انتهت اليوم أعمال الجولة 11 من اجتماعات أستانة بشأن تسوية الأزمة السورية، دون وجود مؤشرات على تحقيق تقدم ملموس وفعلي في المفاوضات بين الأطراف المجتمعة، حيث ذهبت جميع التصريحات التي صدرت عن ممثلي الأطراف المشاركة في الجولة الأخيرة إلى التأكيد على ما تم الاتفاق عليه في الجولات الماضية من الاجتماعات خاصة فيما يخص اتفاقية خفض التصعيد بين النظام والمعارضة السورية، لكنها بالمقابل أكدت أن السير قدمًا في عملية تشكيل اللجنة الدستورية لاقى صعوبات وعراقيل عدة.
التصريحات التي صدرت عن المجتمعين حاولت إضفاء شيء من الإيجابية على أجواء الجولة الحاليّة من أستانة، ولعل المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا كان الأكثر وضوحًا فيما يخص اللجنة الدستورية حيث أكد أنهم لم ينجحوا في الاتفاق بشكل كامل على آلية تشكيل اللجنة، حيث قال في البيان الذي صدر بعد انتهاء الاجتماع: “المبعوث الخاص دي ميستورا يأسف بشدة، لعدم تحقيق تقدم ملموس للتغلب على الجمود المستمر منذ عشرة أشهر في تشكيل اللجنة الدستورية”.
الجعفري في تصريحاته كان متفقًا مع ممثل روسيا الاتحادية ألكسندر لافرينتيف فيما يخص محاربة ما اعتبره إرهابًا، حيث أكد الممثل الروسي استمرار بلاده في محاربة الإرهاب ورفض بلاده لوجود تنظيم هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، ومشيرًا إلى أنهم ماضون في تشكيل اللجنة الدستورية
وتابع البيان “كانت هذه المرة الأخيرة التي يعقد فيها اجتماع في أستانة عام 2018، ومن المؤسف بالنسبة للشعب السوري، أنها غدت فرصة ضائعة للإسراع في تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة يشكلها سوريون ويقودها سوريون وترعاها الأمم المتحدة”.
ومن خلال متابعة تصريحات ممثلي الأطراف المجتمعة يتبين أنه رغم محاولتهم إعطاء انطباع إيجابي عن الاجتماع فإن كل يغني على ليلاه، فممثل النظام السوري بشار الجعفري ذهب إلى اتهام تركيا بتتريك مناطق سوريا في شمالي البلاد ودعم ما أسماهم بالمرتزقة الذين يتبعون لأنقرة، وأكد استمرار جيش نظامه في محاربة ما أسماه الإرهاب.
الجعفري في تصريحاته كان متفقًا مع ممثل روسيا الاتحادية ألكسندر لافرينتيف فيما يخص محاربة ما اعتبره إرهابًا، حيث أكد الممثل الروسي استمرار بلاده في محاربة الإرهاب ورفض بلاده لوجود تنظيم هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، ومشيرًا إلى أنهم ماضون في تشكيل اللجنة الدستورية.
دي ميستورا مع رئيس النظام السوري بشار الأسد
لافرينتيف تابع في تأكيد على تصريحات سابقة لوزير خارجية بلاده سيرغي لافروف بشأن الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا بأنه قد يؤدي إلى تقسيم سوريا.
من جهته لم يخرج وفد المعارضة السورية برئاسة الدكتور أحمد طعمة في تصريحاته عن قالبه الثابت في التهجم على النظام السوري بالتوازي مع شكر تركيا في دعمهم، ولكن جديده كان في نبرته التصعيدية تجاه التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة داعش، فقد وجه رئيس وفد المعارضة انتقادات للتحالف الدولي خاصة في دعمه لقوات سوريا الديمقراطية، مطالبًا بفك الارتباط بين الطرفين، ومشيرًا إلى أن استمرارية التنسيق بين الطرفين يؤدي إلى استمرارية الأزمة السورية وتهديد وحدة البلاد.
نستطيع أن نجمل التقييم للجولة الأخيرة من اجتماعات أستانة في المثل الشعبي القائل “كأنك يا أبو زيد ما غزيت” وهذا المثل ينسحب أيضًا على تقييم عمل المبعوث الدولي لسوريا ستيفان ديمستورا الذي ينتهي عمله مع نهاية العام الحاليّ
لكن الحلقة الضائعة التي لم يتم التركيز عليها في البيانات الختامية، سوى في بيان دي ميستورا، كانت فشل المجتمعين في الاتفاق على إكمال تشكيل اللجنة الدستورية، وهذا ما توضح في تصريح لعضو وفد المعارضة السورية سليم الخطيب في تصريح لموقع تليفزيون سوريا الذي أوضح أن الخلاف كان بين دي ميستورا وروسيا وإيران ورسيا فيما يخص تشكيل اللجنة الدستورية وبالتحديد نقطة الثلث الثالث في اللجنة، ويبدو أن الخلاف على هذه الجزئية قد يؤجل تشكيل اللجنة إلى أجل لم يسمه أحد من المجتمعين.
رافق الخوف السوريين مع كل جولة سابقة لاجتماعات أستانة، حيث كانت حلب أولى ضحاياه ومن ثم الغوطة وريف حمص ودرعا وجميع المناطق السورية التي عادت لسيطرة النظام السوري بشكل مضطرد، في وقت كانت تخرج فيه الأطراف المجتمعة لتؤكد نجاح الاجتماع، ليصار اليوم إلى حصر وجود المعارضة السورية المسلحة في إدلب ومناطق سيطرة المعارضة السورية المدعومة تركيًا، والأولى دومًا مضروبة بحجر وجود هيئة تحرير الشام، لتكون عرضة للتهديد الروسي السوري المستمر بالهجوم عليها.
إذًا، نستطيع أن نجمل التقييم للجولة الأخيرة من اجتماعات أستانة في المثل الشعبي القائل “كأنك يا أبو زيد ما غزيت” وهذا المثل ينسحب أيضًا على تقييم عمل المبعوث الدولي لسوريا ستيفان ديمستورا الذي ينتهي عمله مع نهاية العام الحاليّ.