بعد أن اشتدت عليهم حلقات الحصار الإسرائيلي، وزادت ألمها وقسوتها العقوبات التي يفرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على قطاع غزة، مدت قطر يدها مجددًا لتنقذ اقتصاد غزة المتدهور والمتهالك، وتساعد الفلسطينيين الذين عانوا الكثير من ويلات الحصار وأزماته.
وبعد أن ساهمت في تبديد ظلام غزة بمنحة مالية لشراء الوقود الخاص بتشغيل محطة توليد الكهرباء، التي باتت تصل الآن للمواطنين لـ14 ساعة يوميًا بعد أن كانت تصلهم فقط 4 ساعات طوال اليوم، قدمت قطر منحة مالية تقدر بـ5 ملايين دولار أمريكي لصالح 50 ألف أسرة فقيرة بغزة، ومنحه مالية جديدة لموظفي غزة.
وأعلنت وزارة المالية الفلسطينية في قطاع غزة الجمعة، صرف دولة قطر منحةً ماليةً لموظفيها عبر فروع البريد، بعد ساعات من وصول رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، محمد العمادي، وأكّدت الوزارة أن عملية الصرف ستكون بما يعادل 100% من الراتب للموظفين الذين لم يستفيدوا من دفعة راتب شهر يوليو الماضي، وصرف 50% من رواتبهم في الأشهر الخمس القادمة.
تبلغ القيمة الإجمالية للمنحة القطرية 150 مليون دولار ستصرف على مدار ستة أشهر، منها 60 مليونًا لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع خلال الأشهر الست القادمة، إضافة إلى حزمة مساعدات نقدية لآلاف العائلات الفقيرة في القطاع وأهالي الجرحى والشهداء.
الدعم القطري لغزة لم يأت فقط من المستوى الرسمي، بل إن الشعب القطري وضع يدًا في هذا الدعم حين قدم الجمعة قبل الماضية 2 من نوفمبر، 4 ملايين و360 ألف دولار أمريكي، ضمن حملة شعبية استمرت 26 يومًا لجمع تبرعات لغزة ضمن حملة “غزة تستحق الحياة“، وعكست الحملة تواصل الدعم الشعبي القطري وحرصه على استمرار مساندتهم لغزة، وتعزيزًا لأواصر التعاون المشتركة، بما يسهم في تخفيف معاناتهم الإنسانية وتوفير حياة كريمة لهم.
شكرًا قطر
هذا الدعم الإنساني المادي والمالي الذي قدم لأهل غزة، جاء كمن يضع طوق النجاة في رقبة غريق وسط بحر هائج، فقطاع غزة يعاني من أزمات مالية وإنسانية واقتصادية طاحنة قربته كثيرًا من حافة الانهيار الكامل، وعطلت فيه مظاهر الحياة.
عبير: اليوم قدمت قطر منحة مالية جديدة استفاد منها 50 ألف أسرة فقيرة، ومنحة أخرى لتوفير رواتب للموظفين، هذا الجهد لا تقوم به دول إلا التي تحب فلسطين وأهلها
“شكرًا قطر” هذا ما ينطق به لسان أهل غزة، على دفعة المساعدات المالية والمشاريع الاقتصادية المهمة والحساسة التي تقوم بها قطر منذ سنوات لأهل القطاع، في محاولة منها لتخفيف وطأة الحصار المفروض على غزة، ومساعدة سكانها في تخطي أزماته وويلاته التي يعانون منها منذ 12 عامًا.
تقول فتاة فلسطينية تدعى “عبير” 16 عامًا، شاركت في مسيرة حاشدة خرجت بمدينة غزة، للتعبير عن شكر دولة قطر على الدعم الأخير الذي قدم لغزة: “كل الدول العربية باعت فلسطين، إلا قطر فهي تدعم وتساند كلما ضاقت بنا الظروف وساءت الأحوال“، وتضيف “قبل أيام ساهمت منحة قطرية بإضاءة غزة بعد ظلمة عاشتها طوال سنين طويلة، واليوم قدمت منحة مالية جديدة استفاد منها 50 ألف أسرة فقيرة، ومنحة أخرى لتوفير رواتب للموظفين، هذا الجهد لا تقوم به دول إلا التي تحب فلسطين وأهلها”، وختمت حديثها بالقول: “لا يمكن أن نتحدث أكثر عن قطر ودرها الإنساني في دعم صمود المواطنين، غير كلمتين وقد تكونان كافيتان، شكرًا قطر”.
فلسطيني آخر، وهو من موظفي الحكومة في غزة، ويعمل بوزارة التربية والتعليم، كان يقف على أحد مفترقات الطرق وسط مدينة غزة، ويحمل صورة لتميم بن حمد آل ثاني، قال: “قطر مدت يدها لنا مجددًا وأنقذتنا من وحل الفقر والأزمات، وهذه المنحة ساعدت آلاف الموظفين في تخطي أزماتهم وتغطية ديونهم المتراكمة“، ويضيف “قطر دائمًا تلعب معنا دور المنقذ لغزة وسكانها، وهذا ما عاهدناه دومًا من أمرائها وشعبها النبيل، فشكرًا لقطر حكومة ورئاسة وشعبًا، من غزة وشعبها المحاصر“.
موظفة من غزة تتلقى دفعة مالية من منحة قطر
الإشادة بدور وجهود قطر المقدمة لغزة، لم يقف عند المستوى الشعبي، بل إن فصائل وقوى فلسطينية أشادت بها ووصفتها بالـ”منقذ والمساعد لأهل غزة في مواجهات الحصار والعقوبات التي يفرضها الرئيس عباس“.
