ترجمة حفصة جودة
رغم أنه لا يزال مراهقًا، فإنه يقود مئات المقاتلين، ورغم تهوره فإنه يستطيع الحكم في النزاعات بين البالغين، وهو لا يملك وظيفة أو يدير عملًا لكنه جمع ثروة من الابتزاز.
أثبت غزوان المخلافي – أقوى شخصية في تعز والذي لم يكمل عامه الـ18 – أنه أقوى من أن تحتجزه الشرطة، في وقت الغداء يوم الخميس الماضي كان مقاتلو المخلافي مشتبكين مع شرطة المدينة في حملة لقمع الميلشيات، ومن بين من وقعوا في هذا القتال فتاة صغيرة أثارت صور علاجها الطبي الكثير من الجدل.
في هذا اليوم ألقت الشرطة العسكرية القبض على مخلافي، لكنها أطلقت سراحه في المساء وسط مخاوف من اندلاع العنف نتيجة احتجازه.
ما بعد الأسرة
ربما يكون مخلافي الصورة الأكثر تطرفًا لإحدى السمات الشائعة في حرب اليمن: الطفل الجندي، كان مواطنو البلاد قد أحسوا باليأس مع وصول الصراع إلى نهاية العام الرابع ووقوع 56 ألف قتيل والآلاف المشردين وملايين الأشخاص الذين يواجهون الأمراض والجوع، فتلجأ الأسر بشكل متزايد إلى إجراءات يائسة من أجل الحياة ومن بينها السماح للأطفال دون سن المراهقة بالتوجه إلى ساحة القتال، يحصل هؤلاء الأطفال على راتب شهري عادة ما يكون 60 ألف ريال (100 دينار) ومن ثم يرسلون هذه النقود إلى أسرهم.
أما عشيرة مخلافي فهي واحدة من أفضل العشائر المعروفة في تعز
كانت القوات الموالية للحكومة وقوات الحوثي متهمين بتجنيد الأطفال، وفي مارس 2017 قالت اليونيسيف إنه خلال العامين الماضيين العدد لا يقل عن 1572 طفلاً بعمر الـ11، لكن القليل منهم أصبحوا قادة عسكريين مثل مخلافي.
يخشى سكان تعز من محاورة مخلافي خوفًا من استهدافهم، يقول رأفت – أحد جيرانه السابقين – إنه يعرفه قبل عام 2015، ومخلافي نشأ في أسرة عسكرية وليس له رغبة في الدراسة أو العمل القانوني، كما أنه يتعامل مع الأسلحة منذ أن كان في الـ10 من عمره.
يضيف رأفت: “عادة ما يستمتع الأطفال باللعب بعد الظهيرة، لكن هذا الطفل لم يكبر مع الأطفال، كان يكبر مع البالغين، لكنهم علموه بعض العادات السيئة مثل مضغ القات (نبات مخدر) والقتال”.
بدأ مخلافي القتال ضد الحوثيين وانضم إلى المقاومة الشعبية عام 2015 عندما كان في عامه الأول بالدرسة الثانوية، وقاتل الحوثيين على عدة جبهات في تعز تحت قيادة عمه صادق سرحان، ويعد سرحان قائدًا عسكريًا مؤثرًا في حزب الإصلاح وقائد اللواء 22، ويعتبر حزب الإصلاح أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن رغم أنه غير اسمه عام 1990.
يعارض الحزب الحوثيين وكذلك القوات التي ترغب في استقلال جنوب اليمن، مما دفعه للدخول في صراع مع المقاتلين المدعومين من الإمارات في عدن، أما عشيرة مخلافي فهي واحدة من أفضل العشائر المعروفة في تعز، كما أن الشيخ حمود المخلافي مؤسس الجبهة الشعبية في تعز أحد أفراد العائلة.
المخلافي وسط مجموعة من مقاتليه
بعد نجاحه ضد الحوثيين أصبح حمود مسؤولاً عن الخطوط الأمامية، ويقول أحد المصادر من مكتبه: “سكان تعز يشعرون بالفخر لمشاهدة أطفالهم يقاتلون ضد الحوثيين”.
ابتزاز وتهديدات
يقول مرافقي مخلافي إنه هزيل البنية وحليق الوجه، ويرى المراقبون أن عمره ما بين 16 و17 عامًا، أما أحد المصادر من مكتبه فقد نفى أنه 16 عامًا، لكنه أكد أنه أنهى عامه الثالث في المدرسة الثانوية، الأمر الذي ليس محلًا للخلاف أبدًا هو القوة التي يمتلكها مخلافي.
