الجمعة.. مُهلة “حماس” الأخيرة لـ”إسرائيل” والتصعيد السيناريو الأقرب

24 ساعة تفصلنا عن الخيارات الصعبة التي ستُعلنها حركة حماس على حدود قطاع غزة، بعد مماطلة الجانب الإسرائيلي ورفضه الالتزام بتفاهمات “التهدئة المبدئية” ووقف التصعيد التي تم التوصل لها مؤخرًا برعاية الوسيط المصري.
منذ أسبوعين تقريبًا أعلنت حركة حماس تهدئتها لمسيرات العودة الشعبية التي تجتاح حدود غزة في أيام الجمع من كل أسبوع، وترافق معها منع إطلاق البالونات الحارقة والطائرات الورقية المشتعلة، تجاه المستوطنات المحاذية للقطاع، الأمر الذي أعطى فرصة للوسيط المصري للتحرك والتوصل لـ”تهدئة أولية”.
حركة حماس لم تخف امتعاضها وغضبها من تراجع “إسرائيل” عن الالتزام بشروط اتفاق التهدئة، وأطلقت التهديدات المباشرة بأن الجمعة القادمة (7 من ديسمبر) ستشهد تجدد اشتعال المواجهات، وإطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة بعد توقف لعدة أسابيع
تحركات حركة حماس الأخيرة جاءت ضمن ضمانات واضحة حصلت عليها من الوسيط المصري، بتخفيف الحصار المفروض على القطاع، مقابل تهدئة الأوضاع على الحدود، لكن على أرض الواقع وكعادتها “إسرائيل” لم تنفذ شيئًا من الاتفاق وأبقت على الحصار، وأكثر من ذلك حين أطلقت التهديدات بالحرب وتصعيد العدوان على القطاع، في خطوة تعد ضربة لجهود الوساطة المصرية، الأمر الذي وضع غزة أمام سيناريوهات صعبة.
حركة حماس لم تخف امتعاضها وغضبها من تراجع “إسرائيل” عن الالتزام بشروط اتفاق التهدئة، وأطلقت التهديدات المباشرة بأن الجمعة القادمة (7 من ديسمبر) ستشهد تجدد اشتعال المواجهات، وإطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة بعد توقف لعدة أسابيع.
تحذير مباشر لـ”إسرائيل
لعل أبرز التهديدات التي أطلقها عضو المكتب السياسي لحركة حماس فتحي حماد، حين حذر الاحتلال الإسرائيلي من عدم الالتزام والمماطلة في تطبيق تفاهمات التهدئة التي جرى التوصل إليها، مهددًا بعودة مسيرات العودة وكسر الحصار كما كانت سابقًا.
وقال حماد خلال مشاركته في الحراك البحري الثامن عشر شمال قطاع غزة الإثنين الماضي: “الاحتلال في هذا الأسبوع بمحل اختبار، إذا التزم التزمنا، وإذا لم يلتزم، لن نلتزم مطلقًا”، موضحًا أن البالونات والطائرات الورقية الحارقة وفعاليات الإرباك الليلي، ستعود وكذلك ستنفذ فعاليات أخرى مرتبطة بفصل الشتاء، حال لم يلتزم الاحتلال هذا الأسبوع بتطبيق التفاهمات.
وأشار إلى أن هناك اتفاقًا على تفاهمات على مستوى البحر والرواتب والمشاريع، مؤكدًا أن مسيرات العودة ستعود إلى سابق عهدها، حال لم يلتزم الاحتلال بدخول وتطبيق كل ما تم الاتفاق عليه.
وكشفت أحداث الجمعة الأخيرة لمسيرات العودة عن تراجع كبير في فعالياتها مقارنة بمشاهد وسيناريوهات الجمع السابقة، حيث لم يشعل المتظاهرون الإطارات المطاطية لأول مرة ولم يندفعوا نحو السياج الفاصل بصورة كبيرة، كما تراجعت أعدادهم وغابت صور الملثمين وعناصر الوحدات الميدانية، إضافة إلى توقف ما يعرف بالإرباك الليلي مع توقف شبه كامل لإطلاق البالونات الحارقة.
وأشارت هذه المعطيات نحو البدء الفعلي في تطبيق تفاهمات التهدئة التي يقودها بشكل رئيسي الوفد الأمني المصري، إضافة إلى سماح الاحتلال بدخول السولار الممول قطريًا والمخصص لمحطة توليد الكهرباء مع توسيع مساحة الصيد في بحر غزة، علاوة على ما يتردد عن موافقة إسرائيلية على إدخال منحة مالية قطرية لصرف رواتب موظفي حكومة غزة السابقة.
جانب من مشاركة المواطنين في مسيرات العودة
وقبل أسابيع، نشر موقع “شاشة نيوز” المحلي، نقلاً عن ترجمة لصحيفة “هآرتس” العبرية، ما وصفه ببنود اتفاق بين الاحتلال وحركة حماس، تتضمن “انضباطًا على الحدود ومحاسبة أي مخالف واستمرار مسيرات العودة بصورتها الجديدة حتى نهاية العام الحاليّ، إضافة إلى تهدئة لثلاث سنوات وتفعيل صفقة تبادل الأسرى مع رفع الحصار بنسبة 70% ودعم مشاريع البنية التحتية والكهرباء”.
