ترجمة وتحرير: نون بوست
يقوم عملاق الاتصالات الصيني، زد تي إي لخدمات ومعدات الاتصالات، بمساعدة النظام الحاكم في فنزويلا على بناء منظومة لمراقبة سلوك المواطنين، عبر بطاقة هوية جديدة. هذه البطاقة المسماة fatherland أو “أرض الآباء”، والتي استعملت سابقا لتعقب تصويت المواطنين في الانتخابات، باتت تثير مخاوف الكثيرين في فنزويلا وخارجها.
في أبريل/ نيسان 2008، أرسل الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز مسؤولين من وزارة العدل لزيارة نظرائهم في القطب التكنولوجي الصيني في مدينة شنجن. وكانت مهمتهم، بحسب عضو في هذا الوفد الفنزويلي، تتمثل في تعلم الأساليب التي تعتمدها الصين في برنامج إصدار بطاقات الهوية الوطنية.
وكان تشافيز الذي مضى عقد من الزمن حينها على قيادته للنظام الاشتراكي الثوري الذي قام بتركيزه، يريد بعض المساعدة لتوفير بيانات الهوية الشخصية للملايين من المواطنين، الذين لا يزالون يفتقدون لأبسط الوثائق الشخصية التي يحتاجونها للتصويت وفتح حسابات بنكية.
ولكن بعد وصولهم إلى شنجن، فهم المسؤولون الفنزويليون أن دور هذه البطاقة يتجاوز بكثير تحديد هوية حاملها.
في إطار مساع حكومية لتدعيم الأمن القومي، عبر مشروع بكلفة 70 مليون دولار، تعاقدت فنزويلا خلال العام الماضي مع شركة زد تي إي لإنشاء قاعدة بيانات “أرض الآباء”، من أجل تطوير نظام دفع بالهاتف المحمول للاستخدام مع هذه البطاقة
إذ أنهم أثناء هذه الزيارة، للمقر الرئيسي لعملاق التكنولوجيا الصيني زد تي إي، تعلموا كيف تستخدم الصين بطاقات ذكية، وتطور نظاما يمكن أن يساعد الحكومة المركزية في بكين على تتبع السلوك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمواطنين. وبالاعتماد على قواعد بيانات ضخمة لتخزين المعلومات التي تجمع عند استخدام هذه البطاقات، يمكن للحكومة مراقبة كل شيء؛ من الأحوال المالية للأفراد إلى تاريخهم الصحي وخياراتهم في الانتخابات.
ويقول أحد أعضاء هذا الوفد الفنزويلي، وهو المستشار التقني أنثوني داكوين: ” ما رأيناه في الصين غيّر كل شيء، فحالة الانبهار التي كنا عليها في البداية، تحولت تدريجيا إلى شعور بالخوف من أن هذا النظام قد يفتح الباب أمام انتهاكات للخصوصية من قبل الحكومة الفنزويلية. لقد كانوا يبحثون عن طريقة لمراقبة المواطنين.”
وخلال العام الموالي، بعد أن صرح بهذه المخاوف أمام المسؤولين الفنزويليين، يقول داكوين إنه تعرض للاعتقال والضرب والابتزاز من قبل عناصر المخابرات. فقد تعرض للعنف بواسطة مسدس يدوي أفقده بعض أسنانه، وتم اتهامه بخيانة الوطن، وهو ما أجبره على مغادرة البلاد. ويشار إلى أن المتحدثين باسم الحكومة رفضوا التعليق على رواية داكوين.
وقد وضع ذلك المشروع على الرف، ولكن بعد 10 سنوات من رحلة شنجن، قررت فنزويلا إصدار بطاقات هوية ذكية جديدة، تعرف باسم fatherland card أو “بطاقة أرض الآباء”. وهي بطاقة هوية ترسل بيانات وتفاصيل شخصية حول حاملها إلى خوادم كمبيوتر. وتم جعل هذه البطاقة مرتبطة بشكل كبير بالخدمات الحكومية، مثل الدعم على الغذاء، والرعاية الصحية، وبقية البرامج الاجتماعية التي يعتمد عليها أغلب الفنزويليين للعيش.
وتعد شركة زد تي إي، التي نعرض في هذا التحقيق ولأول مرة تفاصيل حول دورها في مشروع “أرض الآباء”، في قلب هذا البرنامج الحكومي.
ففي إطار مساع حكومية لتدعيم الأمن القومي، عبر مشروع بكلفة 70 مليون دولار، تعاقدت فنزويلا خلال العام الماضي مع شركة زد تي إي لإنشاء قاعدة بيانات “أرض الآباء”، من أجل تطوير نظام دفع بالهاتف المحمول للاستخدام مع هذه البطاقة، بحسب العقود التي اطلعت عليها رويترز.
تثير بطاقة” “أرض الآباء” مخاوف لدى المواطنين وجماعات حقوق الإنسان، الذين يعتقدون أنها مجرد أداة لدى خليفة تشافيز، وهو الرئيس نيكولاس مادورو، من أجل مراقبة الشعب وتوجيه الموارد الشحيحة نحو الفئات الموالية له.
ويعمل حاليا فريق من موظفي زد تي إي كملحقين ضمن شركة CANTV، وهي شركة الاتصالات الحكومية الفنزويلية التي تدير قاعدة البيانات، بحسب أربعة من الموظفين الحاليين والسابقين في هذه الشركة.
