يبدو أن شهر أكتوبر/تشرين الأول لديه تصميم لا رجعة فيه أن يظل كابوسًا مؤرقًا لمضاجع الكيان الإسرائيلي، منذ 1973 وصولًا إلى 2024، حيث الذكريات المؤلمة والضربات الموجعة والهزات العنيفة التي تتعرض لها دولة الاحتلال خلال هذا الشهر، والتي كان لها صداها الكبير في إجهاض جهود عقود طويلة حاول فيها المحتل تسويق صورة الدولة القوية التي لا تُهزم.
أعلن “حزب الله” في بيان رسمي استهداف معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا جنوب حيفا (شمال الأراضي المحتلة) بسرب من المسيّرات الانقضاضية، في ضربة نوعية مركبة، ما أسفر عن مقتل 4 جنود وضباط إسرائيليين وإصابة ما يقرب من 70 آخرين، بعضهم في حالة حرجة، بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الجانب الإسرائيلي.
وتعد تلك الضربة أكثر الهجمات النوعية والتكتيكية قوة وتأثيرًا على جيش الاحتلال منذ بداية الحرب في غزة أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أربك حسابات الاحتلال وأحدث هزة عنيفة داخل دوائر صنع القرار في تل أبيب، ودفعها نحو فتح تحقيق عاجل وموسع في ملابسات تلك العملية، وسط تباين في التصريحات بين المستويين السياسي والعسكري بشأن تداعياتها وما يثار بشأن فرض معادلة جديدة على غرار بيروت-تل أبيب والضاحية-حيفا.
وبحسب بيان الحزب فإن المسيّرات التي وصفها بـ”النوعية” تمكنت من “اختراق رادارات الدفاع الجوي الإسرائيلي دون اكتشافها ووصلت إلى هدفها في معسكر تدريب للواء النخبة (غولاني) في منطقة بنيامينا، جنوبي مدينة حيفا المحتلة، وانفجرت في الغرف التي كان يوجد فيها العشرات من ضباط وجنود العدو الإسرائيلي الذين يتحضرون للمشاركة في الاعتداء على لبنان، وبينهم ضباط كبار، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات”.
وأشار البيان إلى أن قيادة المقاومة قررت تنفيذ هذه العملية لـ”تأديب هذا العدو وإظهار بعض من كثير مما هي قادرة عليه في أي وقت تختاره وأي مكان تريده، سري كان أو علني. فكان الهدف أحد معسكرات لواء النخبة غولاني، غير المعلوم للكثير من المستوطنين”.
تأتي العملية بعد يوم واحد فقط من سقوط طائرة مسيرة في أجواء تل أبيب بعد فشل الدفاعات الإسرائيلية في اعتراضها، الأمر الذي أثار حالة من الهلع بين الإسرائيليين في العاصمة ومحيطها، دفعتهم للاختباء في الملاجئ والتقوقع بداخلها لساعات طويلة، في ظل تصاعد المخاوف من توسعة جغرافيا الاستهدافات وتزحزحها من الشمال إلى قلب “إسرائيل”، الإداري والاقتصادي والسكاني.
وبعيدًا عن تباين الآراء بشأن تفاصيل عملية أمس، وما إذا كانت عبر سرب من المسيرات الانقضاضية (بحسب رواية حزب الله) أو من خلال مسيرة واحدة (بحسب رواية الجيش الإسرائيلي) فإن نتائجها الميدانية تحمل الكثير من الدلالات والرسائل والرمزيات التي قد تذهب بالبعض بعيدًا إلى الحديث عن احتمالية فرض قواعد اشتباك محددة، وإعادة تقييم معادلة الردع الإقليمية مع الكيان المحتل.
رسائل التعافي
بعد استهداف البنية القيادية لـ”حزب الله” وعلى رأسها أمينه العام حسن نصر الله، وما أعقبه من تدمير لعدد من مرتكزاته وقواعده العسكرية والتسليحية، ظن الاحتلال أن الحزب بات بلا رأس ولا قيادة ولا قاعدة، وهو ما أغرى نتنياهو وحكومته المصغرة للذهاب بطموحاتهم نحو الحديث عن القيام بعملية برية قد تصل إلى بيروت، أملًا في اجتثاث جذور الحزب، وجز ما بقي من عشبه.
لكن يبدو أن تقديرات الكيان المحتل بشأن تأثير ضرباته التي وجهها للحزب لم تكن على المستوى المطلوب من الدقة، ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الشارع الإسرائيلي ومن قبله نخبتيه، السياسية والعسكرية، رفع الحزب للراية البيضاء وإعلان الاستسلام بشكل رسمي وتسليم ما لديه من سلاح.