بات وقف الحراك الجماهيري بالنسبة للاحتلال أمرًا ضروريًا يبعث به مع مختلف الوفود والأطراف التي تصل للقطاع المحاصر للعام الثاني عشر على التوالي، إذ يبدو أن هذه المسيرات عملت على استنزاف جنوده على طول الحدود، إضافة لزيادة الضغط على مستوطني المستوطنات هناك
وعلى مدار الأشهر الماضية يصر المشاركون والفصائل على حد سواء على التمسك بمطلبهم الثابت منذ انطلاق المسيرات، وهو رفع الحصار بشكلٍ فوري وكامل وعدم القبول بأي حلول جزئية، ويبدو من المعطيات المتوفرة أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض ذلك.
وبات وقف الحراك الجماهيري بالنسبة للاحتلال أمرًا ضروريًا يبعث به مع مختلف الوفود والأطراف التي تصل للقطاع المحاصر للعام الثاني عشر على التوالي، إذ يبدو أن هذه المسيرات عملت على استنزاف جنوده على طول الحدود، إضافة لزيادة الضغط على مستوطني المستوطنات هناك.
ويعقب على ذلك القيادي في حركة حماس، عضو كتلتها البرلمانية يحيى موسى ويقول: “مسيرات العودة وكسر الحصار أدخلت إلى قاموس النضال الوطني الفلسطيني، أدوات جديدة ودورًا جديدًا للجماهير عبر ممارسة الاشتباك الدائم مع الاحتلال الإسرائيلي”.
عودة توهج المسيرات الشعبية
ويوضح أن “الاحتلال يتعامل مع أي عملية مقاومة له على أنها تشكل خطرًا وجوديًا عليه إلى جانب الإرباك المستمر للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وهو ما يدفعه نحو محاولة التخلص من هذه الأساليب والأدوات بشتى الطرق”، مضيفًا “قيادة مسيرات العودة تعمل بشكلٍ جماعي وتعلم كل مخططات الاحتلال وألاعيبه المختلفة عبر بعض التحسينات الحياتية التي يمنحها وهي بالأساس حق طبيعي، لذلك لن تمرّ هذه التسهيلات المزعومة على الفصائل ولن تقنع أحدًا”.
ويشير إلى أن حسابات الاحتلال معقدة للغاية في تعامله مع ملف غزة، فهو يحاول المراوغة ويلوّح في بعض الأحيان بالحرب التي سبق أن جربها ثلاث مرات ولم يحقق أي نجاح منها، وبات الآن يحسب أي حساب لأي عدوان قد يشنه على القطاع.
“الاحتلال الإسرائيلي يحاول التملص من تنفيذ التفاهمات التي جرت مؤخرًا ويتباطأ في تطبيقها على الأرض”، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، ويضيف “على المصريين التحرك والضغط على الاحتلال لإنقاذ الموقف وتنفيذ المرحلة الأولى كاملة”، متسائلاً: “كيف لنا أن نقنع شعبنا الفلسطيني بوضع أدوات المقاومة الشعبية جانبًا إذا واصل الاحتلال تلكؤه في ذلك؟”.
ويشير عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، إلى أن كل الاحتمالات أمام القوى الوطنية والإسلامية والهيئة العليا لمسيرات العودة الكبرى مفتوحة خصوصًا أنه يجري حاليًّا مراقبة مدى التزام الاحتلال، مرجحًا أن يتم العودة لاستخدام أدوات المقاومة الشعبية في أي لحظة حال استمر الاحتلال في تباطؤه بتنفيذ المرحلة الأولى من التفاهمات.
وبين أن المرحلة الأولى تنص على توسعة مساحة الصيد ورفع الحظر عن المواد الممنوع دخولها للقطاع والسماح بالتصدير وخروج السلع من غزة وإدخال مواد الإعمار وأموال المنح القطرية وإدخال الأموال الخاصة بالمشاريع الأخرى غير القطرية وهو الذي لم يتحقق حتى هذه اللحظة.
تقود مصر وقطر والأمم المتحدة مشاورات منذ أشهر للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة و”إسرائيل”، تستند على تخفيف الحصار، مقابل وقف المسيرات على حدود قطاع غزة
وبتاريخ (2 من ديسمبر) الماضي، قالت صحيفة “الأيام” الفلسطينية المحلية: “الفصائل على وشك الانتقال من مرحلة التهديد والضغط من أجل إلزام “إسرائيل” بتنفيذ تفاهمات الهدوء التي توصلت إليها المخابرات المصرية بين “إسرائيل” والفصائل قبل شهر ونصف إلى مرحلة الفعل على أرض الواقع”.
ونقلت الصحيفة، عن مصادرها، قولهم: “الفصائل أوشكت على استنفاد كل طرق الضغط التي استخدمتها خلال الأيام الأخيرة لإجبار “إسرائيل” على الوفاء بما تعهدت به في تفاهمات الهدوء”، وأضافت، العودة إلى طبيعة ووتيرة مسيرات العودة قبل تفاهمات الهدوء الأخيرة، أصبحت واردة وقاب قوسين أو أدني في ظل رفض “إسرائيل” تنفيذ التزاماتها، مشيرة إلى أن الفصائل والهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، أصبحت مضطرة لاتخاذ خطوات على أرض الواقع، ردًا على تنصل “إسرائيل” من التزاماتها.
وتقود مصر وقطر والأمم المتحدة مشاورات منذ أشهر للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة و”إسرائيل”، تستند إلى تخفيف الحصار، مقابل وقف المسيرات على حدود قطاع غزة.
ومنذ نهاية مارس الماضي، يشارك فلسطينيون في مسيرات سلمية، قرب السياج الفاصل، للمطالبة بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها في 1948، ورفع الحصار عن قطاع غزة، ويقمع الجيش الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية، حيث يطلق النار على المتظاهرين وقنابل الغاز، وهو ما أسفر عن استشهاد أكثر من مئتي شخص وجرح الآلاف.