وتثير بطاقة” “أرض الآباء” مخاوف لدى المواطنين وجماعات حقوق الإنسان، الذين يعتقدون أنها مجرد أداة لدى خليفة تشافيز، وهو الرئيس نيكولاس مادورو، من أجل مراقبة الشعب وتوجيه الموارد الشحيحة نحو الفئات الموالية له.
ويقول هيكتور نافارو، أحد مؤسسي الحزب الاشتراكي الحاكم، والوزير السابق إبان حكم تشافيز، “إن نظام أرض الآباء هو بمثابة ابتزاز. حيث أن الفنزويليين الذين يمتلكون البطاقة الآن باتوا يتمتعون بحقوق تفوق من لا يمتلكونها.”
وفي اتصال عبر الهاتف، أكد لنا سو كينفينغ، رئيس بعثة زد تي إي في فنزويلا، أن الشركة باعت إلى حكومة كاراكاس خوادم حواسيب من أجل إدارة قاعدة البيانات، وتقوم أيضا بتطوير تطبيق للدفع عبر المحمول، كما قال سو أن هذه الشركة لم تنتهك أي قانون محلي أو صيني، وليس لها أي دخل في الطريقة التي تجمع بها الحكومة الفنزويلية بيانات حاملي هذه البطاقة وتستغلها.
وأضاف سو كينفينغ: “نحن لا ندعم الحكومة، نحن فقط نسعى لتطوير أسواقنا.”
وتعاني فنزويلا من انهيار اقتصادي حاد، أدى إلى تضخم كبير في الأسعار، ونقص في الأغذية والأدوية، وتزايد هجرة المواطنين اليائسين. وقد تعرض مادورو إلى عقوبات من الولايات المتحدة، ويواجه أيضا انتقادات من حكومات فرنسا وكندا بسبب تزايد نهجه الاستبدادي.
ويقول المنتقدون إن مادورو في هذا النهج لديه حليف مهم، وهو بطاقة أرض الآباء، التي تبين كيف أن الصين، من خلال شركاتها الحكومية من أمثال زد تي إي، تصدر المعرفة التكنولوجية التي تساعد الأنظمة المشابهة لها على تعقب المواطنين ومكافئتهم أو معاقبتهم.
أنثوني داكوين، الذي عمل سابقا كمستشار لأمن المعلومات في وزارة العدل الفنزويلية، قال إن عملاء الاستخبارات اعتدوا عليه بالضرب وقامو بابتزازه بعد أن أفصح عن مخاوفه من انتهاك الخصوصية.
وبحسب موظفين في نظام البطاقات، واعتمادا أيضا على صور اطلعت عليها رويترز حول بيانات حاملي البطاقة، فإن قاعدة البيانات تخزن تفاصيل شخصية مثل تاريخ الميلاد، ومعلومات عائلية، والوظيفة والدخل، والممتلكات، والسجل الطبي، والمساعدات الحكومية التي يحصل عليها المواطن، وحضوره على شبكات التواصل الاجتماعي، وعضويته في حزب سياسي، وما إذا كان يشارك في الانتخابات.
وإلى حد الآن، فإن اعتراف الحكومة بمشاركة زد تي إي في مشروع أرض الآباء، اقتصر على إشارة عرضية لها في فبراير/ شباط 2017، خلال بيان صحفي أثنت فيه على دور هذه الشركة الصينية في المساعدة على تحصين قاعدة البيانات الأساسية.
وقد رفضت الحكومة الفنزويلية الرد على مطالبنا بلتعليق على هذا المقال. كما أن نادية بيريز، المتحدثة باسم شركة الاتصالات الحكومية CANTV، رفضت التعليق، ومانويل فرنانديز رئيس الشركة، لم يرد على الرسائل الإلكترونية والنصية التي وجهتها له رويترز.
إضافة إلى ذلك فإن وزارة العدل الصينية وسفارتها في كاراكاس رفضت التعليق على هذا الأمر.
ورغم أن زد تي إي هي شركة مدرجة في البورصة، فإن شركة حكومية هي المالكة للحصة الأكبر من أسهمها، والحكومة أيضا تمثل أهم زبون لديها.
وكانت زد تي إي قد واجهت عقوبات من واشنطن على خلفية تعاملها مع حكومات استبدادية، حيث أن هذه الشركة دفعت خلال العام الماضي مبلغ 1 مليار دولار في إطار تسوية مع وزارة التجارة الأمريكية، وهي واحدة من الغرامات العديدة التي سلطت عليها بعد أن قامت بشحن معدات اتصالات لإيران وكوريا الشمالية، متجاوزة بذلك العقوبات الأمريكية وقوانين التصدير. وهذه الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة التجارة الأمريكية كانت قد انطلقت في سنة 2012 إثر تقرير لوكالة رويترز، كشف عن قيام زد تي إي ببيع إيران نظام مراقبة، تضمن معدات أمريكية، للتجسس على اتصالات المواطنين.
يعتبر فرنانديز، رئيس شركة CANTV، واحد من المستهدفين بهذه العقوبات الأمريكية، لأن هذه الشركة تمارس الرقابة على الإنترنت في فنزويلا
ويقول خبراء القانون في الولايات المتحدة إنه من غير الواضح ما إذا كانت زد تي إي وباقي الشركات المساهمة في مشروع أرض الآباء، بصدد انتهاك العقوبات الأمريكية على القادة الفنزويليين، من خلال توفير أدوات يعتقد المنتقدون أنها تعزز قبضة الحكومة على السلطة.
