيادة جيش العزة التابع للمعارضة المسلحة شمال محافظة حماة، للاطلاع على أبرز التطورات التي جرت في المنطقة، وبحسب ناشطين في المنطقة، فإن الوفد التركي بحث مع قيادة جيش العزة آلية تسيير دوريات تركية في خطوط التماس، فيما أطلع جيش العزة الوفد العسكري على عملية التسلل التي قامت بها قوات النظام على نقطة الزلاقيات، لتقدير الخسائر التي خسرها الجيش ورفعها للقوات التركية.
الفصائل تتوعد بالرد على خرق النظام
نشر الجناح العسكري التابع لهيئة تحرير الشام بيانًا بخصوص خرق قوات النظام لاتفاق إدلب، وقال البيان: “نأمركم اليوم بنصرة إخوانكم، ونستفزكم للثأر لدماء الشهداء والجرحى، الذين غدر بهم العدو على حين غرة”.
هيئة تحرير الشام تدعو عناصرها للثأر من قوات النظام
من جانبها الجبهة الوطنية للتحرير أصدرت بيان تعزية أمس الجمعة 9 من نوفمبر/تشرين الثاني، لجيش العزة، وجاء في البيان: “نعزي إخواننا في جيش العزة وجميع الثوار بفقد ثلة من الأبطال المرابطين على الثغور في أثناء تصديهم لتقدم النظام”، وقال البيان: “معركتنا مع هذا النظام المجرم وحلفائه من المحتلين والطائفيين معركة طويلة لن تتوقف إلا بحسم أسباب الصراع وزوال الطاغية”، وأضاف: “سيكون لنا كامل الحق في الدفاع عن أنفسنا والرد على الخروقات بمثلها”.
الجبهة الوطنية تتوعد بالرد على خروقات النظام للاتفاق
وفي السياق ردت الفصائل العسكرية في إدلب على قوات النظام المتمركزة في مطار حماة العسكري، بصواريخ الغراد، وأكدت المصادر أن قصف الفصائل على مطار حماة جاء ردًا على عملية التسلل التي قامت بها قوات النظام على نقاط رباط تابعة لفصائل المعارضة.
وعلى الرغم من سير تنفيذ الاتفاق إلا أن قوات النظام وميليشياته ما زلت تقصف مناطق المعارضة بشكل مستمر، وشهدت خطوط التماس خلال الأيام القليلة الماضية اشتباكات مسلحة بدأت من ميليشيا تابعة للنظام بينما ردت قوات تابعة لفصائل المعارضة، وتحاول تركيا السيطرة على غضب قوات المعارضة لسير بنود الاتفاق بينما يقوم النظام بخرقه استفزازًا لقوات المعارضة، فهل سيفشل الاتفاق التركي الروسي بشأن إدلب؟