يظهر مخلافي مرتديًا جلد المعاز وقميص وهو الزي الرسمي لسكان تعز، بينما يحمل كلاشنكوف على ظهره، وإذا غادر المنزل فإنه يخرج في صحبة 5 سيارات ممتلئة بالمقاتلين، فبالإضافة إلى كونه مقاتلاً فهو شيخ حكيم يملك قوة حل النزاع بين اثنين من السكان، ويقول المصدر: “يزور العديد من الناس الشيخ غزوان لحل مشاكلهم”.
لكن مخلافي ومقاتليه أصبحوا سيئي السمعة بعد ابتزازهم المال من سكان المدينة وأصحاب المحلات، يقول أحد بائعي القات: “يأتي مقاتلو مخلافي إلى السوق كل يوم ويجمعون على الأقل 1000 دينار من كل بائعي السوق” وبذلك تصل الثروة اليومية إلى 2000 دينار.
البائعون لا يجرؤون على معارضة مخلافي بسبب قوته وهمجيته
ويقول صاحب متجر إن البائعين لا يجرؤون على معارضة مخلافي بسبب قوته وهمجيته، بينما لا تقدم لهم السلطات المحلية أي حماية، ويضيف: “لا أحد يجرؤ على سؤال هذا الطفل فيما ينفق المال، حتى الحكومة لا تسأله”.
في العام الماضي أدت قوة مخلافي المتزايدة إلى دخوله في صراع مع أبو العباس – القائد السلفي – الذي اتهمه بأنه سبب الاضطراب في تعز، وكانت النتيجة أشهر من القتال بين الجانبين أدت إلى مقتل العشرات وجرح المئات من بينهم مدنيين، وفي شهر أغسطس تراجع العباس ورحل مع مقاتليه للحرب في المناطق الريفية جنوب تعز.
لقد مات جميع الرجال
يخشى منتقدو مخلافي مهاجمته علنًا، كما تقول المنظمات غير الحكومية إنها ترفض مناقشة أنشطته، وعندما يتعرض للانتقاد فغالبًا ما يكون من أحد الأشخاص خارج المدينة.
تحدث فتحي بن لزرق رئيس تحرير جريدة الغد في عدن عن ذلك علنًا عندما قال: “هذا الطفل يلعب في تعز، أما سكانها فهم وصمة عار في جبين 4 ملايين شخص في تعز، عندما أراه أو أسمع عن طيشه في تعز أقول: لقد مات الرجال”.
https://www.facebook.com/FathiBinLazrq/posts/782551052097427
ويضيف لزرق: “أن يقود طفل كهذا بعقليته البلطجية مدينة لها شأنها كتعز والله إنه عيب بحق رجالها وعقلائها، ألا يوجد رجل شجاع واحد يوقفه عند حده”، أما عبد الناصر الصديق – صحفي حر في تعز – فيقول في حسابه على فيسبوك: “والله إنك ذيب يا غزوان أنت العكبار اللي خزقت قيادة تعز كلهم وعريتهم وأثبتت لنا أنهم ما يصلحوش حتى يوقعوا قادة كشافة مش قادة أكبر مدينة في اليمن وأهمها”.
ويقول رأفت: “المشكلة الرئيسية ليست أن مخلافي طفل، بل إنه قبل الحرب كان يستخدم العنف والبلطجة ضد الضعفاء، ويعلم جميع الجيران أن هذا الطفل مدعوم من قائد حزب الإصلاح صادق سرحان، ونهب بعض الأراضي التي يمتلكها الضعفاء قبل الحرب، وفي وسط الحرب اقتحم المنازل في مناطق النزاع ونهبها”.
عودوا إلى الخطوط الأمامية
الشرطة العسكرية في تعز هي المسؤولة عن حفظ الأمان والقضاء على الإرهابيين مثل مخلافي، ويقول مصدر من الشرطة إنهم ملتزمون بقتال الميلشيات سواء كانوا سلفيين أم خاضعين لمخلافي، ويجب على مخلافي الالتزام بالقتال في الخطوط الأمامية أو البقاء في البيت، دون العمل كمليشيا داخل المدينة.
هذا الالتزام أدخل الشرطة في صراع مع مخلافي عندما كان يجمع النقود من المحلات التجارية، مما أدى إلى اعتقاله في النهاية، لكن السكان توقعوا بشكل صحيح أنهم سيطلقون سراحه.
يقول مصطفى البكيري أحد مواطني تعز: “لا أحد يجرؤ على اعتقال مخلافي، فلديه مقاتلون يستطيعون محاربة أي شخص”.
المصدر: ميدل إيست آي