ترجمة حفصة جودة
مع وصول ما يقرب من 100 ألف من الهندوس القوميين إلى مدينة أيوديا الهندية القديمة أمس الأحد، فرت بعض العائلات المسلمة من المدينة خوفًا من العنف الطائفي، كان قادة المسلمين بالمدينة قد قالوا بأنهم يخشون من تكرار مشهد 1992 عندما هاجمت جماعة هندوسية عنيفة مسجد المدينة القديم الذي يعود بناؤه لقرون، حيث أدّعوا أنه بنُي في محل ميلاد الإله رام (أحد أهم الشخصيات الهندوسية).
قُتل أكثر من 2000 مسلم في أعمال الشغب التي أعقبت تدمير مسجد بابري قبل 26 عامًا، وفي أيوديا نفسها انتشر نحو 150 ألف من الغوغاء الهندوس وهاجموا ممتلكات المسلمين ودمروا المتاجر وقتلوا 18 شخصًا.
قادت احتجاجات أمس جماعتان هندوسيتان متشددتان، وهو أكبر تجمع من نوعه يحدث منذ أحداث ديسمبر 1992، طالبت الجماعتان المرتبطتان بحزب بهاريتيا جاناتا الحاكم ببناء معبد رام في نفس الموقع القديم لمسجد بابري، يقول زافارياب جيلاني وهو عضو بارز بمجلس القانون الشخصي للمسلمين بالهند: “يشعر الناس في أيوديا بالقلق والتهديد، وخططت بعض العائلات المسلمة لمغادرة أيوديا مؤقتًا حتى تنتهي الاحتجاجات”.
هذا التجمع يعيد للأذهان أعمال العنف التي وقعت عقب هدم المسجد عام 1992
ويضيف: “الحكومة مسؤولة عن حفظ القانون والنظام والدستور، إذا فعلوا ذلك فستكون الأقليات محمية، لقد كتبنا إلى وزير الداخلية والشرطة الفيدرالية مطالبين إياهم باتخاذ إجراءات وقائية حتى لا يقوم المتظاهرون بأي مشكلة”.
بالفعل بذلت السلطات جهودها لطمأنة المجتمع وانتشر أكثر من 900 فرد شرطة إضافي وعدد كبير من الوحدات العسكرية وطائرات دون طيار للدعم في أحداث الأحد.
يقول أنيل باثاك رئيس مقاطعة فايز أباد: “كانت الحكومة ترغب في ضمان أن يمر الحدث بسلام، كما وضعت المقاطعة المحلية خطة أمنية مدروسة، لم نكن لنسمح بالإخلال بالسلام والنظام في المدينة”.
نسى عدد قليل من سكان أيوديا أحداث 1992، وذلك عندما تراجعت خطوط الشرطة الواقفة حول مسجد بابري أمام جموع المتظاهرين، بينما تجاوز الضباط مرؤوسيهم ليستطيعوا الهرب أولاً.
يقول حاجي محبوب أحمد – 65 عامًا – رئيس المجتمع الإسلامي في المدينة: “رغم حذر السلطات فإن هذا التجمع يعيد للأذهان أعمال العنف التي وقعت عقب هدم المسجد عام 1992”.
يخضع موقع المسجد لحراسة دائمة وأبراج مراقبة وجدران ونقاط تفتيش عسكرية
تعكس احتجاجات الأحد الحركة المتنامية لإنشاء معبد رام في أيوديا، فتلك الفكرة حظيت بدعم الهندوس في جميع أنحاء البلاد، ويرى قادة الحركة أن هناك دليلاً على وجود معبد هندي في نفس المكان قبل بناء مسجد بابري عام 1528.
كان رئيس الوزراء الهندي مودي قد التزم الصمت في تلك القضية، لكن بعض قادة الحزب البارزين أدلوا برأيهم بمن فيهم رئيس الحزب أميت شان، وكان الحزب قد تعهد في بيان له عام 2014 ببحث جميع الاحتمالات الممكنة في إطار القانون لبناء معبد رام في هذا المكان.
تقع أيوديا في ولاية أوتر براديش (أكثر ولايات الهند ازدحامًا) وهي إحدى الولايات التي يرى الحزب الحاكم أنها ضرورية لنجاحه في الانتخابات العامة ربيع 2019 ليتمكن مودي من الحصول على ولاية ثانية.
يعد رئيس وزراء الولاية يوغي أديتياناث أحد الأصوات المنادية ببناء معبد رام وهو بالأصل راهب هندوسي متشدد، وقاد احتجاجات الأحد حزب “فيشفا هندو باريشاد” (VHP) وحزب “شيف سينا” وهما جماعتان تهدفان إلى أن تصبح الهند دولة هندوسية.
أقام المتظاهرون في “دارما صبحا” بالقرب من موقع المسجد الذي يقع تحت حراسة المحكمة حتى ينتهي النزاع بشأن مستقبله، وهو يخضع لحراسة دائمة وأبراج مراقبة وجدران ونقاط تفتيش عسكرية.
أصبح خطاب الجماعات الهندوسية وانتقادهم للحزب الحاكم لفشله في بناء المعبد مثيرًا للانقسام بشدة
كان سورندرا جين السكرتير العام لحزب “VHP” قد قال قبل أيام من الاحتجاجات: “نؤكد للجميع – رغم عدم حاجتنا لذلك – بأننا لن نزعج أي أحد حتى أغصان الشجر”.
ينتظر قادة المسلمين والحكومة قرار المحكمة بشأن مستقبل المكان، لكن خطاب الجماعات الهندوسية وانتقادهم للحزب الحاكم لفشله في بناء المعبد أصبح مثيرًا للانقسام بشدة، كان أودهاف ثاكيراي قائد حزب “شيف سينا” قد وصل أيوديا يوم السبت وطالب الحكومة بتحديد موعد لبناء معبد رام.
وفي يوم الجمعة كان أحد السياسيين بحزب “شيف سينا” قد أثار جدلًا عندما أعلن فخره بمدى سرعة الغوغاء الهندوس في تدمير مسجد بابري عام 1992، وقال: “لقد دمرنا مسجد بابري في 17 دقيقة فقط، فكم يستغرق الوقت لكتابة بعض الأوراق؟” وطالب الحكومة بإصدار قرار تنفيذي للإسراع في عملية بناء المعبد وقال إن الحزب يسيطر على كل مستويات الحكومة بداية من منزل الرئيس وحتى ولاية أوتار بارديش، فما الذي يتطلبه الأمر أيضًا؟
يخطط الزعماء القوميون لاحتجاجين آخرين في العاصمة دلهي يوم 6 من ديسمبر – في ذكرى هدم مسجد بابري – ويوم 18 من ديسمبر، ويقولون إن هذه الاحتجاجات ستجذب أكثر من نصف مليون شخص، مما يزيد الضغط على جلسة المحكمة العليا القادمة بشأن القضية في أوائل شهر يناير القادم.
المصدر: الإندبندنت