تحت عنوان “قطر: أصالة التجربة Qatar. Qurated for you” أطلق رئيس مجلس الوزراء القطري ووزير الداخلية ورئيس المجلس الوطني للسياحة، الحملة الترويجية العالمية لقطر كوجهة سياحية رائدة، من خلال تسليط الضوء على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لمنح زوارها امتيازات وتجارب فريدة.
الحملة التي تستهدف 225 مليون مسافر دولي يتوزعون عبر 15 سوقًا سياحية، وتسعى إلى تقديم قطر كنموذج رائد في تبني تجارب سياحية تتميز بالأصالة في جوهرها والخصوصية في التصميم والعناية، وتحتفي بالموروث الحضاري للبلاد، تأتي في وقت تفرض فيه دول الجوار (السعودية والإمارات والبحرين بجانب مصر) حصارًا على الشعب القطري منذ يونيو/حزيران 2017.
ومع ذلك يتزامن إطلاق الحملة مع النمو الملحوظ الذي يشهده قطاع السياحة القطري لا سيما خلال العامين الأخيرين على وجه التحديد، وهو ما وضعها في مراتب متقدمة بالنسبة لقائمة أولويات السائحين مقارنة بدول الحصار على سبيل المثال بحسب ما تشير إليه الإحصاءات والتقارير.
انعكاس للإستراتيجية الوطنية للسياحة
لم تأت الحملة من فراغ، بل كانت تتويجًا لجهود مضنية هدفت إلى إعادة هيكلة قطاع السياحة بما يتماشى مع التطورات والمستجدات الراهنة وبما يتلاءم مع طموح القطريين في الوصول بهذا القطاع إلى العالمية لا سيما وهم على مشارف تنظيم أكبر حدث رياضي عالمي بعد 3 أعوام.
فقبل أيام قليلة من الإعلان رسميًا عن الحملة، أجرت الحكومة القطرية بعض التغيرات في منظومة العمل السياحي للارتقاء بمستواه والخدمات المقدمة، ومنها على سبيل المثال تحويل الهيئة العامة للسياحة واللجنة الحكومية لتنسيق الفعاليات والمؤتمرات إلى المجلس الوطني للسياحة.
هذا التعديل في الهيكل التنظيمي – وفق مسؤولين قطريين – يمهد الطريق أمام المجلس لتنفيذ المبادرات الرئيسية في القطاعين العام والخاص وتطوير بنية تحتية راسخة يمكنها النهوض بصناعة السياحة وتقديم تجارب استثنائية للزوار، لا سيما أن الهيكل الجديد والحملة الترويجية مكونان أساسيان ضمن مكونات الإستراتيجية الجديدة للقطاع السياحي التي تم إطلاقها في العام الماضي 2017.
ارتفاع إجمالي المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 48.5 مليار ريال قطري عام 2015 إلى 81.2 مليار ريال قطري بنسبة 7.3% بحلول العام 2026
الخطوة الأولى التي اتخذتها الدوحة في إطار الإستراتيجية الجديدة تمثلت في إحداث تغيرات جوهرية في سياسات منح التأشيرات للزوار القادمين إلى البلاد، وهو ما كان له أبلغ الأثر سواء فيما يتعلق بأعداد الزوار أم مكانة وصورة قطر دوليًا، ما دفعها لاحتلال المرتبة الثامنة عالميًا بين الدول الأكثر انفتاحًا، والأولى في منطقة الشرق الأوسط، وذلك وفقًا لآخر التصنيفات التي أصدرتها منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة فيما يتعلق بمؤشر انفتاح البلاد على الزوار.
يجدر الإشارة إلى أن “أصالة التجربة” ليست مجرد حملة إعلانية فحسب، بل انعكاس واضح للإستراتيجية الوطنية للسياحة التي اعتمدتها قطر منذ فترة، حسبما أشار راشد القريصي عضو المجلس الوطني للسياحة، الذي لفت إلى دراسة “كل ما تقدمه قطر وشعبها ومقيميها لزوارهم حتى يمكننا إبراز جوهر التجربة القطرية، وكيف يمكننا جعلها تلبي تطلعات الجميع”.
بينما أشارت جواهر الخزاعي عضو المجلس أيضًا أن الحملة “تستهدف الوصول إلى 250 ألف شخص حول العالم ينفقون 200 مليار دولار سنويًا في رحلاتهم وعطلاتهم” مشيرة إلى أن الحملة سوف تتواصل مع أهم المنصات الإعلامية العالمية سواء الرقمية أم التقليدية وعلى شبكات التلفزة العالمية وعلى صفحات أهم المطبوعات العالمية ومجلات وشاشات شركات الطيران العالمية والمطارات والميادين العالمية.
