ترجمة وتحرير: نون بوست
عقب تعرض الصحفي السعودي جمال خاشقجي لجريمة قتل وحشية، أصبحت مجهودات اللوبي السعودي الرامية لاكتساب نفوذ أكبر في واشنطن خاضعة للمزيد من الرقابة. ومع ذلك، لا تعتبر المملكة العربية السعودية الطرف الوحيد الذي يسعى للتقرب من إدارة دونالد ترامب والتلاعب بالسياسة الخارجية الأمريكية، إذ أن هناك لاعبا رئيسيا جديدا في خضم هذا الصراع المستمر من أجل النفوذ. وهذا اللاعب مرتبط بشكل وثيق بالمملكة العربية السعودية، إنها الإمارات العربية المتحدة.
أنشأت السعودية والإمارات علاقات جيدة مع حكومة الولايات المتحدة، قوامها المساهمات السياسية والوعود بإجراء صفقات سلاح باهظة الثمن. وبشكل مماثل للسعوديين، تمكن الإماراتيون من خلال حملة اكتساب النفوذ، التي ترتكز بشكل كبير على العلاقات العامة، من التغلغل داخل واشنطن. ووفقاً للوثائق المودعة لدى وزارة العدل، أنفقت الشركات المسجلة في الإمارات العربية المتحدة ما يقارب 20 مليون دولار من أجل كسب التأييد لصالح المساعي الإماراتية خلال سنة 2017 فقط.
في الواقع، تتضمن حملة الإمارات العربية المتحدة لبسط نفوذها داخل واشنطن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنشر روايات تعمل على تشويه صورة قطر، فضلا عن دعم الحرب في اليمن، وتصوير القيادة الإماراتية على أنها حليف استراتيجي لها. وعلى الرغم من اتخاذ جهود المملكة العربية السعودية للتأثير على السياسة الأمريكية نهجا أكثر وضوحا وعلانية في أعقاب مأساة اغتيال خاشقجي، إلا أنه عند النظر بتمعن إلى اللوبي الإماراتي سيبدو أنه بات يمثل غاية ملحة أيضا، لاسيما وأن الإماراتيين يعملون جنبا إلى جنب مع السعوديين بشكل دائم.
النفوذ السياسي
من أجل تسريع جدول أعمالها، وظفت الإمارات مجموعة موسعة من جماعات الضغط وعملت على تصميم حملة علاقات عامة مكثفة، التي كان سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، بمثابة العقل المدبر لها. وعلى مدار سنوات، اكتسب العتيبة سمعة مرموقة في العاصمة واشنطن، حيث جعل نفسه مواليا للإدارة الحالية وعمل معها بتوافق، خاصة مع صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره الحالي، جاريد كوشنر.
مثلما كان كوشنر قناة التواصل الرئيسية للعتيبة داخل البيت الأبيض، أثبت السفير الإماراتي أنه رابط مستشار ترامب مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد
بعد اجتماعهم منذ أكثر من سنة، أصبح كوشنر نقطة اتصال العتيبة الرئيسية داخل البيت الأبيض، ويبدو أن كلا الرجلين لا يزالان على اتصال مستمر ببعضهما البعض. وتشبه صحافية “نيويورك تايمز”، جودي كانتور، العلاقة القائمة بينهما بالعلاقة بين “الطالب والمعلم”، حيث يلعب كوشنر دور الطالب ويسأل العتيبة حول انطباعاته عن القوى المتغيرة في الشرق الأوسط وسوريا وإيران والتطرف والعلاقات بين البلدان في المنطقة.
مثلما كان كوشنر قناة التواصل الرئيسية للعتيبة داخل البيت الأبيض، أثبت السفير الإماراتي أنه رابط مستشار ترامب مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد. وتفيد التقارير المتعلقة بهذا الشأن أن كوشنر تحدث مع الأمير الإماراتي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان باعتماد تطبيق واتساب، ولكن في ذلك انتهاك واضح للمعايير الحكومية المعمول بها، وهو ما أثار مخاوف أمنية كبرى بين كبار المسؤولين الإداريين.
لا تقتصر هذه المحادثات والمشاورات غير الرسمية على العتيبة وكوشنر فقط، بل تشمل كبير المستشارين السياسيين للإمارات العربية المتحدة، جورج نادر، ونائب رئيس مجلس إدارة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، إليوت برودي. ويمكن القول إن نادر وبرودي يعتبران لاعبين رئيسيين يضطلعان بدور التأثير في المسؤولين الأمريكيين بالنيابة عن الإمارات العربية المتحدة.