ويعتبر فرنانديز، رئيس شركة CANTV، واحد من المستهدفين بهذه العقوبات الأمريكية، لأن هذه الشركة تمارس الرقابة على الإنترنت في فنزويلا، بحسب بيان لوزارة الخزينة الأمريكية. ولكن هذه القيود لحد الآن تهدف أولا لمنع المعاملات التجارية مع مادورو وباقي كبار المسؤولين، وليست التجارة العادية في فنزويلا.
ولكن لا يزال المشرعون في الولايات المتحدة، وباقي منتقدي نظام حكم مادورو، يشعرون بالقلق إزاء دور زد تي إي في فنزويلا. حيث ذكر لنا السيناتور ماركو روبيو في مراسلة إلكترونية: “إن الصين تقوم بصفقات لتصدير دكتاتوريتها. والاعتماد المتزايد لنظام مادورو على شركة زد تي إي في فنزويلا هو فقط واحد من الأمثلة على التهديد الذي تمثله الشركات التابعة للحكومة الصينية على مصالح الأمن القومي الأمريكي.”
CANTV، شركة الاتصالات المملوكة للدولة الفنزويلية، تعتمد على زد تي إي في المشاريع المماثلة لقاعدة بيانات أرض الآباء.
ولفهم كيفية عمل بطاقة أرض الآباء، وكيفية تبلور هذه الفكرة، اطلعت رويترز على عقود سرية ووثائق مراسلات حكومية داخلية مرتبطة بتطوير هذا المشروع. كما قام مراسل الوكالة باستجواب العشرات من الموظفين الحاليين والسابقين في شركة زد تي إي، والحكومة الفنزويلية وشركة CANTV المعروفة رسميا باسم Compañía Anónima Nacional Teléfonos de Venezuela. وقد أكد هؤلاء تفاصيل هذا المشروع وما كشفه داكوين سابقا حول جذوره.
“محاولة لمراقبتي”
على مدى العام الماضي دعا مادورو المواطنين للحصول على البطاقة الجديدة، واصفا إياها بأنها “ضرورية لبناء فنزويلا جديدة”. وبحسب الأرقام الحكومية فإن حوالي 18 مليون مواطن، أي حوالي نصف الشعب، باتوا الآن يمتلكون هذه البطاقة. وخلال ظهور له في التلفزيون الرسمي خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قال مادورو: “من هنا فصاعدا سوف نعتمد على هذه البطاقة للقيام بكل شيء.”
ولتشجيع المواطنين على الإقبال عليها، عرضت الحكومة جوائز مالية لحاملي البطاقة عند تنفيذ واجبات مدنية، مثل حشد الناس للانتخاب. كما أنها تقوم بتقديم دفعات مالية استثنائية، مثل هدية للأمهات في عيد الأم قدرها 2 دولار. هذه الهدية التي تم توزيعها في مايو/ آيار الماضي، كانت تعادل تقريبا الدخل الشهري الأدنى، وبالكاد تكفي لشراء كرتونة من البيض، في ظل مستويات التضخم العالية.
يواجه موظفو القطاع العام بشكل خاص ضغوطا متزايدة للانضمام لهذا البرنامج، بحسب أكثر من 12 موظفا حكوميا تحدثنا إليهم
كما أن مادورو يتخذ أيضا خطوات لإجبار الآخرين على اعتماد البطاقة. حيث تقول الحكومة حاليا إن الفنزويليين يحتاجون إليها للحصول على الخدمات العمومية، مثل الصحة والمعاشات وسلات الطعام والوقود المدعم. وفي أغسطس/ آب الماضي، خرج المتقاعدون في حركة احتجاجية أمام مكاتب مؤسسة الضمان الاجتماعي، واشتكوا من أن قيود الانتفاع ببطاقة أرض الآباء تعطل حصولهم على معاشاتهم التي عملوا بجد من أجلها.
أحد هؤلاء هو بينيتو أوريا، يبلغ من العمر 76 عاما ومصاب بداء السكري، أخبر وكالة رويترز بأن طبيبا حكوميا حرمه مؤخرا من حقنة الإنسولين، ووصفه بأنه ينتمي لليمين، لأنه لم يسجل نفسه في برنامج بطاقة أرض الآباء. ومثل بعض المواطنين الآخرين، وخاصة الذين يعارضون نظام مادورو، فإن بينيتو أوريا ينظر لهذه البطاقة بعين الريبة. حيث قال لنا من داخل شقته في كاراكاس: “إنها محاولة لمراقبتي من خلال استغلال احتياجاتي”.
نشير إلى أن رويترز لم تتمكن من الاتصال بهذا الطبيب.
بينيتو أوريا، 76 عاما، قال إن طبيبا حكوميا حرمه من دواء الأنسولين لأنه لم يسجل نفسه في برنامج بطاقة أرض الآباء.