على مدار الأيام الماضية أمطر الحزب برشقاته الصاروخية شمال الأراضي المحتلة مرورًا بحيفا، تلك المدينة اللوجستية اقتصاديًا وشعبيًا وسياسيًا، وصولًا إلى العاصمة الإدارية تل أبيب، وأجبر الملايين من المستوطنين وسكان العاصمة على الاختباء في الملاجئ لساعات طويلة، بل أجبر الكابينت وحكومة نتنياهو على عقد اجتماعاتهم من داخل المخابئ تحت الأرض.
وتجاوزت رسائل التعافي التي بعث بها الحزب للكيان الإسرائيلي حاجز رد الفعل والدفاع في مواجهة الضربات التي يتلقاها على أيدي جيش الاحتلال، لينتقل إلى مرحلة الهجوم والمباغتة، مستهدفًا العمق الإسرائيلي بعشرات ومئات الهجمات والرشقات الصاروخية التي أبقت صافرات الإنذار تدوي في أجواء المناطق الإسرائيلية كافة على مدار الساعة.
ويسعى الحزب من خلال التغير الواضح في تكتيكات القتال واستراتيجيات المواجهة بين المعارك الشرسة على الحدود مرورًا بإرباك حسابات الشمال وصولًا إلى قلب الطاولة في العمق الإسرائيلي، إلى التأكيد على تعافيه السريع من الضربات التي تلقاها مؤخرًا، وقدرته على ترميم جدرانه بشكل غير متوقع، على الأقل لدى القيادة الإسرائيلية، وهي الرسائل التي يؤكدها الحزب يومًا تلو الآخر منذ بداية الحرب على الجبهة اللبنانية.
العملية البرية ليست نزهة
كل الأجواء التي سبقت العملية البرية الإسرائيلية في لبنان كانت تذهب باتجاه انتصار مؤزر لجيش الاحتلال وتحقيق أهدافه في غضون أيام قليلة، إن لم تكن ساعات، وذلك بعد الضربات القوية التي تلقاها “حزب الله” على أيدي جيش الاحتلال واستخباراته، حيث تم القضاء على قيادات الصف الأول والثاني، وتدمير الكثير من القدرات الصاروخية للحزب، فيما مُنيت جبهته الداخلية بهزيمة نفسية مؤثرة في أعقاب عملية تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية (البيجرات)، هذا بخلاف الخطوات التي خطاها الكيان المحتل لتجريد “حزب الله” من حاضنته الشعبية.
في تلك الأجواء الممهدة تمامًا لعملية برية سريعة، يخطف بها جيش الاحتلال انتصاره الأكبر، ويعوض به ما تعرض له في حرب يوليو/تموز 2006، تباينت الآراء في الداخل الإسرائيلي المنتشي بما حققه من انتصارات، حول آليات توظيف تلك الأجواء وتحقيق أكبر مكسب ممكن من استثمارها عسكريًا وسياسيًا، فتأرجحت التقديرات بين عملية محدودة في الجنوب وأخرى ما دون نهر الليطاني فيما خرجت أصوات أخرى تطالب باحتلال بيروت وفرض معادلة جديدة تغير قواعد الاشتباك في المنطقة بأسرها وليس على الجانب اللبناني فقط.
لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن المحتل، إذ فوجئ بصمود من عناصر الحزب، وإيقاع الكثير من الخسائر في صفوف جيش الاحتلال الذي أُجبر على التقهقر إثر فشل أكثر من عملية تسلل للداخل اللبناني، ما دفعه لتغيير تكتيكاته العسكرية والعودة لاستراتيجية القصف النوعي لعدد من الأهداف في الضاحية وبيروت، ليتأكد يومًا تلو الآخر أن القيام بعملية برية في الأراضي اللبنانية لم تكن نزهة كما توهم البعض وفق التقديرات الخاطئة عن قدرات “حزب الله” وإمكانية استعادة عافيته مرة أخرى بعد ما تعرض له من ضربات.
انهيار فقاعة منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي
على مدار عقود طويلة روج الكيان الصهيوني لمنظومة دفاعه الجوي، كونها الحارس الأمين القادر على إفشال أي استهداف محتمل، وبوابة العبور المفتوحة دومًا نحو الاستقرار والأمن والأمان، مضخمًا من إمكانيات وقدرات تلك المنظومة، فيما باتت أسماء منصاتها كـ”مقلاع داود” و”السهم” و”القبة الحديدية”، مفردات تثير القلق والرعب واليأس في ذات الوقت من احتمالية إيقاع خسائر في صفوف الاحتلال.
