ترجمة حفصة جودة
رغم أننا في القرن الـ21، فإن انعدام الأمن الغذائي أصبح حقيقة واقعة لجزء كبير من العالم، فوفقًا لبحث الأمم المتحدة، هناك 821 مليون شخص – أي 1 من كل 9 أشخاص – يعانون من الجوع، الأكثر من ذلك تقرير 2018 العالمي لأزمة الغذاء الذي يقول إن 124 مليون شخص في 51 دولة يواجهون مستوى ما من أزمة الجوع.
وفي العام الماضي واجه الصومال وشمال شرق نيجيريا واليمن وجنوب السودان أسوأ الأزمات الغذائية مع حاجة أكثر من 30 مليون شخص للمساعدات العاجلة، هذا الوباء له تأثير خطير على نمو الأطفال، فهناك نحو 52 مليون طفل تحت عمر 5 سنوات يعانون من سوء التغذية، ويقول برنامج الغذاء العالمي إنهم بحاجة لـ3.6 مليار دولار سنويًا لإطعامهم.
يشكل القضاء على سوء التغذية تحديًا حقيقيًا خاصة مع وجود عوامل أخرى مؤثرة مثل الصراعات والتهجير وتغير المناخ وانتشار الأوبئة، لكن هذه المنظمات تستخدم التقدم العلمي والتكنولوجي لدعم البلاد التي تعاني من نقص الغذاء وتقدم مساعدات إنسانية.
إنترنت الأشياء ينقذ الحاضر
يعيش الغالبية العظمى من السكان المتأثرين بسوء التغذية في مناطق ريفية لا تمتلك أطعمة مصنعة مركزيًا، في شهر يونيو تعاونت منظمة “مشروع أطفال أصحاء” مع شركة الاتصالات العملاقة “فوادفون” لمواجهة هذا التحدي، ومن خلال مبادرة “Sanku-PHC” فقد جمعوا بين أحدث تقنيات المطاحن وإنترنت الأشياء واستخدموهم في مصانع صغيرة بجميع أنحاء إفريقيا لتوفير الدقيق (الطحين) لملايين الناس.
مبادرة سانكو توضح كيف يمكن للتفكير الإبداعي والتكنولوجيا التعاون معًا لحل قضايا كبرى
باستخدام مطحنة سانكو، تستطيع المطاحن الإفريقية إضافة مواد غذائية مهمة للدقيق بصورة دائمة وبأسعار معقولة، وبدعم من فودافون ستتمكن المبادرة من تطوير وتوسيع هذا النظام بتقديم رؤية حقيقية مناسبة لنحو 3000 مطحنة دقيق.
وبفضل إضافة قدرات لاسلكية ومراقبة عن بعد، يستطيع العامل الآن مراقبة 100 مطحن وتوفير الدقيق لنحو 500 ألف شخص، وبالفعل استُخدمت تلك التقنية في مطاحن تنزانيا ورواندا وكينيا وملاوي وموزمبيق، لكنهم بحاجة للوصول إلى 100 مليون شخص في العام القادم.
يقول بريان هومفريز المدير التنفيذي للمشروعات بفودافون إن مبادرة سانكو توضح كيف يمكن للتفكير الإبداعي والتكنولوجيا التعاون معًا لحل قضايا كبرى، ويضيف: “شركات التكنولوجيا مسؤولة عن تقييم كيفية استخدامهم لخدماتهم في الخير، وهذا المشروع أكبر مثال على الفوائد التي يمكن تحقيقها بالدفع بتلك الأجندة”.
تقول فيلكس بروكس تشرش الرئيس المؤسس والمدير التنفيذي للمباردة: “مهمتنا أن نجلب فوائد الدقيق المحصن لأكبر قدر ممكن من الناس، وبالتوجه نحو التكنولوجيا أصبحنا قادرين على حل تلك المشكلة وزيادة عدد الأشخاص الذين يصلهم الدقيق المحصن”.
تسخير التكنولوجيا الناشئة
من المتوقع أن يزداد نقص الغذاء مع زيادة عدد السكان عالميًا، حيث تقول الأمم المتحدة إن عدد البشر سيزداد إلى 9.8 مليار شخص بحلول عام 2050 و11.2 مليار شخص في عام 2100، ولمواكبة ذلك يجب أن تقوم سلسلة دعم الغذاء عالميًا بالنمو بمعدل 70%.
