غالبًا ما ينظر الكثيرين إلى الكتب أو الأدب تحديدًا على أنه ملهاه ومضيعة للوقت، أو على الأقل فرصة للتسلية والاستمتاع ليس إلا، بينما الحقيقة أن مهمة الأدب أعمق من ذلك بكثير، هنا سنعرف واحدة من الأدوار المُرهقة للأدب وهي تجسيد نكبات وآلام الغير، بينما نحن نقرأ ولا نملك إلا الحزن. هنا سأرشح 7 روايات حقيقية عن بعض المآسي الإنسانية الموجعة.
طفل أسمه نكره
من الروايات الأمريكية التي ظلت ذائعة الشهرة ومن أكثر الكتب مبيعًا هي رواية طفل اسمه نكرة، واحدة من القصص المؤلمة المدمرة، والتي لا يمكن أن أجد لما بها من تعذيب وعنف أي معنى أو مسمى إلا السادية والمرض النفسي. طفل اسمه نكرة هي قصة طفل يدعى ديفيد يتعرض للضرب والأذى وهو طفل صغير، تذله أمه وتُعذبه بأبشع الطرق رغم أنه لا يدري ماذا فعل ولا يعرف كيف يرضيها، لديه أخوين آخرين ولكن دائمًا هو المنقوص والمستقصى، توجد في الرواية عدة طرق تعذيبية موحشة مثل ملأ الغرفة بالغاز وحبسه بها بدون أي منافذ، واضطهاده بالبراز وغيرها من الأمور التي لا يتحملها أي قلب، يمكنكم أن تقرؤوا عن المأساة الإنسانية وتعرفوا المزيد عن حياة إنسان عاش بلا قلب يحن عليه.
“مع مرور السنوات وازدياد كثافة الضرب فكرت في عمر أمي وحاولت حساب اليوم الذي قد تموت فيه، كنت أتوق إلى ذلك اليوم الذي تغص فيه روحها إلى أعماق الجحيم، وفي ذلك الحين سوف أتحرر منها للأبد”
رجم ثريا
لا يمكنني أن أكتب مُقدمة أقسى من العنوان نفسه، ولكن هل عاد للرجم في عصرنا مكان! هل يتم تطبيق الشريعة الإسلامية كما أمرنا الله بها اليوم؟ هل تُقطع يد السارق ويُقتل المرتد ويُرجم الزاني فعلًا حتى نرى عنوانًا كهذا لقصة حقيقية في القرن الواحد والعشرين!، والإجابة البسيطة هي أن من لا حول له ولا قوة يمكن أن يُقام عليه ألف حد بدون أي ذنب حقيقي. قصة رجم ثريا هي صرخة إنسانية حقيقية عُرفت عن طريق الصدفة وتم تجسيدها في فيلم ورواية ليكون صرخة عن عشرات الإيرانيات اللاتي يتم رجمهن كل عام بلا ذنب وبلا هوادة. شاءت الأقدار أن تكون ثريا زوجة لرجل لا يعرف النخوة أو الرحمة وأراد أن يتزوج عليها ولا يعطيها نفقاتها وبدل من أن يدفع أي شيء في سبيل التخلص منها، اتهمها بالزنا! وأشهد عليها كل رجال القرية الفاسدين حتى تم رجمها في مكان عام وأمام الجميع، حتى ماتت، في وصف تقشعر له الأبدان.
هذا قانون الرجال..لقد وضعوه
ثم زعموا أن الله وضعه..!
أين نذهب يا بابا؟
بعد الزواج تأتي غالبًا الرغبة في الأبوة والإنجاب، ومثل الجميع نتوقع أن نمتلك أطفالًا رائعين هنيئين نحلم بهم وهم يكبرون يومًا بعد يوم، ونتمنى لو يصبحون أفضل منا في كل شيء. ولكن ماذا إن كانت إرادة الله غير ذلك؟ ماذا إن رزقك الله بطفل معاق ذهنيًا! ليس هذا فحسب، بل كيف تضمن قدرتك على إنجاب طفل آخر سليم معافى؟ هذه هي حكاية قصتنا، جون لوي فورنييه هو أب لطفلين معاقين ذهنيًا يسرد مأساته بطريقة ساخرة محاولًا التهوين عن نفسه قبل أي شيء، لن تستطيع فهمه أو الشعور بمأساته لأنك لا تعيشها، قال في روايته، “لم يكن عندي حظ، لعبت بيانصيب الوراثة وخسرت!، ولهذا فإن في القصة مأساة إنسانية يفتقد أثرها كثيرين، ولا يشعر بقيمتها البعض.
“أُدرك أن من يُحب كثيرًا يُعذّب كثيرًا، ولكني لم أتصور أن الرب يحبني لهذه الدرجة!”