وبالاعتماد على الخوادم التي تم شراؤها من شركة زد تي إي، تعمل الحكومة على إنشاء قاعدة بيانات، يخشى بعض المواطنين من أنها تهدف لتحديد الفنزويليين الذين يدعمون الحكومة، وأولئك الذين لا يدعمونها. كما أن بعض المعلومات، مثل البيانات الصحية، يتم جمعها عند استخدام البطاقة، وأخرى يتم الحصول عليها أثناء إجراءات استصدارها. وقد ذكر حاملو هذه البطاقة وبعض جماعات حقوق الإنسان أن الموظفين المسؤولين عن إصدارها، يطرحون أسئلة حول الدخل والأنشطة السياسية وحسابات شبكات التواصل الاجتماعي قبل منح البطاقة.
ويواجه موظفو القطاع العام بشكل خاص ضغوطا متزايدة للانضمام لهذا البرنامج، بحسب أكثر من 12 موظفا حكوميا تحدثنا إليهم. وأثناء استعراضهم لهذه البطاقات خلال الانتخابات الرئاسية في مايو/ آيار الماضي، طلب العديد من المدراء من الموظفين الراجعين لهم بالنظر في المؤسسات الحكومية تصوير أنفسهم في مراكز الاقتراع وإرسال الصور إليهم. كما اطلعت رويترز على قائمة بحوزة وزارة العدل الفنزويلية، تضم أسماء الموظفين الحكوميين الذين لم يصوتوا.
يذكر أنه بعد وصول تشافيز للحكم في 1999، حاول الرئيس الراحل دعم الفنزويليين “غير المرئيين”، الذين لم يمتلكوا الحق في الحصول على الخدمات الأساسية. وخلال العام الموالي، حصلت أعداد متزايدة من المواطنين على الوثائق الشخصية، إلا أن هذه الوثائق كانت هشة ويسهل تزييفها، بحسب تقرير لوزارة العدل صدر في 2007.
هذا التقرير، الذي اطلعت عليه رويترز، نصح بإصدار بطاقات جديدة مزودة برقاقة صغيرة يصعب تزييفها، إلا أن هذه الفكرة لم يتم تنفيذها.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، بعد قرابة العشر سنوات من تمتع تشافيز بشعبية جارفة، عانى الرئيس السابق من أول هزيمة انتخابية له، بعد أن خسر استفتاء لتجاوز حدود العهدة الرئاسية. وبعد ذلك بفترة قصيرة انخفضت أسعار النفط في العالم، وهو ما سلط ضغطا كبيرا على الاقتصاد.
في يونيو/ حزيران 2008، وافقت فنزويلا على دفع مبلغ 172 مليون دولار لشركة حكومية كوبية، لقاء إصدار 6 ملايين من هذه البطاقات الذكية، وذلك بحسب نسخة من العقد الممضى
وقد سعى تشافيز لإرضاء قاعدته الشعبية المكونة أساسا من الطبقة العاملة، ومن بينهم عدد كبير من الذين لا يزالون يفتقدون لوثائق شخصية، ولهذا الغرض أرسل داكوين، كبير مستشاريه للأمن المعلوماتي في وزارة العدل، في مهمة للصين.
وقد اكتشف داكوين وزملاءه هنالك في مدينة شنجن تكنولوجيا جديدة كليا، مثلت الأساس لما سمي لاحقا “نظام الرصيد الاجتماعي الصيني”. هذا النظام الذي لا يزال قيد التطوير، والذي يتضمن برنامج بطاقات المواطن الذكية، طورته شركة زد تي إي، وهو يقوم بتصنيف المواطنين إلى درجات بناء على معايير سلوكية، من بينها استقرارهم المالي ونشاطهم الاقتصادي. حيث أن السلوك الإيجابي يمنح المواطن تخفيضات على كلفة الخدمات والقروض. أما العلامات السيئة فهي قد تحرم صاحبها من استخدام وسائل النقل العامة، أو تجعل أبنائه ممنوعين من الذهاب للمدارس المتميزة.
وقد عرض مدراء شركة زد تي إي على الوفد الفنزويلي بطاقات ذكية مزودة بنظام تعرف من خلال موجات الراديو، وهي تكنولوجيا تمكن المراقبين من الاعتماد على موجات الراديو لتحديد موقع حامل البطاقة وبياناته. وهنالك أيضا بطاقات أخرى مستخدمة تسمى “رمز الاستجابة السريع” أو اختصارا QR codes، وهو نظام تشفير بات مستخدما الآن على نطاق واسع لتخزين وتحليل المعلومات.
وبعد هذه الرحلة، اتجهت فنزويلا إلى كوبا أقرب حليفة لها، وطلبت المساعدة لإنشاء نسختها الخاصة بها من نظام التعرف عبر موجات الراديو. ويؤكد داكوين أن الهدف الجديد للحكومة الفنزويلية في هذه الخطوة كان جمع بيانات المواطنين.
وفي يونيو/ حزيران 2008، وافقت فنزويلا على دفع مبلغ 172 مليون دولار لشركة حكومية كوبية، لقاء إصدار 6 ملايين من هذه البطاقات الذكية، وذلك بحسب نسخة من العقد الممضى. وقد رفض المسؤولون الحكوميون الكوبيون الإجابة عن أسئلتنا حول هذا الاتفاق.
وبحلول العام 2009، ازداد قلق داكوين من إمكانية انتهاك خصوصية المواطنين. حيث أنه عبر عن هذه المخاوف أمام مسؤولين من بينهم فلاديمير بادرينو، الذي كان حينها جنرالا في الجيش، ويشغل الآن منصب وزير الدفاع.
