ترجمة حفصة جودة
تشن الصين حربًا غير مسبوقة على الأديان، فخلال العام الماضي اعتقلت المسلمين بسبب عقيدتهم وأجبرت البوذيين على تقديم الولاء للحزب الشيوعي الصيني، وأرغمت الكنائس المسيحية على إزالة الصلبان أو إغلاقها.
إضفاء الطابع الصيني على الأديان
حاول الحزب – الملحد رسميًا – منذ عقود السيطرة على المؤسسات الدينية لفرض هيمنته، وكانت إدارة الدولة للشؤون الدينية التي تأسست عام 1951 قد سمحت لخمس مؤسسات دينية بالوجود تحت سيطرة الدولة وهم: البوذية والطاوية والإسلام والبروتستانت والكاثوليك.
تتحكم الدولة في أفراد تلك الجماعات ومنشوراتهم وأمورهم المالية، من الناحية الفنية تسمح الدولة للمواطنين بحرية ممارسة الأديان طالما كانت خاضعة لسيطرة الحكومة.
في عام 2015 قدم مسؤولو الحزب مصطلح “sinicization” (إضفاء الطابع الصيني) للمعجم الحكومي الرسمي، ودعوا قادة المسيحية والبوذية والإسلام إلى دمج أديانهم مع الفكر الاشتراكي الصيني.
أخضعت الصين أقلية الإيغور المسلمة للقمع بشكل غير مسبوق
يقول رودريك واي السكرتير الأول السابق للسفارة البريطانية في بكين: “يواجه الحزب دائمًا مشكلات مع الأديان بشكل أو بآخر، لأن الأنشطة الدينية تميل إلى نوع من التنظيم، وفي حال وجود منظمات فإن الحزب يميل دائمًا إلى السيطرة عليها”، لكن تحت رئاسة شى جين بينغ ازداد القمع الحكومي بشكل مزعج للغاية.
إنهم يريدون قطع الإسلام من جذوره
في المنطقة الغربية من شينجيانغ حيث تقطن الأقلية العرقية المسلمة “الإيغور”، أقامت السلطات دولة بوليسية ضخمة واعتقلت نحو مليون من الإيغور، وقال العديد من المعتقلين إنهم اعتُقلوا لأنهم أظهروا علامات تدل على دينهم مثل الحجاب واللحية.
يخشى أفراد قومية “هوى” وأغلبها من المسلمين المنتشرين في أنحاء الصين أن تطالهم حملة القمع الحكومية، في مدينة ينشوان الشمالية حيث يعيش الغالبية العظمى من “هوى” حظرت السلطات الصينية رفع الأذان لأنه يتسبب في الضوضاء حسبما ذكرت صحيفة “South China Morning Post”.
رجال الإيغور يدعون قبل تناول الطعام في توربان، شينجيانغ
يقول أحد الأئمة من لينكشيا بوسط الصين: “إنهم يريدون علمنة الإسلام، يريدون أن يقطعوه من جذوره، هذه الأيام غير مسموح للأطفال باعتناق أي دين، مسموح فقط بالشيوعية والحزب الشيوعي”.
خدمات مراقبة
تجاوزت حملة القمع الدين الإسلامي، فقد استهدفت السلطات المسيحين غير المنتمين للممؤسسات الكاثوليكية والبروتستانت التي فرضتها الدولة، حيث أحرقت الإنجيل وأغلقت الكنائس وأمرت الناس بالتخلي عن إيمانهم.
سمحت الدولة ببقاء بعض الكنائس مفتوحة مع تركيب كاميرات التعرف على الوجوه وإلا تتعرض الكنيسة للإغلاق، ويقول بوب فو مدير جمعية الحقوق الأمريكية “ChinaAid” إن مسؤولي الحزب أضافوا دعايا الدولة لعظات القساوسة.
تقمع الصين الكنائس الكاثوليكية السرية أيضًا
في شهر سبتمبر وقعت السلطات الصينية والفاتيكان اتفاقية حيث اعترف البابا فرانسيس رسميًا بسبعة أساقفة كانوا معزولين في بكين بسبب عدم حصولهم على موافقة الكرسي البابوي، ويقول النقاد إن الاتفاقية سحبت السلطة من الكرسي البابوي ومنحتها للحزب الشيوعي.
ينقسم ولاء نحو 10 ملايين كاثوليكي صيني بين الفاتيكان والرابطة الوطنية الكاثوليكية الصينية التي تشرف عليها الدولة، وبحسب تقرير فايننشيال تايمز فهناك نحو 100 مليون بروتستانت بالصين.
الرهبان يرفعون العلم
لم تسلم البوذية والطاوية – اللتان تملكان جذورًا تاريخية عميقة في شرق آسيا – من تلك الحملة، فتفرض الصين قيودًا على العمليات الدينية في التبت، وما زال القائد الروحي دالاي لاما في المنفى.
راهبان ينتظران قبل مراسم خفض العلم في تيانامين ببكين
يقول النشطاء إن الدولة تراقب الأنشطة اليومية للأديرة الكبيرة في التبت وتمنع المؤمنين من السفر ووسائل الاتصال، وتعتقل الرهبان بشكل روتيني بتهمة الإرهاب، بشكل يشبه الوضع في إقليم شينجيانغ.
وفي بداية هذا العام رفع معبد شاولين الصيني الشهير (دير بوذي قيدم يُعتقد أنه موطن رياضة الكونغ فو) العلم الصيني الوطني لأول مرة منذ 1500 عام، كجزء من الحملة الحكومية لإثبات الوطنية.
لا تسامح مع أي مصدر آخر للسلطة الأخلاقية أو الاجتماعية
الرهبان في معبد شاولين يرفعون علم الصين الوطني
يحرص الحزب الشيوعي على الحفاظ على قبضته المنفردة على السلطة ويرفض جميع أنواع المنظمات الشعبية لأنه يرى أنها تقوض سلطته وتعطل الاستقرار الداخلي.
يقول واي إن الصين تحرص على السيطرة على الأديان للحد من التدخلات الأجنبية، ويضيف واي: “هناك قلق دائم لدى الدولة الصينية من حجم التأثير الأجنبي على الأديان والطريقة التي تستخدمها القوات الأجنبية للتلاعب بالفكر المجتمعي، هذا الأمر جزء من الحلم الصيني الأكبر لشي جين بينغ لتصبح الصين كبيرة وقوية مرة أخرى، وأيًا كان النمو الاجتماعي والسياسي للصين في المستقبل فيجب أن يقرره وينشره الحزب الشيوعي الصيني وغير مسموح بأي مصدر آخر للسلطة الاجتماعية والأخلاقية”.
المصدر: بيزنس إنسيدر