في اليوم العالمي للطفل.. 15 مليون طفل عربي على قوائم الموت البطيء

بينما يحتفل العالم اليوم بالذكرى الـ19 ليوم الطفل العالمي الذي يوافق 20 من نوفمبر من كل عام، بقاع أخرى على كوكب الأرض يعاني أطفالها معاناة مستمرة، قادتهم الحروب والصراعات والكوارث إلى ظروف تغتال براءتهم وتدفع بمستقبلهم في غياهب الجب السحيق.
يوم الطفل العالمي الذي تأسس عام 1954 لتعزيز الترابط الدولي، والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وبدأ الاحتفال به بصورة رسمية عام 1989 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، كان بمثابة نقطة الشرارة الأولى نحو تذكير العالم بضرورة احترام حقوق الأطفال ومنها حقهم في الحياة والتعليم، والحماية من العنف الجسدي والنفسي، وعدم استغلالهم في العمل قبل الاستمتاع ببراءة الطفولة وفترتها الكاملة.
وفي الوقت الذي تكتظ فيه شوارع وميادين العالم بمظاهر الاحتفال بهذا اليوم، يعيش الطفل العربي في مجتمعات تمر بظروف سياسية واقتصادية وأمنية غير مستقرة، بعضها من صنع الأنظمة والحكومات، والأخرى إفراز لغياب الوعي المجتمعي، الأمر الذي ينعكس على حياته ويلقي به في مؤخرة الركب العالمي.
ما يقرب من 15 مليون طفل عربي يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، وباتت حياتهم على المحك، إذ انعدمت بشكل أو بآخر مقومات الحياة
العالم يتحول إلى اللون الأزرق
عنونت الأمم المتحدة الاحتفال باليوم العالمي للطفل هذا العام بـ(الأطفال يتولون المهمة ويحوّلون العالم إلى اللون الأزرق) في إشارة منها إلى قدرة الأطفال على تحويل العالم إلى اللون الأزرق في إشارة إلى حب الحياة وديمومة الخير واستمرار التفاؤل والأمل في غد أفضل.
المنظمة وعبر موقعها الرسمي على الإنترنت كتبت “نحن نريد إقامة عالم يكون فيه جميع الأطفال ملتحقين بالمدارس، آمنين من الأذى وقادرين على تحقيق إمكاناتهم، ونعلم أنك تريد ذلك”، مطالبة أطفال العالم بأن يحتفلوا مرتدين ملابس أو إضافات زرقاء وأن يشاركوها على مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك المشاركة فيما أطلقت عليه “أكبر درس في العالم” باستعمال حزمة الأنشطة المدرسية، وتغيير لونها ولون المواقع الخاصة على السوشيال ميديا باللون الأزرق.
الطفل العربي.. واقع مؤلم
يحيا الطفل العربي واقعًا مغايرًا تمامًا لما عليه أطفال العالم، إذ قُدر له أن يولد وسط مجتمعات تعاني من ظروف سياسية واقتصادية متردية، هذا بخلاف مثلث برمودا الذي وقعت فيه العديد من الدول، فباتت أسيرة حروب وكوارث بشرية لم يشهد التاريخ الحديث مثلها، وهو ما انعكس بدوره على حياة الأطفال العرب.
تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 15 مليون طفل عربي يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، وباتت حياتهم على المحك، إذ انعدمت بشكل أو بآخر مقومات الحياة، كما أشارت منظمة “هيومان رايتس مونيتور” التي كشفت عن ارتفاع معدلات وفيات الأطفال في العالم العربي نظرًا للفقر الشديد، هذا بخلاف الحصاد المر للحروب والصراعات لا سيما في اليمن وسوريا والعراق.
ففي اليمن، فبجانب الفاتورة الباهظة التي دفعها أطفال اليمن السعيد جراء الصراع الدائر بين الحوثيين وقوات التحالف بقيادة السعودية، فإنه خلال الفترة القادمة من المرجح أن يصبح الملايين من الأطفال والأسر دون غذاء أو مياه أو خدمات صرف صحي بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والعنف المستمر، إذ تواجه أعدادًا متزايدة من الناس الذين أنهكتهم الحرب احتمالات حقيقية بالموت والمرض، حسب تقارير اليونيسيف.
وفي بيان صادر عن منظمة رعاية الأطفال (منظمة إنسانية سويدية) فإن الصراع القائم في اليمن تسبب بمقتل 1600 طفل وجرح أكثر من 2500 آخرين منذ مارس 2015، مضيفًا “أكثر من 2.2 مليون طفل دون عمر الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد”، لافتًا إلى أن اليمن يواجه أعلى معدلات سوء التغذية المزمن “التقزم” في العالم.
