بدأ جيم ماكانتس تناول أقراص خلاصة الشاي الأخضر أملًا في تحسين صحته وتقويتها، لكن هذه المادة لم تخدمه كما تمنى، فقد أدت إلى نتائج عكسية على صحته بعد أن ألحقت أضرارًا بالغة بالكبد، واستدعت إجراء عملية جراحية طارئة لزرع كبد له. قال خبراء إن تجربة ماكانتس حالة “نادرة جدًا”، ولا سيما أن المكملات الغذائية تخضع لمعايير الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالأمن والسلامة والمعلومات الصحية، إلا أن ما يروج له المصنعون لمنتجاتهم تحت أسماء تجارية وكبيرة في السوق لا يمثل الحقيقة كاملة.
متى لاقت المكملات الغذائية والعشبية رواجًا شعبيًا؟
المكملات الغذائية، بحسب تعريف قانون الصحة والتوعية الخاصة بالمكملات الغذائية لعام 1994، هي أطعمة لا عقاقير، ويعني ذلك أنها لا تخضع للوائح نفسها التي تحكم جودة وسلامة العقاقير التي يتم وصفها طبياً.
إذ يقول الدكتور بيتر كوهين، أستاذ مساعد بكلية الطب جامعة هارفرد “يمكن بيع المكملات الغذائية والإعلان عنها كوسيلة لتحسين الصحة دون الحاجة لتقديم أي دليل على أثرها وفعاليتها بالنسبة للبشر. قد يعتقد المرء أن القانون سوف يضع قواعد تنص على ضرورة استناد الفائدة الصحية المزعومة إلى أدلة علمية، لكن الأمر عكس ذلك تماماً، فالقانون يحمي المصنعين من خلال السماح لهم بكتابة عبارات مثل (قد تدعم صحة القلب) حتى لو لم يتم إجراء تجربة واحدة على البشر لدعم ذلك الزعم”.
لا يمكن التأكيد على قدرة المكمل الغذائي في شفاء أو علاج مشكلة صحية معينة، فقد تختلف كمية المادة الفعالة في المكملات الغذائية بشكل كبير
ما يعني أنه لا يمكن التأكيد على قدرة المكمل الغذائي في شفاء أو علاج مشكلة صحية معينة، فقد تختلف كمية المادة الفعالة في المكملات الغذائية بشكل كبير ليس فقط من علامة تجارية إلى أخرى بل من علبة إلى أخرى.
غالبًا ما يستعين البعض بهذا النوع من المغذيات عندما يعتقدون أن خياراتهم الغذائية اليومية خالية من المواد المغذية المهمة ولتعويض هذا النقص يقبلون على تناول المكملات الغذائية التي من المفترض أن تحل محل نوع معين من المعادن أو الفيتامنيات. كما يعتمد عليها البعض لعدم ارتياحهم للعقاقير التي تحتوي على مواد كيمائية ودوائية ولذلك يفضلون المواد الطبيعية بدلًا منها.
ونظرًا لهذه الحاجة، تم إقرار قانون منذ 25 عامًا ومنذ ذاك الوقت ازدهرت هذه الصناعة واستطاعت حجز مساحة خاصة بها في قطاع الأغذية، ولا سيما أن نمط الأطعمة السريعة وارتفاع معدلات السمنة وما ينتج عنها من أمراض في القلب والأوعية الدموية، دفع الأفراد من فئات الدخل الاجتماعي والاقتصادي العالية والمتوسطة إلى هذه المواد.
من المتوقع أن يصل سوق المكملات الغذائية العالمية إلى 278.02 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024
بحسب الإحصاءات، بلغت عائدات سوق الفيتامينات أكثر من 50 مليار دولار أمريكي في عام 2015 ومن المتوقع أن تزيد المكملات الغذائية ذات الصلة بالعضلات والقوة الجسمانية نتيجةً لأسلوب حياة الأشخاص الرياضيين الذين يرغبون في تقوية أجسادهم ومفاصلهم.
بصفة عامة، من المتوقع أن يصل سوق المكملات الغذائية العالمية إلى 278.02 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.6٪ من عام 2016 إلى عام 2024، وفقًا لتقرير صادر عن شركة جراند فيو للأبحاث.
كيف تصبح المكملات الغذائية خطرًا على صحتنا؟
يعترض الأطباء على فكرة المبالغة في تناول هذه المنتجات وتحديدًا المواد التي لم يتم التوصية بها بشكل طبي، فببساطة قد تشكل الكميات الزائدة خطرًا على صحته إذا تحولت إلى مواد سامة وربما قد تؤدي إلى إضعاف قدرة الجسم على التفاعل الحيوي مع هذه المواد. يضاف إلى ذلك، تأثيرها على الكبد والمضاعفات التي قد تعطل وظيفته في تنقية الدم من المواد السامة التي تدخل إليه.
بالجانب إلى ذلك فإن الأدلة على الفائدة الصحية لباقي أنواع المكملات الغذائية ضعيفة، فعلى سبيل المثال، أكدت هيئة الرعاية الصحية أنه من الممكن أن يحصل الجسم على كل ما يحتاجه من خلال نظام غذائي متوازن دون الحاجة إلى مكملات غذائية من الفيتامينات باستثناء فيتامين “د”. كما أشارت إلى الفوائد المزعومة لأقراص زيت السمك لصحة القلب ونفت فوائدها الإيجابية.