لا تخبري ماما
عنوان صادم وقد يراه الكثيرين خادشًا للحياء، ولكن لا خدش حياء في الحقيقة القاسية، توني ماغوير، مؤلفة الكتاب وراوية قصتها، تتحدث في هذه الرواية عن العنف الذي تعرضت له من قبل والدها وهي في سن السادسة واستمر حتى الثالثة عشرة، إلى أن حملت منه وأجهضت، كان يقول لها دائمًا “لا تخبري ماما” ولكن بعد فترة عرفت أمها بما حدث، ويا للفاجعة عندما استمرت في التجاهل والتغاضي عن الأمر، بكل ألم وخوف وندم وخزي قررت توني أن تخبر الشرطة وتبلغ الجميع عن حقيقة قصتها، للقصة جزء آخر تكمل فيه الكاتبة قصتها، أسمه “تركوا بابا يعود”.
كنتُ أثق في حبّ أمي لي، ستطلب منه أن يتوقّف، لكنّها لم تفعل..!
ألزهايمر
من الأمراض التي لا نعرف عنها الكثير ولم يُكتشف لها علاج حتى الآن، مرض ألزهايمر ليس النسيان فقط، بل هو تلف في خلايا المخ يؤدي إلى تدهور في الفهم والاستيعاب وفي الغالب يؤدي إلى الوفاة..، كاتبنا الكبير عبد الرحمن القصيبي، رحمه الله، يروي في هذا الكتاب بعض تفاصيل حياته المرضية، على شكل إسقاطات على بطل آخر، أسمه يعقوب العريان، والحقيقة لم يكن ما كُتب هو مشروع أدبي متكامل للنشر بل هو أشبه بالمذكرات التي كان يحاول تعزيه نفسه بها وهو في أوروبا للعلاج، نتعرف في هذا الكتاب القاسي على أيام الكاتب القصيبي الأخيرة ونتعرف على جزء من مرض ألزهايمر لنعرف بعض قصص أصحابه.
هذه الفكرة، على الأخص، هي التي تسبب لي الكآبة. أن أصبح رجلاً بلا ماضٍ، بلا ذكريات، بلا أمس. تصوّري! أن ينسى الإنسان ابتسامة أمه المضيئة، أن ينسى ملامح أبيه الرضيّة، أن ينسى كل صديق عرفه!
الصرخة
الصرخة، اسم سوداوي لأي كتاب بالتأكيد، وهو كذلك، يعتبر هذا الكتاب هو الجزء الثاني للسيدة رضوى عاشور، في كتابة سيرتها الذاتية التي بدأت برواية ” أثقل من رضوى”، رحمها الله، تتحدث فيه عن نهاية أيامها وصراعها مع مرض السرطان، تكتب وتأتي عليها أوقات لا تستطيع ولا تجد ما تكتبه، ونجد هذه الأوراق داخل الكتاب بيضاء فارغة كما هي، فقط مدون عليها تاريخ اليوم. المرض مُربك وصعب ولكن رغم ذلك كانت تحمد الله على قدرتها على دفع تكاليف السفر والعلاج، ورغم كل المرض، لا تُهمل رضوى الأحداث الثورية التي تقوم في مصر وتذكر كل ما عاشته ورأته في كتابها. كتاب قاسي ومؤلم ولكن الأكثر مدعاة للدهشة والتساؤل بالنسبة لي، هو كيف كانت تَكتُب بكل هذه البساطة! وهي على شفا حفرة من الموت! أعجبتني عظمتها وقوتها في مواجهة المرض وتقبلها للأمر في النهاية، رحمه الله على روح العظيمة الطاهرة.
أسوأ ما في المرض أنه يُرْبِكُ ثقتك بنفسك فيتسرب إليك الخوفُ من أنك لا تصلح، و لن تستطيع!
أوسكار والسيدة الوردية
في عالم الأطفال البريء العذب، يوجد طفل لا يقوى على مواجهة المرض إلا ببراءته، أوسكار طفل صغير يصارع مرض السرطان ويكتب رسائل إلى الله في محنته، يتحدث معه ببرائه وثقة، ويروي له ما يحدث في يومه كل يوم مع أصدقائه المرضى وما يتلقاه من تجاهل الآخرين وانعدام أجوبتهم عندما يسألهم هل سأموت أم لا؟، ووسط الحياة المُهمشة التي يعيشها أوسكار توجد السيدة الوردية التي تقرأ رسائله وتكون صريحة معه، قصة عذبة بشكل مفرط، حساسة لدرجة انسياب الدموع على خديك عند معرفة نهايتها.
عزيزي ربنا
أنا موافق أن أنت تزورني زيارة قصيرة. في أفكاري طبعاً. اتهيألي هتبقى حاجة جميلة. أنا نفسي إنك تيجي. ساعات الشغل بناعتي من 8 الصبح لحد 9 بالليل بقية الوقت بانام. أحياناً باغفل الصبح علشان العلاج. بس حتى لو كنت نايم، صحيني وقلبك جامد.
للأدب دور أسمى من تضييع الوقت والتسالي، أتمنى أن تكونوا قد أدركتوا بعض منها.