ترجمة حفصة جودة
ما زالت سارة مارديني في مزاج جيد، فالحرية كما تقول سارة ثمينة للغاية، ففي الـ107 أيام التي قضتها خلف القضبان في سجن كوريدالوس شديد الحراسة، كانت سارة تتشبث بالأمل في كل لحظة بأن المحاكمة ستثبت براءتها.
تقول سارة التي كانت لاجئة ثم أصبحت موظفة إنقاذ بعد إطلاق سراحها هذا الشهر: “في بعض الأحيان كنت أقول لنفسي لا يمكنني الاستمرار في الأمر أكثر من ذلك، أشعر أن قلبي ثقيل للغاية”.
تصدرت سارة – السباحة السابقة – الصحف العالمية مع أختها يسرا بعد أن قفزتا في البحر وسحبتا زورقًا صغيرًا يغرق لمدة 3 ساعات في مياه بحر إيجة المضطربة لتنقذا أرواح 18 مسافرًا على متنه، اعتقلت سارة في أغسطس مع 3 موظفين خيريين آخرين بتهمة تهريب الناس والتجسس وانتهاك قوانين سرية الدولة وغسيل الأموال.
في الوقت الذي أعلن فيه أحد الحراس خبر إطلاق سراحها، كانت مارديني مستنزفة تمامًا من الناحية النفسية والجسدية، لم تكن قادرة حتى على مغادرة الفراش، تقول سارة: “في السجن تتحول إلى كتلة من المشاعر، فمكالمة من شخص في الخارج كفيلة بتفجير عقلي، وفجأة في اليوم الذي أشعر فيه بالسوء التام وأن جسدي لم يعد قادرًا على المقاومة حتى إنني لا أستطيع رفع إصبعي، يأتي أحدهم ليخبرني أنني سأصبح حرة (بكفالة) فأشعر بالصدمة في كل شيء حقًا”.
يسرا مادريني تنافس في سباق الفراشة النسائية 100 متر في أولمبياد ريو 2016
أصبحت مارديني – 23 عامًا – وجه الإنسانية، يأتي ذلك بعد 3 سنوات من هبوطها الدرامي على جزيرة لسبوس واعتقالها ثم توجيه التهم لها وسجنها لفترة طويلة وانتظارها للمحاكمة، تعد مارديني من أهم ضحايا تجريم المتطوعين في المؤسسات الخيرية وجماعات الإنقاذ في أوروبا، وفي 5 من ديسمبر أُطلق سراحها بكفالة بعد أن دفع محاموها 5 آلاف يورو.
في أثناء وجودها بالسجن كانت مارديني تمارس الرياضة والتأمل وتحضر دروس الفن وتنام كثيرًا، كانت تهرب من الخبر الذي تخشاه، فبموجب القانون اليوناني هذه التهم الموجهة إليها تقتضي عقوبتها 25 عامًا في السجن.
تقول سارة: “أريد أن تتم المحاكمة وأستعيد حريتي”، كانت سارة قد عادت إلى لسبوس – بعد أن استقرت في ألمانيا – للعمل كمتطوعة في الإنقاذ مع مركز الاستجابة الدولي للطوارئ وهو منظمة يونانية غير حكومية، وتضيف: “أعتقد أننا سنعلم جميعًا الحقيقة بعد أن تتنتهي المحاكمة ولن أشعر بالحرية حتى ينتهي ذلك كله وأسمع أنني بريئة”.
تواجه المنظمات التي تنقذ اللاجئين ضغوطًا كبيرة واتهامات بأنها أحد عوامل جذب اللاجئين
كانت الأختان من بين 20 لاجئًا سوريًا يعبرون البحر الهائح في زورق صغير من تركيا إلى اليونان في أغسطس 2015، وعندما بدأ القارب في الغرق قفزت الشقيقتان – وكلتاهما سباحتي سباق – لإنقاذ القارب وسحبه إلى شواطي لسبوس في 3 ساعات.
أصبحت يسرا بعد ذلك سفيرة النوايا الحسنة لمفوضية اللاجئين وشاركت في فريق اللاجئين في أولمبياد ريو 2016، كما أن قصة الأختين أصبحت موضوعًا لفيلم قادم.
بالنسبة لأصدقاء سارة فهم يرون أنها كرست نفسها لفعل الخير، تقول سارة: “أنا بطاقة ذات وجهين، لقد جربت الأمر داخل القارب وخارجه فأنا منقذة ولاجئة، في كل مرة أساعد فيها قاربًا أشعر بالأمر بشدة في داخلي”.
لكن بالنسبة للآخرين، فلسبوس هي مركز غامض لتهريب البشر، حيث يدعي المسؤولون والشرطة أن مركز الاستجابة الدولي تثار حوله الشكوك بشأن تتبع اللاجئين والمسافرين وجلب الناس بشكل غير قانوني إلى الشاطئ.
استقرت سارة في ألمانيا لكنها عادت إلى اليونان للمشاركة في عمليات إنقاذ اللاجئين
أوقفت المجموعة – التي أنقذت مئات اللاجئين في البحر – نشاطها الآن، وتواجه المنظمات التي تنقذ اللاجئين ضغوطًا كبيرة واتهامات بأنها أحد عوامل جذب اللاجئين للمناطق التي تعاني من أزمة اللاجئين.
تظهر سارة القليل من الغضب بشأن ما حدث لها، وتقول إن أشهر السجن جعلتها ترغب في المساعدة لتحسين الظروف داخل هذا السجن اليوناني المشدد، تقول سارة: “سأبقى على اتصال مع الناس هناك، لقد كان الحراس ومدير السجن ودودين، يمكنك أن ترى أنهم يشعرون بآلامنا، عادة أنا لست شخصية عاطفية لكنني تعملت كيف أتعامل مع المشاعر الصعبة، والشيء الوحيد الذي أعرفه تمامًا هو أنه لا أحد في المنظمة قام بشيء غير قانوني، فلدينا قواعد صارمة نتبعها دائمًا”.
سوف تقضي سارة الأشهر القادمة في القيام بما كانت تنتويه قبل اعتقالها وهو الدراسة في مدرسة الفنون الحرة ببرلين التي حصلت فيها على منحة دراسية، تقول سارة: “يجب أن لا يخشى الناس مما يجهلونه، أشعر بالقلق بشأن الصراع ليس في سوريا فقط لكن في إفريقيا وأفغانستان والعديد من المناطق، سوف يستمر اللاجئون في الوصول وهم ليسوا فقط لاجئين، إنهم أطباء ومهندسون ومعلمون ويمكنهم مساعدة أوروبا”.
وعند سؤالها إذا كانت تشعر بالضيق من مغادرة المتطوعين لسبوس بشكل متكرر تقول سارة: “الأمر ليس سهلاً وسوف يشعر المتطوعون بكثير من الإحباط، لكن يجب أن يعلموا أن صنع البسمة والسعادة لأحدهم يعني العالم بأسره لشخص فقد كل شيء”.
المصدر: الغارديان