مما لا شك فيه أن اسم تركيا لمع مؤخرًا في قطاع السياحة، فهذه البلد قادرة على أن تهديك رحلة مليئة بالجمال والمغامرات المسلية في جميع فصول السنة، وتحديدًا فصل الشتاء الذي يعد من أفضل المواسم السياحية فيها وذلك لأن الأسعار تكون أقل مقارنةً مع الفصول الأخرى، كما تختفي فيها الطوابير والاختناقات المرورية -إلى حد ما-، عدا عن المشروبات والمأكولات الشهية التي ستبقيك دافئًا طوال الرحلة.
يضاف إلى ذلك، كثرة الخيارات التي تجمع بين الأنشطة الرياضية الشتوية والترفيهية من جهة، وبين أوقات الاستجمام والاسترخاء المثالية. ومن أجل تسهيل البحث عليك، نقدم لك في هذا التقرير مجموعة من المناطق التي يقصدها السياح بشكل مستمر بحثًا عن لحظات المتعة والجمال والتجديد.
كابادوكيا الساحرة.. كهوف حجارية ومناطيد ملونة
يعود اسمها إلى أصول فارسية وتعني حرفيًا “بلد الخيول الجميلة” لأنها كانت تشتهر بتربية الأحصنة في العهد البيزنطي. تقع هذه المدينة في منطقة “نوشهر” الواقعة بين أنقرة وسيفاس وقونيا وملتايا، وتحيط بها جبال “طوروس”، والكثير من التحف الفنية التاريخية، فقد كانت محطة تاريخية للحضارات القديمة.
تبهر هذه المدينة زوارها بالبلدات المدفونة تحت أرضها مثل كايماكلي وغازي أمير وديرينكوبو، وتلفت أنظارهم بالمداخن الجبلية الطبيعية والقمم البركانية والأعمدة الحجرية والجيرية والكهوف والقصور والمعابد والأديرة.
ولعل أجمل ما تقدمه لك هذه المدينة هي تجربة الطيران في المناطيد أو البالونات الهوائية من علو قد يصل إلى 300 مترًا عن سطح الأرض، ما يسمح لك برؤية جميع المعالم الأثرية والتكوينات الصخرية في المدينة، وإذا لم تكن من محبي المرتفعات والطيران فيمكنك الاستمتاع بمنظر البالونات الطائرة مع شروق الشمس والتقاط بعض الصور للذكرى.
هضبة آيدر الخضراء.. شاي ساخن وقمم بيضاء
تتبع هذه المنطقة ولاية ريزا المطلة على ساحل البحر الأسود في شمال شرق تركيا، كان اليونان أول شعب يقيم فيها، إذ تعني ريزا باليونانية “جمال الجبال”، لكثرة ما فيها من جبال خضراء مغطاة قممها العالية بالثلوج البيضاء، ما يزيدها جمال وروعة، كما يطلق عليها اسم “مدينة الشاي” أيضًا لكونها المصدر الأول للشاي في تركيا، فإذا أردت الاستمتاع بمشروب ساخن في الأجواء الباردة فإن شاي ريزا الخيار الأمثل لطلبك.
يبلغ متوسط ارتفاع هضبة آيدر عن سطح البحر حوالي 1350 مترًا، وتزينها الشلالات الطويلة والتي قد تتجمد مياها من كثرة البرد، ما يضيف لطبيعتها سحرًا وبهاء، وبعيدًا عن الأجواء الباردة، تحتوي هذه المنطقة على مياه معدنية ساخنة وحمامات طبيعية دافئة، من شأنها أن تزيل عنك أي إرهاق بدني أو نفسي.
إلى جانب ذلك، تقدم لك هذه البقعة خيارات متنوعة من المشاهد الطبيعية التي تشمل الأنهار والوديان والحدائق الطبيعية، وإذا رغبت في التعرف على تاريخها، فيمكنك التجول في قراها وزيارة الأماكن الأثرية مثل قلعة ريزا غرب البلاد.
