وسط أجواء سياسية وطائفية وعدم استقرار، وما بين الشيعة جنوبًا والسنة وسطًا والكرد شمالاً، وما بين الجيش والعشائر وداعش في الأنبار وما حولها، وما بين سطوة المالكي ومن حوله واستئثارهم بالسلطة، وغيرها، يتوجه العراقيون في الثلاثين من الشهر الجاري لانتخاب البرلمان العراقي الجديد للأربع السنوات القادمة.
وتعتبر انتخابات العام 2014 هي الرابعة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، حيث شهدت البلاد عام 2004 انتخابات للجمعية التأسيسية التي انحصرت مهمتها في إعداد الدستور العراقي، وشهدت هذه الانتخابات مقاطعة واسعة من قبل العراقيين الرافضين للاحتلال الأمريكي، ثم تبعتها الانتخابات البرلمانية لعام 2005 والتي شهدت أيضًا مقاطعة واسعة من السنة؛ الأمر الذي أدّى إلى اكتساح الشيعة للنتائج تبعهم الكرد حسب الجدول التالي.
أما في انتخابات عام 2010، فخفت موجة المقاطعة بعض الشيء؛ الأمر الذي أدّى لتصدر كتلة رئيس الوزراء الأسبق إياد علّاوي (القائمة العراقية) المشهد بـ 91 مقعدًا، ليتبعه على الفور كتلة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي (دولة القانون) بـ 89، في منافسة وصفت بـ “الشرسة”.
وفي تحليل لنتائج انتخابات كل من 2005 و2010، فيظهر أن 5.1 مليون صوت ذهبت للقوائم الشيعية لتحوز ما نسبت 47٪ من البرلمان في 2005، بينما انخفضت الأصوات التي ذهبت للقوائم الشيعية إلى 4.59 مليون صوت لتحوز القوائم الشيعية 48.9٪؛ ويعود سبب ارتفاع النسبة رغم انخفاض الأصوات إلى زيادة مقاعد البرلمان بـ 50 مقعدًا.
في الوقت الذي توزعت فيه أصوات السنة على جبهة التوافق العراقية، والوطنية العراقية (إياد علاوي)، والحوار (سالم المطلك)، ليكون نصيب هذه القوائم الثلاثة مجتمعة 3،4 مليون صوت حصلت من خلاله على 31٪ من البرلمان، ولتنخفض أصوات السنة في 2010 إلى 3.2 مليون صوت مع ثبات النسبة بـ 31٪ من المقاعد لكل من قائمة إياد علاوي والتوافق – وهي ما تبقى من جبهة التوافق عام 2005 -، بينما حاز الأكراد على نسب 22٪، 23.6٪ من مقاعد البرلمان في انتخابات 2005، 2010 على التوالي.
اللافت في انتخابات 2010 عن 2005 هو حصول 4.5 مليون صوت شيعي على 159 مقعد، بينما لم يحصل 5.5 مليون صوت سنّي إلا على 158 مقعد؛ الأمر الذي يعود لتعدد القوائم السنية التي لم تجتز “الحافة الانتخابية”، وتضخم حصة المحافظات الشيعية على حساب السنية، والمقاطعة الواسعة في صفوف السنة والمهاجرين.
اليوم، تغيّر المشهد بشكل كبير وتعرضت الكثير من هذه القوائم للتفرقة والتجزئة بسبب المصالح والمكاسب السياسية كما حدث للقائمة العراقية أو التحالف الشيعي الذي تعرض لخروج التيار الصدري بأكثر من 40 نائب، إضافة إلى توتر العلاقة بين المجلس الأعلى وحزب الفضيلة مع دولة القانون التي يرأسها المالكي لتفرد الأخيرة بالسلطة واستئثارها بالحكم والمكاسب.
وفي يوم الأربعاء المقبل – الثلاثين من أبريل الجاري – يتوجه العراقيون لانتخاب 328 نائبًا للبرلمان، يتنافس عليها 9045 مرشحًا 27٪ من الإناث و73٪ من الذكور، في أجواء دموية تعيشها البلاد بسبب التفجيرات الشبه يومية من جهة، ومن جهة أخرى في ظل الحرب الدائرة رحاها ما بين ثلاثية الجيش – العشائر – داعش غرب البلاد.
وتتعالى الأصوات السنية هذه المرة لحث الناس للانتخاب، في فرصة يراها المراقبون الأقوى هذه المرة للفوز بأكبر كتلة انتخابية قادرة على تشكيل حكومة بعد تجارب عامي 2005 و2010.
المصدر: نون بوست + المركز العربي للأبحاث