وفقا لمجموعة من رسائل البريد الإلكتروني التي كُشفت مؤخرا، اجتمع برودي مع ترامب بخصوص جورج نادر، كما عقد عدة اجتماعات مع كوشنر وستيف بانون في البيت الأبيض. كما كشفت الرسائل الإلكترونية عن إرسال مذكرة للرئيس دونالد ترامب لدفعه لعقد اجتماع غير رسمي مع ولي العهد محمد بن زايد لدعم سياسات الإمارات المتشددة في الشرق الأوسط وعزل ريكس تيلرسون، الذي كان يضطلع بمنصب وزير الخارجية آنذاك.
يبدو أن الإمارات قد أنفقت الملايين من الدولارات، وهي مستعدة لإنفاق المزيد لاستغلال كل وسيلة ضغط متاحة
إلى جانب ذلك، أظهرت الرسائل أن جورج نادر منح برودي مبلغ 2.5 مليون دولار لتمويل المجهودات الرامية إلى التأثير على سياسة الولايات المتحدة تجاه قطر، فضلا عن قيام نائب رئيس مجلس إدارة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري بمنح 600 ألف دولار لأعضاء الكونغرس الذين يدعمون السياسات المناهضة لقطر، في شكل مساهمات سياسية. وكشفت هذه الرسائل الإلكترونية أن نادر تلقى جدول بيانات من طرف برودي، يتضمن تفاصيل حملة علاقات عامة شاملة ضد كل من قطر والإخوان المسلمين. وبشكل عام، بلغت التكلفة التقديرية لهذه الحملة حوالي 12.7 مليون دولار.
يبدو أن الإمارات العربية المتحدة قد أنفقت الملايين من الدولارات، وهي مستعدة لإنفاق المزيد لاستغلال كل وسيلة ضغط متاحة، وهو ما يدل على أن جهودها لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية ليست مقتصرة على البيت الأبيض فقط. فقد استغلت الإمارات فعاليات جمع التبرعات المترفة وتبرعاتها السخية لمراكز الأبحاث والمؤسسات الأخرى كأوراق مساومة ناجحة لاكتساب تأثير سياسي.
مراكز الأبحاث
وفقا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، منح كل من برودي ونادر مبالغ طائلة للمؤسسات البحثية في واشنطن بالنيابة عن الإمارات العربية المتحدة، كجزء من حملة العلاقات العامة التي بلغت قيمتها 12.7 مليون دولار. وفي سنة 2017، تلقى إليوت برودي مبلغ 2.5 مليون دولار من طرف جورج نادر نظير “خدمات استشارية وتسويقية وخدمات استشارية أخرى”. وكان الغرض من هذه الدفعة بشكل جزئي توفير التمويل للمؤتمرات التي تُعقد في معهد هدسون للأبحاث ومنظمة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤتمرات بان جليا أنها تتبع منهجا معاديا لقطر.
إلى حدود السنة الماضية، تبرعت الإمارات العربية المتحدة بحوالي 20 مليون دولار لمعهد الشرق الأوسط لتصعيد السياسات تجاه قطر
يشير فحص النشاط السياسي الذي تم الإبلاغ عنه في الإمارات العربية المتحدة إلى أن الشركات التي تضغط من أجل خدمة أهداف الإماراتيين كانت تتصل بمراكز الأبحاث بشكل مستمر، على غرار “المجلس الأطلسي” الذي كان يتلقى تمويلاته من طرف الإمارات العربية المتحدة. ويضاف إلى هذه اللائحة كل من منظمة الدفاع عن الديمقراطيات ومعهد أمريكان إنتربرايز ومركز التقدم الأمريكي. ولم تتوقف التمويلات الإماراتية عند هذا الحد، بل شملت معهد بروكينغز ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بمبالغ تتجاوز 500 ألف دولار.
إلى حدود السنة الماضية، تبرعت الإمارات العربية المتحدة بحوالي 20 مليون دولار لمعهد الشرق الأوسط لتصعيد السياسات تجاه قطر. ووفقاً لتقرير صادر عن معهد الخليج الدولي، تبادل كل من العتيبة وريتشارد كلارك، رئيس مجلس إدارة معهد الشرق الأوسط وكان يعمل في خطة منسق لمواجهة الإرهاب في عهد الرئيس بوش، رسائل إلكترونية حول مسألة التبرع. وقد كشفت هذه الرسائل أن الأموال كانت متأتية مباشرة من محمد بن زايد آل نهيان. علاوة على ذلك، أقام العتيبة علاقة وثيقة مع مركز الأمن الأمريكي الجديد.
