عاد الأمل إلى ملايين المواطنين في تلك البلدة الإفريقية التي عاشت معظم سنينها القصيرة بعد الاستقلال في الحروب والنزاعات مع الجيران والحصار الأممي الذي شمل الأسلحة والأصول وزاد من انهيار اقتصاد البلاد ومعاناة ساكنيها، إرتيريا ما بعد رفع العقوبات الأممية عليها بعد ثبوت براءة نظامها من دعم الحركات الصومالية تعيش مرحلة سياسية أخرى يتوقع أن تساهم في تطوير اقتصادها وتضمد جراح مجتمعها.
تأثير القرار الأممي على السياسة الإريترية
على مستوى السياسة الخارجية كان التاسع من يوليو الماضي يوما تاريخيا في البلاد فقد وقعت إريتريا اتفاقا تاريخيا مع جارتها اللدود اثيوبيا بعد عشرين عاما من النزاع الذي كلف قرابة النصف مليون قتيل، ثم تبعته بإعادة العلاقات مع جارتها الثانية الصومال في الشهر نفسه، الأمر الذي شجع الأمم المتحدة على قرار رفع العقوبات الأممية عن إريتريا .
يرى الكاتب الإرتيري عبد الرحيم عبد العليم في تصريح لنون بوست بأن رفع العقوبات الأممية عن البلاد له أثر سياسي وإعلامي على نظام الرئيس اسياس أفورقي وأن أثره الأكبر سيتركز على الانفتاح مع الجارة اثيوبيا.
ويشير الكاتب الإريتري إلى أن غالبية الشعب ا مرحبة بالقرار رغم التحفظ على استفادة النظام الديكتاتوري في البلاد منه.
تأثير القرار على السياسة الداخلية للنظام الإريتري
بحسب منظمة العفو الدولية فإن نظام الرئيس اسياس أفورقي متهم بارتكاب جرائم حرب بحق مواطني بلاده، فقد أشار تقرير المنظمة لعام ألفين وثمانية عشر إلى أن النظام الإريتري أن الآلاف يقبعون في السجون دون محاكمات بسب آرائهم , كما يحرم آلاف غيرهم من حق العيش الكريم في بلادهم , ناهيك بحسب التقرير عن فرض الخدمة الإلزامية إلى أجل غير مسمى على مواطن البلد المغلوب على أمره .
في الوقت الذي تعيش فيه جارتها أثيوبيا تحت دولة القانون والحريات يمارس نظام إيرتريا الديكتاتورية والقمع بحق شعبه.
الباحث والمختص في الشأن الإيريتيري حسن ابو تالا يرى في تصريح لنون بوست بأن التغيير قادم لا محالة من طرف الشعب الإرتيري , ورغم أنه مكلف بحسب الباحث إلا أنه شر لابد منه
ففي الوقت الذي تعيش فيه جارتها أثيوبيا تحت دولة القانون والحريات يمارس نظام إيرتريا الديكتاتورية والقمع بحق شعبه.
تأثير القرار الأممي على المجتمع الإريتري
يتكون المجتمع الإريتري من خمس قوميات منقسمة جهويا فلكل قبيلته ومنطقته وهو ما يعكس طبيعة المجتمع الإرتيري الذي يغيب فيه مفهوم الدولة المدنية الحديثة وتغلب فيه العقلية القبلية ما ساهم في نمو وبقاء الأنظمة الديكتاتورية في إيرتيريا وغيرها من بلدان القارة السمراء .
تشكل قبائل التقري وهي الطائفة المسلمة الأغلب في البلاد يقطنون في ساحل البلاد ويمثلون أكثر من أربعين في المائة من سكان إيرتيريا
تليهم قبائل التقرنجة ويعيشون في المرتفعات وأغلبهم يعتنقون المسيحية وفيهم بعض المسلمين .
ثم قبائل الرشادية وهم من أصول عربية وقبائل الحامية .. وشهدت البلاد إلى جانب الصراع الخارجي مع الجيران صراعات قبلية وطائفية ما أضطر الأمم المتحدة إلى إرسال قوة لحفظ السلام ودفع بالعديد من سكان البلاد إلى النزوح إلى جيبوتي والسودان ودول إفريقية .