واستندت تل أبيب في تمرير سرديتها التضخيمية تلك لمنظومتها الدفاعية، إلى عدم تعرضها لأي اختبارات حقيقية طيلة الفترة الماضية، إذ كان الأمر مقتصرًا على بعض الصواريخ البدائية التي تُطلق من قطاع غزة ويتم استهدافها بسهولة من تلك المنصات، ومن ثم لا يمكن تقييم قدراتها وإمكانياتها بشكل عملي، حتى جاء طوفان الأقصى ومن بعده حرب غزة.
ومع تعرض تلك المنظومة لأول اختبار حقيقي سقطت فيه بامتياز، بل أصبحت صيدًا سهلًا للمقاومة على جميع الجبهات، حيث التعامل معها بذكاء خارق، كطفل يتم إلهاؤه بأمر ما من أجل تمرير ما هو أهم، وهو ما فعلته المقاومة، حيث تكثيف الرشقات الصاروخية التي تنشغل بها تلك المنصات من أجل تمرير المسيرات والصواريخ المطلوب تمريرها لتحقيق أهدافها بدقة وعناية.
وتمتلك “إسرائيل” 3 منظومات دفاع صاروخية تتباين بين طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى، كانت في السابق تتباهى بها عالميًا، أولها: منظومة آرو (السهم).. وتنقسم إلى نوعين: آرو 2 وآرو 3، وهي منظومة بعيدة المدى، تهدف إلى اعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي للأرض باستخدام رأس حربي قابل للانفصال يصطدم بالهدف، كما تحلق الصواريخ على ارتفاع يسمح بالانتشار الآمن لأي رؤوس حربية غير تقليدية.
ثانيها: مقلاع داود.. والمعروف باسم “ديفيدز سلينج” وهي عبارة عن منظومة متوسطة المدى لإسقاط الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من مسافة تتراوح بين 100 و200 كيلومتر، أما ثالثها فهي القبة الحديدية.. وتُعرف بالعبرية بـ”كيبات برزيل”، وهي منظومة دفاع جوي قصيرة المدى، لاعتراض الصواريخ التي تطلق من مسافات قصيرة كالتي تطلقها فصائل المقاومة في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية القريبة من المستوطنات الإسرائيلية.
ولعل هذا الفشل الفاضح لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، والذي كشفته الحرب الحالية، هو الذي دفع الولايات المتحدة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث قررت نشر منظومة بطارية الدفاع الطرفية للارتفاعات العالية المعروفة باسم “ثاد THAAD”، المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة ومتوسطة المدى، لدى الكيان المحتل، تعزيزًا لقدراته الدفاعية التي باتت صيدًا سهلًا لكل جبهات المقاومة.
خسارة سلاح الردع
كان الردع هو سلاح “إسرائيل” الأقوى لتمرير مشروعها الاستعماري التوسعي المعروف بـ”الوطن القومي لليهود”، حيث كانت تعتمد على هذا السلاح في فرض سرديتها المضللة بشأن تفوقها العسكري وترهيبها لدول الطوق ورسم هالة من التفاخر لخلق أفق من الاطمئنان والأمان المزيف، حتى جاء الطوفان ليقلب الطاولة ويطيح بتلك السردية.
ومع ذلك كان الأمر محصورًا في مساحة اشتباك ضيقة الأفق لا تتعدى نسبيًا غلاف غزة، فيما كانت المدن الرئيسية، على رأسها تل أبيب وحيفا، ذات الثقل السياسي والاقتصادي واللوجستي التي تمثل عصب الحياة في الكيان المحتل، في مأمن وبعيدة عن أي تحرش، لكن سرعان ما تبدل الأمر لتدخل تلك المدن مسرح الأحداث وتصبح أهدافًا سهلة وميسرة واعتيادية لصواريخ المقاومة.
وتحولت تل أبيب ونظيراتها من المدن اللوجستية الأخرى، من محصنات صعبة المنال بالنسبة للمقاومة إلى هدف سهل الوصول إليه وبشكل متكرر، وهو ما أقرته التطورات الأخيرة، على رأسها الاستهداف الأخير لقاعدة لواء غولاني في حيفا، والذي لا يمكن قراءته بمعزل عن المسيرة التي سقطت في تل أبيب قبل يوم واحد فقط، ومن قبله استهداف موقع عسكري للواء غولاني في الجولان السوري بمسيرة عراقية، ما أسفر عن مقتل جنديين وإصابة العشرات، علاوة على الهجوم الذي شنه حوثيو اليمن في يوليو/تموز الماضي بمسيرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين.
ومع هذا الهجوم المتتالي والتجرؤ على استهداف الأماكن والمدن التي كان الاقتراب منها خيال لا يرتقي لمستوى النقاش، بدأ الكيان المحتل، رويدًا رويدًا، في فقد سلاح الردع، الذي يمثل الضلع الأهم في مشروعه الاستعماري الإقليمي، ما يشي ببدء مرحلة جديدة من الصراع مع “إسرائيل” تقوم على مرتكزات الندية والعين بالعين.