تكشف سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني المخترقة أنه خلال أوائل سنة 2017، دفع العتيبة لمركز الأمن الأمريكي الجديد أموالا مقابل كتابة تقرير يتوافق مع مصالح دولة الإمارات العربية المتحدة. وتُظهر رسائل البريد الإلكتروني أن هذا المركز تعاون مع مجموعة “هاربر غروب”، إحدى أكبر الشركات في الإمارات العربية المتحدة التي حصلت على 4.8 مليون دولار تقريبا من الإماراتيين خلال سنة 2017، لتنظيم جولة من الدراسات لعدد من مراكز الأبحاث في واشنطن من أجل تعزيز رؤيتها حول المنطقة في وقت لاحق من تلك السنة.
الأوساط الأكاديمية
مارست الإمارات العربية المتحدة نفوذها في الولايات المتحدة من خلال الأوساط الأكاديمية. وتوثق العديد من التقارير قيام دولة الإمارات بتقديم تبرعات كبيرة لعدد من الجامعات الأمريكية. وحسب تقرير صادر عن وزارة التعليم الأمريكية حول الهدايا المقدمة خلال سنة 2017، تبرعت الإمارات العربية المتحدة بأكثر من ستة ملايين دولار لجامعات بارزة، بما في ذلك جامعة جورج واشنطن وجونز هوبكينز وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
لم تحظ العلاقات العسكرية الأمريكية الإماراتية بالكثير من الاهتمام من جانب الكونغرس أو وسائل الإعلام أو حتى عامة الشعب. بينما تحصل السعودية على اهتمام وسائل الإعلام بسبب استخدام الأسلحة الأمريكية في حملة القصف الوحشي على اليمن
كانت جامعة نيويورك من أكثر الجهات المتلقية لمثل هذه التبرعات من الإمارات على نحو دائم، حيث حصلت على تبرعات بقيمة مليوني دولار تقريبا خلال سنة 2017 وأكثر من أربعة ملايين دولار سنة 2016. وتماشيا مع استراتيجية اللوبي السعودي، تستخدم الإمارات العربية المتحدة بشكل فعال التبرعات النقدية كأداة للسيطرة على المؤثرين الرئيسيين في السياسة في واشنطن.
دور الإمارات العربية المتحدة في اليمن
لم تحظ العلاقات العسكرية الأمريكية الإماراتية بالكثير من الاهتمام من جانب الكونغرس أو وسائل الإعلام أو حتى عامة الشعب. وتحصل المملكة العربية السعودية على اهتمام وسائل الإعلام بسبب استخدام الأسلحة الأمريكية في حملة القصف الوحشي على اليمن. وقد تم توثيق عمليات القصف التي نفذتها السعودية واستهدفت المدنيين، بما في ذلك قصف حافلة مليئة بأطفال المدارس واحتفال زواج. ومع ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن تشعر بالقلق إزاء الأنشطة الإماراتية في المنطقة.
خلال سنة 2017، كشف تحقيق أجرته وكالة “أسوشيتد برس” عن وجود ما لا يقل عن 18 سجنا سريا تديره الإمارات في اليمن، حيث يتم اعتماد أساليب استجواب قائمة على إساءة المعاملة والتعذيب، ولعل أبرز هذه الأساليب “المشواة” حيث يربط الضحية على عمود شبيه بالسيخ ويقع تدوير هذا العمود على النار. ومن جهتهم، نفى مسؤولون أمريكيون حدوث أي سوء معاملة عندما كانت القوات الأمريكية موجودة في هذه المنشآت.
ترغب دولة الإمارات أن تثبت للولايات المتحدة والعالم أنها تتأقلم مع النظام العالمي الليبرالي وتحاول المساهمة في صنع مستقبل أفضل
كانت الإمارات مسؤولة عن انخراط المرتزقة في الحرب اليمنية، حيث قامت بتمويل وتوفير الخدمات اللوجستية لألف مرتزق سوداني للسفر إلى اليمن. ومن بين هؤلاء المرتزقة أعضاء في ميليشيات الجنجويد الذين يخضعون للعقوبات الأمريكية والدولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب. كما قامت الإمارات العربية المتحدة بنشر سفنها لفرض حصار بحري على اليمن جعل وصول المساعدات الإنسانية إلى هناك صعبا. وكانت السفن التابعة لقوات التحالف تمنع الإمدادات الضرورية من الدخول إلى اليمن، حتى عندما لا تكون هذه السفن محملة بالأسلحة، مما أدى إلى تفاقم المجاعة وتفشي الكوليرا.