كانت إريتريا تشكل مع إثيوبيا نظاما فيدراليا ولذالك كانت العملة الرسمية تسمى “بر الاثيوبي” غير أن الأمور تغيرت بعد الاستقلال عن اثيوبيا عام 1997
بحسب منظمة اليونسيف فإن معدلات سوء التغذية قد زادت خلال السنوات الست الأخيرة في أربع مناطق بالبلاد , وأشارت المنظمة إلى نصف مليون طفل في البلاد يعانون من توقف النمو
يضاف إلى ذالك ملف النازحين الإريتريين بالسودان وجيبوتي ما وضع نظام أفورق في قفص الاتهامات من طرف المنظمات الدولية الحقوقية.
الباحث والمختص في الشأن الافريقي الشيخ عبد الرحمان البشير في تصريح لنون بوست يرى بأن قرار رفع العقوبات الأممية عن إريتريا مفيد للشعب الإريتري غيره أنه يحتاج إلى وجود رغبة من النظام الحاكم في البلاد في القيام بإصلاحات داخلية ودعوة النازحين للعودة لبلادهم والعيش فيها .
تأثير القرار على الاقتصاد الإيريتري
كانت إريتريا تشكل مع إثيوبيا نظاما فيدراليا ولذالك كانت العملة الرسمية تسمى “بر الاثيوبي” غير أن الأمور تغيرت بعد الاستقلال عن اثيوبيا عام 1997 وتبنت البلاد عملة جديدة سميت نقف على اسم مدينة نقف التاريخية في البلاد، وشهد اقتصاد البلاد تطورا كبيرا منذ العام ألفين وثلاثة عشر بحسب بيانات مجموعة البنك الدولي الأخيرة، ومن المتوقع أن يشهد اقتصاد البلاد انتعاشا كبيرا بعد التطورات الأخيرة التي عرفتها البلاد خاصة عودة العلاقات الدبلوماسية مع جارتها إثيوبيا والصومال .
وفي ظل رفع العقوبات الأممية عن الأصول الإرتيرية في الخارج حيث تمثل تحويلات العاملين في الخارج 32% من الناتج القومي الإجمالي.
يقف أكثر من خمسة ملايين من سكان إيريتريا على قلب رجل واحد منتظرين قدوم دولة أخرى متقدمة ومتطورة تحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم
كما تعد إرتيريا من الدول الإفريقية التي تمتلك موارد طبيعية هائلة كالنحاس والذهب والجرانيت والرخام والبوتاسيوم وقد كان لحرب الاستقلال عن اثيوبيا دور كبير في اكتشاف تلك الثروات الطبيعية
لذالك من المنتظر دخول المستثمرين الأجانب بقوة إلى البلاد , خاصة من قبل الصين وبريطانيا اللتان قادتا مشروع رفع العقوبات الأممية المفروضة على إريتريا .
التدخلات الخارجية
لا يخفى بعض الكتاب الإرتيريون خشيتهم من التقارب بين النظام الإرتيري والكيان الصهيوني فليس من مصلحة الاحتلال الاسرائيلي الداعم لنظام إرتيريا أن تتصالح مع جيرانها خاصة جيبوتي والصومال , فإن ذالك قد يضعف أوراق “إسرائيل” هناك ويساهم بدخول بعض المنافسن الكبار لها , فمع الاستقرار المتوقع ستصبح العيون مسلطة على البلاد ولن يعود نظام أفورقي كما كان بالنسبة للكيان الصهيوني خلال السنوات الأخيرة
اليوم يقف أكثر من خمسة ملايين من سكان إرتيريا على قلب رجل واحد منتظرين قدوم دولة أخرى متقدمة ومتطورة تحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم ويعيشون فيها موحدين والأمثلة أمامهم كثيرة من بلدان أفريقية عانت حروبا ثم عادت بعد سنين لتصبح من أفضل دول القارة وتلك رواندا وجنوب إفريقيا خير مثال لهم.