ونشير هنا أيضا إلى أن وزارة الدفاع الفنزويلية لم ترد على اتصالاتنا الهاتفية والبريد الإلكتروني والرسائل، التي طلبت فيها رويترز تعليقا على هذه المسألة.
وفي صباح يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، في مخبزة محلية في أحد أحياء كاراكاس، كان هنالك 6 ضباط مسلحين ويرتدون الزي الرسمي لوكالة المخابرات الفنزويلية، ينتظرون داكوين.
في ظل تصاعد أزمة الجوع، أطلقت الحكومة الفنزويلية في العام 2016 برنامجا لتوزيع حصص الغذاء المدعم. وقد تعاقدت لهذا الغرض مع شركة “Soltein SA de CV“، وهي شركة مقرها في المكسيك، مهمتها تصميم منصة على الإنترنت لمتعقب المنتفعين بهذا البرنامج
وقد أظهر له هؤلاء صورا لابنته، وأجبروه على التوجه معهم شرقا نحو بلدة غواتير. وأثناء المرور بطريق فرعية، يقول داكوين أنهم قاموا بضربه بالمسدسات، وادخلوا مسدسا إلى فمه وقامو باقتلاع عدد من أسنانه، ولا يزال فمه تظهر عليه علامات هذا الاعتداء.
وسأله أحدهم: ‘لماذا تخون الثورة؟” وطالبوه أيضا بفدية قدرها 100 ألف دولار لإطلاق سراحه، بحسب ما يرويه داكوين.
بعد ذلك توجه داكوين إلى المنزل وأخرج من الخزينة أموالا كان يدخرها منذ سنوات لشراء منزل، ودفعها إلى هؤلاء الرجال. وفي ذلك المساء حجز تذاكر لنفسه ولزوجته ولأبنائه الثلاثة نحو الولايات المتحدة، أين يعيش منذ ذلك الوقت، ويعمل كمستشار لأمن المعلومات.
ويشار إلى أن شقيقه الذي يعيش هو أيضا في الولايات المتحدة، ويدعى غي، أكد رواية داكوين. وتعزز الوثائق التي اطلعت عليها رويترز صحة ما رواه داكوين حول دوره السابق في الوزارة، كما أن الأشخاص العارفين بالجوانب التقنية في مثل هذه المشاريع أكدوا أن داكوين كان جزء من مشروع بطاقة أرض الآباء.
وبعد هروب داكوين، يبدو أن العقد مع الشركة الكوبية لم يفض إلى أي نتيجة، بحسب ما أكده مستشار آخر سابق في فنزويلا.
وفي مارس/ آذار 2013، فارق هوغو تشافيز الحياة. وخلال الشهر الموالي تم انتخاب خليفته مادورو مرشح الحزب الاشتراكي، كرئيس جديد للبلاد. إلا أن تواصل انهيار أسعار النفط أغرق فنزويلا في الركود الاقتصادي.
سوف نكتشف الأمر
وفي ظل تصاعد أزمة الجوع، أطلقت الحكومة الفنزويلية في العام 2016 برنامجا لتوزيع حصص الغذاء المدعم. وقد تعاقدت لهذا الغرض مع شركة “Soltein SA de CV“، وهي شركة مقرها في المكسيك، مهمتها تصميم منصة على الإنترنت لمتعقب المنتفعين بهذا البرنامج، وذلك بحسب وثائق اطلعت عليها رويترز. وكانت هذه المنصة بداية إنشاء قاعدة البيانات المستخدمة حاليا في نظام بطاقات أرض الآباء.
نجح نظام توزيع حصص الغذاء، حيث أن حوالي 90 بالمائة من سكان البلاد يتلقون حاليا مساعدات غذائية، بحسب دراسة نشرتها في شباط/فبراير ثلاث جامعات فنزويلية
وبحسب حساباتهم المهنية في موقع لينكد إن، فإن مدراء “سولتاين” أغلبهم من الموظفين الحكوميين السابقين في كوبا. إلا أن شخصا أجاب على اتصال هاتفي أجريناه نحو أحد أرقام “سولتاين” نفى أن تكون الشركة مشاركة في العمل على نظام أرض الآباء. كما أن امرأة متواجدة في العنوان الرسمي للشركة في مدينة كانكون السياحية في المكسيك، أخبرت رويترز بأنها لم تسمع أبدا عن “سولتاين”.
وقد نجح نظام توزيع حصص الغذاء، حيث أن حوالي 90 بالمائة من سكان البلاد يتلقون حاليا مساعدات غذائية، بحسب دراسة نشرتها في شباط/فبراير ثلاث جامعات فنزويلية، من بينها جامعة أندريس بيلو الكاثوليكية.
وفي ظل هذه النتائج، وشعورها بالرضا حيال قدرتها على متابعة وصول هذه المساعدات لمستحقيها، سعت الحكومة لمعرفة المزيد من المعلومات حول المستفيدين، وذلك بحسب مصادر مشاركة في هذا المشروع، ولذلك اتجهت نحو شركة زد تي إي الصينية.