العلاقات العامة
لنكون منصفين، تمتلك الإمارات شبكة كبيرة من الأعمال الخيرية في جميع أنحاء العالم. ووفقا لتقرير جديد صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كانت الإمارات العربية المتحدة أكبر مانح للمساعدات التنموية مقارنة بالدخل القومي للبلد خلال سنة 2017. وحتى في الولايات المتحدة، تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بكرم بالغ عندما يتعلق الأمر بالإغاثة في حالات الكوارث. وقد تبرعت الإمارات العربية المتحدة بعشرة ملايين دولار إثر إعصاري هارفي وإيرما والأعاصير التي ضربت كلا من تكساس وفلوريدا للمساعدة في جهود الحكومة المحلية للإنعاش، كما قدمت تبرعات تقدر بحوالي 100 مليون دولار لجهود الإغاثة بعد إعصار كاترينا.
من جهة أخرى، عقدت دولة الإمارات العربية المتحدة شراكة مع مؤسسة “بيل وميليندا غيتس” للقضاء على شلل الأطفال. وخلال سنة 2017، عقدت سفارة الإمارات شراكة مع جمعية السرطان الأمريكية للاحتفال بإطلاق النسخة العربية من كتاب أطلس السرطان، وهو بمثابة وسيلة لجمع أبحاث من 185 دولة حول هذا المرض ويمكن استخدامه من قبل عامة الشعب والخبراء على حد سواء.
ترغب دولة الإمارات أن تثبت للولايات المتحدة والعالم أنها تتأقلم مع النظام العالمي الليبرالي وتحاول المساهمة في صنع مستقبل أفضل. ويعتبر التبرع بملايين الدولارات للمساعدات الدولية والرعاية الصحية إحدى الطرق التي تحاول الإمارات القيام بها، فضلا عن استخدامها لوسائل الإعلام لتعزيز ذلك.
كشفت رسائل البريد الإلكتروني المخترقة بين العتيبة وروبرت مالي، الذي كان آنذاك من كبار مستشاري الرئيس أوباما، ردة فعل العتيبة السلبية تجاه الرئيس القادم للولايات المتحدة دونالد ترامب
كان يوسف العتيبة، المعروف لدى بعض المسؤولين في وزارة الخارجية باسم “الأخ الطيب”، يعمل باستمرار على تلميع صورة الإمارات في واشنطن. ويمتلك العتيبة ملفا تعريفيا في كل من مدونة “هافينغتون بوست” ومجلة “ذي إنترسبت”، وقد أصبح اسمه متداولا في وسائل الإعلام منذ أن أصبح سفيراً لدولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2008. وكان العتيبة يكتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” و”وول ستريت جورنال”. ويعد العتيبة المناصر الرئيسي للتدخل العدواني الأمريكي في الشرق الأوسط.
من خلال ملفه الشخصي المتواجد على مدونة “هافينغتون بوست” يمكننا معرفة أنه استضاف حفلا لأبحاث السرطان، الذي تضمن عروضا لبيونسيه وأليشيا كيز ولوداكريس، وحينها احتفل العتيبة بعيد ميلاد مقدم البرامج جو سكاربورو، وساهم هذا الحفل في ظهور الطبعة القادمة من سلسلة “بلاي بوك”. وقال العتيبة لمجلة “واشنطن لايف” اللامعة سنة 2012 إن استضافة العديد من الأشخاص في منزله في الإسكندرية يشمل “قيام أمين مجلس الوزراء بالدعس على مجموعة الليغو الخاصة بابني عمر، أو قيام أميرال بمداعبة آذان كلبينا كوكو ومارلي، أو حتى لعب البلياردو مع أحد أعضاء الكونغرس”.
في مقالاته، يدافع العتيبة بلا هوادة عن التواجد الإماراتي في اليمن لمواجهة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والحوثيين المدعومين من إيران، قائلاً “إنه عمل صعب ومميت، لكن الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة فضلا عن المجتمع الدولي يحظون بأمان أكثر بسبب التواجد الإماراتي هناك”. كما يؤكد العتيبة أن قطر تلعب دورا سلبيا في المنطقة. ومنذ سنة 2017، قطعت الإمارات والسعودية ودول أخرى علاقاتها الدبلوماسية مع قطر بسبب صلاتها المزعومة بالإرهاب الإسلامي وإيران.