أكدت هيئة الرعاية الصحية أنه من الممكن أن يحصل الجسم على كل ما يحتاجه من خلال نظام غذائي متوازن دون الحاجة إلى مكملات غذائية من الفيتامينات باستثناء فيتامين “د”
فبحسب ما قاله سام جيننغ، مدير شركة بيري أوتاواي وشركاه للاستشارات في مجال المكملات الغذائية، إن “علم التغذية دائم التطور، ودائمًا ما يكون هناك جديد في هذا المجال وبات من الواضح أن فوائد المكملات الغذائية لا تظهر على الجميع دائمًا لأن تحصيل هذه الفوائد يعتمد على مدى حاجة كل فرد إلى تحصيل تلك الفوائد اعتمادًا على مصدر غذائي إضافي”.
وبناءً على ذلك ينصح بالاطلاع على الإرشادات والأدلة العلمية التي تدعم فوائد أي نوع من أنواع المكملات الغذائية قبل تناوله مع الحرص على الاطلاع على أي تحذير قد يكون مدونًا عليه.
إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحذر من المكملات الغذائية التي تدعي أنها تشفي من جميع الأمراض أو تعالج مرض معين
أما إدارة الغذاء والدواء الأميركية فتحذر من المكملات الغذائية التي تدعي أنها تشفي من جميع الأمراض أو تعالج من مرض معين. فقد كشفت دراسة علمية أجراها فريق من الباحثين الأميركيين في جامعة نيويورك، عن وجود علاقة بين تعاطي المكملات الغذائية وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، وأجريت الدراسة على مجموعة من 118 مشاركاً، تتراوح أعمارهم ما بين 50 و76 عاما بينهم 808 مرضى بسرطان الرئة، تناولوا يوميا جرعات من فيتامينات ب6 ، وب12 لمدة عشر سنوات.
وأظهرت التحاليل التي أجريت أن الرجال الذين تناولوا هذه المكملات الغذائية دون استشارة طبية، أصبحوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة بنسب تراوحت بين 30 و40%، ولوحظ ارتفاع هذه النسب إلى الضعفين بين الرجال الذين تناولوا أكثر من عشرين مليغرامًا في اليوم من هذه الفيتامينات خلال السنوات ال10 التي سبقت نتائج الدراسة وخاصةً بين المدخنين.
هل تنطبق هذه الاحتمالات والحقائق على المستحضرات العشبية أيضًا؟
يطلق مصنعو ومروجو هذه المواد العديد من الخرافات الطبية مثل قدرتها على تخفيض الوزن وعلاج الإمساك وحتى الشفاء من السرطان والسكري، وبما أنها ليست عقاقير دوائية فهي لا تخضع للفحص أو المعايير الطبية، وعلى هذا الأساس تحذر المؤسسات الوطنية للصحة من مخاطرها ومضاعفاتها المحتملة، مشيرة إلى أن التبغ منتج طبيعي ينبت في الأرض ولكنه يقتل ويسبب السرطان وكونه “طبيعيًا” لا يعني أنه مفيد للصحة أو آمن، وذلك ينطبق على كل شيء تقريبًا.
من المحتمل أن تكون هذه المكملات ملوثة بالمبيدات الحشرية أو المعادن أو الفضلات والحشرات، وقد تحتوي على أعشاب مختلفة كليًا عما هو مدون عليها
فمن المحتمل أن تكون هذه المكملات ملوثة بالمبيدات الحشرية أو المعادن أو الفضلات والحشرات، وقد تحتوي على أعشاب مختلفة كليًا عما هو مدون عليها، وبالتالي فقد لا تحتوي من الأساس على العشبة التي تظن أنك تتناولها، كما قد يضاف إليها أدوية أو مستحضرات غير قانونية، وذلك لإعطائها تأثيرات إضافية فعالة، وهذا الأمر ينطبق تحديدًا علىالمكملات التي تستعمل لأغراض التحفيز الرياضي.
ما البدائل المضمونة صحيًا؟
ينصح الخبراء بتناول الأغذية الطبيعية التي تقوم بالمهام ذاتها وتحافظ على صحة الجسم دون تأثيرات عكسية أو فجائية، مثل الغلوكوز الذي يتناول بعض الرياضيين أثناء ممارستهم للتمارين الرياضية لتحسين أدائهم، لكن بالرغم من الطاقة التي يحصل عليها الرياضي عند تناول هذه المادة فيتم التحذير من المبالغة في تناولها لأن السكر يبطئ عملية الأيض، كما يعتبر الأناناس أيضًا من الأغذية الطبيعية المنشطة للجسم، وتعود أهميته لاحتوائه على إنزيم بروميلين الموجود فيه بتركيز عالٍ ويعد من أهم الأنزيمات المستخدمة بالمجال الرياضي لأنه مضاد للالتهاب ومهدئ فعال في حالة التعرض لإصابات.
بالجانب إلى ذلك، يُنصح بتناول الجوز لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين، وعصير الشمندر الأحمر الذي يمنح الجسم طاقة ويحسن من تدفق الدم ويساعد على إفراز النتريت الذي ينشط القدرة على التحمل، فهو مصدر جيد لتحسين الأداء، علمًا أنه لا ينبغي تناول كميات كبيرة منه، فمادة النتريت تتسبب في تشكل مادة النتروزامين، وهي مضرة بالصحة. وأخيرًا اللحم الذي يزود الجسم بأكبر قدر ممكن من البروتينات، وإذا كنت نباتيًا، فالبقوليات والعدس والبازلاء الخيار الأمثل لتفضيلاتك الصحية.