إلى جانب بطاقة أرض الآباء، فإن شركة “زاد تي إي” تساعد فنزويلا أيضا على تركيز نظام مراقبة بالفيديو ومشاريع أخرى
هذه الشركة الصينية، المتواجدة في فنزويلا منذ حوالي عشر سنوات، لديها أكثر من 100 موظف يعملون في طابقين ضمن ناطحة سحاب في العاصمة كاراكاس. وكان أول دخول لها إلى السوق الفنزويلية عبر العمل مع شركة الاتصال الحكومية CANTV، للسماح بالبث التلفزيوني عبر الإنترنت.
ومثل عديد الشركات الحكومية في فنزويلا، فإن CANTV ازدادت حاجتها للاستثمارات الخارجية. وقد أصبحت زد تي إي الصينية شريكا أساسيا لها، وتسلمت العديد من المشاريع التي كانت في الماضي تحتكرها CANTV نفسها، بحسب ما أكده أشخاص على دراية بالشركتين. وتساعد زد تي إي حاليا الحكومة الفنزويلية على بناء ستة مراكز تعمل بتقنية “رمز الاستجابة السريع”، تقوم بمراقبة سكان كبرى مدن فنزويلا، وذلك بحسب بيان صحفي صدر في 2015.
وفي 2016، شرعت زد تي إي في إنشاء نظام مركزي للمراقبة بالفيديو لفائدة الحكومة، يغطي كامل البلاد، وذلك بحسب موظفين حاليين وسابقين في الحكومة.
طورت شركة “زاد تي إي” هذه الرموز، بكلفة تقل عن 3 دولارات لكل حساب، وقامت الحكومة بطباعة البطاقات، وربطها بقاعدة بيانات شركة “سولتاين”
وفي إطار مساعيها النهائية لإطلاق مشروع بطاقات أرض الآباء، تخلت الحكومة عن فكرة الاعتماد على رقائق البث الإذاعي لتحديد الهوية، وذلك بحسب أشخاص مطلعين على هذا الملف. حيث أن هذه التكنولوجيا التي تتمكن من تحديد أماكن البطاقات كانت مكلفة جدا، ولذلك فقد تم عوضا عنها طلب المساعدة من شركة “زاد تي إي” للحصول على رموز الاستجابة السريعة، أو مصفوفة الرموز الشريطية، وهي المربعات البيضاء والسوداء التي يمكن للهواتف الذكية مسحها للدخول مباشرة إلى مواقع الإنترنت.
وقد طورت شركة “زاد تي إي” هذه الرموز، بكلفة تقل عن 3 دولارات لكل حساب، وقامت الحكومة بطباعة البطاقات، وربطها بقاعدة بيانات شركة “سولتاين”. وفي اتصال هاتفي مع رويترز في سبتمبر/أيلول الماضي، أكد سو، مدير عمليات “زاد تي إي” في فنزويلا، وجود عقد بين الشركة وCANTV الفنزويلية لإصدار البطاقات، إلا أنه رفض الإجابة على باقي أسئلتنا.
وقد قام مادورو بتقديم هذه البطاقات في ديسمبر/كانون الأول 2016. وخلال خطاب متلفز، حمل في يده إحدى هذه البطاقات، وشكر الصين على تقديم الدعم (لم يذكر نوع الدعم)، وقال إن الجميع يجب عليهم أن يحصلوا على واحدة.
هذا النظام لتحديد الهويات، كان لا يزال يعمل على منصة شركة “سولتاين”، ولم يتم نقله لحد ذلك الوقت لخوادم شركة زد تي إي. وسرعان ما حدثت الكارثة، ففي مايو/آيار 2017، تمكن القراصنة من الدخول إلى قاعدة بيانات أرض الآباء.
هذا الاختراق نفذته مجموعة من النشطاء مجهولي الهوية، والمعارضين للرئيس مادورو، يسمون أنفسهم Team HDP. وقد قال زعيم هذه المجموعة، عبر حسابه في تويتر @YoSoyJustincito، “إن عملية الاختراق كانت في غاية البساطة، والدافع ورائها هو رغبة فريق TeamHDP في فضح أسرار نظام مادورو.”
هذا القرصان، الذي تحدث إلى رويترز عبر الرسائل النصية، رفض الكشف عن هويته وأكد أنه لم يعد متواجدا في فنزويلا. كما أن أحد مدراء شركة CANTV، من الذين ساعدوا لاحقا في نقل قاعدة البيانات إلى خوادم شركة “زاد تي إي”، أكد التفاصيل المسربة حول عملية الاختراق.
بعد وقت قصير من عملية الاختراق، وقع مادورو عقدا بكلفة 70 مليون دولار مع شركة CANTV، وبنك حكومي، للعمل على مشاريع للأمن القومي
وخلال هذه العملية، التقط فريق القراصنة TeamHDP صورا لبيانات المستخدمين، وقام بمحو حسابات المسؤولين الحكوميين، ومن بينهم مادورو. ولاحقا ظهر الرئيس على التلفزيون وهو يحاول عرض بطاقته أمام جهاز المسح، ولكنه لم يتمكن من ذلك، وظهرت له رسالة بوجود خطأ، كتب فيها: “هذا الشخص غير موجود.”
تلك الصور التي تتضمن المعلومات التي استخرجت من عدة حسابات، والتي قام فريق القراصنة TeamHDP بمشاركتها مع رويترز، تتضمن أرقام هواتف، عناوين بريد إلكتروني، عناوين سكن، وتفاصيل المشاركات في فعاليات الحزب الاشتراكي، وحتى ما إذا كان الشخص يمتلك حيوانا أليفا أو لا. وقد أكد أشخاص من ذوي الخبرة في قواعد البيانات أن الصور المسربة تبدو حقيقية.