إرباك الجبهة الداخلية وتقويض انتصارات نتنياهو
حاول نتنياهو منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عبر استراتيجية القتل والتدمير وسياسة الأرض المحروقة، ترميم الشروخ التي أحدثتها عملية طوفان الأقصى في الجبهة الداخلية، ولململة شتاتها المتناثر هنا وهناك، مهرولًا لـ”كي الوعي” الإسرائيلي والفلسطيني معًا، إزاء ما حدث في هذا اليوم، وبالفعل نجح في تحقيق بعض من هذا الهدف، لا سيما بعد الانتصارات الاستخباراتية التي حققها على الجبهة اللبنانية والإيرانية والتي رفعت أسهمه بشكل كبير.
لكن لم يدم هذا الأمر طويلًا، فرغم الإنجازات المحققة على الصعيد اللبناني والإيراني ومن بعده السوري، حتى داخل قطاع غزة من استهداف بعض قادة المقاومة والهرولة لتنفيذ “خطة الجنرالات” في الشمال، لم يشعر المواطن الإسرائيلي بالأمن والاستقرار، إذ أجبرته صواريخ المقاومة على ملازمة الملاجئ وقضاء معظم الأوقات في المخابئ تحت الأرض، فيما أصيبت الحياة العامة بالشلل في كثير من المدن الإسرائيلية.
وبدلًا من تركيز الانتباه صوب قطاع غزة كجبهة مقاومة وحيدة، فتح نتنياهو الباب على نفسه أمام جبهات عدة، فتحولت المدن الإسرائيلية إلى أهداف ثابتة للصواريخ القادمة من لبنان وإيران والعراق وغزة، ليزيد من معاناة الشارع الإسرائيلي الذي بدأ يتململ من نتنياهو رغم مزاعم الانتصار التي يرددها، خاصة بعد الفشل حتى اليوم في تحرير الأسرى والعجز في الوصول إلى أماكنهم، في الوقت الذي لم يترك فيه قيد أنملة في القطاع إلا وأباده.
رسائل تحذير استباقية
رغم الأصوات التي كانت تذهب باتجاه تخلي طهران عن “حزب الله” بعد الضربات التي تعرض لها، كضحية لمقاربات نفوذ الملالي والحفاظ على المشروع النووي القومي، فإن الثقل الذي يمثله الحزب كأحد أهم أذرع طهران في الإقليم ربما يكون عائقًا أمام هذا التوجه، لما لذلك من تبعات قد تضرب النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط في مقتل، وهو ما سيجبر الإيرانيين على الإسراع لترتيب بيت الحزب من الداخل لاستعادة توازنه في أقرب وقت.
وعليه لا يمكن قراءة عملية بنيامينا بمعزل عن مقاربات إيران بشأن استمرار الدعم لـ”حزب الله”، إذ جاءت بعد يوم واحد فقط من زيارة خاطفة قام بها رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، القائد السابق بالحرس الثوري، صباح السبت 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى بيروت، بدعوة من مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أعلن خلالها دعم بلاده للمقاومة قائلًا: “أحمل رسالة دعم من المرشد ورئيس الجمهورية وشعبنا للشعب اللبناني والمقاومة”، وذلك بعد زيارة مماثلة قام بها وزير الخارجية عباس عراقجي قبل أيام.
ويحمل إصرار طهران على المضي قدمًا في دعم “حزب الله” والدفع نحو استعادة توازنه سريعًا، وتعزيز قدراته العسكرية والقتالية في مواجهة “إسرائيل” وصولًا إلى عملية أمس الأحد، الاستثنائية على كل المستويات، رسالة تحذير لنتنياهو وحكومته إزاء الرد المحتمل على الضربة الإيرانية الأخيرة، والتأكيد على أن يد الحزب – المدعوم إيرانيًا – تستطيع الوصول إلى ماهو غير متوقع من الأهداف الإسرائيلية.
في ضوء ما سبق بات من الواضح أن قواعد الاشتباك الجديدة التي حاولت “إسرائيل” تدشينها بعد اغتيال حسن نصر الله ومن قبله إسماعيل هنية لم تُرسخ بعد، وأن المعركة الدائرة على الجبهة اللبنانية – كما يحدث في قطاع غزة – لن تُحسم في الوقت الراهن كما يتوهم البعض، وطالما لم تطوِ الحرب صفحاتها فإن أي حديث عن معادلات ردع جديدة سابق لأوانه، في ظل المفاجآت التي تحملها المعركة بين اليوم والآخر بما يفتح الباب على كل الاحتمالات.