أرضروم الباردة.. رياضات شتوية منوعة وممتعة
تقع هذه المدينة على هضبة يصل ارتفاعها إلى 1800 متر عن سطح البحر، فهي تتميز بأراضيها المرتفعة والجبلية، حيث تمثل الهضاب والجبال حوالي 65% من مساحة أراضيها، وهذا ما يجعلها منطقة باردة وملائمة للرياضات الشتوية مثل التزلج والهوكي وركوب عربات السباق.
امتلكت هذه المدينة أسماء عديدة على مر الزمان والحضارات، فقد كانت تدعى “ثيودوسيوبوليس” و”كارين”، إلى أن سميت أخيرًا باسمها التركي “إرزروم”، أي “أرض الروم”، وهذا التبدل المتعدد في تسمياتها يعود إلى الحضارات التي استضافتها من عصور ما قبل التاريخ مثل الصفويين والعثمانيين والأمويين والرومان والبيزنطيين والمغول.
تعد بحيرة تورتوم وشلالات تورتوم من أجمل المقاصد السياحية فيها، ولكن إذا أردنا أن نستمتع بأجواء باردة حقيقية، فإن منتجع “بالاندوكين” في قرية باش كوي يعد أحد أهم مراكز التزلج في العالم، فهو يبقى مغطى بالثلوج لمدة 6 أشهر في السنة ويمتاز بانحدار سفوحه وطوله، إذ يلقب بأطول مسار للتزلج في تركيا، ويبلغ ارتفاع أعلى قمة فيها 3 آلاف و185 مترًا عن سطح البحر.
يحتوي المركز ساحات مخصصة للمبتدئين والمحترفين ومتوسطي المستوى، ولذلك يعد خيارًا ملائمًا لجميع الرياضيين ومحبي الأجواء الثلجية الترفيهية، وإن لم تكن الرياضات الشتوية تستهوي البعض، فإن رحلات المشي وسط الطبيعة وفعاليات التخييم والاحتفالات وركوب التلفريك ستكون خطة مسلية.
يلوا التاريخية.. ينابيع حارة وحمامات بخارية
تقع هذه المدينة شمال غرب تركيا بالقرب من جبال “صامالي”، وتطل على بحر مرمرة من الجهة الجنوبية الشرقية، وهي وجهة سياحية تقليدية للسكان المحليين لقربها من المدن المركزية التركية مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، إضافة إلى دفء طقسها نسبيًا في فصل الشتاء.
أما بالنسبة إلى ما يميزها حقًا، فهي ينابيعها وحماماتها الطبيعية والساخنة، والتي تقدم علاجًا لمرضى القلب والروماتيزم والمعدة، إذ تحتوي غالبية المغاطس مياه طبيعية تحتوي على الكبريت وأملاح الصوديوم والكالسيوم، وتكون حرارتها تتراوح ما بين 57 و60 درجة، لذلك تعد وجهة مناسبة في الأجواء الشتوية القاسية. علمًا أنها الولاية الوحيدة الحاصلة على الميدالية الذهبية في الجودة في تركيا.
تحتوي يالوا على مغاطس تاريخية مثل، مغطس السلطان وحمام الوالدة وحمام قورشونلو والحمام القروي، ومنها ما بني من قبل الإمبراطور قسطنطين في العهد البيزنطي، وفي العهد العثماني على يد السلطان عبد المجيد.
وبصفة عامة، تستقبل منتجعات العيون الساخنة التركية، قرابة 550 ألف زائر أجنبي سنويا، وتحتل تركيا المرتبة الخامسة على مستوى العالم، والأولى على مستوى القارة الأوروبية، من حيث عدد مواردها من عيون المياه الساخنة، إذ تمتلك أكثر من 1500 عين، ما يجعلها وجهة رئيسية للهاربين من برودة الشتاء.