وبعد وقت قصير من عملية الاختراق، وقع مادورو عقدا بكلفة 70 مليون دولار مع شركة CANTV، وبنك حكومي، للعمل على مشاريع للأمن القومي. هذه المشاريع تضمنت تطوير قاعدة بيانات مركزية لبطاقات أرض الآباء، وتطبيق هواتف محمولة للقيام بالعمليات المالية، مثل خصم ثمن سلة الغذاء المدعمة، من الرصيد المخصص لكل بطاقة.
وقد جاء في العقد الجديد أن “أطرافا إمبريالية وغير وطنية حاولت الإضرار بالأمن القومي”، كما ينص العقد على أن نسبة غير معلنة من التمويل سوف تأتي من الصندوق المشترك الفنزويلي الصيني، وهو نظام تمويل يجمع البلدين. كما أن عقدا مرتبطا بهذا المشروع، اطلعت عليه رويترز، يشير إلى حصول زد تي إي على التكليف بالعمل على مشروعي قاعدة البيانات وتطبيق العمليات المالية.
إلا أن هذه الوثيقة لا تكشف عن المبلغ الذي سيذهب للشركة الصينية، من ضمن القيمة الجملية للمشروع، المقدرة بكلفة 70 مليون دولار.
ذكرت لورين لي، المتحدثة باسم شركة ديل، أن زد تي إي”هي إحدى زبائنهم في الصين، ولكنهم لا يبيعون لها معدات موجهة لفنزويلا
وقد رفضت شركة زد تي إي التعليق على التفاصيل المالية لنشاطاتها في فنزويلا. كما رفضت الحكومتان الصينية والفنزويلية الرد على تساؤلات رويترز حول هذه العقود.
وفي تموز/يوليو 2017، نقلت شركة “سولتاين” ملكية بيانات مشروع أرض الآباء إلى شركة CANTV، بحسب ما تظهره وثائق المشروع. وقد بدأ فريق مكون من 12 من المطورين في زد تي إي العمل على تحسين إمكانيات وتأمين قاعدة البيانات، بحسب تصريحات موظفين حاليين وسابقين في CANTV.
ومن بين الإجراءات المتخذة، قيام زد تي إي بتركيز وحدات لتخزين البيانات من إنتاج شركة ديل التي يقع مقرها في الولايات المتحدة. وفي اتصال معها، ذكرت لورين لي، المتحدثة باسم شركة ديل، أن زد تي إي”هي إحدى زبائنهم في الصين، ولكنهم لا يبيعون لها معدات موجهة لفنزويلا. كما ذكرت المتحدثة باسم الشركة أن ديل راجعت تحويلاتها إلى فنزويلا ولم تعثر على أي عملية بيع موجهة إلى شركة CANTV.
وقالت لورين لي: “إن شركة ديل ملتزمة بكل القوانين النافذة في الأماكن التي نقوم فيها بأنشطتنا، ونحن نتوقع من زبائننا وشركائنا ومزودينا أن يلتزموا بنفس هذه القوانين.”
وفي مايو/أيار الماضي، شهدت فنزويلا انتخابات تعرضت للتشكيك عبر نطاق واسع من قبل الحكومات الأجنبية، بعد أن منع مادورو عدة شخصيات معارضة من الترشح. وقبل وقت قصير من وقت الاقتراع، دعا مسؤولو الحزب الحاكم الناخبين إلى “إظهار الامتنان” لكرم الحكومة فيما يخص توزيع بطاقات أرض الآباء.
وقام هؤلاء المسؤولين بتركيز نقاط حمراء على شكل أكشاك قرب مراكز الاقتراع، أين يمكن للناخبين الاستظهار ببطاقاتهم وتسجيل أنفسهم، من أجل الحصول على جائزة وعد مادورو بنفسه بتقديمها لهم.
قامت الحكومة بتركيز أكشاك قرب مراكز الاقتراع أثناء الانتخابات في مايو/أيار الماضي، والبطاقات التي يتم الاستظهار بها ويقوم أصحابها بتسجيل أنفسهم يمكنهم الحصول على “جائزة أرض الآباء”، التي لم يتم تقديمها لأي أحد.
وأولئك الذين استظهروا ببطاقاتهم تلقوا لاحقا رسالة نصية تشكرهم على دعم مادورو، بحسب العديد من حاملي هذه البطاقة، وإحدى الرسائل التي اطلعت عليها رويترز. إلا أن الجوائز التي تم التعهد بتقديمها في مقابل التصويت، لم يتم توزيعها أبدا، بحسب حاملي البطاقات وأشخاص مطلعين.
ويقول موظفون حاليون وسابقون في شركة CANTV أن قاعدة البيانات تسجل ما إذا كان الشخص قام بالتصويت أو لا، ولكنهم لا يعرفون كيف يتم ذلك. ويبدو أن بعض الناخبين تم إيهامهم بأن الحكومة سوف تكتشف اختياراتهم عند التصويت، وهو اعتقاد أدخل الرعب في قلوبهم.
