ترجمة وتحرير: نون بوست
أفادت عدة تقارير إعلامية نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين يوم الخميس بمقتل قائد حركة حماس يحيى السنوار في هجوم إسرائيلي.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ثم الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق، مقتل السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس، في قطاع غزة المحاصر.
انتشر الخبر على نطاق واسع، رغم عدم تأكيده من حماس (صدر بيان اليوم الجمعة من الحركة أكد استشهاد السنوار)، في جميع أنحاء غزة التي حوّلها القصف الإسرائيلي إلى ركام.
وقال سامي برهوم، وهو صحفي فلسطيني مقيم في غزة، لـ”تي آر تي وورلد” إن “كل المؤشرات تدل” على أن من ظهر في مقاطع الفيديو هو السنوار.
وانتُخب السنوار البالغ من العمر 62 عاما، لقيادة حركة حماس عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في 31 تموز/ يوليو الماضي.
تعلم السنوار، الذي أصبح العدو الأول للدولة اليهودية العنصرية في الفترة الماضية، اللغة العبرية خلال فترة سجنه التي استمرت 23 سنة في سجون إسرائيل سيئة السمعة، وكان يتحدثها بطلاقة.
وقال يوسف الحلو، وهو محلل سياسي فلسطيني، في مقابلة سابقة مع قناة تي آر تي وورلد: “لقد درس السنوار اللغة العبرية والمجتمع الإسرائيلي أيضًا، وكان على دراية تامة بعقلية الإسرائيليين”.
وُلد السنوار، المعروف أيضًا باسم أبو إبراهيم، في مخيم للاجئين في خان يونس، وتحدث عن نشأته كلاجئ في روايته الأولى “الشوك والقرنفل” التي نُشرت قبل عقدين من الزمن؛ وقد طُردت عائلته من عسقلان خلال الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948 أثناء النكبة.
السنوار الروائي
قد يصعب على الكثير من الإسرائيليين وحلفائهم تصديق أن السنوار، وهو أحد “الحيوانات البشرية” على حد تعبير القيادات الصهيونية، قدم إسهامات كبيرة في الأدب الفلسطيني؛ حيث كتب العديد من الروايات.
كان الراوي الرئيسي في روايته الأولى “الشوك والقرنفل”، أحمد، حفيدا لعائلة فلسطينية طُردت في حرب 1948، وكتب السنوار في مقدمة الكتاب من سجنه في بئر السبع: “هذه ليست قصتي الشخصية، وليست قصة شخص بعينه، رغم أن كل أحداثها حقيقية. كل حدث فيها أو كل مجموعة من الأحداث تتعلق بالفلسطينيين”.
وكتبت الصحفية أميرة هويدي المقيمة في القاهرة، في مقال لها هذا الشهر، موضحة تشابك معاناة السنوار الشخصية مع معاناة الشعب الفلسطيني: “الرواية تؤرخ لمعاناة العائلة بعد اختفاء الأب والعم، والظروف القاسية في مخيم اللاجئين، والأحداث السياسية التي امتدت على مدار 37 سنة”.
ضمن أحداث الرواية، ينضم الابن الأكبر للعائلة إلى حركة فتح العلمانية، بينما ينضم إخوته الأصغر سنًا إلى حركات ذات مرجعية دينية، مثل حركة حماس التي تأسست سنة 1987 بعد ثلاثة عقود تقريبًا من تأسيس حركة فتح، وقد انضم السنوار إلى حركة حماس في مراحلها الأولى.
وكتبت هويدي أن رواية السنوار تستعرض “أحداثًا شخصية وتاريخية، وتوثق محطات رئيسية من التاريخ الفلسطيني منذ 1967 وحتى السنوات الأولى من الانتفاضة الثانية”، وحدثت الانتفاضة الثانية، التي تُعرف أيضًا بانتفاضة الأقصى، بين عامي 2000 و2005 في الأراضي الفلسطينية المحتلة من غزة إلى الضفة الغربية.
إن تصوير السنوار لأخوين ينضم أحدهما إلى حركة فتح، وهي حركة مقاومة فلسطينية علمانية، بينما يصبح الآخر عضوًا في حركة حماس، يُظهر أنه رأى أن الحركتين تناضلان من أجل القضية ذاتها، وهي التحرر النهائي من الاحتلال الإسرائيلي.
تضيف هويدي: “الرواية الدقيقة التي يقدمها السنوار عن الحياة في القطاع تعطي نظرة ثاقبة عن الصراع الحالي في غزة، وتثبت أن حرب إسرائيل المستمرة ليست سوى إعادة عنيفة لنفس الآليات والسياسات الاستيطانية المستمرة منذ الفترة الذي دارت فيها أحداث الرواية.. وهذه السياسات -من التهجير القسري الجماعي، إلى الاستيلاء على الأراضي، وصولا إلى المذابح والاعتقالات الجماعية- لا تزال تشكل ردود الأفعال الفلسطينية منذ سنة 1948”.
بعد ست سنوات من روايته الأولى، نُشرت رواية السنوار الثانية سنة 2010 بعنوان “المجد”، والتي تتحدث عن جهاز الأمن العام الإسرائيلي، الذي لعب دورًا محوريًا في حياة الفلسطينيين واستمرار الدولة الصهيونية في احتلالها؛ حيث نفذ العديد من الاغتيالات ضد قادة المقاومة.
العودة إلى غزة
خرج السنوار من السجون الإسرائيلية بعد سنة من نشر رواية “المجد” بفضل صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
وبعد إطلاق سراحه، عاد إلى غزة التي اكتسبت قدرا من الحرية النسبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع عام 2005 تحت قيادة رئيس الوزراء السابق أرييل شارون، ثم سيطرت حركة حماس على الحكم في غزة منذ 2007، بينما فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على القطاع.
وفي أوائل العقد الماضي، تم تكليف السنوار بمهمة مشابهة لوزارة الدفاع، والتقى بقيادات مؤثرة في المنطقة خلال تلك الفترة؛ حيث طور علاقات قوية مع حزب الله، مما أدى في النهاية إلى تقارب بين الفصيلين.
وفي عام 2017، أصبح السنوار القائد العسكري الأعلى لحماس في غزة، وقاد عمليات الحركة منذ ذلك الحين، وتمكن من النجاة من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية.
يعتقد كثيرون أنه كان العقل المدبر للهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر ضد إسرائيل، والذي شبهه العديد من المؤرخين والمثقفين بانتفاضة الغيتو في وارسو عام 1943 ضد الاحتلال النازي. منذ ذلك الحين، تفيد التقارير بأن السنوار قاد معركة حماس ضد الهجوم الإسرائيلي الوحشي الذي أسقط عددًا لا يحصى من القنابل على القطاع، متجاوزا فظاعة مأساة هيروشيما في الحرب العالمية الثانية.
المصدر: تي آر تي وورلد