خلال إعلان حملة “قطر: أصالة التجربة”
طفرة هائلة
حققت قطر طفرة هائلة في مجالها السياحي خلال الأعوام الأخيرة الماضية، تتماشى وأهداف الإستراتيجية الوطنية “2030” التي تهدف لزيادة أعداد السياح خلال السنوات العشرة القادمة على أن تكون الخطوة الأولى كسر حاجز الـ4 ملايين زائر سنويًا بحلول عام 2020، حسبما أشار سيمون بريس مدير معرض سوق السفر العربي.
الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للسياحة في قطر تشير إلى ارتفاع إجمالي المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 48.5 مليار ريال قطري عام 2015 إلى 81.2 مليار ريال قطري بنسبة 7.3% بحلول العام 2026، فيما شكلت الاستثمارات في قطاع السفر والسياحة ما نسبته 2.2% من إجمالي التمويل في البلاد عام 2015، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 8.6% سنويًا حتى العام 2026.
ارتفع عدد المسافرين في مطار حمد الدولي بنسبة 20% عام 2016 ليصل إلى 39.3 مليون مسافر بزيادة 7.3 مليون مسافر بالمقارنة مع العام 2015.
كما بلغ متوسط ارتفاع أعداد الزائرين 11.5% خلال السنوات الخمسة الأخيرة متصدرة بذلك المرتبة الأولى في المنطقة، فيما أشار تقرير أداء قطاع السياحة للربع الثالث من العام 2016، إلى وصول عدد الزوار في الأشهر التسع الأولى من العام الماضي لنحو 2.18 مليون سائح، بما في ذلك أكثر من مليون زائر من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، فيما وصل عدد الغرف الفندقية في قطر حاليًّا قرابة 22.921 غرفة ومن المقرر أن يرتفع مع وجود 15.956 غرفة إضافية قيد التخطيط، وهذا ما يمثل زيادة بنسبة 69% في الإجمال.
أما فيما يتعلق بالسياحة الجوية فقد ارتفع عدد المسافرين في مطار حمد الدولي بنسبة 20% عام 2016 ليصل إلى 39.3 مليون مسافر بزيادة 7.3 مليون مسافر بالمقارنة مع العام 2015، ويعود هذا الارتفاع إلى النمو السريع الذي شهدته الخطوط الجوية القطرية عبر إضافة 14 وجهة إضافية في العام الماضي.
بحريًا.. حققت السياحة البحرية قفزة كبيرة فيما يتعلق بأعداد الزائرين على متن البواخر السياحية، حيث كانت هناك 22 رحلة بحرية خلال الموسم 2017/2018، استقبلت قطر خلالها 65 ألف زائرة بنسبة نمو بلغت 39% مقارنة بالموسم السابق، وتتوقع الهيئة العامة للسياحة تجاوز أعداد الزائرين عبر السياحة البحرية حاجز الـ200 ألف خلال الموسم الحاليّ، و300 ألف بحلول 2022/2021.
زيادة أعداد المسافرين في مطار حمد الدولي مقارنة بالسنوات السابقة
الدبلوماسية السياحية
وجدت قطر في الحصار الذي فُرض عليها من جيرنها فرصة للتعبير عن نفسها بأكثر من طريقة، فأعادت النظر في خريطة توجهاتها وآلياتها في التواصل مع الآخرين، فلم تكتف بالبحث عن البديل وفقط بعدما ضيقت الدول الأربعة الخناق على شعبها، بل تجاوزت ذلك إلى فتح آفاق جديدة في الخارج قبل الداخل.
اتخذت الدوحة العديد من الخطوات الانفتاحية على العالم بما ساهم بشكل كبير في التسويق لها ورسم صورة ذهينة مختلفة بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية المبذولة التي نجحت في تعزيز الشراكات الإستراتيجية القطرية مع العديد من الدول وصلت إلى عمق أمريكا اللاتينية وأدغال إفريقيا.
تلك الخطوات عززتها بعض التحركات على المستوى السياحي منها توسيع مطار الدوحة ومضاعفة أسطول الخطوط القطرية أكثر من مرة، هذا بخلاف البنية العمرانية والتحتية الفريدة التي يتم تجهيزها لاستضافة مونديال 2022، كذلك منح تأشيرة الدخول لمواطني 80 دولة وإعفائهم من رسومها لدى وصولهم إلى مطار الدوحة والمنافذ الحدودية الأخرى، بالإضافة إلى منح الإقامة الدائمة للوافدين الأجانب من أصحاب الكفاءات الذين يقدمون خدمات متميزة للبلاد، تلك الخطوات التي يتوقع أن تكون نواة لتحويل الدوحة إلى قبلة للشركات العالمية وهو ما يسحب البساط رويدًا رويدًا من تحت أقدام المراكز التجارية الإقليمية.