كشفت رسائل البريد الإلكتروني المخترقة بين العتيبة وروبرت مالي، الذي كان آنذاك من كبار مستشاري الرئيس أوباما، ردة فعل العتيبة السلبية تجاه الرئيس القادم للولايات المتحدة دونالد ترامب. وقد تطرقت قناة الجزيرة، وهي وكالة أنباء قطرية، إلى هذه الحادثة. ومنذ ذلك الحين، أدان كل من العتيبة والإمارات العربية المتحدة وحتى الرئيس ترامب قطر بشدة، قبل أن يدرك الرئيس الأمريكي امتلاك الولايات المتحدة لقاعدة عسكرية ضخمة هناك.
تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة، رغم صغرها على المستوى الجغرافي، أجندة نشطة وواسعة النطاق في العاصمة واشنطن. وتريد الإمارات أن تظهر للعالم أنها حليف الولايات المتحدة الذي لا غنى عنه في الشرق الأوسط، وشريك في الحرب على الإرهاب، ومساهمة في بناء عالم أفضل. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الموقف الحازم لدولة الإمارات العربية المتحدة بشأن إيران والقاعدة، سواء في اليمن أو في أي مكان آخر، فضلا عن الأموال التي تقدمها للمساعدات الانمائية الدولية التي تقدر بملايين الدولارات.
وفقا لمرصد المساعدات الأمنية في مركز السياسة الدولية، تحصلت الولايات المتحدة منذ بداية التدخل في اليمن سنة 2015 على حوالي أربعة مليارات دولار من مبيعات الأسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
لدعم هذه الرواية، تحتفظ دولة الإمارات العربية المتحدة بعدد لا يحصى من شركات الضغط السياسي لتعزيز مصالحها السياسية في الولايات المتحدة، وقامت بتمويل عدد كبير من المؤسسات البحثية الأمريكية البارزة والجامعات المرموقة، كما دفعت يوسف العتيبة، المسؤول عن العديد من المخططات الإماراتية، إلى خوض المعارك الإعلامية لجذب أنظار الجميع إليه.
تبدو عملية محاربة المتطرفين الإسلاميين ودفع الملايين للمساعدات الإنمائية بمثابة خطوة جيدة. وعندما تمتلك المليارات لتنفقها على التسويق والعلاقات العامة، يمكنك إعطاء صبغة إيجابية لكل المسائل. وفي الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة على مساعي دولة الإمارات العربية المتحدة للحد من نفوذ إيران والمجموعات الإرهابية، فإنها لا تولي اهتماما للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تحدث في السجون المتواجدة تحت الأرض وآلاف الأطفال الجائعين في اليمن. وإلى جانب إنفاقها ببذخ على المساعدات الدولية، تنفق الإمارات أيضا ملايين الدولارات على جماعات الضغط والمراكز البحثية والجامعات والسياسيين في العاصمة واشنطن من أجل فرض نفوذها هناك.
وفقا لمرصد المساعدات الأمنية في مركز السياسة الدولية، تحصلت الولايات المتحدة منذ بداية التدخل في اليمن سنة 2015 على حوالي أربعة مليارات دولار من مبيعات الأسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة. لكن السؤال المطروح: هل تريد الولايات المتحدة الاستمرار في دعم نظام يعاقب السجناء سرا على طريقة “المشواة” ومسؤول جزئيا عن التسبب في “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
حسب ما ورد في ملفات تعود لسنة 2017 خاصة بفارا، وهي بمثابة قواعد قانونية لتنظيم عمل وتسجيل الوكالات، أنفقت الإمارات العربية المتحدة حوالي 20 مليون دولار للضغط على الولايات المتحدة. الأمر الذي يدفعنا إلى طرح السؤال الآتي: هل نحن أمة ترغب في غض الطرف عن مدى تأثير الإمارات على سياسيينا وخاصة على الإدارة الأمريكية؟
في الواقع، يجب أن تثبت الولايات المتحدة الأمريكية أنها رمز للعالم الديمقراطي الحر الذي لا يقوض فيه المال السياسة الخارجية للبلاد. وإذا كانت سياسات دولة الإمارات العربية المتحدة لا تتوافق مع الأهداف والقيم التي بنيت عليها هذه الدولة، فإننا نحتاج إلى إعادة تقييم علاقتنا بها.
المصدر: لوب لوغ