أما مبادرة “The Tech Impact 2030″، وهي مشروع مشترك بين شركة “Hewlett Packard Enterprise” (HPE والمنتدى الاقتصادي العالمي فهي إحدى مهمات الحد من الجوع العالمي وتحويل الأنظمة الغذائية باستخدام الإبداع، هذا المشروع يركز على تعزيز الاستمرارية في النظام الزراعي البيئي.
هذه التقنيات تقدم فرصًا مهمة لتحسين الإنتاجية
وكجزء من التعاون المفتوح بين المنتدى والشركة فإنهما يشجعان الشركات والحكومات والأكاديميات على العمل معًا وتقديم حلول للحد من انعدام الأمن الغذائي وإطعام أكبر عدد من الناس، وخلال السنوات القادمة سوف يضعان معًا خريطة طريق قابلة للتحقيق والمشاركة بأفكار وتحقيق التقدم بهدف إنهاء الجوع العالمي عام 2030.
تتعاون “HPE” كذلك مع كلية الزراعة بجامعة بوردو في براجمها المتعلقة بالأمن الغذائي والتكنولجيا الزراعية، إنهم يستكشفون طرقًا للتكنولجيا الناشئة مثل مستقبلات “إنترنت الأشياء” والروبوتات والطائرات دون طيار والجرارات الذاتية، لاستخدامها في زراعة رقمية دقيقة.
يقول مارك بوتر المسؤول التقني بشركة “HPE”: “بإمكاننا تسريع التحول في الأنظمة الغذائية باستخدام التقنيات الجديدة لتقديم فوائد حقيقية للمجتمع”، ويضيف: “هذه التقنيات تقدم فرصًا مهمة لتحسين الإنتاجية والاستمرارية في النظام البيئي بأكمله، في المزارعة والمصانع ومحلات الخضر ومحلات البقالة وحتى سفرة الطعام”.
تمكين المزارعين
يساهم تغير المناخ بشكل كبير في الجوع العالمي ويؤثر في إنتاج الغذاء، ومع ذلك تعالج شركة “Wefarm” الأمر باستخدام شبكة مشاركة المعرفة بين المزارعين.
وبدعم من الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي، فإنها تسمح للمزارعين بحل التحديات اليومية من خلال منصة تبادل الرسائل النصية، وبذلك يستطيعون العثور على حل لأمراض المحاصيل والآفات وغيرها من المشكلات دون الحاجة إلى الإنترنت.
سوء التغذية مشكلة عالمية ولا يمكن حلها بين عشية وضحاها
منذ انطلاقها عام 2015 تمكنت الشركة الناشئة من جمع 7 ملايين دولار والوصول إلى مليون مستخدم، وخلال السنوات الأربعة القادمة تهدف الشركة إلى التأثير في 100 مليون شخص، تبدو هذه الخطة حيوية بالنظر إلى وجود 500 مليون مزارع يتأثرون بتغير المناخ.
أما شركة “Phytoponics” فهي شركة صغيرة تعمل على تغيير حياة المزارعين في الدول النامية، وقد صُممت تقنيتها في الزراعة المائية لإنتاج غلة زراعية أفضل من الأنظمة التقليدية ولتلبية احتياجات الغذاء العالمية.
وفي أثناء أحد الاختبارات التجريبية في بيت زجاجي بمدينة ويلز، تمكنت الشركة من إنتاج طنين من الطماطم عالية الجودة باستخدام تقنيتها المسجلة كبراءة اختراع، ومنذ ذلك الحين جمعت نحو 300 ألف جنيه إسترليني لتوسيع نطاق استخدام هذا النظام.
يقول آدم ديكسون المدير التنفيذي للشركة: “من المؤسف أن يستمر حدوث المجاعات حتى القرن الـ21، فهي تؤدي إلى نقص السعرات الحرارية في الطعام وكذلك نقص التغذية مما يتسبب في حدوث المجاعة وسوء التغذية”.
ويضيف: “لقد طورنا نظام الزراعة المائية ليصبح ذا كفاءة إنتاجية عالية ويمكن نشره سريعًا في المناطق التي تعاني من نقص الخصوبة لإعادة زراعة سلاسل الطعام وإنتاج فواكه وخضراوات محلية طازجة ذات سعرات حرارية وقيمة غذائية عالية”.
لكننا لا ننكر حقيقة أن سوء التغذية مشكلة عالمية ولا يمكن حلها بين عشية وضحاها، لكن من الواضح أن التكنولوجيا لديها القدرة على إحداث تغيير حقيقي وإنقاذ ملايين الأرواح في العالم، لا شك بأننا سنرى المزيد من التكنولوجيا التي تغير الحياة في المستقبل القريب.
المصدر: فوربس