وقد ذكرت إحدى عضوات لجان توزيع الطعام في مدينة باريناس الواقعة في غرب البلاد، أن المسؤولين الحكوميين وجهوا لها ولزملائها أوامر بإيهام متلقي هذه المساعدات الغذائية بأن أصواتهم في الانتخابات يمكن تعقبها، وطلب منها أن تقول لهم: “سوف نكتشف الأمر إذا ما كنتم صوتم مع أو ضد”.
في ظل استغلال البيانات الشخصية بهذا الشكل في الوقت الحالي، يخشى بعض المواطنين من أنهم لن يخسروا فقط وظائفهم، وذلك بحسب رأي مارييلا ماغالينس، وهي من نواب المعارضة
ويقول الموظفون الحكوميون أنهم هم المستهدفون بالأساس. وقد ذكر تقرير داخلي لشركة CANTV خلال العام الماضي أن قاعدة البيانات يمكنها أن تحصل على معلومات من مختلف الوزارات، من أجل “المساعدة على إنتاج إحصاءات واتخاذ قرارات”. وبعد التصويت، قامت العديد من المؤسسات الحكومية، ومن بينها المؤسسة البنكية “Banco Bicentenario del Pueblo“، بإرسال قائمات إلى شركة CANTV تتضمن أسماء موظفيها، لتحديد ما إذا كانوا قد شاركوا في التصويت، وذلك بحسب مدير ساهم في تركيز الخوادم المستعملة في قاعدة البيانات.
وقد رفض هذا البنك الرد على طلبنا بالتعليق على هذه المسألة، كما أن مسؤولين في وزارة الاقتصاد، التي يرجع إليها هذا البنك بالنظر، لم ترد على تساؤلاتنا.
وفي ظل استغلال البيانات الشخصية بهذا الشكل في الوقت الحالي، يخشى بعض المواطنين من أنهم لن يخسروا فقط وظائفهم، وذلك بحسب رأي مارييلا ماغالينس، وهي من نواب المعارضة وترأست خلال العام الماضي لجنة للتحقيق في كيفية ربط بطاقة أرض الآباء مع برنامج الغذاء المدعم.
وقد ذكرت هذه اللجنة في تقريرها أن الحكومة تتعمد حرمان بعض المواطنين من سلال الغذاء، لأنهم لا يمتلكون هذه البطاقة. وتقول مارييلا: “إن الحكومة تعرف تماما من هم الأكثر هشاشة إزاء الضغوط”.
ساهم في إعداد هذا التقرير آدم جوردن في شانغهاي، بين بلانتشر في بكين، إريك أوتشارد في لندن، سارا مارش في هافانا، إيفان ألونزو في كانكون، كريستين موراي في مكسيكو سيتي، فرانشيسكو أغويلار في باريناس، وأندرينا أبونتي في كاراكاس.
بطاقات ذكية لمن لا يحملون وثائق شخصية
سعى الرئيس السابق هوغو تشافيز، الذي توفي في 2013، لتجديد نظام بطاقات الهوية في فنزويلا، لمساعدة المواطنين المهمشين على الحصول على الخدمات الأساسية.
فبراير/شباط 1999: هوغو شافيز يتسلم رئاسة فنزويلا، وبعد ذلك بفترة قصيرة يشرع في جهوده لحل مشكلة الفنزويليين الذين لا يمتلكون بيانات هوية شخصية.
ديسمبر/كانون الأول 2007: تشافيز يتكبد أول هزيمة انتخابية له، حين خسر استفتاء حول توسيع سلطاته.
أبريل/نيسان 2008: تشافيز يرسل وفدا إلى الصين للاستفادة من تجربتها حول استخدام بطاقات الهوية الوطنية.
يوليو/تموز 2008: أسعار النفط العالمية تنهار بعد ارتفاع مطرد لمدة عشر سنوات.
نوفمبر/تشرين الثاني 2009: أنثوني داكوين، المستشار في وزارة العدل، يقول إن عملاء المخابرات الحكومية قاموا باختطافه وضربه وابتزازه، بعد أن عبر عن مخاوفه بشأن انتهاك خصوصية المواطنين عبر بطاقات الهوية.
مارس/آذار 2013: تشافيز يفارق الحياة بسبب مرض السرطان، ويتم انتخاب نيكولاس مادورو خلال الشهر الموالي.
يونيو/حزيران 2014: أسعار النفط تنهار مجددا، لتقوّض بشكل كبير أهم مصدر للدخل في فنزويلا. وقد بدأت حينها الحكومة بإحداث وسائل لمراقبة الإنفاق على البرامج الاجتماعية.
ديسمبر/كانون الأول 2016: مادورو يطلق برنامج بطاقة أرض الآباء ويشكر الصين على مساعدتها.
مايو/أيار 2017: الحكومة تتعاقد مع شركة زد تي إي لتحصين قاعدة بيانات برنامج أرض الآباء. والشركة الصينية تبدأ بإعادة تأهيل نظام المستخدم في شركة الاتصالات الحكومية CANTV.
مايو/أيار 2018: تتم إعادة انتخاب مادورو، وحكومته تستخدم بطاقات أرض الآباء لتحديد المشاركين في التصويت.
سبتمبر/أيلول 2018: الحكومة تقول أن بطاقات أرض الآباء ستكون ضرورية لصرف المعاشات وشراء الوقود المدعم.
المصدر: وكالة رويترز