وشكر عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، دولة قطر على جهودها تجاه قطاع غزة، موضحًا أن دور الدوحة لم يتوقف منذ بدء الحصار على القطاع، موضحًا أن قطر أعلنت منذ البداية رفضها للحصار وبذلت جهدًا كبيرًا لوصول المساعدات وتحملت الكثير من المخاطر والعنت لأجل ذلك“، ورحب البطش بالسفير محمد العمادي وقطر، موضحًا أن “الدوحة تقدم دعمًا أخويًا وواجبًا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبكل بقعة من أرض فلسطين”.
إضافة للحصار الإسرائيلي، اتخذ الرئيس عباس إجراءات عقابية ضد قطاع غزة، وشملت خصمًا يتراوح بين 40% و50% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص كمية الكهرباء التي تراجع عنها بعد عدم خصمها من أموال المقاصة
ويشهد قطاع غزة أزمة إنسانية كبيرة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 12 عامًا، وتسبب برفع معدل البطالة بين الخريجين، وزيادة معدل الفقر، وعدم حصول الموظفين على كامل رواتبهم بسبب أزمة الانقسام السياسي.
وإضافة للحصار الإسرائيلي، اتخذ الرئيس عباس إجراءات عقابية ضد قطاع غزة، وشملت خصمًا يتراوح بين 40% و50% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص كمية الكهرباء التي تراجع عنها بعد عدم خصمها من أموال المقاصة، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري، وتأخير متعمد في صرف رواتب الموظفين، ما ضاعف الأزمة والمعاناة في غزّة.
بعيدًا عن حسابات السياسة
يقول السفير القطري محمد العمادي الذي يشرف شخصيًا على كل المشاريع القطرية التي تنفذ بغزة، إن بلاده تسعى لحلول دائمة ومستمرة لجميع سكان قطاع غزة، وذلك من روح الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية بعيدًا عن أي حسابات أو تفاصيل سياسية.
وقال العمادي خلال مؤتمر صحفي من داخل محطة توليد الكهرباء الوحيدة وسط القطاع المحاصر، أمس السبت: “قطر لن تتجاوز أحد وعلاقتها متوازنة مع الجميع، في معالجة القضايا الإنسانية في القطاع”، موضحًا أن “قطر تقوم بدورها العربي الأصيل في دعم القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية“.
وأضاف: “أنا موجود داخل محطة الكهرباء بمشاركة أممية من منظمة الأمم المتحدة ومدير عام المحطة، لمتابعة ضخ السولار اللازم لوصول الكهرباء التي هي أبسط الحقوق الإنسانية في القرن الـ21 لتصل للجميع دون تمييز، وساعات التوصيل وصلت أحيانًا إلى 20 ساعة وهو ما لم يحدث منذ سنوات“.
وقود قطري لمحطة توليد الكهرباء في غزة
وعن المنحة المالية الأخيرة لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بيّن العمادي أنها تخدم 500 ألف مواطن بطريقة مباشر وغير مباشرة، وكل ذلك سينعش الاقتصاد، وهي مساعدات موجهة لسكان غزة بلا استثناء وستعود بالنفع على شرائح المجتمع كافة“.
كما لفت إلى أن توفير الكهرباء سيعود بالنفع على كل أهالي غزة، من خلال توفير ملايين الدولارات ومعالجة مشاكل الصرف الصحي والمحافظة على البيئة.
وساهمت دولة قطر بكميات من الوقود لمحطّة توليد الكهرباء في غزة التي تعاني من أزمة خانقة في ظل قلة مصادر الطاقة، وقدرت الأمم المتحدة قيمة المنحة العاجلة التي قدمتها قطر لشراء الوقود الخاص بتشغيل المحطة الكهربائية لمدة ستة أشهر بـ60 مليون دولار.
أسهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في تقديم دعم بقيمة 150 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية في القطاع المحاصر منذ سنوات
ويعاني القطاع أزمة حادة في الكهرباء، نتيجة قلة مصادر الطاقة؛ إذ تحتاج غزة إلى 500 ميغاوات، يتوافر منها في أحسن الأحوال 200 من محطة التوليد والخطوط الإسرائيلية والمصرية التي دائمًا ما تشهد انقطاعًا وفصلًا متكررًا.
كذلك أسهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في تقديم دعم بقيمة 150 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية في القطاع المحاصر منذ سنوات.
مشاريع مهمة
ومنذ العام 2006 لم تتوان دولة قطر منذ اللحظة الأولى لفرض الحصار الإسرائيلي على غزة، عن تقديم المساعدات لسكان القطاع الذي يعاني منذ 12 عامًا متواصلًا.
وخلال سنوات الحصار، دأبت قطر على تنفيذ مشاريع الإسكان وتعبيد الطرق وترميم المرافق العامة والصحية، فضلًا عن بناء المستشفيات، بمليارات الدولارات، وفي هذا الإنفوجرافيك تظهر أبرز المشاريع القطرية في غزة التي أسهمت في تخفيف معاناة أهل القطاع.
يذكر أن مؤشرات الوضع الإنساني في غزة تكشف تحديات مقلقة تواجه السكان؛ إذ تشير إلى أن نسبة الفقر تصل إلى 65%، و50% من السكان الذين يصل عددهم لنحو مليوني شخص يعانون من البطالة، ووفق معطيات رسمية، فإن نسبة البطالة بين الشباب والخريجين في القطاع تصل إلى 60%، في حين يبلغ دخل الفرد اليومي حدود دولارين فقط.