الجزائر تلك البلد التي عانت في بداية التسعينات ما لم تعانيه أية دولة عربية أو أوروبية، على يد ما سمته جيشها الوطني بزعم محاربة “الإرهاب”!!
هذه الكلمة التي كانت وما تزال منهاجًا يحمي الأنظمة القمعية ومصالحها، وستارًا يُسدل أمام منظمات المجتمع المدني المحلي والعالمي لإسكاتها، وضرورة لاكتساب دعم الغرب الذي يرى في ديمقراطية شعوبنا خسارة فادحة لمصالحه في شرقنا الأوسط.
أما عن جيوشنا الوطنية الاسم القمعية الحال، فلا يهمها إلا حماية مصالحها أو بمعنى آخر حماية مصالح جنرالاتها بقصد أو بدون قصد، فنحن ما عدنا نمتلك جيوشًا لحماية بلداننا وشعوبنا، وقد اختصر الحبيب سويدية في كتابه “الحرب القذرة” توصيفه لهذا النوع من الجيوش ومن واقع تجربته كجندي سابق في الجيش الجزائري ومعايشته فترة القمع التي مرت بها الجزائر على يد جيشها الوطني بقوله: “كنا ندرس في كتب تاريخنا أن الجزائر تمتلك جيشًا، لنكتشف لاحقًا أن الجيش هو الذي يمتلك الجزائر”!!
هذا ما نعايشه وهذا هو حال جيوش دولنا العربية فهي من تملك البلاد، بل والعباد غالبًا، (فتتحول في اقتصاد) وتتحكم في حكمه بصوره مباشرة أو غير مباشرة؛ مما يؤدي لنتيجة “حتمية الدولة العسكرية القمعية المتخلفة”.
فتجربة الجزائر باختصار، حدث أن نجحت الكتلة الإسلامية في أول انتخابات حرة بالجزائر أواخر الثمانينات، وهو ما لم يرض جنرالات الجيش، ولما (أسوأ) بخطورة ما آلت إليه ديمقراطية الصندوق انقلبوا علي شرعيته، فأخذوا يخططون لانقلاب منظم ساعدهم فيه التكتل الإسلامي بشكل غير مقصود تمامًا، عن طريق أخطاء وقعوا فيها أو بمعنى آخر استرجاع العسكر من خلالها لتتحول البلاد من بلاد تشرق لبداية عصر جديد إلى بلاد تتمنى نهاية العالم!!
مع جيشها، أعطت طابع الخوف لدى أهلها من العسكر وكأنه قدر لنا أن نخاف جيشنا أكثر من أعدائنا!!
وبعد سنين من المعاناة الجزائرية ومقتل عشرات الآلاف، أتى جيل على الجزائر يخاف قول الحقيقة ويخاف من المواجهة ومن الثورة، وهو نتيجة طبيعية للقمع والاستبداد.
لذلك لابد لنا أن نتعلم منهم، فمهما وصل جنرالات جيوشنا من قمع ومهما وصل أتباعهم من غياب للوعي، لابد لنا من مواصلة الحراك الثوري السلمي المتصاعد، فلا هو تكرار لتجربة الجزائر من حمل المجاهدين السلاح والوقوف في مواجهات مع الجيش ولا هو إذعان للظلم وتركهم، فالرأي الثوري الذي أراه مناسبًا هو رد الفعل النوعي الذي يقوم به ما يسمى “المجهولين”، فحتى لا نقع في مواجهة خاسرة ضد قوة باطشة، وحتى لا يتعودوا على القمع دون رادع، فالاستنزاف يكلفهم الكثير.