البيان كشف أن “طفل واحد تحت سن الخامسة يموت كل عشر دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها مثل الإسهالات والتهابات الجهاز التنفسي وسوء التغذية التي تفاقمت جراء الصراع”، فيما دفعت الحرب أكثر من مليوني طفل لترك مدارسهم، حيث تعرضت 200 مدرسة للاستهداف المباشر، ولا تزال 1700 مدرسة مغلقة بسبب تدميرها أو تضررها أو إيوائها للأسر النازحة أو بسبب استخدامها لأغراض عسكرية.
رغم الظروف السياسية والاقتصادية المتأرجحة فقد خطت بعض الدول العربية خطوات معقولة نسبيًا في دعم المنظومة الحقوقية للأطفال، منها على سبيل المثال تونس، التي نجحت في الحفاظ على تصدرها للدول العربية
سوريًا.. أدت الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية هناك إلى نزوح ملايين الأطفال خارج البلاد، هذا بخلاف تراجع مستوى الخدمات والبنى التحتية، فبعد سنوات قليلة من الحرب صار أربعة من أصل كل خمسة سوريين يعيشون في الفقر، وبلغ عدد المشردين 7.6 مليون نازح بعد 3 سنوات فقط من بداية الصراع، وتضاعف معدل البطالة أربع مرات تقريبًا لتصل النسبة إلى 57.7%، فيما خلفت وراءها 2.4 مليون طفل لاجئ من أصل 8.4 مليون طفل سوري، وفقًا للتقارير الأممية.
المصدر: الأمم المتحدة
عراقيًا.. تشير التقديرات إلى أن 2.7 مليون طفل عراقي كانوا في مقدمة حصيلة ضحايا الحرب منذ 2003 وحتى الآن، منهم 700 قتلوا، والآخرين ما بين مصاب وفاقد لمقومات الحياة الأساسية، كما حذرت الأمم المتحدة من خطورة الأوضاع في العراق، ذاكرة في تقارير لها أن أكثر من 360 ألف طفل يعانون من أمراض نفسية، و50% من طلبة المدارس الابتدائية لا يرتادون مدارسهم، و40% منهم فقط يحصلون على مياه شرب نظيفة.
مصريًا.. تعد مصر من أكثر دول العالم انتهاكًا لحقوق الأطفال بحسب التقارير الحقوقية، ما بين قتل واغتصاب واختطاف وتعذيب واستغلال جنسي ووظيفي، هذا بخلاف ما يعاني منه أطفال مصر من تردي في مستوى الخدمات التعليمية والصحية المقدمة التي تعرض حياة الملايين منهم للخطر.
وقد وصل عدد الأطفال المعتقلين في مصر منذ 2013 وحتى الآن نحو 2200 طفل، 400 منهم رهن الاعتقال، تعرض أكثر من 950 طفلاً خلال فترات احتجازهم إلى المعاملة القاسية والتعذيب النفسي والجسدي، وسجلت كذلك نحو 78 حالة عنف جنسي بحق الأطفال في مصر، فضلًا عن وقوع العشرات منهم قتلى خارج إطار القانون.
أوضاع كارثية لأطفال اليمن خلفتها الحرب الدائرة هناك
تونس الأولى عربيًا
رغم الظروف السياسية والاقتصادية المتأرجحة فقد خطت بعض الدول العربية خطوات معقولة نسبيًا في دعم المنظومة الحقوقية للأطفال، منها على سبيل المثال تونس، التي نجحت في الحفاظ على تصدرها للدول العربية في مجال دعم حقوق الطفل استنادًا إلى التقرير السنوي الصادر عن “منظمة حقوق الطفل” لعام 2017 حيث احتلت المرتبة الأولى عربيًا والتاسعة دوليًا من بين 163 دولة صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
التصنيف العالمي الذي اشتمل على 5 مجالات: الحق في الحياة والحق في الصحة والحق في التعليم والحق في الحماية والحق في بيئة ملائمة للأطفال، ويتم احتساب معدل النقاط المتحصل عليها التي تتراوح بين 0.01 ونقطة واحدة لكل دولة، صنّف مصر في المرتبة الثانية عربيًا ثم عُمان ولبنان فيما تذيلت العراق واليمن وموريتانيا القائمة ليتم تصنيفها كإحدى الدول الأسوأ في رعاية حقوق الطفل.
لم يختلف تصنيف عام 2017 عن العام الذي قبله، إذ احتلت تونس المرتبة الأولى عربيًا كذلك وإن تقدمت مرتبة واحدة في تصنيفها العالمي، إذ كانت في المرتبة العاشرة في 2016 تقدمت للتاسعة العام الماضي، كما جاءت مصر في المرتبة الـ34 عالميًا والسعودية في المرتبة الـ80، بينما سوريا في المرتبة 105 تلتها البحرين 106، وتذيلت دول اليمن والعراق وإريتريا القائمة.